شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
طرائف الحجاب في إيران .. قماشة لترسيم الحدود بين أبناء الوطن

طرائف الحجاب في إيران .. قماشة لترسيم الحدود بين أبناء الوطن

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 11 يونيو 201906:27 م

ينسج قانون الحجاب الإسلامي في إيران قصصاً يومية بعضها يتحول إلى نكتة يتبادلها الإيرانيون على غرار تصريح المتحدث باسم السلطة القضائية غلامحسين اسماعيلي الثلاثاء 11 يونيو بأن الطقس الحار يسبب قلق المؤمنين في إيران من عدم التزام بعض المواطنين بالزي الشرعي، مثنياً على المتبرعين من أبناء الشعب لإحياء سنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولاسيما "بطل سيارة الأجرة" كما وصفته التيارات الأصولية. من هذا البطل؟ وما علاقته بحماية الزي الشرعي؟

تاكسي للمحجبات

"تحجبي أو انزلي من السيارة" هكذا خاطب السائق الإيراني سعيد عابد الراكبة التي وضعت شالها على كتفها بدل رأسها منتظرة سيارة الأجرة أمام منزلها. تنص قوانين شركة السيارات الألكترونية اسنب (على نمط أوبر) على إلزام السائق بتوصيل الراكب إلى مقصده بسلامة، لكن عابد رأى في نفسه راعياً للالتزام بالحجاب حتى في السيارة لأن القوانين في إيران تنص على مخالفة مالك أي سيارة إذا كانت على متنها سيدة غير محجبة. الموقف بين السائق والراكبة كان له بعد عقائدي، فهي لم تتجاوب معه رغم معرفتها بقوانين البلاد فيما قام هو بطردها من السيارة وتركها وسط الطريق مخالفاً قوانين الشركة.

الراكبة شكت الأمر للجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي ناشرةً معلومات السائق كما تظهر على التطبيق الألكتروني، الأمر الذي يصنف قانونياً انتهاكاً لسرية المعطيات الشخصية، وتفاعل الجمهور مع الواقعة داعياً شركة "اسنب" لفصل السائق من عمله. الشركة بادرت بالاعتذار من الراكبة وكان الأمر سينتهي عند ذلك الفصل لولا انتفاضة الشارع الأصولي في إيران تلبيةً لاستغاثة السائق الذي اتهم الراكبة بالكذب قائلاً إنه تعامل معها بلطف وضمن قوانين البلاد.

حشود اليمين في إيران قررت مقاطعة الشركة ونشر وسم #نه_به_اسنپ أي لا لشركة اسنب، ودعت مستثمرين من الأصولين لإطلاق شركة خاصة بالملتزمين دينياً تحمل طابعاً إسلامياً، بل وصل بهم الأمر حد اختيار اسم الشركة.



أما شركة اسنب الحائرة بين نارين فعادت لتعتذر من الجهة الأخرى لجمهور الركاب، أي التيار الأصولي ولاسيما بعد استضافة التلفزيون الإيراني الرسمي للسائق وتمجيد عمله "لما فيه من خير البلاد وصلاح الناس وتطبيق للشرائع” . ولحقت بالتلفزيون مئات المؤسسات المعنية بشأن ترسيخ ثقافة الحجاب وكرمت السائق الذي أصبح في غضون ساعات رمزاً للدفاع عن الحجاب.

أما الراكبة فاستدعتها الشرطة وانتهى اللقاء بحذفها تغريدتها السابقة ونشر اعتذار رسمي من الشركة وجميع سائقيها ومن المجتمع مؤكدةً التزامها بقوانين البلاد.



حروب الحجاب اليومية

حكاية الراكبة ليست إلا قصة قصيرة تعيشها السيدات بسبب لباسهن يومياً في إيران، ولا نبالغ لو قلنا إن الرجال بدورهم يعيشون ضغوطاً مماثلة تتعلق باللباس في بعض الأماكن، فالسروال القصير أو "البرمودا" ممنوع في الشارع، أما الكُم القصير فهو من محظورات العمل على الرجال ولكنه مقبول في الشارع، وقد يحدث أحياناً كما اليوم أن ينشر موقع أخبار مثل "قم نيوز" تعميماً بمنع التصوير بالكم القصير للرجال في مرقد السيدة معصومة الكائن في مدينة قم.

 "الطقس الحار يسبب قلق المؤمنين من عدم التزام المواطنين بالزي الشرعي، شكراً للمتبرعين لإحياء سنة الأمر بالمعروف ولاسيما بطل سيارة الأجرة” هكذا صرح المتحدث باسم السلطة القضائية في إيران. من هو هذا البطل وما علاقته بإنقاذ الزي الشرعي؟

قضية الحجاب في إيران أصبحت منذ سنوات محور اهتمام جمعيات حقوق الانسان خارج إيران وداخلها ولكن ما يتم حالياً تلقينه للشارع الإيراني هو أخطر داخلياً، فبعض المتشددين في السلطة بدؤوا بتأليب المواطنين على بعضهم. قبل فترة طلب أحد المسؤولين في إيران تصوير السيدات المخالفات لقانون الحجاب وإرسال الصور للجهات المختصة، وبدأت جهات بالفعل بتطبيق هذا التوثيق والوشاية بالمخالفات. كما أعلنت السلطة القضائية الثلاثاء 11 يونيو على لسان المتحدث باسمها إعادة نشرها قانون حماية الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ما من شأنه أن يزيد من تعقيد المشهد في مجتمع يعاني من انقسام فكري بين مؤيدي النظام ومعارضيه وفروق طبقية حادة بين أثرياء ينعمون بسقف حريات مرتفع وفقراء لا يحلمون بهذه الحريات.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard