شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
هل يمكن أن تشمّ الآلات عوضاً عنّا؟

هل يمكن أن تشمّ الآلات عوضاً عنّا؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

تكنولوجيا

الأربعاء 26 يونيو 201904:40 ص

ذابت عقول الكثيرين ممن قرأوا رواية "العطر" للألماني باتريك زوسكيند، أو شاهدو الفيلم المقتبس عنها، فجان بابتسيت غرونوي، بطل الرواية، كان ذا أنفٍ يفوق الوصف، يلتقط الروائح ويكوّنها، بل ويقتل في سبيل "صناعة" العطر الأمثل، ذاك الذي أسر به الجموع لكنه أدّى في النهاية إلى أن يُلتهم حيّاً، كآلهةٍ قديمةٍ، لا نشبع منها إلا بالتهام جسدها.



غرونوي يمتلك خاصيّة يفتقدها الكثيرون منّا، وهي القدرة على تذكّر "الروائح" ومزجها في عقله، كما نفعل نحن "العاديون" مع الصور، هذه الخاصيّة تمتلكها "الأنوف"، الكلمة التي تستخدم لوصف أرقى صنّاع العطور، القادرين على تكوين العطر في رؤوسهم قبل أن يكون موجوداً، لكن، ماذا لو تحوّلت كلُّ "العطور" و"الروائح" إلى بياناتٍ ومعلومات، واستُبدل الأنف بمعالجٍ قادرٍ على توليد عطورٍ وروائح قد لا نعرفها، أو لم تخطر على بال "الأنف"؟

السؤال الذي يطرحه العنوان أجابت عنه شركة "بوتيكاريو-Boticário" البرازيليّة، التي أطلقت بالتعاون مع شركة IBM للبرمجيّات، أوّل عطرٍ صنّعه الذكاء الاصطناعي، بنسختين وهما"عليك-On you" و"عليّ-On me"، أمّا النظام الذي طوّرته IBM لصناعة العطور فيحمل اسم " فليرا "، نسبةً إلى النيمف اليونانيّة التي تحوّلت إلى شجرة زيزفون، ويحوي ضمنه 1.7 مليون تركيبةٍ لعطورٍ مختلفة، كذلك آراء آلاف المشترين والخبراء والمهتمّين، وذلك في سبيل خلق "داتا كبيرة-Big data" قادرةً على صناعة الرائحة المناسبة لكلِّ سوقٍ وعمرٍ وجنس.

التقنيّة الجديدة تختزل الكثير من مراحل تصنيع العطر، وخصوصاً المراحل الأولى التي ترتبط بالمكوّنات الأساسية ونسبها وكيفية توزيعها، إذ تجعلها في متناول صنّاع العطور، كما تسهّل عمليات اكتشاف أنواعٍ جديدة، وتعرّف الصنّاع على أسلوبٍ جديدٍ في توزيع "العائلات العطريّة" ما يعني احتمالاتٍ لروائح جديدة لم نعرفها من قبل.

لا يشعر الكثير من "الأنوف" بالتهديد بسبب هذه التقنيّة، خصوصاً أن الآلة وخوارزميّاتها تفتقد إلى "الحسِّ البشريّ"، فالأثر الذي يتركه العطر لا يمكن تحويله إلى لغة، ناهيك عن تحويله إلى أرقامٍ وشيفرات، فالرائحة تخاطب مساحاتٍ مجهولةٍ في النفس البشريّة، هي أشبه بإكسير يولّد المشاعر والأحاسيس التي لا يمكن قياسها أو التنبؤ بها، ويضيف جان بويتو، مدير العطور في شركة بوتيكاريو: " الخوارزميّات تأخذ بعين الاعتبار الماضي فقط، أما صانع العطور، فهو كالفنّان، يخلق تكويناً يحفر وجوده في المستقبل ويناديه".

الرائحة تخاطب مساحاتٍ مجهولةٍ في النفس البشريّة، هي أشبه بإكسير يولّد المشاعر والأحاسيس التي لا يمكن قياسها أو التنبؤ بها. فهل سيكون ممكناً تحويل الأثر الذي يتركه العطر إلى لغة، ثمّ إلى أرقامٍ وشيفرات؟

صمّمْ عطرك بنفسك

العلاقة مع العطر شخصيّة، وعملية اختياره صعبة في الكثير من الأحيان، كونه يشكّل الرائحة الخاصّة بكلِّ واحدة منا، تلك التي تنبعث منه وقد تلتصق بالآخر إثر اللمس أو الاحتكاك، إلا أنّ أشكال بيع العطور التقليديّة تتيح مجالاً للتشابه، خصوصاً أن "عطرك" قد يكون الخيار المفضّل للكثيرين.

والأهم أننا حين البحث عن رائحتنا، نميل إلى المألوف، أو ذاك الذي شممناه مسبقاً، أو نستمع للبائع الذي يصف و يشرح كلَّ عطرِ وخصائصه ومكوّناته، لكن هذه العملية التي تلغي التفرّد في الكثير من الأحيان، لا نراها إن زرنا موقع "Sillages Paris"، الذي يتيح لكلِّ فردٍ أن يخلق عطره الخاص، إذ يمكن للواحد منا أن يختار المكوّنات التي يريد، ونسبتها وتركيزها، بعدها تُصنع له نماذج منها، تصله بالبريد بعد عدّة أيام، وإن أعجبته الرائحة، بإمكانه أن يحصل على قنينةٍ من عطره الخاص الذي لا يشبه أي شيء.

كما يتيح الموقع لنا خيار استعادة نقودنا في حال لم تعجبنا الرائحة بعد الحصول على القنينة، ويرى مؤسّس الموقع ماكسيم غارسيا جانين، أن أسلوب الشراء التقليدي لا شخصيّ، ويركّز على مفاهيم السوق والعرض والطلب، في حين أن الموقع يتيح التعامل الشخصي مع كلِّ زبون، وأيضاً التركيز على نوعيّة مكوّنات العطر و تركيبها، خصوصاً أن "الوسيط/ البائع" يتلاشى ليكون الزبون في حوارٍ مباشر مع صانع العطر.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard