شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"مَن خاف ندم"... حكايات عن رهاب ليلة الزفاف في مصر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 27 أكتوبر 201903:24 م

"فرحي بعد يومين، ولي أصدقاء متزوجين نصحوني بمنشطات جنسية يوم الدخلة، وبيقولوا التوتر مش هيخليك تعرف تعمل حاجة. إيه رأيكم يا شباب؟".

هذا سؤال طرحه أحمد (اسم مستعار) في واحدة من المجموعات المغلقة على موقع فيسبوك، حول المخاوف التي يصدِّرها له بعض أصدقائه المتزوجين حديثاً.

يتابع أحمد: "لا أعاني ضعف الانتصاب خلال ممارستي للعادة السرية، فهل يُعقل أن يحدث ضعف في الانتصاب أثناء ممارسة الجنس مع رغبتي الشديدة فيه؟".

ببحث بسيط على أي مجموعة مغلقة للشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، تجد أمامك الكثير من التساؤلات المغلفة بالمخاوف من ليلة الزفاف، تساؤلات تكشف أن المخاوف من هذه الليلة ليست حكراً على الإناث.

"مَن خاف ندم"

الخوف طبيعة بشرية، لكنه درجات كما يقسمه الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي الذي يؤكد أن هناك حالات عدة تصاب بالخوف الشديد أو الهلع في ليلة الدخلة، ما يؤثر بصورة سلبية على الأعضاء التناسلية وتدفق الدماء في الأوعية الدموية، ويسبب مشكلات مثل ارتخاء العضو الذكري عند كثير من الرجال، وإنْ كانوا معافين من أية أمراض عضوية.

ويشرح فرويز لرصيف22 أن تصدير الخوف دون قصد للشباب المقبلين على الزواج، عبر قصص الإخفاقات التي تُروى حول ليلة الزفاف، وكذلك "النصائح المعلبة" غير العلمية، وتصوير ليلة الزفاف على أنها حرب أو مبارة، إما أن تظفر بها أو تُهزم، هي أحد أسباب إخفاق العديد منهم في ليلة الدخلة، وهو ما تصل نتائجه إلى الانتحار بين الشباب المتزوجين حديثاً، وكذلك جرائم قتل ترتكب جراء تلك المشكلات.

وبما أن الخوف طبيعة بشرية، من الطبيعي أن يُصاب الشاب المقبل على الزواج ببعض القلق المصحوب بقليل من المخاوف، وهو ما يمكن تداركه وتجاوزه ببعض التمارين الذهنية والاسترخاء وتفادي ضغوط الإعداد للزواج شيئاً فشيئاً، وصولاً إلى يوم الزفاف.

أما في حالات الخوف الشديد، فيوضح فرويز أن العقاقير الجنسية ليست حلاً وربما لا تجدي نفعاً، ومن الضروري استشارة الطبيب النفسي قبل الزفاف، فقد يكون العلاج الأمثل بالمهدئات وليس المنشطات.

لا تقتصر مخاوف الشباب قبل الزفاف على هذا النوع من المشاكل، فبعيداً عن الغرف المغلقة لمواقع التواصل الاجتماعي، يشرح علي (31 عاماً) لرصيف22 حالة غريبة انتابته قبل الزواج بأيام قليلة ولا يعرف سببها.

شعر علي بفتور تجاه خطيبته التي ارتبط بها عن حب، ولم يجد أية رغبة جنسية تجاهها، عكس ما يشعر به تجاه أخريات. حاول الشاب، أثناء خلوته بحبيبته بعد عقد القران وقبل أيام من الزفاف، أن يداعبها ناكئاً ذلك الفتور الذي أصابه، فسال مذيه ولم يهتز قضيبه، كما يوضح.

يقول الدكتور علي عسر، استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان، أن السمة الأساسية لاضطراب فتور الرغبة الجنسية تكمن في نقص أو غياب التخيلات والرغبة في ممارسة النشاط الجنسي.

ويوضح لرصيف22 أن هناك نوعين من الفتور الجنسي، فقد يكون تدني الرغبة الجنسية شاملاً ويتضمن جميع أشكال التعبير الجنسي، أو يرتبط بموقف ويقتصر على شريك واحد أو نشاط جنسي معيّن، مثل الاتصال الجنسي وليس الاستمناء، وفي هذه الحالة تقل لدى المصاب الدوافع للسعي إلى المثيرات، و"من الممكن أن يأتي نقص الرغبة الجنسية نتيجة القلق الشعوري الذي يحدث بسبب اضطرابات في الإثارة أو النشوة".

وقد يكون نقص الرغبة الواضح عند أحد الشريكين ناتجاً عن الحاجة الشديدة لاستثارة شهوته من خلال الطرف الآخر، وليس بمحاولة الشخص نفسه إثارة شهوته كما في حالة علي. لكن هنا تحديداً، وفقاً لما يؤكده عسر، تقع المهمة الأكبر على عاتق الطرف الآخر، مشيراً إلى امتلاك بعض الأفراد الذين يعانون من تدني الرغبة الجنسية القدرة على إحداث الإثارة الجنسية لأنفسهم بشكل كافٍ، لكن لا يستطيع كثيرون فعل هذا.

ويقول فرويز إن حالة الفتور التي قد يتعرض لها الشاب قبيل زواجه قد تعود إلى الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها خلال تلك الفترة، إذ تبلغ الضغوط ذروتها قبل يوم الزفاف، وتتمثل في تجهيز بيت الزوجية وغيرها من الأعباء التي يتحملها، مؤكداً أن الضغوط الاجتماعية لها بالغ الأثر في نفسية الشاب، وقد تؤدي إلى حالة من الفتور الجنسي والشعور بعدم الرغبة في مَن يحب.

خوف من غشاء البكارة

بين هذا وذاك، لا يخشى حسن سوى فض غشاء البكارة، وقد سمع بقصص حول أغشية احتاجت إلى تدخل الطبيب، ذاكراً "الغشاء المطاطي"، وهو أمر لا يقبل حتى تصوّره. "يقولوا عليا وعليها إيه؟ أنا مش راجل؟ وهي مش بِكر؟"، يعلق لرصيف22، موضحاً أن أحد أقاربه نصحه بأن "إللي ما يفتحوش بتاعك، يفتحه صباعك".

وتشير إلى أن من بين أنواع أغشية البكارة "الغشاء المصمت"، والذي لا يحتوي على أية فتحات، ويتسبب في أضرار عند البلوغ وبدء حدوث الدورة الشهرية، إذ يتجمع دم الدورة الشهرية داخل الرحم مسبباً العديد من الآلام والمشكلات. ولكن هذه المشكلة يتم حلها في سنّ صغير.

أما حول الغشاء المطاطي، فتلفت إلى أنه يتمدد مع إيلاج القضيب ومن ثم يعود إلى حالته الأصلية، وبالتالي من الممكن ألا يتمزق أثناء أول لقاء جنسي. ولكن هذا لا يمنع إتمام العملية الجنسية. وتضيف أن الغشاء قد يفض جزئياً خلال اللقاءات الجنسية، ثم يفض كلياً مع أول ولاده طبيعية للمرأة.

لست وحدك

لا يشعر "سكر"، بحسب ما يناديه زبائنه في المقهى الذي يعمل فيه، بمخاوف من ليلة الزفاف، التي حدد موعدها نهاية العام الجاري، بل يرى الأمر في غاية السهولة واليسر، ويؤكد أن لديه من الخبرات والتجارب الجنسية، وإنْ كانت غير مكتملة، ما يكفي ليجعله يحسن التصرف مع زوجته المستقبلية في كل الحالات.

"لو الراجل خاف، الست تعمل إيه؟"، يقول معتبراً أن دوره الأهم ليلة الدخلة هو طمأنة زوجته والتقليل من حدة توترها وقلقها.

لكن سكر يحمل مخاوف أخرى، يوضحها لرصيف22 بقوله إنه يريد أن يستمتع بأطول وقت بالعلاقة الحميمية مع زوجته، إلا إنه يصعب عليه فعل ذلك من دون المنشطات الجنسية. فمن خلال تجاربه السابقة، عرف أن لديه سرعة قذف. ويرى في محيطه ودوائر الأصدقاء مَن اعتاد تعاطي العقاقير قبل العلاقة الجنسية، لكنه يخشى من العواقب الصحية لاستخدامها، وكذلك حتى لا تعتاد زوجته على شيء قد لا يستطيع فعله في وقت لاحق، أو أن تفقد العقاقير تأثيرها مع استمرار تعاطيها.

تصدير الخوف دون قصد للشباب المقبلين على الزواج، عبر قصص الإخفاقات التي تُروى حول ليلة الزفاف، وتصوير ليلة الزفاف على أنها حرب أو مبارة، إما أن تظفر بها أو تُهزم، هي أحد أسباب إخفاق العديد منهم في ليلة الدخلة
ببحث بسيط على أي مجموعة مغلقة للشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، تجد أمامك الكثير من التساؤلات المغلفة بالمخاوف من ليلة الزفاف، تساؤلات تكشف أن المخاوف من هذه الليلة ليست حكراً على الإناث

يوضح الدكتور علاء يحيى، استشاري أمراض الذكورة وعضو الجمعية المصرية لأمراض الذكورة، لرصيف22، أن مشكلة سرعة القذف شائعة، ويشير إلى دراسة تؤكد أن قرابة 40% من الرجال يعانون من تلك المشكلة خلال فترة من حياتهم، لكنه يؤكد أيضاً أنها ليست شيئاً يجب القلق بشأنه إذا كانت تحدث من حين لآخر.

ويُرجع يحيى جزءاً من اللوم إلى كيمياء الدماغ، فالرجال الذين لديهم كمية أقل من مركب السيروتونين يمكن أن تكون لديهم سرعة قذف أعلى، مقارنة بمَن لديهم كمية أكبر.

يشير يحيى إلى عوامل نفسية عدة تلعب دوراً في الإصابة بسرعة القذف، مثل الاكتئاب والضغط العصبي ورهبة الأداء الجنسي، إضافة إلى أن بعض الحالات يصبح فيها القذف المبكر مشكلة إضافية يعاني منها الرجال المصابون بضعف الانتصاب: "عندما لا يكون العضو الذكري منتصباً بما فيه الكفاية لممارسة العلاقة الجنسية، فالرجال الذين يقلقون بشأن فقدان الانتصاب قد يصابون بسرعة القذف".

وفقاً له، يجب في البداية استيضاح الحالة بدقة وتحديد موطن الخلل، ومعرفة هل من سبب يمكن علاجه قبل وصف الأدوية، وعندها يكون وصف العلاج المناسب حسب كل حالة، فهناك العديد من العلاجات، سواء بالعقاقير على اختلاف أنواعها، أو الكريمات الموضعية، أو مكملات الزنك الغذائية، أو من خلال تمارين قاع الحوض، وغيرها من طرق التغلب على سرعة القذف.

التوعية الجنسية

يرى المختصون في القضايا الجنسية أن على الأهل توعية أطفالهم جنسياً في مرحلة مبكرة، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا توجد حالة واحدة من الآراء بشأن التربية الجنسية، وهو الأمر الذي يعتبره المختصون منطقياً بالنظر إلى حساسية هذا الموضوع من جهة، وارتباطه بالعديد من القضايا الاجتماعية والدينية والأخلاقية والتقاليد والمستوى الثقافي والتعليمي في المجتمعات المختلفة من جهة أخرى.

تقول الأخصائية الاجتماعية نور أبو السعود إن أزمة المجتمعات العربية الرئيسية في ما يتعلق بموضوعات الجنس تكمن في وضع هذه الأمور ضمن ما هو محظور وعيب، والتعامل مع العلاقات الجنسية، حتى وإنْ كانت في إطارها الشرعي، على أنها من الموضوعات الشائكة التي يُفترض أن تحكمها الموروثات والتقاليد وما وجدنا عليه آباءنا، فلا تتطرق الأسر إلى تلك الموضوعات مع الأبناء، ويتركونهم فريسة للمعلومات المغلوطة المستقاة من صفحات الإنترنت والمواقع الإباحية والأصدقاء.

تؤكد أبو السعود لرصيف22 أن أغلب المشكلات العضوية والنفسية التي يتعرض لها الشباب والفتيات أثناء الزواج أو عند ممارسة العلاقة الجنسية لأول مرة، تأتي نتيجة غياب الثقافة الجنسية ووضعها على قائمة المحظورات. وتُرجع زيادة معدلات الطلاق وحالات الانتحار بعد الزواج إلى نفس الأسباب.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard