شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"ما بدي نام ببلكون، بدي غرفة عادية"...مسيرة لإسقاط نظام الكفالة في لبنان

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 6 مايو 201902:52 م

"عُمّال مش عبيد"، "العنصرية تقتل"، "لسنا حيوانات، نحن بشر"، هذه بعض الشعارات التي رفعها المئات من عاملات المنازل الأجنبيات خلال تظاهرة في العاصمة اللبنانية بيروت، الأحد، على هامش الاحتفال بعيد العمال، مُطالبات بإلغاء نظام الكفالة الذي يُقيّد حُريّتهن ويجعلهن تحت السيطرة الكاملة لأرباب العمل.

ووثّقت لاجئة فلسطينية تُدعى سارة قدورة مُشاركة عاملة إثيوبية في المسيرة "معنوياً" من شرفة المنزل الذي تعمل فيه، رُبما لعدم السماح لها بأخذ يوم عطلة مثلما حصل مع بعض العاملات في مسيرةٍ سابقة في بيروت، يونيو الماضي.

انطلقت مسيرة الأحد التي نظّمها مركز العاملات/ العمال المهاجرين (التابع لحركة مناهضة العنصرية)، وجمعية كفى، والمركز اللبناني لحقوق الإنسان، ومؤسسة عامل، الساعة 12 ظهراً من سوديكو سكوير في بيروت باتجاه حديقة المفتي حسن خالد، وفقاً لما قالته سارة لرصيف22، مُشيرة إلى أن المشاركين مرّوا في أحياء سكنية ليصلوا إلى العاملات اللواتي لم يستطعن المُشاركة.

وروت العاملات المُتظاهرات تجاربهن المؤلمة في نهاية المسيرة التي سيطرت عليها أجواء الفرح رغم تعاسة التجارب، وفقاً لسارة، لافتة إلى أن العاملات عزفن الموسيقى وهتفن ورقصن.

أضافت سارة أن ما أثّر فيها خلال مُشاركتها، كان المرور عبر الأحياء السكنية ومشاركة بعض العاملات من الشبابيك وشرفات المنازل، قائلةً: "العديد منهن بكين معنا، وهتفن والتقطن صوراً، وبعضهن كن إلى جانب 'الكفيل'، فلم يستطعن التفاعل، ولكن المُتظاهرات رفعن أيديهن تضامناً معهن".

وتُرجح سارة أن تكون العاملات اللواتي شاركن من المنازل محرومات من أخذ يوم عطلة.

ووصفت نظام الكفالة بـ "الاستعبادي"، وأنه يُجرّد العاملات من أبسط الحقوق الإنسانية، قائلةً إن أحد الهتافات كان:"ما بدي نام ببلكون، بدي غرفة عادية".

ولفتت إلى أن نظام الكفالة يُسهّل العنف ضد العاملات، وبموجبه لا تستطيع العاملة أن تكشف أي انتهاك بحقّها، "لا سيما الاغتصاب المستشري والسهل جداً، وكأنه ضوء أخضر أن يتم اغتصاب المهاجرات"، وفقاً لسارة.

ومن أسباب مُشاركة سارة في المسيرة هو تضامنها مع الفئات المُهمّشة كونها لاجئة فلسطينية تعيش في لبنان، مُشيرة إلى أنها هي أيضاً تتعرض لاستثناءات من قانون العمل، لذلك "تعرف أهمية ضم كل العمال ضمن القانون وتأمين شروط عمل وعيش أفضل من دون عنصرية ولا استغلال".

وتُطالب الجهات المُنظمة للمسيرة بإلغاء نظام الكفالة المقيّد للحريّات واستبداله بقوانين هجرة عادلة، وضم عاملات المنازل إلى قانون العمل، ووقف الاحتجاز الإداري لعاملات المنازل ضحايا العنف والاستغلال، كذلك وقف احتجاز وترحيل العاملات اللواتي ينجبن أطفالاً ويُنشئنَ عائلات في لبنان، ومراقبة عمل مكاتب الاستقدام والتشدد بمعاقبة المنتهكين حقوق عاملات المنازل، والتحقيق الجدّي في حالات موتهن، والملاحقة القانونية الفعلية للمعتدين عليهن.

مسيرة في بيروت لإسقاط نظام الكفالة، شاركت فيها بعض المعينات المنزليات من الشبابيك وشرفات المنازل لعدم استطاعتهن الانضمام إليها فبعضهن محرومات من يوم عطلة وأخريات كنّ تحت مراقبة "الكفيل"…شبكة نظام الكفالة في لبنان تحت المجهر.
عاملات منزليات في لبنان يُجبرن على النوم في شرفات البيوت محروماتٍ من أبسط الحقوق الإنسانية. لأجلهن سار المئات في مسيرة في بيروت الأحد مطالبين بإلغاء نظام الكفالة معتبرينه "نظام استعباد حديث".

عالقات في خيوط شبكة الكفالة

يعيش في لبنان نحو 250 ألف عامل منزلي مُهاجر، من بينهم نحو 186 ألف امرأة مُعظمهن من إثيوبيا والفلبين وبنغلادش وسريلانكا وفقاً لوزارة العمل. ولا يشمل الرقم آلافاً يعملن من دون تصاريح، وهو ما وثّقته المُخرجة نادين لبكي من خلال قصة العاملة الإثيوبية راحيل في فيلمها "كفرناحوم" (الجحيم أو الخراب) الذي ترشح لجائزة الأوسكار هذا العام.

تقول منظمة العفو الدولية إن عاملات المنازل المُهاجرات في لبنان "عالقات في خيوط شبكة نسَجها نظام الكفالة"، موضحةً أنه "نظام رعاية" يزيد من خطورة تعرضهن للاستغلال والعمل القسري والاتجار بالبشر، ولا يتيح لهن آفاقاً تُذكر للحصول على الإنصاف.

وتُشير المنظمة إلى أن جميع عاملات المنازل المهاجرات غير مشمولات بقانون العمل اللبناني بل يخضعن بدلاً منه لنظام الكفالة الذي يربط الإقامة القانونية للعاملة بعلاقة تعاقدية مع صاحب العمل، وإن انتهى التعاقد، حتى في حالات إساءة المعاملة، تفقد العاملة صفة الهجرة القانونية وتصبح عرضة لاحتجازها وترحيلها.

ولا تستطيع العاملة المنزلية تغيير صاحب عملها من دون موافقته، وهذا ما يسمح لصاحب العمل بـ "إرغام العاملة على القبول بشروط عمل تقوم على الاستغلال"، وفقاً لمنظمة العفو الدولية.

وأظهرت المنظمة في تقرير حديث أعدّته بعنوان "بيتهم سجني": استغلال عاملات المنازل المهاجرات في لبنان أشكالاً عدّة لإساءة المعاملة، وصلت لها من خلال مُقابلة 32 عاملة منزلية مُهاجرة بين 2018 و2019.

وذكرت المنظمة أن إساءة المعاملة شملت إرغام العاملات على العمل ساعات طويلة، وحرمانهن من الحصول على أيام إجازة، وعدم دفع رواتبهن أو اقتطاعها، وفرض قيود مشددة على حرية تنقلهن واتصالاتهن، وتعريضهن لإساءة لفظية وبدنية.

ووثقت المنظمة في ثماني حالات أدلةً على العمل الإجباري وفي أربع حالات، أدلة على الاتجار بالبشر. ولم تستطع النساء ترك أعمالهن في حالات العمل الإجباري الثماني خشيةً من العواقب.

وطالبت بعض العاملات اللواتي تعرضن لسوء المعاملة إرجاعهن إلى مكاتب الاستقدام أو إلى بلدانهن، ولكن أصحاب العمل رفضوا. وذكرت بعض العاملات أنهن عندما طلبن ترك أعمالهن، طلب أصحاب العمل منهن تسديد المبالغ التي كانوا قد دفعوها مقابل تشغيلهن.

وقال وزير العمل كميل بو سليمان في فبراير الماضي إنه سيولي العمل على قانون عمل عصري الأولوية، وسيسعى إلى تحسين ظروف عاملات المنازل. وشكّل أخيراً مجموعة عمل تضم ممثلين عن المنظمات والجهات المعنية كلّفها تقديم اقتراحات لإصلاح نظام الكفالة. ولا تقتصر الإساءات على العاملات في لبنان فقط، بل تشمل أيضاً العاملات في قطر والإمارات والسعودية التي تتبع نظام الكفالة ذاته.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard