شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
هل حقّ العلاج للعزباوات منقوص في الكويت؟

هل حقّ العلاج للعزباوات منقوص في الكويت؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الأربعاء 11 سبتمبر 201911:32 ص

حين تعاني أي امرأة "عزباء" من أي مرض في أعضائها التناسلية، يستدعي ذلك مراجعة طبيب/ة النساء، وبالتالي عليها أن تفكر مرتين، لاسيما وإن كانت ستراجع مركزاً أو مستشفى حكومي.

على ما يبدو، فإن بعض الطبيبات سيعاملن الفتاة العزباء التي تعاني من مرض في عضوها التناسلي، كأنها "عاهرة"، وأخريات قد يعاملنها بمهنية، ويقلن لها "بكل أدب": "عفواً، لا نجري أي فحوصات تستدعي أخد عينة أو مسحة"، حيث يمكنهن فقط تنفيذ إجراءات معينة لا تتعدى تحليل البول أو السونار وصرف الأدوية، دون فحص الفتاة/ المرأة.

بعد معاناة من أمراض النساء والالتهابات قرّرتْ إحدى صديقاتي،  بناء على نصيحة صديقتها المتزوجة التي عانت من التهاباتٍ مزمنة في المهبل، وعلى مدى عام أن تراجع مركزاً حكومياً، وهو الوحيد الذي استطاع معالجتها، وبالفعل ذهبت صديقتي لمركز حكومي وراجعت طبيبة النساء، و التي عاملتها وكأنها "عاهرة" مصابة بالتهاب بسبب عدوى جنسية، تقول صديقتي بأنها حين قالت للطبيبة بأن المضادات الحيوية لم تحل المشكلة، ومازالت الأعراض المرضية للالتهاب موجودة، قالت لها الطبيبة بأنه من المسموح لهم عمل تحليل البول والسونار لغير المتزوجات، عدا ذلك يفضل مراجعة المستشفيات الخاصة، و كانت لا تنظر لها بعينيها وتجاهلت التواصل معها كما يجب، و كانت تنفخ وتتأفف طوال الوقت، حسب حكاية صديقتي.

على ما يبدو، فإن بعض الطبيبات سيعاملن الفتاة العزباء التي تعاني من مرض في عضوها التناسلي، كأنها "عاهرة"

لم أصدق ما سمعت، منذ متى ووزارة الصحة تمارس الوصاية على العزباوات في الكويت؟ ويتجسّد ذلك في مركز صحّي تابع لها، ولأنني أقوم بأغلب فحوصاتي عند طبيب خاص لم اكتشف ذلك سوى مؤخراً.

المركز الذي أتحدّث عنه قام بتعليق لوحة تشير لأهمية احضار عقد الزواج للمراجعات، وإلا لن يتم أخذ أي عينة، وكأن العينات هي من تُفقد الفتيات عذريتهن! والسؤال الأهم كيف لوزارة صحة أن تهمل دورها الأساسي وتصبح المربي والمراقب لأجساد الفتيات؟!

وهو الشيء الذي قادني لتساؤل آخر، لو أصيب الرجل بمرضٍ جنسي بسبب كثرة الممارسة أو غيره، هل سيتم طلب عقد زواج ليتم تطبيبه؟ بالطبع كلا، إذن حق الفرد بالعلاج والذي من المفترض أن يكون مجّاناً للمواطن بالكويت، هو حق منقوص على العزباوات اللواتي يعانين من بعض الأمراض النسائية.

تدخل الوزارة بالنشاط الجنسي والعذرية أو حتى احتمالية فحص أي مشكلة للعزباء يشكّل صدمةً حقيقيةً للكثيرين، إذ تحولت من وزارة صحّة إلى هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

كما أن المادة (15) من الدستور الكويتي تقول: "تُعنى الدولة بالصحّة العامة وبوسائل الوقاية والعلاج من الأمراض والأوبئة".

حق العلاج والتطبيب يجب أن يكون للجميع، دون التدخّل بالحياة الشخصية للمريضة، أم أن سطوة المجتمع الرجولي امتدت للتحكم حتى بأحقية العلاج للنساء؟

قامت أحد المراكز الصحّية الحكومية بتعليق لوحة تشير لأهمية احضار عقد الزواج للمراجعات، وإلا لن يتم أخذ أي عينة، وكأن العينات هي من تُفقد الفتيات عذريتهن! 

 إلى متى سينصب المجتمع نفسه، بمؤسساته وبعض أفراده، حارساً على أعضاء الفتاة التناسلية؟ ومتى سيأتي الزمن التي تستطيع فيها المرأة أن تكون مسؤولة عن جسدها دون وصاية أو تدخل؟ أن تعيش بكرامة، وبصحّةٍ جسديةٍ أيضاً

حين عرضت القضية عبر صفحتي في تويتر، لاقى تفاعلاً كبيراً وشكّل صدمة للناس الذين استنكروا الموضوع، والبعض أكّد على أهمية "حراسة العذرية"، وعدم تعريضها لأي فحص قد "يشكّل خطراً على شرف المرأة"، وتفاجأت من تفاعل بعض النساء المطلقات مع الموضوع، إذ أكّدن أنهن يتعرّضن لنفس المعاملة القاسية من الطاقم الطبي والذي يطلب منهن عقد الطلاق، حتى وإن كانت تبلغ من العمر خمسين عاماً. في حين أشارت أخريات أنهن لم يواجهن هذه المشكلة في علاج أمراضهن النسائية، وفي هذه الحالة، أنا على يقين أنها أمراض لا تستدعي أي مسحة أو عينة (فلماذا يقوم مركز صحّي خاضع لوزارة الصحّة ودون غيره بتعليق هذا الإعلان؟).

وفي حين أكدت الكثيرات أنهن تعرّضن لكثير من الأمراض، ورفض طب النساء معالجتهن، حتى أن واحدة من الفتيات قالت لي بحسرة: عانيت لسنواتٍ طويلةٍ من رفض الوزارة معالجتي، وحين تزوجت واستطعت أن أقوم بكل الفحوصات، اكتشفوا أني أعاني من قرحةٍ قويةٍ بالرحم تراكمت لمدة عشر سنوات، وقد تتحول لخلايا سرطانية إن لم تعالج فوراً!"

السؤال هُنا، إلى متى سينصب المجتمع نفسه، بمؤسساته وبعض أفراده، حارساً على أعضاء الفتاة التناسلية؟ ومتى سيأتي الزمن التي تستطيع فيها المرأة أن تكون مسؤولة عن جسدها دون وصاية أو تدخل؟ أن تعيش بكرامة، وبصحّةٍ جسديةٍ أيضاً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard