شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
هل الهوس بالنجوم مبرر؟... الممثل التركي بوراك يثير فوضى في لبنان

هل الهوس بالنجوم مبرر؟... الممثل التركي بوراك يثير فوضى في لبنان

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 5 يوليو 201906:51 م

عام 2004، كان المشاهد العربي على موعد للمرة الأولى مع الدراما التركية التي وصلته مدبلجة من خلال مسلسل "إكليل الورد". بعد ذلك، تتالت المسلسلات الاجتماعية والتاريخية والبوليسيّة، بأسمائها الرنانة وقضاياها التي تركت تأثيراً على الثقافة العربية حتى سُميت بقوة تركيا الناعمة للتغلغل في المنطقة.

خلال السنوات القليلة الماضية، بدا التأثير واضحاً من خلال المساحة التي احتلتها مسلسلات كـ"سنوات الضياع" و"نور ومهند" و"العشق الممنوع" و"حريم السلطان" على التلفزيونات المحليّة، وفي تفاعل الناس مع أبطالها وتعلقهم بهم وصولاً إلى محاولة تقليدهم بتسريحة الشعر واللباس.

عام 2019، مساء الخميس 4 يوليو، كان اللبنانيون على موعد مع النجم التركي بوراك أوزجفيت، بعدما أعلن محل تجاري عن افتتاح فرع له بحضور النجم الذي حظي بجماهيرية واسعة في الشارع العربي بعد دوره في "الحب الأعمى". كانت القصة لتمرّ بشكل عادي في الفضاء العام، وتبقى محصورة في إطار خطة تسويق جيّدة قرّر أصحاب المحل التجاري اعتمادها مقابل خمسين ألف دولار دفعوها للممثل.

لكن ومنذ أن حلّ أوزجفيت في مطار لبنان حتى بدأت الضجة. كان المحل قد اشترط على من يريدون حضور الافتتاح ولقاء النجم ارتداء سروال جينز من تلك التي يبيعها ويمثل النجم التركي الوجه الإعلاني لها أو إبراز قسيمة شرائية بقيمة خمسين دولار من أحد فروعه.

بدا الأمر أشبه بسيناريو مسلسل تركي، وليكتمل مشهد حضور الممثل بوراك أوزجفيت سقط قالب الحلوى المخصص للمناسبة على الأرض وقيل إن المتجر اللبناني تعرض للسرقة والتكسير الأمر الذي دفع أصحابه إلى إقفاله وطلبوا من الناس الخروج منه
فتحت حالة الفوضى التي عمّت بسبب مشاركة نجم تركي في افتتاح محل لبناني النقاش على أصعدة مختلفة... تأثير الدراما التركية، الهوس بالنجوم،  والغضب والسخرية ممن شاركوا في الحدث بينما البلد غارق في مشاكله

سرعان ما ازدحم المكان، ثم ازدحمت وسائل التواصل الاجتماعي بصور وفيديوهات لحالات من التدافع والفوضى حصلت فيه، بينما نقلت تقارير إخبارية ومواقع التواصل عن لجوء البعض إلى التضارب والتكسير وسط بكاء من بعض الموجودين وحالات إغماء.

بدا الأمر أشبه بسيناريو مسلسل تركي، وليكتمل المشهد سقط قالب الحلوى المخصص للمناسبة على الأرض وقيل إن المتجر تعرض للسرقة والتكسير الأمر الذي دفع أصحابه إلى إقفاله وطلبوا من الناس الخروج منه.

في هذه الأثناء، لجأ أوزجفيت إلى أحد المستودعات الموجودة في المكان حتى تمكن بمساعدة الأمن من الخروج والعودة إلى الفندق.

بموازاة ذلك، انتشرت صور هدايا استلمها أوزجفيت كطاولة زهر عليها اسمه ولوحة لوجهه، في حين شارك في مؤتمر صحافي لاحقاً اشترط فيه عدم سؤاله عن حياته الشخصيّة، بينما قال فيه أصحاب المتجر إنهم غير نادمين لاستقدام النجم التركي على الرغم مما حصل.

فتحت هذه الحادثة النقاش في لبنان على أصعدة مختلفة. هناك من عاب على من احتشدوا لاستقبال النجم التركي في وقت يغرق البلد في مشكلات كبيرة لا تجد هذا العدد من الناس للتظاهر لأجلها.


كما تكررت الشكاوى من أن من يقومون بذلك هم من ينتخبون الزعماء المسؤولين عن خراب البلد، بينما استغل البعض الفرصة للسخرية من بعض المسؤولين، كذاك الذي أشار إلى زيارات وزير الخارجية اللبناني لبعض المناطق والحشد الذي واكبه

في المقابل، كان هناك من تعاطف، معتبراً أن الجنون بممثل خير من الجنون بزعيم أو حزب، وأن من تبكي لرؤية نجمها المفضل خير من تلك التي تبكي على خطبة رجل دين يعدها بجهنم وبئس المصير

وفي الوسط، حاول البعض عقلنة الأمور طارحاً مسألة الهوس بالممثلين والنجوم باعتباره أمراً معتاداً حول العالم، وليس خاصاً بلبنان، وتفاعل النقاش حول شكل هذا الهوس وأسبابه ومدى صحته

قد يُعدّ خبراً مماثلاً عادياً وخاصاً بالسياق اللبناني: ممثل تركي يزور لبنان لافتتاح محل تجاري وسط ازدحام شديد واكب الحدث. لكن ما يحمله من إشارات تجعل النقاش حوله قابلاً للإسقاط على سياقات عربيّة مختلفة.

بدءاً من أثر الدراما التركيّة على الشارع العربي وتأثر الناس بها وما أُثير من جدل حول السياسة التركية لضرب الثقافة العربيّة وتقاليد المجتمع، وصولاً إلى حالة الانفصام السائدة التي يحاجج كثر عربياً بشأنها، بين واقع لا يتناسب في أحيان كثيرة رد الفعل عليه مع مرارته وظلاميته، سواء لجهة الكسل عن الاحتجاج أو الاهتمام الشديد بالأمور الترفيهية على حساب السعي للتغيير الفعلي.

كان ذلك في إطار ما أظهرته تعليقات عديدة على زيارة النجم التركي، وصولاً حدّ التعليق الذي قارن بين "الشهيد" الذي لا يهتم الجمهور به كاهتمامه بـ"ممثل"، رغم أنه "أجمل منه". تعليق رغم أنه أثار ردود فعل ساخرة، إلا أنه يقول الكثير عن مشهد المحل التجاري، العادي بقدر ما هو سورياليّ.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard