شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"أنــا أنتمــي"... هل تنتهي حالة انعدام الجنسيّة في أفق سنة 2024؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 14 أغسطس 201906:23 م

أعدّ المادة أسامة المريدي ضمن شباب22 "You22"، برنامج زمالة رصيف22 الذي ترعاه D-Jil، بالاعتماد على منحة مشتركة بتمويل من الاتحاد الأوروبّي، تشرف على تنفيذها CFI.

"أنا أنتمي" هو شعارٌ اتخذته المفوضيّة السامية لشؤون اللاجئين، كعنوان  تتوجه فيه لحالات انعدام الجنسيّة التي تهدد الإنسانية من الروهينغا، في مدغشقر، وجماعة الماكوندي في كينيا، إلى البدون في العالم العربي، وجمهورية مقدونيا، وبنغلادش، وأمريكا اللاتينيّة. 

الحملة التي أطلقت عام 2014، في الذكرى الستين لاتفاقية الأمم المتحدة لعام 1954 المتعلّقة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية، تأخذ دعماً جديداً في 2019، في بحث عن سبل تحقيق عالم يتمتع سكانه بالكامل بحقوق الجنسية بحلول عام 2024. 

ما معنى عديم الجنسيّة؟

استناداً للاتفاقيّة الدوليّة بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسيّة لسنة 1951، يمكن تعريف الشخص غير الحامل لجنسيّة، بأنه الشخص الذي لا تعتبره أيّة دولةٍ مواطناً فيها، بمقتضى تشريعها.

يقدّر العدد الإجمالي بحوالي أربعة ملايين شخص غير حاملٍ لجنسيّة ويُعتبر التمييز على أساس الإثنية أو العرق أو الدين أو اللغة، سبباً متكرّراً لانعدام الجنسيّة على مستوى العالم، وفي بعض الحالات، ينصّ القانون على التمييز ضدّ الأقليّات
يقدّر العدد الإجمالي بحوالي أربعة ملايين شخص غير حاملٍ لجنسيّة ويُعتبر التمييز على أساس الإثنية أو العرق أو الدين أو اللغة، سبباً متكرّراً لانعدام الجنسيّة على مستوى العالم، وفي بعض الحالات، ينصّ القانون على التمييز ضدّ الأقليّات

هل هناك أشخاص لا يحملون جنسيّة في 2019؟

نعم، بالرجوع الى أرقام المسجّلين بالمفوضيّة السامية لشؤون اللاجئين، فقد بلغ العدد الإجمالي لعديمي الجنسّية في العالم عشرة ملايين، يحتلُّ فيها العالم العربي المركز الأوّل من حيث النسبة، حيث يقدّر العدد الإجمالي بحوالي أربعة ملايين شخص غير حاملٍ لجنسيّة.

إذ يُعتبر التمييز على أساس الإثنية أو العرق أو الدين أو اللغة، سبباً متكرّراً لانعدام الجنسيّة على مستوى العالم، وفي بعض الحالات، ينصّ القانون على التمييز ضدّ الأقليّات، هذا إضافةً إلى أنه توجد حوالي عشرون دولةً حول العالم تحافظ فيها قوانينها على إمكانيّة إنكار الجنسيّة أو عدم منحها على أساسٍ ديني، عرقي، مذهبي أو طائفي.

في هذا الإطار قامت المفوضيّة السامية للاجئين برصد العديد من الدول ذات العلاقة بحالة انعدام الجنسيّة، كمدغشقر، كينيا، جمهورية مقدونيا، بنغلادش، أمريكا اللاتينيّة. أرقامٌ مفزعة تؤكّد حجم المشكل المطروح لدى العديد من الدول.

 حالة انعدام الجنسيّة، تعني أن نعيش دون وثائق، دون حقوق، دون وطن، دون انتماء، الأرض التي نحن عليها لا ننتمي إليها ولا تعترف بنا، نتعرض لأشكال التمييز والاضطهاد والاستغلال 

من أهم بنود مشروع الاتفاقية العربية الجديد الذي سيتم عرضه في إحدى دورات الجامعة العربية للمصادقة عليه، بند يدعو لمنح الأطفال الحقّ في التمتع بالجنسية على أساس "حق الإقليم"، بمعنى أن كل طفل يولد على تراب دولةٍ معينة له الحق في جنسيتها 

 حالة انعدام الجنسيّة، تعني أن نعيش دون وثائق، دون حقوق، دون وطن، دون انتماء، الأرض التي نحن عليها لا ننتمي إليها ولا تعترف بنا، نتعرض لأشكال التمييز والاضطهاد والاستغلال، ونعيش القلق والخوف

التأثير النفسي للمشكلة

بعيداً عن الجانب القانوني المنظّم لإجراءات الحصول على الجنسيّة ببلدٍ ما، فالضرورة تحتّم النظر الى التأثير النفسي على حياة الفرد والمجموعة عديمة الجنسيّة، حيث يساهم التمييز في زيادة الفقر وصعوبات الحصول على التعليم والرعاية الصحيّة وغيرها من الخدمات، كالإقصاء من الحياة العامّة وحرية التنقّل وفرص التنمية والحقّ في التصويت. وهذا الإقصاء الذي طال أمده للأقليّات عديمة الجنسيّة يمكن أن يولّد الغضب والخوف، وأن يؤدي، في أقصى الحالات، إلى الاضطهاد والنزوح وعدم الاستقرار وانعدام الأمن.

هذا ولا تنتهي معاناة الأشخاص عديمي الجنسيّة، حيث تبرز من خلال الدراسات والأبحاث النفسيّة، التي تؤكد أن الإحساس بعدم الانتماء الى أي وطنٍ من شأنه أن يؤدّي بشكلٍ مباشر إلى اضطرابات نفسيّة متنوّعة، مثل: الاكتئاب، الوسواس القهري، القلق، اضطراب ما بعد الصدمة، اضطرابات شعوريّة وسلوكيّة، والمشاكل الجسديّة ذات المنبع النفسي، كما تتوسّع هذه الاضطرابات النفسيّة لتبلغ مشاكل في الهويّة الذاتية والهوية الاجتماعيّة، بالإضافة إلى الرغبة في الانتقام كنتيجةٍ ممكنة للشعور بالغبن والضيم، داخل وطنٍ لا يعترف به.

مشروع الاتفاقية العربية الخاصة بالجنسية في المنطقة العربية

استناداً إلى المسؤولية الجماعية للدول العربية في الحدِّ من حالات انعدام الجنسية بالتنسيق مع المجتمع المدني، واعترافاً بحقِّ كلِّ انسان في اكتساب جنسية،  تمّت صياغة مشروع اتفاقية عربية خاصة بالجنسية، من طرف المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بالتعاون مع مكتبها الدائم بالجامعة العربية.

سيتم عرض مشروع الاتفاقية في إحدى دورات الجامعة العربية للمصادقة عليه من طرف الدول الأعضاء، وذلك للحدِّ والخفض من حالات انعدام الجنسية، خصوصاً مع تزايد حالات اللجوء والنزوح القسري في ظلِّ الصراعات في المنطقة العربية، وهو ما يهدّد سلامة وحقوق الأفراد، خاصة النساء والأطفال.

في هذا الصدد يمكن تثمين المبادرة وأهميتها، خصوصاً لما تناولته جميع المواد من حفظٍ لكرامة الإنسان ومعاملته دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الدين أو اللغة أو الانتماء الفكري. (المادة 3)

من أهم المواد المنظِّمة للاتفاقية نجد البند الرابع، والذي ينصُّ على منع طرد أي فردٍ عديم الجنسية موجود في إقليم دولة معينة، كما ينصُّ مشروع الاتفاقية على منح جميع الحقوق الممنوحة للمواطنين للأشخاص عديمي الجنسية، وإخضاعهم لنفس التشريعات والأنظمة المعمول بها.

"حق الإقليم": أن نتمتع بجنسية الدولة التي نولد فيها

الجدير بالذكر أن مشروع الاتفاقية أولى الاهتمام لعملية خفض حالات انعدام الجنسية، من خلال منح الأطفال الحقّ في التمتع بالجنسية، وذلك على أساس "حق الإقليم"، بمعنى أن كل طفل يولد على تراب دولةٍ معينة له الحق في جنسيتها.

الأكيد أن من بين الفصول الهامة هو إمكانية منح المولود الجديد جنسية الأم إذا كان سيغدو لولا ذلك عديم الجنسية. من جهةٍ ثانية فإن منح الجنسية للأطفال يمكن أن يسند باعتبار "حق الدم"، بمعنى إذا كان أحد الوالدين يتمتع بجنسية ما فإن الدولة المتعاقدة تمنح للمولود الجديد الجنسية على أساس جنسية أحد والديه.

كما نشير أنه في نطاق الحدِّ من حالات انعدام الجنسية فقد كرّس المشروع العديد من الفصول التي تمنع فقدان الجنسية، كالزواج، التبني أو حالات إثبات النسب، بالإضافة الى ارتباط التخلّي عن جنسية بلد ما بضرورة الحصول على جنسية في دولة أخرى.

كما نصّت الاتفاقية في المادة الخامسة عشر، على تسهيل الدولة الموقعة على إجراءات التجنّس والاستيعاب بقدر الإمكان، للأشخاص عديمي الجنسية، والعمل على تخفيض أعباء ورسوم الإجراءات الإدارية حفظاً لكرامة الأشخاص وتسهيل اندماجهم كمواطنين لديهم حقوق وعليهم واجبات.

ختاماً، هذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها المجتمع الدولي الحدّ من حالات انعدام الجنسية، ومنح الأشخاص عديمي الجنسية حلولاً تحفظ كرامتهم. يُثمّن دور المجتمع المدني وكذلك وسائل الإعلام بمختلف أنواعها في التعريف بهذا المشكل العالمي، للعمل على إيحاد الحلول الكفيلة بمنح الجنسية والمواطنة لكافة الأشخاص عديمي الجنسية. حيث يعتبر ضمان المساواة في حصول مجموعات الأقليات على الجنسية أحد أهداف المفوضية، لحث ّجميع الدول على اتخاذ الخطوات التالية بما يتماشى مع الإجراءات الرئيسية لحملة المفوضية لإنهاء حالة انعدام الجنسية في أفق سنة 2024.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard