شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
الشغف بالدين تقلص وتقبل المثلية متباين...استطلاع رأي يكشف مزاج العرب وتوجهاتهم

الشغف بالدين تقلص وتقبل المثلية متباين...استطلاع رأي يكشف مزاج العرب وتوجهاتهم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 24 يونيو 201903:13 م

أظهر استطلاع ضخم نفذته شبكة البارومتر العربي البحثية المستقلة لحساب موقع بي بي سي عربي صورة تختلف تماماً عن الصورة المنتشرة في أذهان الكثيرين عن العالم العربي باعتباره متديناً ومتجانساً سكانياً ومحافظاً.

وخلص الاستطلاع، الذي شارك فيه أكثر من 25 ألفاً من سكان عشر دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى الأراضي الفلسطينية امتد من أواخر العام 2018 حتى ربيع العام 2019، وجود تباين واسع في الآراء حول قضايا شتى من الدين إلى حقوق المرأة ومن الهجرة إلى تقبل المثليين جنسياً.

وكشف الاستطلاع عن أن عدداً كبيراً من العرب يدير ظهره للدين والتدين، مقارنة بين العام 2013 وعامي 2018 و2019، على سبيل المثال وصف ثلث التونسيين المستطلعة آراؤهم أنفسهم بأنهم "غير متدينين"، وهو الوصف عينه الذي وصف به ربع الليبيين أنفسهم، أما في مصر فقد تضاعف حجم "غير المتدينين"، في حين تضاعف حجم هذا الفئة أربع مرات في المغرب.

وأظهر الاستطلاع زيادة في عدد "غير المتدينين" في الجزائر، والسودان، والأراضي الفلسطينية، وكذلك في الأردن، ولم يشذ عن هذه القاعدة إلا اليمن، حيث انخفضت نسبة "غير المتدينين" من 12 ٪ في عام 2013 قبيل اندلاع الحرب في البلاد إلى 5 ٪ في عام 2019.

وكانت نسبة الزيادة الكبرى بين من هم دون سن الثلاثين من أعمارهم، إذ تبلغ نسبة "غير المتدينين" في هذه المجموعة 18 ٪.

وشاركت في الاستطلاع عدة دول عربية منها الأردن والجزائر والسودان والعراق والمغرب واليمن وتونس ولبنان وليبيا ومصر، والأراضي الفلسطينية.

وتقول بي بي سي إن الاستطلاع شمل البلدان العربية حصراً، ولم يشمل إيران أو إسرائيل، لكنه لم يغط بعض الدول العربية، فعلى سبيل المثال رفضت عدة حكومات خليجية السماح باجرائه بشكل نزيه وكامل، كما وصلت النتائج الخاصة بالكويت متأخرة، ولذا لم يتسن لبي بي سي عربي إدراجها في النتائج النهائية.

كما لم يشمل الاستطلاع سوريا بسبب صعوبة الوصول إلى السكان وصعوبة ضمان عينة تمثلهم بشكل عادل.

مع المساواة.. ضد المساواة

في ما يتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة في المجتمع والبيت، أظهر الاستطلاع تناقضاً كبيراً، فرغم أن المنطقة العربية ليست مشهورة بتقبل مبدأ تمكين المرأة، بيّن الاستطلاع وجود تقبل واسع لفكرة تولي المرأة مواقع قيادية في المجتمع الذي تعيش فيه.

ولفت تقرير بي بي سي عربي إلى أن معظم المشاركين في الاستطلاع في عموم المنطقة يساندون حق المرأة في أن تصبح رئيسة للحكومة أو رئيسة للجمهورية في بلد إسلامي. 

على سبيل المثال، قال ثلاثة أرباع المشاركين في لبنان إنه ينبغي أن تتمتع المرأة بالحق في أن تصبح رئيسة للحكومة أو للدولة، في حين ظهر تقبل واسع لهذا الأمر في المغرب وتونس والعراق ومصر والأردن والأراضي الفلسطينية، ولم تشذ عن القاعدة إلا الجزائر، التي قال أقل من نصف المشاركين فيها إنهم يؤيدون حق المرأة في أن تصبح رئيسة للدولة.

لكن الأمر اختلف تماماً بشأن توازنات القوى في الحياة اليومية وفي المنزل، إذ إن أغلبية المشاركين، بما في ذلك معظم النسوة المشاركات في الاستطلاع، قلن إنه ينبغي للزوج أن يكون له القول الفصل في القرارات الأسرية.

وتؤمن ثلاثة أرباع السودانيات بذلك، أما لبنان، فقد شهد زيادة طفيفة في نسبة النسوة اللواتي يعتنقن هذا الرأي منذ عام 2017، وتبيّن أن المغرب هو البلد الوحيد في المنطقة الذي يرى أقل من نصف سكانه أنه من حق الزوج أن يكون صاحب القول الفصل في المنزل.

لا للمثلية.. نعم للقتل "غسلاً للعار"

كذلك أظهر استطلاع بي بي سي عربي تبايناً كبيراً في درجة تقبل المثلية الجنسية في البلدان العربية، ولكنها منخفضة أو منخفضة جداً في عموم المنطقة. ففي صفوف فلسطينيي الضفة الغربية، قال 5 ٪ فقط إنه من المقبول أن يكون المرء مثلياً، وحتى في لبنان، المعروف بأنه أكثر تحرراً من الناحية الاجتماعية من سواه، لا يتقبل المثلية الجنسية إلا 6 ٪ من سكانه، ولم يختلف الأمر كثيراً في تونس والأردن.

وقال 26 ٪ من الجزائريين إنهم مع أن يكون المرء مثلياً، وقال 21 ٪ من أهل المغرب إنهم مع هذا الحق، ووصلت النسبة إلى 17 ٪ في السودان.

أما بشأن القتل "غسلاً للعار” أو ما يعرف بجرائم الشرف فقد أظهر الاستطلاع نتائجَ وصفتها بي بي سي عربي بـ “الغريبة" ففي الجزائر على سبيل المثال، وهو البلد العربي الأول من ناحية تقبل المثلية الجنسية، ظهر أنه أكثر بلد عربي تقبلاً لفكرة القتل "غسلاً للعار". وجاء المغرب في المركز الثاني، يليه الأردن ثم السودان، في حين قلت النسبة في تونس ولبنان والأراضي الفلسطينية ووصلت إلى 8٪.

ضد سياسات ترامب

وعن رضى العرب عن سياسات ثلاثة رؤساء في ما يتعلق بسياسات الزعماء في الشرق الأوسط، وهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فيلاديمير بوتين، والأمريكي دونالد ترامب، بيّنت نتائج الاستطلاع في كل المناطق التي أجري فيها أن المشاركين يضعون الرئيس الأمريكي وسياساته الشرق أوسطية في المرتبة الأخيرة عند المقارنة بين الزعماء الثلاثة.

وفيما عبر نصف عدد المشاركين في 7 من المناطق الـ11 المستطلعة عن رضاهم عن سياسات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان حيال الشرق الأوسط، لم يشذ عن هذه القاعدة إلا لبنان وليبيا ومصر، التي فضّل المشاركون فيها سياسات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على سياسات أردوغان.

حلم الهجرة

وفي ما يتعلق بالهجرة، عبّر واحد من خمسة مشاركين في الاستطلاع في جميع المناطق التي أجري فيها عن رغبته في الهجرة، والسبب الرئيسي لذلك اقتصادي.

وفي ست من المناطق المستطلعة، يفكر في الهجرة عدد أكبر مما كان في عام 2013، وشهد الأردن أكبر زيادة في هذا المجال، إذ ارتفعت نسبة الراغبين في الهجرة من الربع في عام 2013 إلى النصف تقريباً اليوم.

أما في السودان، فقد انخفضت النسبة، ولكنها لا تزال تمثل نصف عدد السكان، في حين تزيد النسبة على 40 في المئة في الأردن والمغرب، لكن على العكس شهد لبنان واليمن أكبر انخفاض في عدد الراغبين في الهجرة.

لكن الاستطلاع أظهر نقطة مهمة، هي أنه ليس كل العرب يرغبون في التوجه إلى أوروبا، وأن نسبة ليست قليلة منهم ترغب في الهجرة إلى دول الخليج ودول أمريكا الشمالية، في حين قال البعض إنهم يرغبون في الهجرة إلى بلاد أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

إسرائيل لا تزال التهديد الأكبر

ويقول استطلاع بي بي سي عربي إن الموضوع الأمني لا يزال يمثل هاجساً في مناطق عدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يضع المشاركون في ست مناطق إسرائيل على رأس قائمة التهديدات لاستقرار مناطقهم وأمنها الوطني، خصوصاً في المناطق المتاخمة لاسرائيل مثل لبنان والأراضي الفلسطينية، وينطبق هذا الرأي كذلك على سكان المناطق المجاورة لإيران، إذ قال معظم العراقيين واليمنيين إنهم يرون إيران مصدر التهديد الأكبر لهم.

وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية في حجم التهديد الذي تمثله للمنطقة تتبعها إيران، في حين اختارت نسبة قليلة السعودية مصدراً لتهديد بلدانهم.

بلدكم ديمقراطي أم ديكتاتوري؟

يظهر الاستطلاع كذلك أنه في العام 2013، كان سكان الجزائر والأردن والعراق الأكثر ترجيحاً لاعتبار بلدانهم أقرب إلى الديمقراطية منها إلى الديكتاتورية، لكن تغير الأمر عام 2019، فأصبح الجزائريون أكثر تشاؤماً إذ لم ير إلا ربعهم بأن بلدهم بلد ديمقراطي. ولم يختلف الأمر نفسه مع الدولتين التاليتين في هذه المقارنة وهما ليبيا والسودان.

بين الاستطلاع كذلك أن 50 ٪ من المغاربة يعتبرون المغرب اليوم أقرب إلى الديكتاتورية منه إلى الديمقراطية، في حين ترى غالبية المصريين أن بلادهم تسير صوب الديمقراطية، وهو ما يعتبره الاستطلاع أمراً غريباً بسبب نظام الحكم الذي تصفه منظمات دولية عدة بالقمعي.

نتائج استطلاع الرأي الأكبر في الدول العربية (شمل أكثر من 25 ألف شخص) تظهر توجهًا أكثر نحو اللاتدين : ثلث التونسيين قالوا إنهم "غير متدينين"، وربع الليبيين قالوا ذلك وفي مصر  تضاعف "غير المتدينين” فيما تضاعف عددهم أربع مرات في المغرب.

26 ٪ من الجزائريين مع أن يكون المرء مثلياً جنسيًا، 21 ٪ من المغرب مع هذا الحق، مقابل 17 ٪ في السودان. استطلاع رأي لبي بي سي عربي يرصد مزاج العرب وتوجهاتهم. بعض النتائج جاءت مغايرة لما يعتقده كثيرون كتقلص التدين على سبيل المثال.

في الجزائر البلد العربي الأول من حيث تقبل المثلية الجنسية، هو كذلك أكثر بلد عربي تقبلاً لفكرة القتل "غسلاً للعار". المغرب حل ثانيًا يليه الأردن ثم السودان، في حين قلت النسبة في تونس ولبنان والأراضي الفلسطينية.

تحسن آراء العرب بشأن الحريات

 أماني جمال المؤسسة المشاركة لدى الباروميتر العربي والمحققة الرئيسية للشبكة البحثية فقالت تعليقًا على نتائج الاستطلاع: نرى تحسنًا تراكميًا وتدريجيًا في السلوكيات إزاء المساواة بين الجنسين، كما شهدنا تحسناً في رأي السكان من حيث الحريات السياسية ومحاولتهم تطبيق هذه المُثل على الأرض”.

غير أنها لاحظت بعض التوجهات “ المقلقة" مثل الدروس المستفادة من الربيع العربي. وقالت إن "المواطن الآن يخشى أن تكون الديمقراطية عملية تؤدي إلى تزايد الاضطرابات وانعدام الاستقرار، ولقد رأينا هذا النمط في تونس. ورغم أن التزام الناس بالحريات ما زال قوياً، فإنني أعتقد أن الناس يسألون أنفسهم: هل وجود نظام أكثر ديمقراطية مسألة جيدة بالضرورة لحياتهم؟ الناس في المنطقة حذرون نحو الآثار المحتملة للتحرر السياسي”.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard