شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
نعمات عبد الله أول سيدة على رأس القضاء في السودان… لكن الفكرة لا تروق للكثيرين

نعمات عبد الله أول سيدة على رأس القضاء في السودان… لكن الفكرة لا تروق للكثيرين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 21 أغسطس 201904:21 م

توافقت قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي في السودان، في 20 آب/أغسطس، على تسمية القاضية نعمات عبد الله محمد خير رئيسة للقضاء، وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب المهم في البلاد. لكن اعتراض أسر الشهداء على تسميتها حال دون تأدية رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان اليمين الدستورية أمامها كما كان مقرراً في 21 آب/أغسطس.

وبحسب صحيفة السوداني المحلية، تعد خير المولودة في الخرطوم عام 1957، أول سيدة تشغل منصب رئيس القضاء الأعلى في بلدها "محلياً وعربياً وإفريقياً". وهي متزوجة وأم لابنة وحيدة تعمل طبيبة.

تدرج في المناصب

تلقت القاضية خير مراحل تعليمها الأساسي في العاصمة السودانية، قبل التحاقها بجامعة القاهرة، فرع الخرطوم، وتحصل منها على إجازة في الحقوق.

بدأت خير أولى خطواتها في السلك القضائي عام 1983 مساعدة قضائية، ثم تنقلت بين عدد من المحاكم الجنائية والمدنية ومحاكم الأحوال الشخصية. رقيت إلى درجة ثانية فدرجة أولى ثم قاضي استئنافات (قاضي مديرية) عام 2003.

وبين عامي 2009 و2014، شغلت منصب قاضي محكمة الاستئنافات بالسلطة القضائية، قبل أن ترقى إلى قاضي محكمة عليا منذ عام 2015.

خير تعتبر أيضاً من مؤسسي نادي القضاة، وهي لا تنتمي لأي حزب سياسي، وقد انضمت إلى السلك القضائي قبل الانقلاب الذي أتى بالبشير إلى الحكم عام 1989 مدعوماً من الإسلاميين.

وحسبما نشرت مواقع محلية، فإن القاضية السودانية التي أطلق عليها البعض لقب "امرأة من حديد" لمواقفها الحاسمة، مشهود لها بالنزاهة والمهنية والاستقامة.

ومن أهم القضايا التي اشتهرت بها، رفضها طعناً من وزارة الأوقاف في عام 2016 ضد الكنيسة الإنجيلية، التي شكلت لجنة لإدارتها في عام 2013.

مشاركة "ثورية"

ويحسب لخير دعمها الحراك الشعبي الذي أسقط الرئيس السابق عمر البشير، إذ توثق صور متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي مشاركتها في موكب القضاة الذي نظم في 25 نيسان/أبريل الماضي، فضلاً عن وقفات احتجاجية أخرى في مقر اعتصام السودانيين أمام القيادة العامة للجيش.

لكن خير ليست وجهاً مألوفاً فهي ليست نشطة إعلامياً، وربما كان ذلك سبباً في اعتراض الكثيرين على توليها المنصب القضائي الأهم في البلاد.

كما روج بعض السودانيين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أنها كانت عضواً في المكتب التنفيذي لمنظمة "نهضة بلدنا" الإسلامية المحسوبة على النظام السابق، خلال عام 2015، معتبرين أنها من "الكيزان" (لفظ محلي يطلق على المنتمين لنظام البشير).

قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي في السودان توافقا على تسمية القاضية نعمات عبد الله محمد خير أول رئيسة للقضاء في البلاد، لكن طريقها إلى تولي المنصب ليس سهلاً على الإطلاق
القاضية نعمات عبد الله محمد خير تدرجت في المناصب بجدارة وثارت على نظام البشير ودعمت الحراك الشعبي في السودان، لكن أُسر الشهداء لا تريدها… لماذا؟


ويرى الكثير من السودانيين أن "فساد القضاء" كان من أبرز ركائز حكم نظام البشير، ويصرون على أن تطهيره خطوة أولى مهمة من أجل ضمان محاسبة "نزيهة" لرموز النظام السابق والقضاء على الفساد المتغلغل في مؤسسات البلاد.

غير أن صحيفة "السوداني" نقلت عن خير تصريحاً تقول فيه  إن "السلطة القضائية (في السودان) لا تزال بخير، والتدهور لم يمسها كما مس الخدمة المدنية. السلطة القضائية لا تزال محافظة على مهنيتها واستقلاليتها، في ظل وجود عدد كبير من القضاة النزيهين غير المنتمين إلا لمهنتهم"، معتبرةً أن عدد القضاة المنظمين "قليل" وأن الأغلبية قد تمثل "النواة" للبناء عليها من أجل تحقيق العدالة التي ينتظرها الجميع. 

لماذا ترفضها أسر الشهداء؟

جاء التوافق على خير بدلاً من مرشح قوى إعلان الحرية والتغيير المقترح المحامي عبد القادر محمد أحمد، الذي رفضه المجلس العسكري فور طرح اسمه. 

وأكد أحمد في مقال نشره موقع "الراكوبة" المعارض أن اعتراض "العسكري" على تعيينه راجع إلى مقال له اتهم فيه المجلس بالمسؤولية عن فض اعتصام القيادة العامة في الثالث من حزيران/يونيو الماضي وسقوط شهداء وجرحى، مطالباً بالتحقيق مع أعضائه. وأوضح أن مطالبته تلك دفعت "العسكر" إلى عدم الطمأنينة لـ"عدالة قضاء أترأسه".

أما الكاتب السوداني صلاح شعيب، فاعتبر، وفق مقال في المصدر نفسه، أن رفض "العسكري" تعيين أحمد هو "محاولة لتعطيل تنفيذ الغايات الأساسية للثورة" والمتمثلة في تطهير القضاء وتطويره ومحاسبة الفاسدين ورموز النظام السابق.

ويبدو، مما سبق، أن الأمر ليس رفضاً لخير بقدر ما هو تمسك بأحمد.

وعلى الرغم من أداء القاضية خير اليمين الدستورية أمام رئيس المجلس العسكري المحلول عبد الفتاح البرهان، مساء 20 آب/أغسطس، رئيساً للقضاء، فإن البرهان لم يؤد اليمين الدستورية أمامها، في اليوم التالي، كما كان مقرراً.

ووفق ما ذكره موقع "باج نيوز" المحلي، أدى البرهان القسم رئيساً للمجلس السيادي الجديد لمدة 21 شهراً أمام رئيس القضاء الحالي عباس علي بابكر "لعدم التوافق بين المجلس والحرية والتغيير على تسمية رئيس للقضاء".

وعلى الأرجح، لن يكون الطريق أمام تعيين خير سهلاً، بعدما حثت أسر شهداء الحراك الشعبي، في بيان صدر في 21 آب/أغسطس، المجلس العسكري على "العودة إلى رشده" وتنصيب عبد القادر محمد أحمد رئيساً للقضاء.

واعتبر البيان رفض المجلس مرشح الحرية والتغيير "محاولة اللجنة الأمنية للنظام السابق أو ما يسمى بالمجلس العسكري الانتقالي الالتفاف على ما  طالبتم به، ألا وهو القصاص، وهذه محاولات بائسة لإفلات الجناة من العقاب"، ممتدحاً سيرة أحمد المهنية ومناهضته نظام البشير.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard