شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
ملتقى التكية السليمانية للتصوير بدمشق.. الفن للناس ومع الناس

ملتقى التكية السليمانية للتصوير بدمشق.. الفن للناس ومع الناس

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الجمعة 12 يوليو 201906:02 م

تم إعداد هذه المادة بمشاركة روبي حاج نايف زميلة شباب22 "You22"، برنامج زمالة رصيف22 الذي ترعاه D-Jil، بالاعتماد على منحة مشتركة بتمويل من الاتحاد الأوروبّي، تشرف على تنفيذها CFI.

"عندما تصبح الحياة غيرَ قادرةٍ على إعطائنا أي شيء، نصرخ في وجهها بالفن" قول للكاتب والموسيقي الألماني ريتشارد فاغنر، جسده فنانون سوريون اجتمعوا في "ملتقى التكيّة الأول للتصوير" بدمشق، قادمين من بيئات مختلفة لينفذوا أعمالاً تحكي الواقع السوري بلغة فنية لم تخلُ من الأمل.

تجربةٌ لاقت تفاعلاً من الجمهور الذي كان أمام فرجةٍ فنيّة مميزة، خشبتُها الهواء الطلق، في سوق المهن اليدوية، بين الحرفيين والصنّاع في التكيّة السليمانية، التحفةُ المعمارية العائدة إلى منتصف القرن الـ15، والتي كانت يوماً محطةً لتلقي العلم والفن والأدب.

الفن للإنسانية

"وعي التراث.. جسر للمستقبل" عنوان الملتقى الذي أقامته "صالة ألف نون للفنون والروحانيات"، تحت إشراف وزارتي السياحة والثقافة، يشير إلى أهمية الوعي بالتراث ودوره في قراءة تاريخ الشعوب والحضارات، مع ضرورة التطلع للمستقبل والعمل لبنائه وتحضير الحالة الإبداعية التي يتطلبها. يؤكد ذلك الفنان بديع جحجاح مسؤول الملتقى.

مشيراً إلى أهمية التواصل بين الفنانين في خلق جسور لتبادل الخبرات والأعمال تكون على تماس مباشر بالسوق والعابرين فيه، ليشكلَ هذا الثلاثي –الفن، التراث، الإنسان- صورةً تكتملُ فيها عناصر الحياة، خاصة أن "أحد أهم أهدافنا الاندماج مع الجمهور من خلال أعمال قريبة منهم ومستوحاة من مفردات حياتهم في ظل سنوات الحرب. لنؤكد أن ما يعنينا جوهر الإنسان وإنسانيته وليس انتماؤه.

صالة ألف نون التي هي عبورٌ من الألف الدالة على الأنا وإدراك الذات إلى النون الذي يشكل قوساً يحتوي بذرةً مقدسة، لذلك فإن معرفة الذات واحتواء الإنسانية هي لبُّ رسالتنا التي نحاول إيصالها من خلال منظومتنا بالموسيقى والرسم".

يعتبر جحجاح أن الفن الحقيقي هو الذي يتواصل مع الناس ويزيد وعيهم "منتجنا قيمةٌ إبداعية تتمثل بألوان وأشكال تتجاوز كونها موادَ لتصبح لغةً تقدم للناس أفكارا ورؤى وجمال، ولعل المكان المثالي لهذا التواصل هو التكية السليمانية ، فهي مساحة ذاتُ مزاج تاريخي يمكن سياقه بلغة فنية معاصرة، فغاية الملتقى أيضاً الارتقاء من الحالة التجارية والمادية إلى أخرى مرتبطة بالفن والإنسانية عبر خلق العنصر وصياغته ثم تصديره، كل ذلك أمام الناس" مضيفاً أن الفعالية هي "استثمار للفن والمواهب، من ثم تقديمها للجمهور دون حواجز بين الفنان والمتلقي".

"سلّط الملتقى الضوء على أجوائنا التراثية وصناعاتنا التقليدية التي تعطي المشاهد فخراً بتاريخنا وحضارتنا، وإقامة الملتقى في مكان كهذا يشرع الأبواب للتلاقي مع الجمهور والتفاعل معه، كذلك العبور إلى آفاق أخرى بالمعرفة والفكر. أي شيء له علاقة بالمعرفة لديه أبجدية لفهمه، ثم تتطور المعرفة مع الزمن لنتمكن بعد حين من خلق شيء أبعدَ من التراث لكنه يتكئ عليه" يقول جحجاح.

"شارك في ملتقى التكية الأول للتصوير فنانون سوريون، قادمين من بيئات متنوعة، كل منهم عبّر عن حالة يعايشها، فاختلفت الأدوات غير أن المغزى واحد، التطلع إلى سوريا القادمة وتقديم الأفضل لها"
"إقامة الملتقى بجانب بائعي الموزاييك والنحاسين وصنّاع الزجاج والفنانين، يشرع الأبواب للتلاقي مع الجمهور والتفاعل معه، كذلك العبور إلى آفاق أخرى بالمعرفة والفكر"

لغات فنية متنوعة

شارك في الملتقى خمسة فنانين سوريين، كل منهم عبّر عن حالة يعايشها، فاختلفت الأدوات غير أن المغزى واحد، التطلع إلى سوريا القادمة وتقديم الأفضل لها. بديع جحجاح رسم طقوسه الروحية المتعلقة بمعلولا والمسيح، عدنان حميدة عمل بالفن التجريدي، كذلك جمعة نزهان، مستوحياً أعماله من مدينته دير الزور ونهر الفرات المحيط بها وبأحلامه، وكان قد أجبر على الخروج منها منذ سنوات.

الفنانة ديانا مارديني عملت بتركيبتها التصويرية وألوانها وأجوائها الخاصة، حاولت أن تكون أعمالُها تعبيريةً، عن مشاركتها تحدثنا "عرضت في الملقتى لوحتين، اخترت للأولى ألواناً باردة لتأثري بالتكية السليمانية التي تشكل حيزاً لا بد أن يفرض تأثيره علينا، استخدمت الكولاج والاكريليك، وفي اللوحة الثانية استخدمتُ الألوان النارية".

الفنانة السورية تعتبر أن الفن أحدُ أشكال التعبير عن الواقع، مُجسداً الفترة التي نعيش، ولابد أن يكون هذا التجسيد مستمراً كي يقدم منتجاً متكاملاً "الاستمرار دليل على أن الفن لايزال قائماً وأن الحياة نابضةٌ بنا وبأعمالنا رغم الظروف التي نمر بها".

مما يميز الملتقى أن الفنانين أنجزوا أعمالَهم قبالة الجمهور، ما يفتح جسراً بين الفنانين أنفسهم وبين الفنانين والجمهور، بحسب قول مارديني، مؤكدة أن الرسم في الهواء الطلق يلقي جمالَه على الأعمال أكثر مما لو كانت مُنجَزةً داخل مرسم مغلق.

على ذات الضفة يقف الفنان غسان عكل، معتبراً أن التكية السليمانية لها خصوصية وحميمية، كما يمكن للمارة أن يتفاعلوا مباشرة مع الأعمال المعروضة في الملتقى، مايخلق حالةً من التجلي لدى الفنان ليبدع ويقدم المزيد.

الفنان السوري مزج بين التصوير والخط العربي بأعمال تصويرية أدخل فيها الحروف العربية ضمن أشكال هندسية وأخرى مستوحاة من الطبيعة، معللاً لرصيف22 بأن الخط العربي مادةٌ زاخرة بالتراث والحضارة، يعزز تميزَه استخدامُه موادَ صنعها بيديه كما يقول. ويعتبر أن "الملتقى رسالةٌ موجهة للعالم بأن سوريا حاضرة ولاتزال تنضح بالجمال والحضارة".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard