شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
رمضان في إيران.. تقاليد وأعراف للصائمين وللمفطرين كذلك

رمضان في إيران.. تقاليد وأعراف للصائمين وللمفطرين كذلك

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 23 مايو 201904:26 م

في طابور أمام محال بيع الخبز البربري الإيراني طيب المذاق يقف العشرات في طهران ينتظرون دورهم لشراء خبز المائدة الرمضانية، يتفاجأ ضيفي الغريب عن العاصمة الإيرانية برؤية أحدهم يأكل من الخبز الطازج قبل الآذان، فالازدحام الشديد قبل ساعة الإفطار على محال بيع الأطعمة أوحى له بالتزام الأغلبية بالصيام، لكن الحقيقة أن رمضان في إيران ليس للصائمين فحسب بل للجميع.

الأعراف والتقاليد في إيران أقوى من قوانين البلد الإسلامي، فميراث الأجداد هو الحاكم في تفاصيل الحياة وإن كانت حالات التمرد على هذه الأعراف عديدة إلا أنها لم تتمكن بعد من تخطي المألوف. يقول صديقي معلم المدرسة: "لا أنا ولا أحد من زملائي نصوم لكننا لا نستطيع أن نتناول الطعام علناً بالرغم من عدم وجود أي رقابة علينا في غرفتنا الخاصة، الأمر غير محبذ هنا”.

 أما صديقتي التي زعزعت بعضُ القوانين الإجبارية في إيران إيمانَها بدين الإسلام فتستعد لاستقبال ضيوف على مائدة الإفطار، أستوضح منها بشأن هذا التناقض فترد: "الأمر مختلف، ما أعتقده أنا لا يعني أننا لا نمارس العادات الرمضانية فعلينا أنا وزوجي كعائلة جديدة أن نتبادل التهاني مع الآخرين ونتبادل الدعوات على السفرة الرمضانية، لا أحد يسألنا إن كنا صائمين أم لا، القصة لا تتوقف عند العبادات، هناك أيضاً ثقافة خاصة بهذا الشهر".


وجبة خفيفة مميزة

الوجبة الخفيفة عند آذان المغرب أكثر ما يميز شهر الصوم في إيران، خبز ساخن وجبن وكأس من الشاي فاتح اللون مع الكثير من الخضار الطازجة والحلويات الرمضانية وأشهرها الزلابية أو ما يسمى لقمة القاضي، تتزين هذه المائدة بحساء الآش أو الحليم ولاسيما في الأيام الأولى للشهر الفضيل.

يكتفي البعض بهذه الوجبة الخفيفة لإفطاره، ويؤجل الوجبة الدسمة ليتناولها على السحور وتتضمن الأرز واللحم والمرق وطيبات أخرى من المطبخ الإيراني، إلا أن وجود ضيوف يغير هذا النمط البسيط في البيت، لتضاف إليه وجبة عشاء كاملة بعد ساعة أو أقل من الإفطار المتواضع.

مشروبات تقليدية شهية

يهتم الإيرانيون بنظامهم الغذائي باعتمادهم على الطب الشعبي، في رمضان أو خارجه نلاحظ تركيز الناس هنا على طبيعة الغذاء فهذا طبيعته باردة وهذا طبيعته ساخنة، هذه الوصفة تقي من الحرّ وتلك من البرد. ولرمضان أيضاً قواعد غذائية خاصة يلتزمها الإيرانيون بشكل لافت ولا سيما ما يتعلق بالمشروبات المتنوعة التي ترافق الصائم بعد الإفطار، أشهاها وأكثرها شهرة "سنكجبين خيار" الذي يحضر من الخل والنعناع والخيار وهو مشروب يروي عطش الصائم.

 ولا تخلو المائدة الرمضانية من شراب خواجة إبراهيم المميز بحباته الهلامية السوداء والذي يروي الصائم أيضاً، تصنع السيدات هذه المشروبات باحترافية ولكل منهن بصمتها الخاصة هذه تضيف الزعفران وتلك  تضع الليمون وأخرى تفضل زهرة لسان الخزام.



رمضانيات العشائر والمدن

المشهد الرمضاني خارج العاصمة طهران يبدو مختلفاً، فالالتزام الديني عرفاً أو قانوناً يظهر بشكل أوضح في المناطق التي حافظت على وحدة نسيجها الاجتماعي أكثر من المدن الكبرى، ولا سيما أن التنوع القومي في إيران يدفع بكل جماعة إلى الحفاظ قدر المستطاع على عاداتها وتقاليدها.

عشية رمضان تتحضر نساء التركمان في محافظة غلستان الشمالية، لشهر الصوم بتنظيف شامل للبيت أولاً ثم مسجد الحيّ، حيث يجتمع الأهالي في آخر جمعة من شعبان لتنظيف المسجد وإهدائه سجادة جديدة بمناسبة حلول رمضان، وقبل أن يظهر الهلال يقيم كبار كل منطقة عشاء خاصاً يسمى "الله يولي"، غالباً ما يحضر كبار العشيرة المتخاصمين إلى هذه المراسم ليتصالح الطرفان ويولّي الخصام بعيداً عن الشهر الفضيل.

وعلى الخير في رمضان تجتمع النسوة في همدان غرب ايران، ففي ظهر يوم 27 رمضان تتجه السيدات إلى مسجد الحي لصلاة الظهر أولاً ثم لإقامة مراسم "حياكة الأكياس" تحضر النسوة معهن القماش والإبر والخيطان لحياكة أكياس صغيرة توزع لاحقاً على الناس لملئها بالصدقات لتصل إلى المحتاجين قبل العيد.

خبز ساخن وجبن وكأس من الشاي الخفيف مع الكثير من الخضار الطازجة، حساء الآش أو الحليم، شراب "سنكجبين خيار” المصنوع من الخل والنعناع والخيار..نأخذكم في جولة إلى موائد الصائمين في مناطق مختلفة من إيران، ونخبركم بما يأكله المفطرون كذلك.

في ظهر يوم الـ 27 من رمضان تتجه السيدات في همدان غرب إيران إلى مسجد الحي لصلاة الظهر أولاً ثم لإقامة مراسم "حياكة الأكياس" فتحضر النسوة القماش والإبر والخيطان لحياكة أكياس صغيرة توزع لاحقاً على الناس لملئها بالصدقات لتصل إلى المحتاجين قبل العيد.

عشية رمضان تتحضر نساء التركمان في محافظة غلستان الشمالية في إيران لشهر الصيام بتنظيف شامل للبيت أولاً ثم مسجد الحيّ، حيث يجتمع الأهالي في آخر جمعة من شعبان لتنظيف المسجد وإهدائه سجادة جديدة. أهم تقاليد الإيرانيين في رمضان نعرفكم عليها في هذا التقرير.

لا تزال هذه العادات حيّة في مدينة همدان، فالناس يعتقدون أن لهذه الأكياس بركة خاصة لأن الصائمات قمن بحياكتها باحترام الشهر الفضيل وبنية فعل الخير، فيما اندثرت بعض العادات والتقاليد الأخرى كحساء الحاجة والطلب، حيث تجمع النسوة كل الخبز اليابس المتبقي من موائد الشهر الفضيل ليضفنه على حساء مصنوع من مرق لحوم الأضاحي صباح العيد، يعتقد البعض أن لهذا الحساء بركة خاصة تلبي دعاء من يطبخه.



في أغلب المدن الإيرانية تستضيف عائلة العريس الجديد عائلة العروس وبالعكس في الأسبوع الأول من رمضان وتقدم الهدايا للزوجين، في بعض المدن غرب إيران يتوجب على أصغر فرد في العائلة زيارة منزل أكبر فرد فيها ثاني أيام رمضان، فيما تستمر هذه اللقاءات إلى منتصف الشهر حيث تقام مراسم خاصة بالأطفال في مدن مختلفة في إيران تعرف بين عرب إيران بمراسم "قرقيعان"، فيما تعرف بكاشان باسم "هوم بابائي" يجول فيها الأطفال على أبواب الحي طلباً للحلويات مرددين الأهازيج. كما تقام مراسم لقراءة الأشعار الدينية في ليلة 15 رمضان في بعض المدن الإيرانية، ولا تزال هذه الرسوم تحظى باهتمام خاص حتى بين المسؤولين لما يعنيه الشعر لدى الإيرانيين.

كبقية المسلمين يتشارك الصائمون في إيران إفطارهم مع الجيران فيرسلون لهم أطباقاً من الطعام، لا يزال أهل مدينة لرستان يتمسكون بهذا التقليد في رمضان بالرغم من تطور أساليب الحياة حيث يعرف بينهم باسم "كاسم سا".

أما النذر وموائد الرحمة فتنتشر في أغلب شوارع المدن الإيرانية في رمضان، فأعمال الخير تكثر بين الناس كما العبادات في هذا الشهر.



رونق رمضان في إيران لا يشبه بلادنا

تفرض القوانين الإيرانية في شهر رمضان التزام الجميع بآداب شهر العبادات، فتغلق المطاعم والمقاهي حتى وقت الإفطار، فيما يسمح ببيع الوجبات الباردة في أغلب محال بيع الأطعمة الجاهزة، على بردات المياه العامة توضع ستارة لحجب من يريد الشرب، وما تقوم به الشرطة الأخلاقية فعلياً هو منع ظواهر الإفطار جهراً في رمضان، أما من أراد الاستتار في عدم صيامه فالأمر سهل، لكن الكثير من الشباب ينتقد إجبارية الالتزام بخط سياسي محدد.

يشاهد زائر طهران وخاصة القادم من الدول العربية المجاورة ضعف رونق شهر رمضان، وربما يعزها البعض لأسباب سياسية وآخرون لأسباب اجتماعية، لكن الأمر بالنسبة للإيرانيين مختلف فمقارنة ببقية أيام السنة يحظى رمضان بحياة ليلة عامرة أمام المساجد وفي المطاعم والحدائق لكنها ببصمة إيرانية لا تشبه بطبيعة الحال بلادنا العربية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard