شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"حبيبي أجمل من Baby"… تامينو، حفيد محرم فؤاد، يغنّي في القاهرة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

السبت 5 أكتوبر 201904:27 م

في صباح السابع والعشرين من حزيران/ يونيو 2002، توفي المطرب والممثل المصري محرّم فؤاد، الذي بدأ مسيرته الفنية في خمسينيات القرن الماضي، عن عمر ناهز 68 عاماً، إثر إصابته بأزمة قلبية، بعد صراع مرير مع مرض القصور الكلوي الذي اضطره إلى إجراء عملية غسل الكلى، مرّتين في الأسبوع.

إن قمنا بتسريع شريط الحياة منذ وفاته، لشاهدنا محطات عدة برز فيها اسم الراحل محرّم فؤاد، من بينها ولادة فنية لشاب مشى على خطاه، يُدعى تامينو-أمير، يقول له: "جِدِّو"، كلمة قد تكون من بين الكلمات العربية القليلة التي يعرفها.

بعد نحو 17 سنة من رحيل "صوت النيل"، يزور تامينو (22 عاماً) القاهرة ليغنّي فيها للمرة الأولى، يوم 12 تشرين الأول/أكتوبر في "Cairo Jazz Club 610"، أملاً في "بناء علاقة وطيدة بالمصريين كما فعل جدّه"، واستعداداً لإطلاق نسخة جديدة من ألبومه الأول "أمير" وفيديو لأغنية "Indigo Night" تم تصويره بالقاهرة.

انتقل تامينو طارق محرم فؤاد، ذو الأصول المصرية واللبنانية، إلى بلجيكا في سن صغير، بعد طلاق أبويه وهو في الثالثة من عمره، فعرف "بلد والده" من خلال الحكايات والموسيقى الكلاسيكية التي لم يفهم كلماتها ولكنها أثرت به، وفي الرابعة عشر من عمره، لفتت موسيقى البوب انتباهه، وعزف على المسرح لأول مرة.

"يمكنني سماعه متى شئتُ"

التقى رصيف22 تامينو الذي أخبره عن المرة الأولى التي اكتشف فيها حبّه للموسيقى، وعمّا إن كان يشعر بـ"ميزة" كونه حفيد محرم فؤاد، وعن أفضل أغنية لجده وحكايات أُخرى...

عودة إلى البدايات، قال: "كتبت أول أغنية حينما كنت في الـ14 من عمري موجهاً إياها لفتاة. كانت أغنية مقرفة It was a very shitty song، وكان لدي خيار واحد فقط وهو المحاولة مرة أخرى. عرفت حينها أنني أردت امتهانها".

ولفت تامينو في حديثه إلى أنه لا يشعر بـ"ميزة فعلية" لكونه حفيد محرم فؤاد، موضحاً أنه عاش طفولته ومراهقته في بلجيكا، ولم يعرّف كثيرين من كان جدّه، مؤكداً: "لا يمكنني قول إن شهرته أثّرت بي في طفولتي".

أشار من جهة أخرى، إلى أن ما يعتبره ميزة هو أنه يمكنه سماع جدّه متى شاء -مثل قارئ هذا التقرير تماماً- موضحاً أن كثيرين لا يمكنهم رؤية وسماع أحباء فقدوهم. وقال: "أعتبرها هدية وجود هذا الكم من التسجيلات. يحزنني أنه رحل باكراً، وأنني لا أتمكن الحديث معه الآن وأنا في هذا العمر. كنت أتمنى أن أتلقى منه نصيحة، فأنا واثق من أن حوارات رائعة كانت ستدور بيننا".

يعزف بجيتار جدّه

في إحدى زياراته إلى مصر التي كان يقابل فيها والده، فتّش تامينو في أغراض جده، وعثر على جيتار "الريزونيتور" الذي كان محاطاً بالغبار، أخذه معه إلى بلجيكا، وانتابه شعور آنذاك بأنه عليه تعلّم العزف على تلك الآلة التي تحوّلت إلى عنصر لا يفارقه في عروضه ويومياته.

يقول تامينو إن الجيتار يعود بالأصل إلى الموسيقي المصري الراحل عمر خورشيد، الملقّب بـ"ساحر الجيتار"، وهو قائد فرقة محرّم فؤاد الموسيقية وعازف الجيتار فيها، مرجحاً أن يكون الجيتار قد صُنع خصيصاً له لعدم وجود نوع (brand) له، بل مكتوب عليه رقم 36 فقط، و"لا يشبه جيتاراً آخر"، حسب تعبير تامينو.


رحل خورشيد باكراً في حادث سير في عام 1981، وكان قد أهدى الجيتار إلى محرم فؤاد الذي "ظل متمسكاً به، والآن استكمل الجيتار الحكاية".

لم يرث تامنيو جيتار جدّه فقط، بل ورث "حضوره"... أو هذا ما تقوله جدّته ماجدة على الأقل، مشيرةً إلى أنها تذكرت محرّم فؤاد عند رؤيتها تامينو على المسرح في إحدى عروضه في اسطنبول، والشيء المشترك بينهما أيضاً أنهما "بدآ الغناء في الصغر".

"يا حبيبي قولي آخرة جرحي إيه"

قلبي مجروح من زمان واحترت فيه

والطبيب شافني بكى بدموع عينيه

قالي جرحك ده مانيش قادر عليه

يا حبيبي وأعمل إيه... أعمل إيه


كشف تامينو أن هذه الأغنية المفضلة لديه لجدّه محرم فؤاد، معتبراً إياها "تحفة فنية"، من ناحية المقامات والتكوين ككل، وبالطبع "صوت جدّه الذي يحرك مشاعره كلما سمع هذه الأغنية بالتحديد"، على حد قوله.

هل تنتمي إلى مصر؟

هل تشعر بالانتماء إلى مصر؟ وإن كانت الإجابة نعم، بأي طريقة؟ سؤال وجهناه لتامينو، فأجاب: "سمعت من أشخاص كثر ذوي أصول متعددة، أنهم لا يشعرون بالانتماء إلى بلد. وأنا مثلهم إلى حد ما، لا أشعر بالانتماء الفعلي إلى مصر أو لبنان أو بلجيكا، ولكنهم بالطبع الأقرب إلى قلبي، وأشعر تجاههم بحب عميق".

وعمّا إن كان ينوي تعلّم اللغة العربية، قال تامينو إنه يود قضاء أوقات أطول في مصر أو لبنان لممارسة اللغة، لأنها "لغة والده" التي يتمنى أن يتحدثا سوية بواسطتها بدلاً من الإنجليزية، مشيراً إلى أنه يعرف بضع كلمات، والأعداد من الواحد إلى العشرة.

"تامينو-أمير"

اختار والده اسم أمير، فيما اختارت والدته اسم تامينو، الذي يعود إلى اسم بطل أوبرا الناي السحري لموزارت، فاتفقا على اسم مركب لابنهما. وفيما اختار لنفسه اسم "تامينو" على الساحة الفنية، قرّر أن يطلق اسم "أمير" على ألبومه الأول.

يوضّح أن الاسم يعود إلى شخصه، وما يمثّله وما يحمله من حضارات مختلفة، مضيفاً: "القصة قصة أمير بالفعل، وُلد أميراً دون أن يختار ذلك بنفسه. هذا ما أشعره تماماً. أشعر أنني وُلدت لكي أكون موسيقياً. كان لدي الخيار في تحديد مصيري بالطبع، لكن الموسيقى أشبه بقوة طبيعية شدتني بنفسها، ولا أتذكر أن أحداً أرغمني عليها".

يشارك تامينو الذي يعزف معظم الموسيقى في ألبوم "أمير" فرقةٌ من الموسيقيين العرب ببروكسيل تدعى "نغم ذكريات"، وتتكون من عازفين محترفين من العالم العربي، معظمهم لاجئين فرّوا من العراق والمغرب وتونس وسوريا.


بدأ تعاونهما حينما تواصل أعضاء الفرقة مع تامينو لمشاركتهم في حفل تذكاري على شرف جده، ولكن تامينو لم يستطع قبول الدعوة لأنه لا يجيد اللغة العربية، ولكنه دعا الفرقة للمشاركة في ألبومه.

واختارت صحيفة الإندبندنت البريطانية ألبومه "أمير" ضمن قائمتها لأفضل 40 ألبوم غنائي في عام 2018، محتلاً المرتبة الثامنة.

"لا أشعر بميزة فعلية من كوني حفيد محرم فؤاد"... تامينو الذي مشى على خطى جدّه في حوار خاصّ مع رصيف22

في زيارة إلى مصر، فتّش تامينو في أغراض جده، وعثر على جيتار "الريزونيتور" الذي كان محاطاً بالغبار، أخذه معه إلى بلجيكا، وانتابه شعور آنذاك بأنه عليه تعلّم العزف على تلك الآلة التي تحوّلت إلى عنصر لا يفارقه في عروضه ويومياته.

"حبيبي"

وقع خيار تامينو على اسم "حبيبي" لأولى أغنياته، مثيراً بعض التساؤلات حول اختياره كلمة عربية بينما يتوجه إلى جمهور غربي كما أنه يجهل اللغة، فأوضح كيف تم الاختيار قائلاً: "لا يمكنني التفكير بشيء محدد ومن ثم أبدأ بكتابة الكلمات. ما يحصل معي أنني أؤلف الكلمات خلال عزفي الموسيقى".

وتابع: "كتبت الأغنية وأنا في الثامنة عشر من عمري. كنت أعزف الجيتار، وخطرت على بالي 'حبيبي' التي شعرت بأنها تتماشى مع الموسيقى التي كنت ألعبها. شعرت حينها بأنها مناسبة، وأنه من الخطأ تغييرها بأي كلمة بديلة. فـ 'حبيبي' هي أجمل كلمة لهذا المعنى. تتفوق على 'بيبي' (Baby) أو 'عزيزي/عزيزتي' (My dear)".

ويبدو أن "حبيبي" باتت معروفة عالمياً، تماماً كما يعتبر الحب لغة عالمية.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard