سادت حالة من الرفض والسخرية صفوف المتظاهرين اللبنانيين إثر تسريبات بشأن تكليف وزير المال الأسبق محمد الصفدي رئاسة الحكومة اللبنانية، لا سيما مع غضب المحتجين من تزايد الاعتقالات في صفوفهم وإظهار المُفرج عنهم وقائع تعذيب وحشي.
وأكد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية جبران باسيل، في 15 تشرين الثاني/نوفمبر، لتلفزيون إم.تي.في المحلي، أن الصفدي وافق على تولي رئاسة الحكومة المقبلة "إذا حظي اسمه بموافقة القوى السياسية الأساسية المشاركة في الحكومة".
وقال باسيل: "أؤكد أننا تواصلنا مع الوزير الصفدي وهو وافق على تولي رئاسة الحكومة. إذا سارت الأمور بشكل طبيعي يفترض أن تبدأ الاستشارات (لتشكيل الحكومة) يوم الاثنين (18 تشرين الثاني/نوفمبر) ليُسمى الصفدي في ختامها، وإلا فسنبقى في دائرة المراوحة بانتظار الاتفاق على اسم رئيس الحكومة".
وبدأت أنباء عن تولي الصفدي الحكومة الجديدة تتردد مساء 14 تشرين الثاني/نوفمبر. ونقلت تقارير إعلامية عدة عن مصادر مطلعة أن رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري والتيار الوطني الحر بزعامة رئيس الجمهورية ميشال عون وحزب الله وحركة أمل التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري، اتفقوا جميعاً على تسمية الصفدي (75 عاماً) رئيساً للحكومة العتيدة.
وعلى الفور، أعرب المتظاهرون اللبنانيون عن غضبهم ورفضهم للطرح، معتبرين ذلك مؤشراً إلى أن السلطات لا تأخذ مطالبهم على محمل الجد أو أنها مغيبة ولا تعي أسباب حراكهم.
وتظاهر العشرات أمام مكتب ومنزل الصفدي في طرابلس (شمال لبنان) ليلاً، رافعين لافتات كتب عليها "هل تستهزئون بنا؟" وهاتفين "يلا إرحل يا صفدي".
المتظاهرين امام منزل الوزير السابق #محمد_الصفدي وهتافات "يالله ارحل صفدي".
— mayakhoury (@mayakhoury19) November 14, 2019
عندينكن روقوا الزلمة نايم وأمعوش خبر اصلا انو حيصير رئيس حكومة ? pic.twitter.com/NaFEPf71og
باسيل سرّب الخبر
ونقلت صحيفة "النهار" المحلية عن مصادر لم تكشف عن هويتها أن "لقاء عقد بين الحريري والوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للنائب العام لحزب الله حسين خليل، مساء 14 تشرين الثاني/نوفمبر، للحصول على موافقة الحريري على تسمية الصفدي الذي اقترحه الوزير جبران باسيل رئيساً للحكومة المقبلة، مع مشاركة تيار‘المستقبل‘ (الذي يترأسه الحريري) في الحكومة المقبلة".
وأوضحت الصحيفة أن الحريري "لم يمانع على طرح اسم الصفدي، وعندما علم باسيل أن المفاوضات وصلت إلى حائط مسدود بين الخليلين والحريري، سرّب الاسم إلى الإعلام في محاولة منه لإحراج ‘حزب الله‘ وحركة أمل والحريري".
وبينت "النهار" أن بري "ما زال مصراً على (تسمية) الحريري رئيساً للحكومة".
باسيل يؤكد تسريبات تسمية الصفدي رئيساً للحكومة المقبلة في لبنان ويحدد موعد بدء مشاورات تشكيلها، ورافضون يتساءلون "هل عادت حليمة إلى عادتها القديمة؟"
وقفات احتجاجية في لبنان رفضاً لتزايد الاعتقالات والتوقيفات والاختفاء القسري بصفوف المتظاهرين، خاصةً بعد كشف بعض المفرج عنهم عن تعرضه للضرب المبرح والتعذيب
وتعليقاً على تصريحات باسيل، بخصوص موعد بدء مشاورات الحكومة، قال مصدر سياسي مقرب من بيت الوسط (مقر إقامة الحريري) لتلفزيون "الجديد": "رجعت حليمة لعادتها القديمة، الوزير باسيل حدد موعد الاستشارات قبل أن يحددها رئيس الجمهورية، وقبل الاستشارات التي سيجريها (الرئيس) أعلن أن التشكيل سيتم سريعاً".
"الوزير باسيل يحاول ترميم وضعه على (حساب) صلاحيات الآخرين، وإذا أراد فعلاً أن يقدم خدمة للعهد ورئاسة الجمهورية ينبغي أن يطلب إجازة عن الكلام"، أردف المصدر.
وانتقد العديد من المغردين اللبنانيين عبر تويتر الأمر أيضاً.
بعد طول غياب يظهر مرة أخرى #جبران_باسيل يتكلم بلسان رئيس الجمهورية و كأن شيئًا لم يكن!
— Hadi Machmouchi (@hadimashmoushi) November 15, 2019
شو عدا ما بدا أيها الوزير السابق؟
ليش فجأة رجع طلع حسك و بقوة و ثقة كبيرة بالنفس؟
جاءتك تطمينات او دعم جديد من حليفك؟
منأمل ما تودي هلتطمينات لخراب البلد عن طريق تحريك الشارع المضاد
وبعد الغضب الشعبي، خرج المكتب الإعلامي لرئيس التيار الوطني الحر، باسيل، موضحاً أن "ما أوردته محطة الـ MTV على موقعها الإلكتروني لم يكن نتيجة تصريح أعطاه الوزير بل نتيجة أجواء إعلامية على خلفية دردشة صحافية حول الأوضاع، وبالتالي فإن ما ورد يفتقر الى الكثير من الدقة في العناوين والتفاصيل".
من هو الصفدي؟
والصفدي هو أحد أكبر أثرياء لبنان، يتحدر من طرابلس التي يعاني 26% من سكانها فقراً مدقعاً. وقد فطن العديد من المغردين اللبنانيين إلى هذا التناقض متسائلين: "ماذا سيقدم للبلد وهو لم يقدم لمدينته شيئاً؟".
احد اكبر ناهبين المال العام بالزيتونه باي والفاسد الاكبر الذي حرم طرابلس من 300 مليون دولار مشاريع على عهد الحرامي الثاني نجيب ميقاتي عندما كان رئيس الوزاره نكايةً حتى لا تحسب للميقاتي على حساب الصفدي#لبنان_يتنفض#محمد_الصفدي pic.twitter.com/8keHkZsKpZ
— Signiora Juline Younes (@signiora_younes) November 14, 2019
وقد شغل حقائب وزارية عدة، أبرزها وزارة المالية بين عامي 2011 و2014 ووزارة الاقتصاد بين عامي 2009 و2011.
ويترأس حالياً مجلس إدارة شركة تشارك في إنماء واجهة بيروت البحرية التي يرى المحتجون أنها جزء من الاعتداء على الأملاك البحرية العامة، حيث تنتشر على طول الشاطئ اللبناني مشاريع سياحية ومنتجعات عدد كبير منها يملكه سياسيون.
وتحرم هذه المشاريع اللبنانيين من الوصول إلى البحر.
وقد انتفض اللبنانيون في 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي ضد الفساد، مطالبين بإسقاط الحكومة التي يرون أنها قادت بلدهم إلى حافة الانهيار الاقتصادي.
ومنذ استقالة الحريري في 29 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لم تستجب السلطات أياً من مطالب الانتفاضة الشعبية التي تصر على رحيل جميع المسؤولين الحاليين، "كلن يعني كلن".
وسبق أن اقترح الرئيس عون تشكيل حكومة "تكنو-سياسية". لكن المتظاهرين يرون الحل في حكومة اختصاصيين مستقلة.
التعذيب المخزي
وتتزامن أنباء تكليف الصفدي ترؤس الحكومة مع حالة غضب تجتاح صفوف المحتجين مع تزايد الاعتقالات والتوقيفات للنشطاء والمتظاهرين السلميين، وذكر بعض المفرج عنهم تعرضهم للتعذيب والضرب المبرح.
فادي نادر من ثوار جل الديب
— Christelle Nehme ?? (@ChristelleNehm4) November 15, 2019
تعرض للضرب من العساكر اثناء فتح الطريق ونقل على مستشفى أبو جودة pic.twitter.com/aOnu5iHgwe
وقال المتظاهر فادي نادر أحد جرحى الاشتباكات مع الجيش اللبناني إثر فتح الطرق بالقوة في جل الديب عقب خروجه من المستشفى: "ما خلوا نوع من صنوف الوحشية ما استخدموه معي… لدي إصابات بكل جسمي وضلعين مكسورين"، مؤكداً أنه سيتقدم بدعوى قضائية لاستعادة حقه.
ونظم العشرات وقفةً أمام قصر العدل احتجاجاً على توقيف معتصمين خلال التظاهرات.
كما تجمع الأهالي أمام ثكنة صربا احتجاجاً على توقيف الجيش عدداً من المعتصمين على اوتوستراد زوق مكايل (في جبل لبنان)، لإغلاقهم الطريق اعتراضاً على تسمية الصفدي رئيساً للحكومة.
وأفرج عن المتظاهرين سامر مازح وعلي بصل، بعدما تقدم عدد من المحامين بشكوى رسمية بشأن "الإخفاء القسري للمتظاهرين سامر مازح وعلي بصل، وحجز حريتهما من دون أي مسوغ قانوني وقرائن على ارتكاب تعذيب بحقهما" بعد توقيفهما مساءً في منطقة الرينغ.
وشيع اللبنانيون في 14 تشرين الثاني/نوفمبر "شهيد الثورة" علاء أبو فخر (38 عاماً) الذي قضى أمام زوجته وطفله خلال اشتباكات بين المتظاهرين وجنود بالجيش اللبناني بسبب إغلاق الطريق.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومجميل جدا أن تقدر كل المشاعر لأنها جميعا مهمة. شكرا على هذا المقال المشبع بالعواطف. احببت جدا خط...
Tayma Shrit -
منذ 3 أياممدينتي التي فارقتها منذ أكثر من 10 سنين، مختلفة وغريبة جداً عمّا كانت سابقاً، للأسف.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامفوزي رياض الشاذلي: هل هناك موقع إلكتروني أو صحيفة أو مجلة في الدول العربية لا تتطرق فيها يوميا...
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياماهم نتيجة للرد الايراني الذي أعلنه قبل ساعات قبل حدوثه ، والذي كان لاينوي فيه احداث أضرار...
Samah Al Jundi-Pfaff -
منذ 4 أيامأرسل لك بعضا من الألفة من مدينة ألمانية صغيرة... تابعي الكتابة ونشر الألفة
Samah Al Jundi-Pfaff -
منذ 4 أياماللاذقية وأسرارها وقصصها .... هل من مزيد؟ بالانتظار