شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
لماذا تحبّون دم الحروب وتكرهون دم حيض النساء؟

لماذا تحبّون دم الحروب وتكرهون دم حيض النساء؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الجمعة 31 مايو 201912:39 م

عندما أقوم بنشر صورٍ على تويتر، للتعبير عن رأيي بموضوع معيّن، أتوقّع قراءةً مختلفة ووجهات نظرٍ متنوّعة، تعليقاً على هذه الصور، إلّا أن الصورة الأخيرة التي قمت بنشرها أثارت ضجّةً لم أكن أتوقّعها.

الصورة عبارةٌ عن رجلٍ جالسٍ على كرسيّ أمام شاشة التلفزيون، يتفرّج على مشهد معركةٍ دمويّة (من فيلمٍ أو مسلسلٍ أو حقيقي من الحياة)، تتطاير فيه الدماء من كلِّ صوب، تحت هذا المشهد صورةٌ أخرى، لفوطةٍ صحيّةٍ نسائيّة، عليها بقعة دم من الدورة الشهريّة.

في الحقيقة، تمّ التعامل مع المرأة الحائض على مرّ العصور، على أنها وسخة ونجسة.

في الصورة، نرى أن الرجل يتابع المشاهدة بشكلٍ عادي للصورة الأولى، أما في الصورة الثاني ولدى رؤية الفوطة الصحيّة على الشاشة، يقع الرجل من على الكرسي من شدّة قرفه واشمئزازه، ويغمض عينيه كي لا يرى هذه الصورة غير المقبولة أخلاقيّاً.

كانت معظم التعليقات داعمةً للمرأة، فنادى البعض (مشكورين) إلى ضرورة تقبّل الدورة الشهريّة على أنها أمر طبيعي وغير مثير للاشمئزاز. إلّا أن أغلب المعلّقين الذكور عبّروا عن سخطهم تجاه هذا المشهد الرهيب، مشهد دم الحيض على الفوطة الصحيّة، إذ هناك فرقٌ بين الدم الذي يخرج من فرج المرأة، والدم الذي يتطاير من أجزاءٍ أخرى من الجسم، بسبب طعنةٍ أو طلقٍ ناريّ.

أغلب المعلّقين عبّروا عن سخطهم تجاه هذا المشهد الرهيب؛ دم الحيض على الفوطة الصحيّة، إذ هناك فرقٌ بين الدم الذي يخرج من فرج المرأة، والدم الذي يتطاير من أجزاءٍ أخرى من الجسم، بسبب طعنةٍ أو طلقٍ ناريّ.

معاملة المرأة الحائض ككائنٍ يسكنه الشيطان أو الأرواح الشرّيرة، ليست محصورةً بدينٍ معيّن، بل بجنسٍ معيّن.. وحده النظام الذكوري البطريركي ينظر إلى دم الحيض على أنه قذر، ويعامل المرأة على أنها نجسة.

كلّما طالبت بالمساواة اتّهموها أنها تريد الانتقام من الرجل. كم أتمنى لو تنتقم المرأة من هذا المجتمع الذكوري، الّذي حطّمها وجعلها تخجل من جسدها، وأقنعها بأنها لا تصلح لأيِّ منصبٍ لأنها لا تملك قضيباً.

لماذا ينظر الذكور إلى دم الحيض بهذه الطريقة؟

في الحقيقة، تمّ التعامل مع المرأة الحائض على مرّ العصور، على أنها وسخة ونجسة، كما كانت بعض القبائل في أفريقيا والهند تُرسلها لتمضي فترة حيضها في كوخٍ بعيدٍ عن القرية.

أما في الحضارة الإسلاميّة، فمُنعت المرأة الحائض من الصلاة وقراءة القرآن وصوم رمضان، بالإضافة إلى اعتبارها نجسة، لا يجوز لزوجها التقرّب منها جنسيّاً.

في المسيحيّة، لا زالت بعض الطوائف، كالأرثوذوكسيّة مثلاً، تمنع المرأة الحائض من تناول القربان، كما أن عليها الاغتسال عدّة مرّات لاعتبارها نجسة.

معاملة المرأة الحائض ككائنٍ يسكنه الشيطان أو الأرواح الشرّيرة، ليست محصورةً بدينٍ معيّن، بل بجنسٍ معيّن..

 لن نخجل بعد اليوم وسنصرخ بالفم الملآن: إنها الدورة الشهريّة أيها السادة، إنها دم أمهاتنا وجدّاتنا، فانظروا إلينا نحن الحائضات المقدّسات!

وحده النظام الذكوري البطريركي ينظر إلى دم الحيض على أنه قذر، ويعامل المرأة على أنها نجسة.

كلّما تحرّرت المرأة من قيد، يخلق لها الذكوري قيداً جديداً.

كلّما طالبت بالمساواة اتّهموها أنها تريد الانتقام من الرجل. كم أتمنى لو تنتقم المرأة من هذا المجتمع الذكوري النجس، الّذي حطّمها وجعلها تخجل من جسدها، وأقنعها بأنها لا تصلح لأيِّ منصبٍ لأنها لا تملك قضيباً.

كلّ ما وصلنا إليه اليوم من حقدٍ على المجتمع الذكوري هو نتيجة تراكمات لكلّ هذه الأفكار الّتي زرعها المجتمع في عقول الناس. لو كان الرجل يحيض لكان دم الحيض من أطهر ما يكون، لأصبح الفخر والاعتزاز لمن ينزف أكثر، لاعتُبرت الدورة الشهريّة محطة عزّ وكرامة.

نعم المرأة تتمرّد اليوم، بعد هذا التاريخ الظالم. كما واجهتونا بالقتل والدم، سنواجهكم نحن أيضاً بالدم، دم الحيض، دم الأمومة والشجاعة والتضحية. لن نخجل بعد اليوم وسنصرخ بالفم الملآن: إنها الدورة الشهريّة أيها السادة، إنها دم أمهاتنا وجدّاتنا، فانظروا إلينا نحن الحائضات المقدّسات!

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard