شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
اعتقال أردنيين وتهديد بـ

اعتقال أردنيين وتهديد بـ"التعطيش"... التوتر يتصاعد بين الأردن وإسرائيل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 30 أكتوبر 201901:58 م

تشهد العلاقات الإسرائيلية الأردنية توتراً متصاعداً خلال الآونة الأخيرة، بلغ مداه، مساء 29 تشرين الأول/أكتوبر، مع اعتقال عمان "متسللاً إسرائيلياً" دخل أراضيها بطريقة غير شرعية، واستدعائها السفير الإسرائيلي احتجاجاً على استمرار اعتقال هبة اللبدي وعبد الرحمن مرعي، الحاملين للجنسية الأردنية. 

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية سفيان القضاة، عبر تويتر، إن السلطات الأمنية الأردنية ألقت، مساء 29 تشرين الأول/أكتوبر، القبض على مواطن إسرائيلي تسلل بطريقة غير شرعية إلى الأراضي الأردنية عبر الحدود في المنطقة الشمالية"، موضحاً أنه تم التحفظ عليه و"تجري التحقيقات اللازمة معه تمهيداً لإحالته إلى الجهات القانونية المختصة".

ويُعد هذا أحدث فصول تأزم العلاقات الأردنية الإسرائيلية، المحتقنة أخيراً مع تزايد الضغط الشعبي على الحكومة الأردنية لاستعادة الأسيرين الأردنيين المحتجزين منذ نحو شهرين لدى إسرائيل، اللبدي ومرعي. 

"رجّعوا ولادنا"

وقالت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية استدعت سفيرها لدى تل أبيب للتشاور، احتجاجاً على استمرار إسرائيل في اعتقالها "اللا قانوني واللا إنساني" للمواطنين الأردنيين.

ونقلت عن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قوله: "نحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن حياة مواطنينا وسنستمر في اتخاذ جميع الإجراءات القانونية والدبلوماسية والسياسية لضمان عودتهما إلى وطنهما سالمين".

وأكدت الوكالة الرسمية أن الخارجية بذلت "جهوداً مستمرة وأجرت اتصالات مكثفة عبر القنوات الدبلوماسية والسياسية المعتمدة" للمطالبة بإطلاق المواطنين الأردنيين اللذين تدهورت حالتهما الصحية منذ توقيفهما، معتبرةً ذلك التوقيف "خرقاً للقوانين الدولية".

وكانت اللبدي (32 عاماً) قد اعتقلت في 20 آب/أغسطس الماضي، وهي مستمرة في إضراب مفتوح اعتراضاً على تعرضها للتعذيب النفسي والجسدي والتنكيل منذ 37 يوماً، وأدخلت خلالها المستشفى ثلاث مرات. أما عبد الرحمن مرعي (28 عاماً) فجرى اعتقاله في 2 أيلول/سبتمبر الماضي وهو مصاب بالسرطان وحالته سيئة، بحسب أقاربه.

يرى العديد من الأردنيين أن الحكومة "مقصرة" في تعاطيها مع قضية اللبدي ومرعي لا سيما مع تواتر أنباء مستمرة عن تدهور حالتهما الصحية.

في المقابل، أكد الجيش الإسرائيلي تسلل أحد "المواطنين" إلى الأراضي الأردنية. وأوضحت الخارجية الإسرائيلية مناقشة ملابسات الحادث مع السلطات الأردنية.

ويرى العديد من الأردنيين أن الحكومة "مقصرة" في تعاطيها مع قضية اللبدي ومرعي لا سيما مع تواتر أنباء مستمرة عن تدهور حالتهما الصحية. ودشن هؤلاء وسم "رجّعوا ولادنا" للضغط على السلطات.

وبعد رفض المحكمة العسكرية الإسرائيلية الاستئناف المقدم من محامي مرعي، أكد القضاة أن الوزارة "تواصل العمل والضغط بكل السبل المتاحة من أجل الإفراج عن مرعي واللبدي"، لافتاً إلى زيارة القنصل الأردني في تل أبيب لمرعي مرتين في مركز احتجازه، وللبدي أربع مرات.

استعادة الباقورة والغمر

ثمة سبب آخر للتوتر بين البلدين اتضح مع استخدام وزير الخارجية الأردني، في كلمة مثّل فيها بلاده خلال القمة الـ18 لحركة دول عدم الانحياز، في 26 تشرين الأول/أكتوبر، تعبير "الاستعمار الإسرائيلي غير الشرعي واللا إنساني".

واعتبر مراقبون هذا التعبير انعكاساً لحالة الاحتقان بين البلدين في ظل تعقد قضية "أراضي الباقورة والغمر" التي قرر الأردن العام الماضي استعادتها من إسرائيل في 10 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، بانتهاء التعاقد المبرم بين البلدين، فيما ترغب الأخيرة في تمديد تأجيرها، ويلوّح بعض مسؤوليها بـ"إجراءات شديدة الحزم" ضد الأردن في حال المضي في قراره.

اعتقال "متسلل إسرائيلي" هو أحدث فصول تأزم العلاقات الأردنية الإسرائيلية المحتقنة أخيراً مع تزايد الضغط الشعبي على الحكومة الأردنية لاستعادة هبة اللبدي وعبد الرحمن مرعي، المعتقلين منذ نحو شهرين لدى إسرائيل
بين اعتقال "متسلل إسرائيلي" وتدهور صحة هبة اللبدي وعبد الرحمن مرعي، وبين قضية "أراضي الباقورة والغمر" والتهديدات الإسرائيلية بـ"التعطيش"... التوتر الأردني - الإسرائيلي يتصاعد

واحتلت إسرائيل الباقورة (شمال الأردن) في عام 1950، والغمر (في الجنوب) في عام 1967، بينما يزرع إسرائيليون مساحات واسعة من هذه المناطق الزراعية الخصبة بموجب اتفاقية "وادي عربة".

ومنتصف الشهر الجاري، نفت الخارجية الأردنية صحة أنباء تداولتها وسائل إعلام إسرائيلية بشأن موافقة الأردن على تجديد أو تمديد استعمال منطقتي الباقورة والغمر.

ونقلت وكالة "بترا" أن الجانب الإسرائيلي "طلب التشاور فحسب وفقاً لما نصت عليه المعاهدة"، مضيفاً "دخلنا مشاورات بشأن الإنهاء ولم تكن بشأن التجديد، بل للانتقال من المرحلة السابقة والترتيبات السابقة إلى المرحلة المقبلة".

وفي 24 تشرين الأول/أكتوبر، قال نجل رئيس الحكومة الإسرائيلية الراحل أرييل شارون، جلعاد، لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، إن على الأردن إعادة النظر في مطالبه باستعادة منطقتي الباقورة والغمر، وإلا فإن الأمر يستدعي من إسرائيل "الرد بصرامة".

ويرتبط الأردن بإسرائيل بمصالح مختلفة. فوفق معاهدة السلام الموقعة بين البلدين، تبلغ حصة الأردن من نهر اليرموك حوالي 25 مليون متر مكعب بمعدل 12 مليوناً في الصيف، و13 مليوناً في الشتاء.

ويخزّن الأردن نحو 20 مليون متر مكعب من اليرموك شتاء في بحيرة طبريا، تضخها إسرائيل للأردن من 15 أيار/مايو حتى 15 تشرين الأول/أكتوبر في كل عام.

"هل ينهار السلام؟"

برغم مرور كل هذه السنوات، لم تكتسب اتفاقية "وادي عربة" شرعية شعبية، وما زالت النسبة الغالبة من الأردنيين تعتبر إسرائيل "عدواً"، لا سيما أن عدداً كبيراً من المواطنين متحدر من فلسطين.

"من ناحية الأردن، وفي الواقع القائم، فإن السلام صار خيبة أمل إستراتيجية، ومن لا يرى ذلك فهو يهدد السلام بين إسرائيل والأردن. وهذا سيلحق ضرراً بالطرفين".

ولمناسبة مرور 25 عاماً على اتفاقية "وادي عربة"، حذّر الباحث في الشأن الأردني آشر ساسر، في ندوة في "معهد دراسات الأمن القومي" التابع لجامعة تل أبيب، من انهيار السلام بين الجانبين، الأردني والإسرائيلي.

وقال ساسر: "تأخذ في التبلور معتقدات في إسرائيل خلال السنوات الأخيرة ومفادها أن الأردن هو فلسطين وهو الوطن البديل للفلسطينيين... هذا أخطر تهديد للمملكة الهاشمية كما تراه هي".

وأضاف: "بعد توقيع اتفاق وادي عربة عام 1994، قال الأردن إن ‘الوطن البديل‘ انتهى في ظل تفاهمات مع إسرائيل بشأن قيام دولة فلسطينية إلى جانب الأردن، ومنذ ذلك الحين مرت 25 سنة والدولة الفلسطينية لم تقم ولا يبدو في الأفق أنها ستقوم".

وختم: "من ناحية الأردن، وفي الواقع القائم، فإن السلام صار خيبة أمل إستراتيجية، ومن لا يرى ذلك فهو يهدد السلام بين إسرائيل والأردن. وهذا سيلحق ضرراً بالطرفين".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard