شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"نكسر حاجز الخوف بين الناس والحشيشة"... نشطاء "حزب الورقة" في تونس

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 13 سبتمبر 201903:24 ص

الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها هي موضوع الساعة في تونس، وتتمحور كثير من النقاشات حول المُرشَّحين لهذا المنصب، وفي وسائل الإعلام، وعلى منصات السوشيال ميديا يتحدث الكثير عن قيس بن حليمة، أو مرشح "حزب الورقة". 

يجذب الحزب الانتباه باسمٍ طريفٍ مرتبطٍ أساساً بما يُسمَّى في تونس "ورقة الزطلة"، أي تلك الورقة التي توضع فيها مادة القنّب الهندي، أو الحشيش.

التقت رصيف22 برجل القانون قيس بن حليمة، والمختصّ بصياغة القاعدة القانونية (اللّيجيستيك)، وعدداً من مؤيدي هذا الحزب، وداعمي  رؤيته وأفكاره.


الواقع تغيّر والقانون ثابت

السؤال الأول الذي يتبادر إلى أذهان منتقدي بن حليمة: لماذا التركيز على هذا الموضوع المثير للجدل بالذات؟

يجيب بن حليمة (وهو يبتسم) بأنَّ الموضوع صار مثيراً للجدل لأن القوانين التونسية جعلته كذلك. عندما يكون أمر ما محرّماً أو ممنوعاً من الطبيعي أن يُقبل عليه الجميع.

يحكي بن حليمة أنّ رحلته بدأت مع ائتلاف "الحبس لا" (لا للسجن) بهدف إسقاط القانون رقم 52 (وهو قانون يعاقب المستهلك بسنة سجن وغرامة مالية قيمتها ألف دينار) من هنا بدأ الاشتغال على المسألة، ومحاولة إيجاد حلول، والاتصال بمختصين، وكل نشطاء المجتمع المدني.

عن الجانب القانوني، يتحدث بن حليمة: "في البداية، هدفنا كان تنقيح القانون. لكن فيما بعد اكتشفنا أنَّ التقنين بات ضرورياً، فالاستناد أساساً كان مبنياً على الاتفاقية الوحيدة حول المخدرات الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة سنة 1961، والذي يصنّف القنّب الهندي كمادة خطيرة. لكن الوضع تغيّر منذ سنوات طويلة، وأصبحت هذه النبتة تُستعمل في العديد من المجالات، والعديد من بلدان العالم، وهو ما يمكن أن يكون طوق نجاة للدولة التونسية".

ويضرب قيس مثلاً ببريطانيا: "في سنة 2018 بدأ العمل على الماريجوانا كعلاجٍ، وفي رسالة وقَّعها 20 أستاذاً وطبيباً، طالبوا من خلالها السماح للأطباء العامين بوصف الحشيش كعلاج".

ترى عايدة، طالبة جامعية، أنَّ الحركة تتجاوز فكرة تقنين "الحشيش" إلى تكوين جيل شاب واعي، يرى العالم بعيون معاصرة، لا حسب قواعد فرضها السابقون.

يضع قيس هذه التجارب نصب عينيه في سعيه لتقنين الحشيش، يقول: " في تونس نحن مجموعة من الأصدقاء، بعد عمل وبحث طويل، لاحظنا أنه من الممكن الخروج من هذه التجارب المقارنة كالتجربة البريطانية، وما يحدث هنا في العاصمة تونس هو مشروع مصغّر يكون نموذجاً ومجرد بداية للتعميم على كامل تراب الجمهورية في حالة النجاح".

ويتساءل بن حليمة: لم لا تستثمر الدولة في هذ المجال؟ لم يسمح ببيع الخمور رغم أنها بالمقارنة مع الحشيش تولّد تصرفات عنيفة وقد يغيب مستهلكها تماماً عن الوعي؟

"في مدينة سليانة في الشمال الغربي التونسي، يوجد تربة فريدة من نوعها، تمكّن من زرع القنّب الهندي، وتصديره للعديد من بلدان العالم. وبالأرقام يمكن أن نحقّق أكثر من ألفي موطن شغل في مدينة يصل فيها معدّل البطالة الى مستويات أكثر من المعدّل الوطني"

"في مدينة سليانة في الشمال الغربي التونسي، يوجد تربة فريدة من نوعها تمكّن من زرع القنّب الهندي وتصديره للعديد من بلدان العالم. وبالأرقام يمكن أن نحقّق أكثر من ألفي موطن شغل في مدينة يصل فيها معدّل البطالة الى مستويات أكثر من المعدّل الوطني. كل هذا، زادنا عزماً على التغيير الجدي عبر المسالك الديموقراطية، فكان حزب الورقة".

وعن السؤال حول سبب اختيار هذا الاسم، الذي يمكن أن يختزل الحزب في القنّب الهندي فقط ، أجاب بن حليمة: "هو فعلاً كان هدفنا منذ البداية، أردنا كسر حاجز الخوف وفكّ الارتباط بين مفهوم الورقة والجريمة. من جهة أخرى، الورقة هي التي سنضعها في الصندوق، هي ربما رمز لآخر ورقة نلعبها للتقنين".

"أردنا كسر حاجز الخوف وفكّ الارتباط بين مفهوم الورقة والجريمة"

أمّا عن التزكيات الانتخابية، التي لم يتحصّل فيها على عدد كاف يُمكِّنه من الترشح، علَّق مؤسس "حزب الورقة": "المشكلة من الهيئة العليا للانتخابات التي لا تقبل التزكيات الإلكترونية، أنا تحصّلت على العدد الكافي، ولكن الهيئة رفضت. على كل نحن نشتغل على الخمس سنوات القادمة، والمؤكد أن حزب الورقة سيتحول الى حركةٍ شاملةٍ ترتكز أساساً على ثلاث محاور: التكنولوجيا، التشريع، والفلاحة. وسنحاول إنشاء مدرسة تكوين للشباب لنحاول تأطيرهم ومساعدتهم للدخول الى عالم السياسة".

"أهدافنا ستتحقق ونحن السبَّاقون"

"أنا ورقيّ"، "نحن شعب الورقة" شعارات نابعة من مجموعة من المواطنين الذين يستهويهم خطاب قيس بن حليمة ومن معه، والأفكار التي تقوم عليها الحركة ككل.

يرى مهدي (45 سنة)، موظّف بشركة خاصَّة، أنّ القانون بصيغته الحالية لا طائل منه، فآلاف الشباب يستهلكون القنّب الهندي، ومنذ سنوات لم تجد الدولة حلاً لمسالك التوزيع التي تهرّب هذه المادة.

يقول مهدي: "الأفضل تقنينه ومحاولة تطبيق مشروع سليانة بيس"، أمَّا عايدة (22 سنة)، طالبة في كلية هندسة، فترى أنَّ الحركة تتجاوز مسألة القنّب الهندي وتقنينه، التي أصبحت بديهية، حسب رأيها، ولكن "من الضروري العمل على تكوين جيل من الشباب الواعي القاطع مع كل الأفكار المسبقة، والذي يرى العالم بعيون معاصرة لا حسب قواعد فرضها من قبله".

أما عن سؤال البرنامج الانتخابي وإمكانية تطبيقه، وهل من الممكن أن يكون حزب الورقة يوماً ممثلاً بنوّاب،  تقول نائلة (33 سنة)، خريجة جامعية لا تعمل، أنَّ الأمر ليس مستحيلاً، لأن البرنامج سيكون على المدى الطويل، والوسائل البديلة المتوفرة، كفيسبوك ويوتيوب، تُمكّننا من التواصل بشكل مريح، ويبسط وجهة نظرنا بطريقة أسرع وأدق.

"أنا شاهدت مداخلات قيس بن حليمة، وقرأت جزءاً مهماً من البرنامج، وأنا مقتنعة تماماً أن الأهداف ستحقق في السنوات القادمة. على الأقل، نكون نحن سبّاقين في مجال ما، بما أنّ موجة التقنين تجتاح العالم والاكتشافات الطبية تكشف الاستعمالات المتعددة للقنّب الهندي".

وتقارن نائلة واقع الحشيش اليوم بالأمس، وتشعر بالرضا لما يحدث في تونس، تقول: "جميل أن يتمّ فتح النقاش دون خوف. وأن يتم طرح الموضوع في وسائل الاعلام. هذه خطوة مُهمّة في طريق التقنين، فالشعب التونسي، منذ عقود، وضع هذه المادة في خانة الجريمة وكل مستهلك لها هو مجرم بالضرورة، بعيداً عن الانتخابات والمناصب".

وترى نائلة في طرح فكرة تقنين الحشيش أهمية بالغة، "فإعادة فتح الحوار، وتسليط الضوء على المسألة، ستساعد العديد على البحث في حقيقة الأمر، والاطلاع، خاصَّة على التجارب المقارنة، وتأثير التقنين على الجانب الاقتصادي للدول، أو حتى على الجانب المجتمعي".

وكسائر من تحدثنا إليهم، ترفض نائلة بقوة حظر الحشيش، وتنتقد تداعياته على شرائح من الشباب، تقول: "جميعنا يعلم أن القانون التونسي يحطم مستقبل العديد من المستهلكين بالسجن، وهو أمر مرفوض في 2019، حين تتابع البحوث العلمية التي تثبت بالأرقام، عكس ما يذهب اليه معارضو التقنين، والمتشبثون ببنية مجتمعية محافظة لا تأخذ بعين الاعتبار أي تغيرات".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard