شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
رجال الأعمال الفلسطينيون... سلاح ترامب في مؤتمر

رجال الأعمال الفلسطينيون... سلاح ترامب في مؤتمر "صفقة القرن" الاقتصادي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 9 يونيو 201905:08 م

في آخر خطوات خطة السلام الأمريكية المعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن"، أعلنت واشنطن عقد مؤتمر اقتصادي في البحرين، يومي 25 و26 يونيو، تحت عنوان "السلام من أجل الازدهار".

يأتي ذلك في سياق المناخات التي نشأت بعد وصول دونالد ترامب إلى سدة رئاسة الولايات المتحدة، وما تضمنته من دعم قوي لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تمثل في الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها، ثم الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السوري المحتلة، وبعد أشهر من التحضيرات لـ"صفقة القرن".

السلطة الفلسطينية أعلنت مباشرة معارضتها للمؤتمر ومقاطعتها له، وكذلك كان موقف بقية الفصائل الفلسطينية، الأمر الذي دعا كتاب إسرائيليين إلى تشبيهه بـ"عرس يغيب عنه العريس".

وفي ظل هذه الظروف، راحت الإدارة الأمريكية تبحث عن بديل يمثل الجانب الفلسطيني في مؤتمر البحرين، وصبّت جل اهتمامها على رجال الأعمال الفلسطينيين.

البحث عن رجال أعمال

بدأ فريق الإدارة الأمريكية في التواصل مع رجال أعمال فلسطينيين، على رأسهم الشخصية المثيرة للجدل أشرف الجعبري الذي سلمه وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشن دعوة رسمية للمشاركة في مؤتمر المنامة.

وبحسب القناة السابعة الإسرائيلية، كانت جمعية الصداقة الأمريكية-الإسرائيلية (USIEA)، برئاسة هيثر جونستون، حلقة الوصل بين الإدارة الأمريكية والجعبري.

والجعبري ضابط سابق في قوى الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، يبلغ من العمر 45 عاماً، وينتمي إلى عائلة تُعَدّ من أكبر العائلات في مدينة الخليل، وهو الرئيس المشارك لغرفة تجارة "يهودا والسامرة" (بحسب التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية)، وهي منظمة غير حكومية تروّج لشراكة اقتصادية بين الإسرائيليين والفلسطينيين وراء الخط الأخضر، وتضم مجموعة من رجال الأعمال الفلسطينيين الذين لديهم ارتباطات اقتصادية قوية مع المستوطنات ومنتجاتها، ومجموعة رجال أعمال إسرائيليين، وهو أيضاً رئيس حزب الإصلاح والتنمية الذي أسسه مطلع مايو الماضي، والذي يرفع شعار انعاش الاقتصاد الفلسطيني ووضع حد للفساد.

وللجعبري نشاطات كثيرة توصف بأنها تطبيعية مثل تنظيمه إفطاراً رمضانياً حضرته شخصيات إسرائيلية من بينها رئيس المجلس الإقليمي للسامرة، يوسي داجان، وهيثر جونستون وآخرون، وهو معروف بقربه وصداقته الحميمة مع السفير الأمريكي في إسرائيل دايفيد فريدمان.

ويتبنى رجل الأعمال الفلسطيني فكرة تتسق مع الإطار العام الذي تتحدث عنه التسريبات المتعلقة بـ"صفقة القرن"، فهو غير مناهض للصهيونية ويدعو إلى ربط مصير الفلسطينيين في الضفة الغربية بالمصير الإسرائيلي، ما يتوافق مع فكرة الحكم الذاتي في الضفة، حسبما رأت صحيفة "معاريف".

الجعبري ليس وحده

يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية في المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، لرصيف22 إن الإدارة الأمريكية تحاول استغلال رجال الأعمال الفلسطينيين وعلى رأسهم الجعبري، للضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لحضور مؤتمر البحرين، أي أن الموضوع يتعلق بابتزاز القيادة الفلسطينية لحضور المؤتمر، وربما خلق قيادة فلسطينية بديلة.

وكتب الصحافي الإسرائيلي ناداف هعيتساني، في مقال في صحيفة معاريف، أن "رجال الإدارة الأمريكية يعملون في واقع الأمر على خلق قيادة فلسطينية بديلة".

في تصريحات لموقع "ماكور ريشون" الإسرائيلي، قال الجعبري: "السلطة لا تريد أن أذهب إلى البحرين، لكن نحن مجموعة تسير على نهجها الخاص، ولا نخشاهم... نحن أولاً وقبل كل شيء نريد الذهاب والاستماع إلى ما يتم طرحه هنالك، ما هو المشروع؟ وبعد ذلك نقبل كل ما يفيد الشعب الفلسطيني، ومَن يرفض المشاركة في هذه الجسلة يرتكب خطأ".

ونقل الموقع عن أحد رجال الأعمال الفلسطينيين العاملين في مجال صناعة النسيج في رام الله إنه سيذهب إلى المؤتمر لو وجهت له الدعوة، على الرغم من مقاطعة السلطة.

ترفض عدة مصادر فلسطينية الحديث عن أسماء بعينها مرتبطة بالمجموعة التي تحدث عنها الجعبري، إلا أن الأخير معه عدد من رجال الأعمال الفلسطينيين الذين تجمعهم علاقات مع الجانب الإسرائيلي، ويسيرون على نهج خاص بهم، ويرتبطون غالباً بالمكتب التجاري للضفة الغربية، ومن بينهم رجل الأعمال محمد نصر الذي حضر اجتماعاً مع السفير الأمريكي في إسرائيل، في وجود الحاخام وعضو الكنيست المتطرف يهودا غليك، ناقش بناء منطقتين صناعيتين مشتركتين بين مستوطنين ورجال أعمال فلسطينيين في المنطقة ج من الضفة الغربية، بحسب تقرير نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست".

وتضم المجموعة أيضاً رجال أعمال منضوين في حزب الإصلاح والتنمية المؤسس حديثاً مثل خلدون الحسيني ووسام سدر.

هل ينجح الأمريكيون؟

يقول المنسق العام للحملة الشعبية المصرية لمقاطعة إسرائيل رامي شعث لرصيف22 إن الإدارة الأمريكية حاولت الضغط على السلطة الفلسطينية لحضور مؤتمر البحرين وفشلت، فحاولت الضغط على الفصائل الفلسطينية وهددت بعضها وقدمت وعوداً لبعض آخر إلا أنها فشلت أيضاً، فحاولت الضغط على بعض الأحزاب الفلسطينية التي تأسست في عهد السلطة الفلسطينية مثل البديل الثالث وفشلت مجدداً، فحاولت مع العديد من منظمات المجتمع المدني في الداخل الفلسطيني وفي الخارج وفشلت، فاتجهت إلى رجال الأعمال.

"الإدارة الأمريكية تحاول استغلال رجال الأعمال الفلسطينيين وعلى رأسهم أشرف الجعبري، للضغط على الرئيس الفلسطيني لحضور مؤتمر البحرين، أي أن الموضوع يتعلق بابتزاز القيادة الفلسطينية، وربما خلق قيادة بديلة"
حاولت الإدارة الأمريكية الضغط على السلطة الفلسطينية لحضور مؤتمر البحرين وفشلت، فحاولت مع الفصائل والأحزاب الجديدة ومنظمات المجتمع المدني وفشلت، فاتجهت إلى رجال أعمال على رأسهم أشرف الجعبري

ويضيف أنها بدأت أولاً مع رجال الأعمال الذين عملوا معها في إطار المعونة الأمريكية مثل بشار المصري وغيره، ويؤكد أنه حتى هؤلاء الذين عملوا مع الإدارة الأمريكية لفترة طويلة رفضوا الحضور أيضاً، فظهر الجعبري، وهو رجل أعمال في الخليل، يرتبط بعلاقات مع الإسرائيليين في بناء المستوطنات و"هو خائن بهذا المعنى ومعروف في فلسطين"، وهناك بيانات تهديد له من كتائب شهداء الأقصى ومن الجبهة الشعبية، و"هناك أزمة عائلية مع عائلته لأنها بدأت تتبرأ منه".

وأعلن بشار المصري رفضه دعوة لحضور مؤتمر البحرين، وهو رجل أعمال فلسطيني يعمل في مجال التطوير العقاري، وعمل مع إدارات أمريكية سابقة في إنشاء مدينة "روابي" التي تعد أولى المدن النموذجية الفلسطينية في الضفة الغربية.

وكتب المصري على حسابه على فيسبوك: "وجهت لي دعوة للحديث بما يسمى مؤتمر ‘السلام من أجل الازدهار’ في المنامة، كما متوقع توجيهها للعديد من الشخصيات الفلسطينية في مجال الاقتصاد والسياسة، لكنني لن أشارك في هذا المؤتمر، ولن يشارك فيه أي ممثل عن شركاتنا أو في أي من نتائجه وتوابعه".

وأضاف: "من جديد نؤكد موقفنا الواضح: لن نتعامل مع أي حدث خارج عن الإجماع الوطني الفلسطيني. نحن الفلسطينيون قادرون على النهوض باقتصادنا بعيداً عن التدخلات الخارجية. إن فكرة السلام الاقتصادي فكرة قديمة يتم طرحها الآن بشكل مختلف، وكما رفضها شعبنا سابقاً نرفضها الآن".

ويقول شعث لرصيف22: "الحقيقة أنهم (الإدارة الأمريكية) ليس لديهم ما يفعلونه. كل محاولاتهم لإخراج أي نوع من التمثيل الفلسطيني فاشلة وأنا بدأت أشك في أن مؤتمر البحرين سيتم، وعائلة الجعبري ترفض مشاركة أشرف وقالت إنها لا تقبل بأن يكون بينها خائن".

من جهته قال السفير حازم أبوشنب، القيادي في حركة فتح وعضو مجلسها الثوري لرصيف22 إن جهود الإدارة الأمريكية الرامية إلى توفير مشاركة فلسطينية في المؤتمر لن تنجح.

وأشار إلى أن الجعبري لا يمثل إلا نفسه فقط، وأعرب عن اعتقاده بأن السلطة الوطنية الفلسطينية لديها من الأدوات ما يمكنها من الحيلولة دون حضور الجعبري أو غيره لمؤتمر البحرين.

وقال: "أعتقد أن الجعبري لن يتمكن من حضور الورشة". وأضاف: "لن تكون هناك مشاركة فلسطينية في الورشة لعدة أسباب أهمها السبب الوطني، فلن يغامر أحد من أيّة جهة كانت بسمعته الوطنية ليحرقها بمشاركة هزيلة في ورشة لا يعترف بها الفلسطينيون شعبياً ورسمياً".

بدوره، اعتبر الكاتب والمفكر الفلسطيني محمد الوحيدي أن الجعبري أو غيره من رجال الأعمال الذين أجروا اتصالات بالإدارة الأمريكية لحضور مؤتمر البحرين لا يمثلون الفلسطينيين.

وأضاف لرصيف22 أن الجعبري لا يمكنه بأية حال من الأحوال أن يكون ممثلاً عن الفلسطينيين، لافتاً إلى أنه "يتم تضخيم حجمه واعتباره كذباً ممثلاً عن الشعب الفلسطيني".

وتوقع الوحيدي أن يذهب الجعبري وغيره ممن تربطهم مع اليهود علاقات اقتصادية إلى البحرين، "لكنهم لن يقدموا شيئاً".

وعن الموقف من حضور مؤتمر البحرين، أعرب الوحيدي عن رفضه المشاركة فيه "لأنه من المستحيل وضع العربة أمام الحصان، أي لا بد من الحديث عن القضايا السياسية أولاً ثم يأتي بعد ذلك الحديث عن القضايا الاقتصادية".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard