شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
يتلذَّذون بالاستمتاع الذاتي أكثر من الجنس… ما المشكلة؟

يتلذَّذون بالاستمتاع الذاتي أكثر من الجنس… ما المشكلة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 13 أبريل 201907:22 م

دخلت الأستاذة الجامعيّة «ليا»، غير السعيدة في زواجها، دورة المياه، وتخيّلت زميلها المثير ستيفان يدخل معها، ويبدأ في تقبيلها ويدفع يديه أسفل تنورتها، وهي مُتلذّذة بممارسة "الاستمتاع الذاتي" مقارنة بالعلاقة الجنسيّة المباشرة مع زوجها..

كان هذا مشهداً في العمل التلفزيوني البريطاني «Cheat - غش»، إلَّا أنه يحدث بالفعل في حياتنا، بصورٍ مختلفةٍ، بحسب خبراء نفسيين تحدثنا إليهم.

مشاهدة الأفلام الإباحيّة أبرز بوابات الاستمتاع الذاتي، وبحسب تقارير نشرتها مواقع طبية متخصصة، لا يسبّب الاستمتاع الذاتي، كما يروّج كثيرون، العمى، ولا ضعف الانتصاب أو انكماش القضيب، ولا يتسبّب في انخفاض عدد الحيوانات المنويّة أو العقم، حسبما يؤكّد الموقع الطبّي الشهير "medicalnewstoday"، كما لن تسبّب المتعة الذاتيّة، عدم انتظام الدورة الشهريّة عند النساء، وفق ما يذكر موقع "flo.health".

ولكن الدكتورة منى رضا، أستاذ الطب النفسي في جامعة عين شمس، ترى بحسب فيديو نشرته على صفحتها الخاصبة بـ"فيس بوك"، أنَّ كثرة مشاهدة الأفلام الإباحيّة تُغيّر من قدرة الشخص على الاستمتاع بالعلاقة الطبيعيّة، تقول: من يشاهد الأفلام الإباحيّة، خاصّة المَشَاهِد العنيفة، تنخفض لديه القدرة على الاستمتاع بالعلاقة الجنسيّة الطبيعيّة، حيث تصبح غير مُرضية وغير كافية، ويرغب في حجم «إثارة أعلى».

وأشارت أستاذ الطبّ النفسي في جامعة عين شمس، إلى أنّ الشخص الذي يُفرط بمشاهدة الأفلام الإباحية، تتغيّر نظرته حيال الممارسة الجنسية، فحينما يعود ليمارس العلاقة الجنسيّة الطبيعيّة، يرى أنَّها "غير مثيرة" فيعزف عن الجنس "الطبيعي"، ويعود للاستمتاع الذاتي.



ويتفق مع ذلك الدكتور جمال فرويز، استشاري الطبّ النفسي بمستشفيات القوّات المسلّحة المصريّة، يقول لرصيف 22، إنَّ إدمان مشاهدة "أفلام البورنو" وما تخلقه في ذهن الشخص المدمن على مشاهدتها، تزيد من جرعة الإثارة واللذّة أثناء ممارسة الاستمتاع الذاتي، مقارنةً بالعلاقة الجنسيّة الطبيعيّة، حيث تلعب الصورة دوراً رئيسياً في ذلك، مُحذِّراً من أنَّ عملية التنفيس الجنسي قد تصل إلى درجة لا يستطيع بسببها الفرد ممارسة حياته "الطبيعيّة"، وهنا تُسمَّى بـ"إدمان الأفلام الإباحيّة".

"مشاهدة "أفلام البورنو" وما تخلقه في ذهن الشخص المدمن على مشاهدتها، تزيد من جرعة الإثارة واللذّة أثناء ممارسة الاستمتاع الذاتي، مقارنةً بالعلاقة الجنسيّة الطبيعيّة، حيث تلعب الصورة دوراً رئيسياً في ذلك"

سارة، 25 سنة، والتي بدأت مشاهدة المواد الإباحية في سن 13 أو 14 سنة، ولا زالت تشاهدها، لكن ليس بالقدر الذي اعتادت عليه من قبل.

تقول سارة في تقرير نشره موقع "بي بي سي": أعتقد، بعد عشر سنوات من مشاهدتها بانتظام، أنّني أواجه صعوبةً في الوصول إلى النشوة، إلا بعد الوصول إلى مستوى مرتفعٍ من التحفيز، كالذي أجده عندما أستخدم أداة جنسيّة تماثل القضيب، أو أشاهد المزيد من المواد الإباحيّة.

“لا إدمان في الجنس”

قد لا يكون هناك حرج في ممارسة الاستمتاع الذاتي، لكن يمكن أن تصبح العادة السريّة مسبّبة للإدمان، لأنها مسكّن فوري للتوتّر، ويمكن أن تكون مدمّرة عند استخدامها كوسيلةٍ لتهدئة وتخدير الذات، وليست للتواصل مع شخص آخر، بحسب ما تقول الدكتورة ليزا فايرستون، عالمة نفس إكلينيكيّة.

ويوجد خلاف حول مسألة إدمان الأفلام الإباحيّة، فبعض الدراسات ترى أنها إدمان حقيقي كإدمان المخدّرات، ومن بين هذه الدراسات ما وجده باحثون في جامعة كامبريدج، من تطابق أنماط تفاعل أدمغة الأشخاص الذين يدمنون الأفلام الإباحيّة عند مشاهدتها، مع مدمني المخدرات عند تعاطي العقاقير المخدّرة.

في المقابل، يعتقد ديفيد لاي، مؤلّف كتاب "خرافة إدمان الجنس"، أنَّ السلوك الذي يصفه البعض بإدمان الجنس، غالباً ما ينتج عن مشكلات مزاجيّة لم تُعالَج مثل القلق، وهو ما يصعب الوصول إلى دليلٍ على وجود هذه الاضطرابات حتى يتسنّى للمتخصّصين التركيز على علاجها.

"الجنس والاستمتاع الذاتي ليس إدماناً مثل المخدرت والكحول، فالبعض يمكن أن يموت إذا أقلع عن شرب الكحوليات"

ويقول "لاي" إن النظر إلى "الجنس والاستمتاع الذاتي" على أنهما يتساويان مع إدمان المخدرات والكحول يبدو مثيراً للضحك، "فمدمني الكحول قد يلقون حتفهم في بعض الأحيان عند الإقلاع عن تناوله".

"مفيد للتخلّص من الضغط النفسي"

الاستمتاع الذاتي أو ما يعرف بـ"الاستمناء" ليس له أية آثار جانبيّة ضارّة، ومع ذلك، يشعر كثيرون بالذنب تجاه ممارسة العادة السريّة الهادفة إلى النشوة الجنسيّة المنفردة، فبحسب موقع "healthline" قد يشعر بعض الأشخاص بالذنب تجاه ممارسة العادة السريّة، بسبب المعتقدات الثقافيّة أو الروحيّة أو الدينيّة، فيما يدمن البعض الآخر المتعة الذاتيّة، ما يضرّ بحياته العاطفيّة وعلاقته الحميمة مع شريكه الآخر.

في الإسلام اختلف علماء المذاهب الفقهية الأربعة حيال الاستمتاع الذاتي، حرّم علماء المالكيّة والشافعيّة والزيديّة ممارسة العادة السريّة، أمّا الأحناف فحرّموها في معظم الحالات وأجازوها في حالة واحدة، وهي اقتراب المرء من الوقوع في الزنا، معتمدين على قاعدة "أخفّ الضررين"، وقيّد فقهاء الحنابلة الجواز بأمرين: الأوّل خشية الوقوع في الزنى، والثاني عدم استطاعة الزواج.

"الكبت الجنسي يؤدي إلى الضغط النفسي، وتحت وطأة "الحرمان العاطفي" يمكن أن تغتصب وتقتل، لذا الاستمتاع الذاتي مفيد" الدكتور جمال فرويزر

ويقول الدكتور جمال فرويز، إن الاستمتاع الذاتي قد يكون مفيداً إذا كان بهدف التخلّص من الكبت، لأن الكبت قد يؤدي إلى الكثير من الأضرار، مشيراً إلى أن الناس لا تدرك ما قد يسبّبه الضغط النفسي: "الضغط النفسي يمكن أن يدفع الشخص للقتل، فتحت وطأة الحرمان العاطفي يمكن للفرد أن يغتصب ويقتل".

ويشدّد موقع "medicalnewstoday" المهتم بأخبار الصحة على أنَّ العادة السريّة "مشكلة فقط" إذا بدأت تتداخل مع الحياة اليوميّة، والعلاقات مع الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل وشركاء الحياة، مشيراً إلى أنه في هذه الظروف، قد يكون من المفيد التحدّث إلى طبيب مختصّ.

"كثيرون يُفضِّلون الاستمتاع الذاتي"

وتأثير الاستمتاع الذاتي على العلاقات العاطفيّة في مجتمعنا العربي موجود بالفعل، فهناك زوجات يشتكين من أن أزواج عازفين عن ممارسة العلاقة الحميمة، ويدمنون الاستمتاع الذاتي، وفق ما يؤكّد جمال فرويز، في ضوء حالات تأتي له للعلاج.

يقول فرويز: "الكثير من الأشخاص يستمتعون بمشاهدة الأفلام الإباحيّة وممارسة العادة السريّة أكثر من ممارسة العلاقة الجنسيّة".

على موقع "quora" يقول حساب مجهول لأحد الأشخاص إنه يدمن "الاستمناء"، ويسأل ماذا يفعل؟ فيجيبه آخر أنه كان مدمناً للاستمتاع الذاتي، وحينما مارس الجنس مع صديقته لم يتمكّن من القذف لأنه استخدم يده كثيراً خلال عمليات الاستمتاع الذاتي، ففقد ثقته بنفسه وبدا راضياً بالمتعة الذاتيّة، ولم يعد بحاجةٍ إلى أي شخص، حتى أصبح في عزلة، في ذات الوقت الذي أدرك حاجته إلى شريك عاطفي.

أمَّا بالنسبة للنساء اللواتي يعانين من خللٍ جنسي، يمكن أن يساعد التحفيز الذاتي على زيادة الرغبة الجنسيّة والحساسيّة، بحسب ما توصّلت إليه دراستان أجريتا في العام 2009. وذكرت نساء أن الاستمتاع الذاتي عمل على زيادة الإفرازات المهبليّة التي توفّر الترطيب خلال العلاقة الجنسيّة الطبيعيّة، بحسب تقرير نشره موقع "healthline" المهتمِّ بشؤون الصحّة الجسديّة.

لكن الاستمناء يمكن أن يؤثر على الحساسيّة أثناء ممارسة الرجال للجنس، حيث أظهرت الأبحاث أن إحكام قبضة الرجل على القضيب أثناء ممارسة المتعة الذاتيّة قد يقلّل من الإحساس، لذا يوصي خبراء الصحة الجنسيّة بتغيير أسلوبك أثناء الاستمناء، لاستعادة مستويات الحساسيّة أثناء ممارسة الجنس.

وتشير بعض الأبحاث إلى أن التحفيز الجنسي، بما في ذلك التحفيز من خلال الاستمناء، قد يساعد على تخفيف الضغط المتراكم، وتعزيز المزاج، والاسترخاء، والشعور بالسعادة، وخفض التوتر الجنسي.

كما تشير أوراق بحثية أخرى إلى أن القذف المنتظم قد يقلّل خطر الإصابة بسرطان البروستاتا، بالرغم من أن الأطباء ليسوا متأكّدين تماماً من السبب، حيث وجدت دراسة أجريت في العام 2016 أن خطر الإصابة بسرطان البروستاتا انخفض بنسبة 20٪ تقريباً لدى الرجال الذين قذفوا 21 مرّة على الأقل شهريّاً.

وفي النهاية، ينصح الدكتور جمال فرويز، إذا كنتم تعانون من إدمان ممارسة الاستمتاع الذاتي، بعلاج "معرفي سلوكي" بجانب العلاج الدوائي، الذي قد لا يحتاجه المريض بقدر احتياجه للعلاج الأوّل.

ويشير تقرير لموقع "healthline" إلى أن العلاج بالتحدّث يمكن أن يساعد الفرد على إدارة إدمانه للعادة السريّة، لافتاً إلى أنشطة أخرى يُمكن القيام بها عند الشعور بالرغبة في ممارسة الاستمتاع الذاتي، كالذهاب للركض أو المشي، الكتابة، وقضاء وقت مع الأصدقاء.

أمّا إذا كان الاستمتاع الذاتي لا يسبب لكم إزعاجاً، ولا يتداخل مع علاقاتكم في حياتكم اليوميّة، فهي عادة غير مؤذية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard