شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"حرام بيّن أم أبسط الحقوق"... استنفار بشأن معبد مزعوم للسيخ في الكويت

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 15 أغسطس 201905:33 م

بعدما زعم تقرير إعلامي وجود "معبد للسيخ" في منطقة الصليبية (شمال غربي الكويت)، استنفرت الحكومة الكويتية على مستوى بضع وزارات، في 15 آب/أغسطس، للوقوف على حقيقة ما يجري في المكان من "ممارسات مخالفة للقانون"، بحسب صحيفة "الراي" المحلية.

وكانت الصحيفة نفسها قد أفادت في تقرير لها في 14 آب/أغسطس بأن "عدداً من المقيمين الهنود من طائفة السيخ وضعوا الكويت على خريطة دول العالم التي يوجد فيها معابد للسيخ، من دون مراعاة ما تمثله هذه الخطوة من حساسيات، في ظل مطالبة أتباع ديانات إبراهيمية وغير إبراهيمية بزيادة دور العبادة المخصصة لهم".

وأشارت كذلك إلى أن "آلاف الهنود يترددون بشكل دوري إلى المكان الذي أسس قبل 9 سنوات ويمارسون فيه طقوسهم الدينية ويطبخون الطعام ويوزعونه، في مخالفة صريحة للدستور (الكويتي) الذي ينص في مادته الـ35 على أن ‘حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقاً للعادات المرعية، على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب‘، بيد أن المقصود هو الأديان السماوية الثلاث، أي الإسلام والمسيحية واليهودية".

استنفار رسمي لمختلف الوزارات

ونفى مصدر مسؤول في البلدية للصحيفة المحلية مسؤولية البلدية عن هذا المبنى، مبيناً أنها "وجهت قبل ثلاثة أشهر كتباً عدة إلى الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية تتعلق بالمخالفات الواقعة في المنطقة (الصليبية) بالكامل، لأن متابعتها من اختصاص الهيئة وليس البلدية".

ولفت إلى أن "الهيئة ردت على هذه المخاطبات كاشفةً عن فسخ عقد مبنى واحد من أصل 6 مخالفة من دون توضيح ما إذا كانت تخص ما عرف لاحقاً بـ‘معبد السيخ‘ أو مخالفة أخرى".

من جهته، قال مدير الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية محمد اليوسف للصحيفة إن "الهيئة تتابع عن كثب ما طرحته وستتخذ الإجراءات القانونية الكاملة بحق المخالفين في الحيازات التي تتبع الهيئة"، مشدداً على عدم تهاون الهيئة في ما يمس "الآداب العامة، أو يؤثر في الأمن والصالح العام".

كذلك تحركت وزارة الداخلية الكويتية مخاطبةً الجهات المسؤولة عن إدارة المكان وصاحب الترخيص، للتحقق مما إذا كان يدار كمعبد أو سكن خاص أو نشاط تجاري أو غير ذلك.

السفارة الهندية: لا نعلم عنه شيئاً

في الأثناء، نقلت "الراي" عن مسؤول الشؤون السياسية في السفارة الهندية بالكويت فهد سوري، قوله إن "السفارة ليس لديها علم بموضوع إقامة بعض رعاياهم من طائفة السيخ أي معابد لهم بالكويت"، كما نفى تقدم أي من أتباع هذه الطائفة للسفارة بطلب مساعدة من أجل إنشاء مقر خاص للتعبد في البلاد.

وذكر أن سفارة بلاده، التي تحتضن العديد من الديانات، "لم ولن تشجع على إقامة أي نشاط يتعارض مع القوانين الكويتية، كما أنها لا تدعم أي نشاط قد يؤثر في العلاقات المتينة بين البلدين الصديقين".

"أبسط الحقوق”...  "حرام بيّن"

وكانت "الراي" قد نقلت "تفاصيل زيارة معايشة" قام بها اثنان من صحافييها إلى المقر المزعوم للتعبد. وأكدت أن المعبد يظهر بوضوح على تطبيقات الخرائط الإلكترونية، وكتب عليه "SulaibiyaGurdwara Sikh Temple أو معبد السيخ".

تحرك على مستوى بضع وزارات في الكويت للتحقق من تقرير إعلامي محلي زعم تحويل مبنى إلى "معبد" تمارس فيه الطقوس الخاصة بالطائفة السيخية  
قضية "معبد السيخ" المزعوم تثير الجدل حول حرية المعتقد في الكويت، البعض يتشدد في تحريم ممارسة أي ديانة غير سماوية وآخرون يعتبرونها "أبسط الحقوق" رافضين "التعصب الديني"      

وتسبب تقرير الصحيفة بردود فعل عدة ومتباينة. هنالك الذين دعوا إلى ضرورة إزالته لمخالفته الشريعة الإسلامية وكونه "حراماً بيناً"، وآخرون طالبوا بالسماح لأتباع هذه الطائفة بممارسة طقوسهم الدينية كـ"أبسط الحقوق"، رافضين ما وصفوه بـ"التعصب الديني". 

ومن الرافضين وجود المعبد المزعوم، الداعية الكويتي حاي الحاي، الذي قال للراي: "لا يجوز لأي طائفة في الكويت، أو أي بلد إسلامي، لا شرعاً ولا قانوناً ولا خلقاً ولا أدباً أن تقدم على خطوة كهذه من دون استئذان ولاة الأمر"، مؤكداً أن ما حدث هو "القيام بشعائر تخالف الكتاب والسنة حرام ولا يجوز شرعاً"، مطالباً بـ"ضرورة الحزم والحسم في التعامل مع مثل هذه القضايا، التي تعد شراً لا بد من مجابهته بقوة إن أرادت الدولة تحقيق الأمن والسكينة والهدوء".

ولم يكتف النائب الكويتي حمدان العازمي بمطالبة الحكومة الكويتية بـ"إزالة المعبد على الفور"، بل حث وزارة الأوقاف الكويتية على التوسع في حملاتها التوعوية لنشر تعاليم "ديننا الحنيف على الجاليات الآسيوية في الكويت".

أما أستاذ القانون الدستوري في كلية القانون بجامعة الكويت هشام الصالح فشدد عبر حسابه على تويتر على ثلاثة أمور وهي أن: "حرية الاعتقاد والإيمان بأي شيء مطلقة ولا يجوز وضع الضوابط عليها، جواز ممارسة شعائر الأديان السماوية وفق العادات والنظام العام ولغيرها ومنها السيخ جائزة طالما السلطة العامة لم تمنعها، وجود معبد لاسيما بالمناطق السكنية يحتاج إلى ترخيص ولا يراقبه القضاء في عدم الموافقة".

في موازاة ذلك، علّق الأستاذ في جامعة الكويت سليمان إبراهيم الخضاري على هذا الجدل قائلاً عبر حسابه على تويتر: "نعم، يحق للسيخ أن يكون لهم معبد في الكويت. نعم لحق جميع الأديان أن تمارس بحرية في بلد الإنسانية"، مستطرداً "جلبتموهم للعمل من بلدانهم وتطالبون بمنعهم من ممارسة أبسط حقوقهم... شيء غريب. لا للتعصب الديني، لا للتعصب بكل أشكاله وألوانه".

ورأى فريق من المعلقين عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن "إزالة معبد السيخ في الكويت ‘مخالفة صريحة‘ للمادتين 30 و35 من الدستور الكويتي وأيضاً للمواد 2 و18 و30 من وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المعتمدة من قِبل الأمم المتحدة".

السيخ في الكويت

تقوم السيخية على "الاعتقاد بخالق واحد، وتحريم عبادة الأصنام، والمناداة بالمساواة بين الناس، والتأكيد على وحدانية الخالق الحي الذي لا يموت، وهذا الخالق ليس له شكل ويتعدى إدراك البشر، ولا يمكن تمثيله في صور"، كما أنها لا تقر بعبادة الشمس والأنهار والأشجار كما الهندوس.

وفي الكويت 12 ألفاً من طائفة السيخ، وفق آخر تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية حول الحرية الدينية في الكويت والصادر عام 2018، مستنداً إلى "تقديرات غير رسمية لأعضاء الديانات المختلفة".

وسبق أن اكتشفت السلطات الكويتية مقراً وأغلقته قيل إنه استخدم كـ"معبد للسيخ" في سلوى (شرق البلاد)، في العام 2001، إثر ردود فعل قوية من الرأي العام في البلاد.

وقال وزير العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية آنذاك أحمد باقر إن المعبد الذي أقيم عام 1985 أغلق " لأننا لن نسمح بالاعتداء على القوانين العامة أو المساس بحرمة الدين الإسلامي".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard