شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"الوصي على الفضيلة"… المحامي سمير صبري مستهدف المرأة وملابسها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 29 سبتمبر 201906:41 م

6000 دعوى وشكوى قضائية رفعها خلال العقد الماضي ضد سياسيين وكتاب وناشطين لكن اختصاصه الأكبر: تعقب الفنانات والراقصات.

إنه المحامي الأكثر إثارة للجدل في مصر، سمير صبري، الذي خصته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، بتقرير نشر في 28 أيلول/سبتمبر، أكدت فيه أنه يتخذ من "المرأة" هدفاً مفضلاً له على الدوام، معيّناً نفسه "وصياً" على الأخلاق في بلاده.

أشارت الصحيفة إلى أنه في دولة تسمح فيها القوانين لأي مواطن برفع دعاوى قضائية ضد أي شخص يُعتقد أنه مذنب بارتكاب جرم أو تشويه صورة البلد، يعد المحامي البالغ من العمر 69 عاماً "عميد تلك المهنة"، مؤكدةً أنه "يشعر بالخوف ويزدري كل يوم تقريباً"، في إشارة إلى العبارات الرائجة في بلاغاته المتكررة.

المرأة "هدفه المفضل"

حسب صبري نفسه، فقد رفع ما يقرب من 6000 دعوى قضائية خلال 10 سنوات فقط، وكان خصومه فيها: وزراء الحكومة ومرشحين سياسيين ومؤلفين وناشطين، غير أن "المرأة كانت دوماً من أهدافه المفضلة، المطربات والراقصات الشرقيات والممثلات والفنانات، باختصار أي امرأة يراها صبري ترتدي ملابس غير ملائمة أو لا تحترم الدولة المصرية".
قال صبري "لم يكن الفن أبداً مرادفاً لتدمير صورة بلد بأكمله. ما الفني في المشي شبه عارٍ على خشبة المسرح؟ هذا غير أخلاقي، ولهذا أبلغ عن هذه القذارة".

مصر... صراع الحداثة والمحافظين

ووفق واشنطن بوست، فإنه في ظل الحكم الاستبدادي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تسعى البلاد إلى تحويل نفسها إلى دولة عربية حديثة واستعادة مكانتها التي بهتت كعاصمة ثقافية واقتصادية في الشرق الأوسط، فيما لا تزال قوى خفية للتيار المحافظ موجودة بالبلاد.
واعتبرت الصحيفة أن حفل النجمة العالمية جنيفر لوبيز الشهر الماضي في مصر، عرى بوضوح هذا التناقض أو المعركة بين السعي للحداثة والتيار المحافظ.
وكانت صحف ومواقع إلكترونية في مصر والشرق الأوسط قد زعمت أن صبري رفع دعوى قضائية ضد لوبيز بسبب ملابسها المكشوفة في الحفل، غير أنه نفى ذلك تماماً في مقابلة موضحاً أنها "أخبار زائفة" وأنه "قَبِلَ" ملابس لوبيز لأنها أجنبية.
وقال صبري آنذاك: "لديها (جنيفر لوبيز) عاداتها وقيمها الخاصة، ولدينا قوانيننا وقيمنا الدينية وثقافتنا". واعتبرت الصحيفة الأمريكية أن صبرى عيّن نفسه وصياً على "القوانين والقيم الدينية والثقافية".
وتحاول مصر، منذ ثورة 25 يناير عام 2011، إحياء السياحة الهامة لاقتصادها، والتي تضررت بشدة بسبب الفوضى السياسية التي عمت البلاد والحوادث الإرهابية، بحسب التقرير. 
ويوجد في القاهرة عدد من الكازينوهات والبارات والنوادي الليلية، وتصطف الفيلات ذات الطراز الأوروبي على طول شواطئ الساحل الشمالي السياحي الذي يستقطب الشباب المصريين لحضور حفلات تحضر فيها المشروبات الكحولية والموسيقى، بحسب وصف الصحيفة الأمريكية.
 لكن بموازاة ذلك، يبقى العديد من المصريين البالغ عددهم قرابة 100 مليون نسمة "محافظين اجتماعياً"، بما في ذلك شخصيات مؤثرة داخل نظام السيسي، بحسب الصحيفة.
وفي هذا السياق، قال محلل سياسي مصري لواشنطن بوست، اشترط عدم الكشف عن هويته لخشيته أن يقاضيه صبري: "من الواضح أنه (صبري) يمثل ضغطاً (تياراً) اجتماعياً محافظاً داخل النظام".
وينفي صبري أي صلة له بالنظام السياسي، وقد رد على ذلك بقوله: "الناس الذين يهاجمونني يدعون أنني كلب السيسي أو كلب العسكر. لست بحاجة إلى أي شيء من السيسي".
لكن الصحيفة توضح في الوقت نفسه أن صبري يظل "بطلاً" في عيون أنصاره الذين يعتبرونه نصيراً لتقاليدهم وقيمهم في بلد يحتضن الأزهر وعشرات المساجد الشهيرة ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه المركز التعليمي الأول للإسلام السني.
في المقابل، يراه منتقدوه متشدداً ضد حرية التعبير، معربين عن اعتقادهم بأن "معظم دعاويه القضائية تافهة وتضر بصورة مصر الخارجية".

بحث مستمر عن "دعوى"

يبدأ صبري يومه بقراءة الصحف، مدوناً بكل اهتمام الملاحظات، وعلى مدار اليوم وحتى وقت متأخر من الليل، يظل يتابع الأخبار على شاشة التلفزيون ومقاطع الفيديو الحديثة على يوتيوب، باحثاً "عن أي شيء يعتبره غير أخلاقي وأي شخص يقاضيه"، وفق التقرير.
لكنه "يحصل على الإلهام (بشأن من يقاضي) من كل مكان". ففي العام الماضي، سأله أحد أحفاده عن الفرق بين قبلة على الخد وقبلة على الرقبة بعد مشاهدة مقطع دعائي لمسلسل تلفزيوني، ليمارس صبري، وهو جد لخمسة، هوايته المفضلة بمقاضاة طاقم المسلسل.
وكانت أولى دعاويه القضائية المشابهة ضد مطرب شعبي بمنطقة الجمالية الشعبية. في دعواه، قال صبري إن المطرب غنى أغنيات تقليدية بصوت عالٍ للغاية وإنه شعر بأن ذلك أرسل رسالة خاطئة عن البلد. وتفاخر صبري بسجن المطرب الشعبي 3 سنوات.
"يشعر بالخوف ويزدري كل يوم تقريباً، يبدأ يومه بمطالعة الصحف ويقضي وقته في متابعة الأخبار والفيديوهات الحديثة عبر يوتيوب باحثاً عن أي شيء يعتبره غير أخلاقي أو أي شخص ليقاضيه، لكنه يحصل على الإلهام من كل مكان"... واشنطن بوست عن المحامي المثير للجدل سمير صبري
بينما ينفي المحامي المثير للجدل سمير صبري اتهام منتقديه بأنه "كلب السيسي والعسكر"، يؤكد محلل سياسي مصري، لواشنطن بوست أن صبري يمثل تياراً اجتماعياً محافظاً داخل النظام… ما قصة ولع صبري بتعقب "الفجور" والفنانات والراقصات والدمى وخصوم السيسي؟

قائمة لا تنتهي

وعندما قررت الراقصة الشرقية سما المصري الترشح لمقعد برلماني في عام 2015، رفع صبري دعوى لمنعها من ذلك، متذرعاً بأنها "سيئة السمعة". وبالفعل أصدرت محكمة مصرية قراراً بمنعها من الترشح بعدما اطلعت على مقاطع الفيديو والبرامج التي استند إليها صبري في دعواه.

وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن راقصات غير المصري وقعن في قبضة صبري القانونية "فكنّ أسوأ حالاً" إذ ألغى لإحداهن برنامجها التلفزيوني وسجن راقصتين.
أما عن الفنانات، ففي كانون الأول/ديسمبر الماضي، على سبيل المثال، انضم صبري إلى مجموعة من المحامين لمقاضاة الممثلة المصرية رانيا يوسف لارتدائها ثوباً شفافاً كشف عن ساقيها. وزعم المحامون أن ملابس يوسف كانت خادشة للحياء وقوضت سمعة المصريين.
حتى الدمى لم تسلم من صبري، إذ قاضى برنامجاً تلفزيونياً بعنوان "أبلة فاهيتا" وهو عرض ساخر كوميدي بطلته دمية متحركة. وفي دعواه ضد العرض، أشار صبري إلى "بث تلميحات جنسية تنتهك الحشمة العامة وتتعارض مع قيم البلد وتقاليده".
رغم كل ما سبق، خلصت الصحيفة الأمريكية إلى أنه "من بين جميع أهداف صبري (من قاضاهم)، ربما لا أحد يثيره أكثر من المطربة شيرين عبد الوهاب"، التي قدم ضدها ثلاث شكاوى بسبب تصريحات لها اعتبرها  "غير وطنية ومهينة لمصر".
تسبب صبري في منع المطربة من الغناء العام الماضي مؤقتاً، بسبب "مزحة" أطلقتها وهي تداعب جمهورها. وخلال العام الجاري، استهدفها مرتين. ومرة أخرى منعت نقابة الموسيقيين المطربة من الغناء حتى ألغت القرار في حزيران/يونيو الماضي، زاعمةً أن عبد الوهاب "اعتذرت".

بالمرصاد لخصوم السيسي

لكن صبري عندما لا يجد من يقاضيه بداعي "الفجور"، يركز على السياسة والفساد. وقد قال إن قضية جعلته يشعر بالفخر كان قد اختصم فيها المحامي الحقوقي خالد علي، الذي وصفه التقرير بـ"المنافس السياسي الذي كان أكثر مصداقية للسيسي" خلال الانتخابات الرئاسية الماضية.
صبري رفع الدعوى القضائية ضد علي بعد ظهوره في مقاطع متداولة وصور وهو يشير بإصبعه الأوسط في محيط مجلس الدولة، أثناء احتفاله بحكم صادر بـ "مصرية" جزيرتي تيران وصنافير.
وقبل نحو أسبوع، تقدم صبري ببلاغ رسمي ضد امرأة متهماً إياها بنشر أخبار كاذبة، بعد تداول مقطع مصور لها وهي تصرخ وتستغيث بالرئيس قائلةً "إلحق (انقذ) مصر يا سيسي". غير أن صبري رآها بذلك "تروع المواطنين وتبث الخوف في نفوسهم" بمقطعها "الخبيث".
وبينما يرى نفسه بات مستهدفاً، إذ زعم قبل فترة أن ملثمين أطلقوا النار على سيارته، لكن صبري يواصل نهجه ويؤكد أن التهديدات لن توقف دعاويه، حيث يقول: "من واجبي أن أفعل ما أقوم به. أقوم بذلك من أجل العديد من أحفادنا لأنني أريد أن ينشأوا في جو نظيف. أفعل ذلك لأنني أحب بلدي حقاً".

الجدير بالذكر أن قائمة المحامين المثيرين للجدل، والمتعقبين للمشاهير وفارضي الوصاية على الفضيلة بشكل خاص في مصر تتسع إلى آخرين من أبرزهم المحامي المصري نبيه الوحش أشهر محامٍ رفع قضايا ضد فنانين ومثقفين بتهمة "تهديد قيم المجتمع المصري وتشويهها".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard