شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"كنت أقضيها في المسجد وصرت أقضيها في المقهى"..ذكريات المصريين مع ليلة القدر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 30 مايو 201905:15 م

هي ليلة ينتظرها المسلمون في كل أنحاء العالم، فهي بحسب الدين الإسلامي، خير من ألف شهر، وهي نفسها الليلة التي قال عنها النبي محمد إنها في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان، في حين اتفق جمهور كبير من رجال الدين على أنها ليلة الـ 27 من رمضان. رصيف22 تحدث مع مصريين من أعمار مختلفة عن إحياء ليلة القدر، طقوسها في بيوتهم أو في المساجد، ذكرياتهم معها، وماذا تغير.

"لسنوات طويلة كنت أقضي هذه الليلة في المسجد القريب من بيتي، مع أصدقائي وأقاربي، نصلي حتى مطلع الفجر، لكن الحياة تغيرت"، يقول الحاج فتحي، 72 عاماً، ويضيف أن المرض أنهكه وأصبح غير قادر على الصلاة في المسجد، وهذا ما جعله يقضي ليلة القدر في بيته، يصلي ويستمع لصوت إمام المسجد نفسه الذي كان يصلي فيه قبل سنوات، لكن هذه المرة وهو جالس في شرفة منزله.

يتذكر الحاج فتحي الذي قابله رصيف22 في أحد شوارع المعادي وهو متجه إلى أحد المستشفيات، ليلة القدر قبل سنوات طويلة بقوله: "كان الجميع يتركون أشغالهم ويتفرغون للصلاة في المسجد، كان صوت إمام المسجد يهز المنطقة كلها بدعاء رائع، اليوم تغيرت الأوضاع، الناس تجلس في المقاهي أو تبحث عن رزقها. قل عدد من يحرصون على الصلاة في المسجد، وباتت أصوات الأغاني الشعبية تخرج من وسائل المواصلات التي تمر بشارعنا من دون احترام للمصلين في المسجد. الحياة تغيرت، كانت ليلة القدر قديماً تعبر عن مصر الجميلة".

يتمنى الحاج فتحي أن يستطيع الصلاة في المسجد مجدداً ويقول: "قمت بعملية غضروف خصيصاً كي أستطيع المشي والصلاة في المسجد، لكن حتى العملية الجراحية لم تعد قادرة على مواجهة تقدم العمر، حلمي أن أموت في ليلة القدر على سجادة الصلاة في بيتي".

"لم أعد أصلي، وليلة القدر مثل أي يوم في حياتي"

بحسب عمرو حجاج (32 عاماً)، فإن ليلة القدر لم تعد ليلة مميزة في حياته، كان يصلي في طفولته، ويقول إن والده كان يأخذه معه إلى المسجد في ليلة القدر ليقضي المساء كله مع المصلين يدعون الله ويصلون حتى وقت متقدم. يكمل حجاج في حواره مع رصيف22 أنه لم توقف عن الصلاة منذ نحو خمس سنوات، مضيفاً أنه رغم أنه يعرف جيداً أهمية ليلة القدر فبات يعدّها ليلة عادية يقضيها مع أصدقائه في المقهى القريب من بيته.

"أعلم أن ما أفعله خاطئ، فهي ليلة جميلة، والدعاء فيها مختلف، لكن لا أعرف لماذا أصبحت مثل أي يوم عادي في حياتي، لم أعد أشعر بطعمها الجميل مثلما كان يحدث في طفولتي، ربما لأن والدي توفي ورحلت معه كل المعاني الجميلة".

يقول حجاج إنه لا يتذكر أين قضى ليلة القدر العام الفائت، مرجحاً أن يكون قضاها في المقهى مثل كل ليالي رمضان، ويضيف أن الأمر كان مختلفاً حين كان طفلاً، إذ كانت المقاهي تغدو فارغة احتراماً لهذه الليلة، والجميع يكونون في المساجد، خاتماً حديثه بأنه يتمنى أن يقضي ليلة القدر هذا العام والأعوام المقبلة في المسجد، يدعو الله أن يغيّر حياته إلى الأفضل، ويغيّر أحوال البلد أيضاً التي صارت صعبة جداً، على حد قوله.

ليلة القدر أجمل في مسجد عمرو بن العاص

"ليلة القدر بالنسبة إلي هي الصلاة في مسجد عمرو بن العاص"، يقول سائق التاكسي المصري أحمد عبد الله، (52 عاماً)، الذي يعيش في منطقة الملك الصالح العريقة بقلب القاهرة. لا يرى عبد الله أن إحساس بعض الناس بليلة القدر تغير في السنوات الأخيرة، مؤكداً أن الخير مستمر في المصريين حتى يوم الدين.

"قضاء ليلة القدر في مسجد عمرو بن العاص ستجعلكم تتأكدون أن الحياة لم تتغير وأن الدين لا يزال في قلوب المصريين كما هو، كل سنة أصلي في المسجد مع عشرات الآلاف من المصلين، تجربة مهيبة ومختلفة، ولا أتخيل أني أقضي ليلة القدر بعيداً عن مسجد عمرو بن العاص، ففيه الدعاء الجميل، والبكاء المؤثر، وحب الناس المتبادل"، يقول السائق المصري. 

وفي كل عام، يتزين مسجد عمرو بن العاص في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان استعداداً لليلة القدر، ويبدأ باستقبال المئات من المعتكفين وسط أجواء من الروحانيات، وفي ليلة السابع والعشرين من رمضان يعتكف المصلون في المسجد حتى مطلع الفجر يصلون ويسبّحون ويدعون الله".

وغالباً ما يتم فرش شارع مسجد عمرو بن العاص بالسجاد بداية من محطة مترو ماري جرجس حتى نفق الملك الصالح حيث يسكن عبد الله.

يقول حجاج إنه لا يتذكر أين قضى ليلة القدر العام الماضي، مرجحاً أن يكون قضاها في المقهى مثل كل ليالي رمضان، ويضيف أن الأمر كان مختلفاً حين كان طفلاً، إذ كانت المقاهي تغدو فارغة والجميع تقريباً في المساجد.

هي ليلة ينتظرها المسلمون في كل أنحاء العالم، فهي بحسب الدين الإسلامي، خير من ألف شهر، رصيف22 يسأل مصريين من أعمار مختلفة عن طقوس إحياء ليلة القدر بالنسبة إليهم وما الذي تغير بين الأمس واليوم. 

"ربنا يزيح عنا الهم"

تقول نوال السيد (49 عاماً) إنها تصلي ليلة القدر في المنزل، لكنها تضيف أنها تشعر بعلامات تخبرها كل عام باليوم المحدد لليلة القدر، ففي رمضان الماضي، وبعدما انتهت من صلاة العشاء،" شاهدت ملاكاً يصلي في الغرفة التي كانت تصلي فيها في المنزل، فعلمت يومذاك أننا في ليلة القدر" تقول لرصيف22 مضيفةً: "الأمر نفسه تكرر معي أكثر من مرة في السنوات الماضية، كما أنني أرى أضواء في المنزل".

وتواصل رصيف22 مع دار الإفتاء المصرية، التي قالت إن ليلة القدر تكون في الليالي الوتر من الأيام العشرة الأخيرة من رمضان (الليالي الفردية أي 21 و 23 و25 و27 و29) مضيفةً أن من علامات ليلة القدر، شروق الشمس بيضاء. وتؤكد الإفتاء أن النبي محمد أخبر أصحابه أن علامات ليلة القدر هي "أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لا شُعَاعَ لَهَا".

وبحسب دار الإفتاء، فإن إشارات ليلة القدر هي أن يرى الشخص كل شيء ساجداً، والأضواء ساطعة في كل مكان حوله، حتى لو كان المكان مظلماً، بالإضافة إلى رؤية ملائكة يتحدثون معه أو يسلمون عليه.

تكمل السيد أنها تعودت أن تدعي لكل أقاربها وأحبّتها وأصدقائها في هذه الليلة بأن يحقق لهم الله أمنياتهم، وحين تأتيها إشارة تخبرها بميعاد ليلة القدر تتصل بهم وتطلب منهم الدعاء والصلاة، وجميعهم يصدقونها، بحسب قولها.

"أكثر دعاء أحب أن أردده في ليلة القدر هو أن يزيح الله عنا الهم، فالهموم هي أكبر مشكلة يواجهها العباد، وحين تنتهي الهموم من حياتنا تصبح الحياة أجمل"، تقول السيد لرصيف22.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard