شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
التغيير الآن وفوراً: قبل أن نفقد بيوتاً وأهلاً وأحبّة بسبب التغيرات المناخيّة

التغيير الآن وفوراً: قبل أن نفقد بيوتاً وأهلاً وأحبّة بسبب التغيرات المناخيّة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الخميس 6 يونيو 201902:07 م

نعيش في عالمٍ فيه الكثير من الحروب والقهر والموت: نازيّةٌ متجدّدة ويمينٌ صاعد، أسديّون يقتلون السوريين بكلّ الوسائل الممكنة، مجلسٌ عسكري سوداني يهاجم شباباً معتصمين يحلمون بدولةٍ مدنيّة، مآسٍ في اليمن وقهرٌ في ليبيا، فقرٌ وعدم إمكانيّة الوصول إلى وسائل التعليم لدى شريحةٍ واسعةٍ من البشر، زواج قاصراتٍ وتعنيفٌ أسري، هوموفوبيا، إسلاموفوبيا، وباقي أنواع المخاوف التي تمنعنا من العيش بشكلٍ عادلٍ وكريم.

المشكلة الوحيدة التي تواجه البشر، كلّهم، في كلّ أصقاع الأرض، هي المشكلة البيئيّة، عاجلاً أم آجلاً على كلّ فردٍ منّا أن يواجه هذه المشكلة.

أستطيع أن أعدّد مشكلات الكوكب حتى الصباح دون أن أنتهي، لكن كلّ هذه المشكلات تواجه مجموعاتٍ محدّدةً من البشر، وتؤثّر في حياة مجموعةٍ معيّنة، ولا تؤثر في حياة آخرين، فاللواتي يعانينَ من مشكلات زواج القاصرات بشكلٍ مباشر هنّ الفتيات المرغمات على الزواج، والمتأثّرون بشكلٍ مباشر من ديكتاتوريّة بشار الأسد وإجرامه هم السوريّون وحدهم، فرجلٌ كندي يعيش في مدينةٍ كنديّةٍ بعيدة لن يتأثر بشكلٍ مباشر بالمشكلتين السابقتين.

المشكلة الوحيدة التي تواجه البشر، كلّهم، في كلّ أصقاع الأرض، هي المشكلة البيئيّة، عاجلاً أم آجلاً على كلّ فردٍ منّا أن يواجه هذه المشكلة.

يقول نيكيتا نيكولاييفيش مويسييف، عضو أكاديميّة العلوم الروسيّة: "على البشر أن يعرفوا ما المُباح لهم، وأين يقع الخط المُميت الذي على البشر عدم تجاوزه في أيّ حالٍ من الأحوال". لكن يبدو أن البشر لم يعرفوا شيئاً كهذا وتجاوزوا كلّ الخطوط المسموح بها بسبب غبائهم وعنجهيتهم.

لا شكّ أن للتغييرات المناخيّة أسباب كثيرة، لكن أهمّ هذه الأسباب هي البشر، البشر بصناعاتهم، وإنتاجهم، واستهلاكهم غير المضبوط والمحدود، وعدم اهتمامهم بالمحيط البيئي، أدى إلى تشوّهاتٍ كثيرةٍ في بيئة كوكب الأرض، فارتفع منسوب مياه البحر وارتفعت درجات الحرارة بشكلٍ غير مسبوق، وتغيّرت كميات هطول الأمطار، وتحوّلت غاباتٌ إلى صحارٍ، واختفت مناطق جليديّة، مثلما حدث في مناطق من القطب الشمالي، واختفت بحار وبحيرات، مثلما حدث بحر آرال في آسيا الوسطى، وحصلت فيضاناتٌ مفاجئة، كتلك التي ضربت السواحل الأمريكيّة وسواحل شرق آسيا، ومن المتوقّع حدوث هذه الفيضانات بشكلٍ أكبر في المستقبل، ما سيؤدّي إلى اختفاء بعض الدول والجزر من خارطة الأرض، فتتغير جغرافيّة الأرض، كثيرٌ من الحيوانات انقرض وأنواع أخرى كثيرة مهدّدة بالانقراض، المحاصيل الزراعيّة سوف تتأثّر بشكلٍ سلبي جداً والطعام الذي اعتدناه سيقلّ تدريجيّاً، لنرى مجاعاتٍ كثيرةً لم نعهدها من قبل. المياه الصالحة للشرب سوف تندر، ومن المتوقع أن تقام حروب في المستقبل من أجل الوصول والتحكّم بمنابع المياه العذبة.

يتوقّع الخبراء أنّ في العام 2050 سيسقط ملايين، وربما مئات الملايين، من البشر كضحايا للتغيرات المناخية، هاربين من نقص المياه والمجاعة والكوارث الطبيعيّة، فضلاً عن مئات الملايين من اللاجئين الذين سيغزون دول العالم، هاربين من مفرزات التغيّرات المناخيّة.

لا شكّ أن للتغييرات المناخيّة أسباب كثيرة، لكن أهمّ هذه الأسباب هي البشر، البشر بصناعاتهم، وإنتاجهم، واستهلاكهم غير المضبوط والمحدود، وعدم اهتمامهم بالمحيط البيئي، أدى إلى تشوّهاتٍ كثيرةٍ في بيئة كوكب الأرض.

يتوقّع الخبراء أنّ في العام 2050 سيسقط ملايين من البشر كضحايا للتغيرات المناخية، هاربين من نقص المياه والمجاعة والكوارث الطبيعيّة، فضلاً عن مئات الملايين من اللاجئين الذين سيغزون دول العالم، هاربين من مفرزات التغيّرات المناخيّة.
كلّ هذا يحدث الآن وسنرى النتائج الكارثيّة في المستقبل القريب، في هذه السنة مثلاً من المتوقّع أن تصل درجات الحرارة إلى أعلى مستوياتها في التاريخ.

ما سبق ليس من وحي الخيال، كلّ هذا يحدث الآن وسنرى النتائج الكارثيّة في المستقبل القريب، في هذه السنة مثلاً من المتوقّع أن تصل درجات الحرارة إلى أعلى مستوياتها في التاريخ، ومن المتوقّع أن تكون الحياة في منطقة الخليج العربي مستحيلةً بعد ثمانين سنة، لأنّ درجات الحرارة ستصل إلى مئة درجة مئويّة. الفيضانات التي نراها على شاشات التلفاز في مناطق بعيدةٍ عن بلادنا كلّ عام، والعواصف التي ضربت جنوب أوروبا في السنة الماضيّة والحرائق التي ضربت شمال الكوكب، كلّها شواهد على الضريبة البيئيّة التي سندفعها في المستقبل، كوننا ننتمي إلى جنس البشر الفاعل الأكبر وأكثر الكائنات المتفاعلة في بيئة كوكب الأرض، وما يحدث هو نتيجةٌ حتميّة لاستهلاكنا الغبي ولأنماط حياتنا غير المسؤولة.

قبل كل شيء أنا إنسان أعيش في كوكب الأرض، والتغيرات المناخية الحاصلة تؤثّر على حياتي وعلى حياة من حولي.

صحيح أنّني سوريّ وأنّ كل ما يحدث في سوريا يمسّني بشكلٍ مباشر ويؤثّر في حياتي مثلما يؤثّر في حيوات السوريين، لكنّني قبل ذلك إنسان أعيش في كوكب الأرض، والتغيرات المناخية الحاصلة تؤثّر على حياتي وعلى حياة من حولي. لو كانت التغيّرات المناخية حادثة واحدة تحصل وتقضي علينا جميعاً، كأن يضرب نيزك ما الكرة الأرضيْة وينهي كلّ العذاب والآلام، لكنت هللت وفرحت بقدومه، لكن التأثيرات الحاصلة جراء التغيرات المناخيّة تحصل على دفعاتٍ مختلفة من القهر والألم، وكلّ ما عرفناه في حياتنا سيبدو وكأنّه مزاح إذا ما قارناه بما سيحدث. كلّنا سنتأثر بما سيحدث، كلّنا سنفقد بيوتاً وأهلاً وأحبّة بسبب التغيرات المناخيّة. سيصل الخراب الكبير بلادنا مثلما سيصل بلاداً أخرى، لذلك يجب أن يبدأ التغيير الآن وفوراً، هذا إن لم يفتنا القطار وكان الوقت مازال متاحاً من أجل التغيير والنجاة بعد كلّ ما جنيناه.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard