شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"مهمتنا أن نعيد تربيتهم"... وزير مغربي يتوعّد المنتقدين عبر مواقع التواصل الاجتماعي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 9 ديسمبر 201903:38 م

أثار وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية المغربي عزيز أخنوش غضباً واسعاً في المغرب بعد هجومه الشديد على الشباب الذين ينتقدون مؤسسات البلاد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قائلاً إنهم "بدون تربية" وتوعدهم بـ"تربيتهم"، وهذا ما اعتبر "استمراراً لتطاول النخبة الحاكمة وغطرستها".

وأمام تجمع لمغاربة العالم في ميلانو الإيطالية، في 7 كانون الأول/ديسمبر، قال أخنوش، وهو رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار أيضاً، باللهجة المغربية الدراجة: "ماكاينش مزايدات (لا أزايد) كاين غير الله الوطن الملك، ولي صحابو غادي يجي ويدير (من لا يحترم شعار الله الوطن الملك ويقوم بـ) القذف، ويسبّ المؤسسات ماعندوش بلاصتو فالبلاد (لا مكان له في المغرب)".

ثم تابع: "ماشي غير العدل أو لجيستيس لغدي تدير خدمتها (هذه المسألة ليست من اختصاص القضاء وحده) لأن واحد سب ولهذا، حتى المغاربة خصوهم يديروا خدمتهوم، المغاربة لممربيينش ولا خصو التربية (المغاربة عديمي التربية)، خصنا نعاودو ليه التربية ديالو (مهمتنا نحن أن نعيد تربيتهم)".

مطالبة بالاعتذار

موقع "ألف بوست" المغربي المتخصص في التحليلات السياسية، اعتبر في افتتاحيته ليوم 9 كانون الأول/ديسمبر، أن الوزير أدلى بتصريحات "صبيانية لكن خطيرة للغاية تصل إلى مستوى الإرهاب"، معتبراً كلامه "دعوة إلى العنف والبلطجة ويستوجب الاعتذار العلني، أو ينبغي للمجتمع تبني إجراءات صارمة لإعادته إلى جادة الصواب".

وعدّد الموقع المتخصص "الأخطاء" التي وقع فيها أخنوش، مبيّناً أن "الوزير يدرك أن انتقادات الشباب على مواقع التواصل ناتجة من تردي أوضاع مؤسسات الدولة، وكان الأجدر به الدعوة إلى الإنصات إلى الشباب".

من الأخطاء التي أشار إليها الموقع أيضاً أن "ما قاله الوزير هو سباب في حق مؤسسات الدولة، وخاصة القضاء، لأن ما صدر عنه هو دعوة المواطنين الى العنف والبلطجية ضد مواطنين آخرين".

ولفت إلى أن الوزير كان غير موفق في تصريحاته التي تصدر عن شخص ينتمي إلى طبقة رجال الأعمال "التي اغتنت بشكل مثير للغاية"، وإلى "حكومة نظام أوصل الشعب الى مستويات الفقر التي تمس الكرامة والوطنية"، في مخاطبة "شعب محتقن جراء الفروق الطبقية والحرمان".

"استمرار لغطرسة النخبة الحاكمة"

السياسي والمحامي الحقوقي المغربي إسحاق شرية رأى أن ما قاله أخنوش "أخطر هجوم على الشعب المغربي" مذكراً بـ"تطاول" مشابه من وزير المال المغربي محمد بورسعيد وصف فيه المغاربة المقاطعين للمنتجات المحلية التي ترتفع أسعارها بشكل مبالغ فيه بـ"المداويخ" أي المصابين بالدوخة وعدم الاتزان.



ودعا شرية عبر حسابه على فيسبوك إلى مقاطعة حزب أخنوش "وعدم التصويت لهم في الانتخابات (المقبلة) عقاباً لهم، حتى يتعلموا من هم المغاربة الأحرار".

وأعرب مغردون على تويتر عن تعجبهم من رغبة "نخبة آخر الزمان تربية الشعب المغربي وليس أهل الفساد". ونبهه معلقون إلى أن الاتهامات التي تثار بحقه وبحق مسؤولين ووزراء آخرين في الحكومة ومؤسسات الدولية هي التي "تفقدها قيمتها وهيبتها وشرعيتها".

"لا نتداول أمام العوام حديث الموائد"، مبدأ سياسي ذكّره به البعض أخنوش مؤكدين أنه وقع في "غلطة العمر".

وزير مغربي يتوعد منتقدي مؤسسات الدولية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بـ"التربية" أو الخروج من المغرب
التصريحات اعتبرت على نطاق واسع "دعوة صريحة للعنف والبلطجة"، وخيّر مغاربة الوزير بين الاعتذار العلني والإقالة، وسط دعوات إلى مقاطعة حزبه وعدم انتخابه مرة أخرى 

تحذيرات سابقة واعتقالات 

هذا ليس أول "تحذير" يصدر عن وزير أو مسؤول مغربي بارز لمن يتجرأ على "التطاول أو سب المؤسسات" على مواقع التواصل الاجتماعي تحديداً.

فوزير الثقافة والشباب والرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، حسن عبيابة، صرح، خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي للحكومة، مساء 14 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بأن "أي تصرف خارج القانون يجب أن يقابله فعل المحاسبة. ولا يعقل أن نطالب بالمحاسبة ونكون فوق القانون"، في إطار رده على تساؤل عن حظر أغاني الراب على خلفية بث أغنية "عاش الشعب" التي تمس الملك المغربي مباشرةً وتنتقد الفساد وتردي الأوضاع في البلاد.

ومساء 25 تشرين الثاني/نوفمبر، صدر حكم قضائي في سجن الرابور المغربي محمد منير الشهير بسيمو الكناوي بتهمة "إهانة مؤسسات نظامية" تتمثل في الشرطة المغربية على خلفية بثه مقطع فيديو يسبّ فيه أفراد الأمن بعدما أوقفوه عند إحدى نقاط التفتيش و"سخروا منه وأذلوه"، على حد قوله.

لكن ناشطين ومنظمات حقوقية دولية رجحوا أن تكون "عاش الشعب" التي شارك اثنين من الرابور المغاربة في غنائها هي السبب الحقيقي وراء سجنه.

يعزز هذا الاعتقاد تجميد كل الفعاليات المتضمنة أنشطة فن الراب الشبابي الاحتجاجي في وقت متزامن مع بث الأغنية التي حققت ملايين المشاهدات.

وقبل أيام قليلة، أحالت النيابة المغربية المدون محمد السكاكي الشهير بـ"مول الكاسكيطة" إلى المحاكمة بتهم "السب العلني للأفراد، والإخلال العلني بالحياء، وإهانة المؤسسات الدستورية، وحيازة المخدرات".

جاء ذلك بعدما انتقد السكاكي، عبر مقطع فيديو، نشر في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، خُطَب العاهل المغربي، واعتبرها "مجرد خطابات شكلية لا يتم تنزيلها (تطبيقها) على أرض الواقع"، كما وجّه نصيباً من انتقاداته للشعب ناعتاً إياه بـ"الغبي". 

ووصلت الاعتراضات ملاعب كرة القدم أيضاً، حيث نددت جماهير الفرق المغربية بغرف التعذيب والاعتقالات والقمع في إشارة إلى الهجمة ضد حرية التعبير في البلاد، لا سيما فريق الرجاء المغربي.

وواكبت تصريحات أخنوش هذه التطورات. كما أعقبت خروج ثلاثة أحزاب من الأغلبية المعارضة، هي "العدالة والتنمية" و"الاستقلال" و"التقدم والاشتراكية"، لدرس ما وصفته بـ"أشكال التعبير أو الاحتجاجات الجديدة" والتفاعل معها.

وتشير هذه الأحزاب بذلك إلى الشعارات التي ترفع في مدرجات الملاعب والأغاني الشبابية، مثل عاش الشعب، وتعكس غضباً شعبياً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard