شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
ارتدين “شورت” فهددن بقطع رؤوسهن... جمعية بلجيكية توقف أنشطتها في المغرب

ارتدين “شورت” فهددن بقطع رؤوسهن... جمعية بلجيكية توقف أنشطتها في المغرب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 8 أغسطس 201903:28 م

أعلنت جمعية "بورود" البلجيكية وقف جميع أنشطتها التطوعية المبرمجة سابقاً في المغرب وعدم إرسال أي متطوعين أو متطوعات إليه، بعد تهديدات بقطع رؤوس متطوعات ينتمين للجمعية بسبب لباسهن (كن بسراويل قصيرة: شورت).

بدأت القصة مطلع أغسطس/آب، عندما تداول العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب صوراً لقيام مجموعة من "السائحات" بتعبيد أحد الطرق الوعرة في مدينة تارودانت (وسط المغرب). 

انتقاد وتهديد بعد إشادة

في البداية، انتقد متداولو صور المتطوعات البلجيكيات "تكاسل السلطات" وأشادوا بـ"همة" الناشطات لكن سرعان ما تحول النقاش إلى "ملابس المتطوعات" اللواتي تبين لاحقاً أنهن بلجيكيات آتيات إلى المغرب في إطار برنامج للتبادل الثقافي والحضاري والعمل التطوعي.

الطريق الذي كانت المتطوعات يعبّدنه شهد نهاية تموز/يوليو "فاجعة" وفاة نحو 11 امرأة و3 رجال وطفل، بعدما طمرت سيارة نقل مزدوج كانت تقلهم في الأوحال والسيول بإقليم الحوز. واستغرق الأمر أكثر من 28 ساعة للوصول إلى الضحايا وانتشال جثثهم بسبب انهيار التربة.

وبلغ بأحد المنتقدين، (مدرس 26 عاماً)، أن هدد بـ"قطع رؤوس" المتطوعات البلجيكيات بسبب ملابسهن. واعتقلته السلطات الأمنية، في 6 آب/أغسطس، بتهمة "التحريض على الإرهاب وبث رسالة كراهية".

الانتقادات لم تقتصر على المواطنين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بل دخل النائب البرلماني لإقليم تاونات عن حزب العدالة والتنمية (الإسلامي) علي العسري على الخط بتدوينة مثيرة عبر حسابه على فيسبوك تساءل فيها: "متى كان الأوروبيون ينجزون الأوراش (الورش التطوعية) بلباس السباحة؟".

وأضاف: "يعرف الكل مدى تشدد الأوروبيين في ضمان شروط السلامة عند كل أوراش البناء والتصنيع، بارتداء ملابس حامية"، مردفاً "شابات بلجيكيات بورش لتبليط مقطع صغير في مسلك بدوار بإقليم تارودانت، بشكل جماعي، كأنه متفق عليه، بلباس يشبه لباس البحر، هل تكون رسالتهن من الورش، محمودة ظاهرياً، هدفها إنساني، أم هي شيء آخر، في منطقة معروفة بمحافظتها واستعصائها على موجات التغريب والتعري؟".

وقف أنشطة الجمعية التطوعية

وبعد هذا الجدل، خرجت الجمعية البلجيكية، في 7 آب/أغسطس، لتطمئن أهالي الـ37 متطوعاً ومتطوعة في المغرب إلى سلامتهم، في بيان، مشيرةً إلى أن 3 منهم يريدون العودة إلى ديارهم بعد "التعليقات المسيئة".

وأوضحت الجمعية غير الهادفة للربح أنها تواصلت مع السفارة البلجيكية في الرباط التي أكدت بدورها سلامة الوفد البلجيكي المنتشر في مناطق نائية بضواحي إقليم تارودانت في إطار مشروع للتبادل الثقافي.

وقالت متحدثة باسم "بورود" إنها لن تسمح لمجموعة جديدة من المتطوعات البلجيكيات بالتوجه إلى المغرب في ظل الظروف الحالية، وأنها ستلغي جميع البرامج التي كانت مبرمجة سابقاً، بعد تشاورها مع وزارة الشؤون الخارجية البلجيكية عقب الضجة التي خلفتها مشاركة متطوعاتها في تعبيد طريق ناءٍ في ضواحي تارودانت.

العمل التطوعي في المغرب

وبوجه عام، يلعب العمل التطوعي دوراً مهماً في المغرب. وبحسب مصطفى الخلفي الوزير المنتدب المكلف إدارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، في تموز/يوليو عام 2017، فإن عدد الجمعيات بالمغرب بلغ عام 2016 قرابة 130 ألفاً، تتركز 60 % منها غي خمس جهات، أهمها الدار البيضاء (15 %) ومكناس والرباط (12 % لكل منهما).

ويرى الخلفي أن "النسيج الجمعوي المغربي يعد ثروة وطنية بسبب تنوع مجالات تدخله"، إذ يستأثر المجال الاجتماعي وحده بنسبة كبيرة منها(24% من الجمعيات)، في حين تأتي البيئة والتنمية المستدامة ثانيةً ضمن مجالات اهتمام هذه الجمعيات بـ22 %، ثم الرياضة والترفيه بـ18 %، والتربية والتكوين بـ13 %.

وتشتغل قرابة 9% من الجمعيات بالمجالات المهنية، و7% تركز منها على الفن والثقافة، و3% على المجال الديني، و1% فقط على ونفس النسبة لحقوق الإنسان.

بعد تهديدات طالت متطوعات أجنبيات في المغرب بـ"قطع رؤوسهن" بسبب "ملابسهن المكشوفة"، جمعية بلجيكية تقرر وقف أنشطتها التطوعية في المغرب. هل الخطر يلاحق فقط الأجنبيات في المغرب أم أنه يشمل كذلك المغربيات في حال لبسن لباساً لم يرق لبعض التيارات؟
انتقادات وتهديدات بقطع الرؤوس طالت متطوعات بلجيكيات يعبّدن طريقاً شهد في الآونة الأخيرة فاجعة وفاة 15 مغربياً، بسبب "لباسهن القصير"... لماذا يهاجم العمل التطوعي الأجنبي في المغرب؟


المتطوعين الأجانب و"الاتهامات"

وبالتعاون مع هذه الجمعيات، يأتي العديد من المتطوعين الأجانب إلى المغرب سنوياً للقيام بأعمال تطوعية كثيراً ما تتركز على الاهتمام بتنمية المرأة والطفل والعناية بالتراث والبيئة. كما تعمل بعض الجمعيات الأجنبية بشكل كامل في المغرب في المجالات نفسها.

ولا يوجد إحصاء رسمي لأعداد المتطوعين الأجانب السنوية أو حتى عدد الجمعيات الأجنبية المتطوعة التي تمتلك مقارَّ في المغرب، لعل هذا ما دفع بالنائب العسري إلى مناشدة وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت "الكشف عن الحجم السنوي لهذه الأوراش (الأجنبية) وتوزيعها النوعي والجغرافي ومصادر تمويلها، وعن الترخيص لها وآليات تتبعها والتأكد من سلامة قصدها وإنسانيتها، وإمكانية إصدار تقرير سنوي حول كل تلك الأوراش وعرضه على البرلمان لمناقشته"، بعد انتقاده لباس المتطوعات البلجيكيات.

وكثيراً ما أثيرت شبهات حول عمل بعض المتطوعين الأجانب أو الجمعيات الأجنبية، كان آخرها حين أجلت السلطات المغربية أطفال نزلاء جمعية إسبانية لرعاية أطفال الشوارع بالبلاد بعد اتهامات لمسؤولين فيها بالاعتداءات الجنسية على أطفال (البيدوفيليا) واستغلال ظروفهم لتصويرهم في أوضاع مخلة.

لكن عضو جمعية الشعلة للتربية والثقافة عبد الرحيم اسويطط، يرى أن "حضور هذه المنظمات الدولية التطوعية في المناطق النائية (بالمغرب)، ‘يعري ويستفز‘ واقع الحالة الاجتماعية ومسؤولية الحكومة عنها".

"حريفة العمل التطوعي" المحليون

كما بيّن لأحد المواقع المحلية أن هذه الأنشطة التطوعية الأجنبية "تعري وتنقل واقع التهميش والتخلف على مستوى البنية التحتية والنقائص الفظيعة اجتماعياً"، مبيناً أن "الشق الإيجابي (لعملها) هو الشهادة للمغرب بانخراطه في دينامية الحركة العالمية التطوعية واستمراره في تفعيل شراكاته مع المنظمات الدولية".

أما الشق السلبي، وفق اسويطط، فـ"يكمن في واقع علاقته بالدولة ومؤسساتها العمومية التي ما زالت عاجزة عن فك العزلة والتهميش عن تلك المناطق النائية مثل واقع الحال الذي شاهدناه في منطقة تارودانت".

ودافع اسويطط عن الجهود التطوعية الأجنبية في المغرب في ظل ما وصفه بـ"تراجع قيم العمل التطوعي محلياً لأن المؤسسات العاملة في هذا المجال كانت تؤطرها قيم إنسانية، أما الآن فمبادرات الدولة في علاقتها مع الجمعيات المحلية التي نبتت كالفطر، تشتغل بمنطقة الغنيمة تحت إمرة ‘حريفية‘ العمل الجمعوي".

وفي سياق متصل، أعلنت السفارة الألمانية بالمغرب، في 5 آب/أغسطس، أن برنامج وزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية للعمل التطوعي "weltwärts"، سيرسل عدداً من الشباب الألمان للاشتغال في الجمعيات المغربية التطوعية لا سيما تلك التي تهتم بمجالات معينة، كمجال العمل مع الأطفال ذوي التثلث الصبغي والنساء اللواتي هن في وضع هش.

عنف جسدي ومادي ضد المرأة بحجة لباسها

التعليقات التي طالت المتطوعات البلجيكيات بسبب سراويلهن القصيرة وهن يقدمن خدمة لمواطنين في منطقة نائية تحيلنا إلى سوابق في المغرب شملت التضييق على لباس المرأة عموماً رغم أن البلد يعرف بأنه وجهة سياحية عالمية وقطباً لسياحة المشاهير والأثرياء.
في أيار/مايو الماضي، انتشرت قبل رمضان ملصقات في بعض شوارع المغرب تحمل عبارة آمرة "لا للتبرج" تدعو المرأة إلى عدم التبرج "اتقاء للشبهات ودرءًا لإفساد صيام الشباب” بحسب نص الحملة، ما اعتبره نشطاء تضييقاً على المرأة ووصاية عليها.
وفي تموز/يوليو عام 2018، انتشرت حملة على فيسبوك تطالب الرجال في المغرب بمنع خروج النساء "بلباس فاضح". الحملة رفعت شعاراً "كن رجلا ولا تترك نساءك يخرجن بلباس فاضح".
وفي العام ذاته برر البعض في المغرب الاعتداء على فتاة في حافلة (باص) بأن لباسها لم "يستر عورتها". غير أن باحثين مغاربة يؤكدون أن التحرش الجنسي يطال كذلك المرأة التي ترتدي جلباباً يغطي كامل جسدها.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard