شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
أوسكار...

أوسكار... "كلب البك" الذي تصدّر الترند اللبناني متفوقاً على وزير الخارجية الأمريكي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 23 مارس 201903:46 م

الكلب وفيّ. هذه واحدة من الصفات التي يعطيها الناس للكلاب. ووليد جنبلاط، الزعيم اللبناني الدرزي، من الأشخاص الذين اختبروا ذلك. علاقته بكلبه "أوسكار" بدأت منذ نحو 14 سنة، كان يظهر فيها الكلب في التقارير والتغطيات التلفزيونية المباشرة، مرافقاً له، تارة يلحق بصاحبه كيفما تحرّك، وطوراً يجلس وسط الدار بقربه، يستقبل معه الوفود والزوار، ومنهم شخصيات سياسية عربية ودولية.

أمس، أدرك الموت "أوسكار". نعاه جنبلاط على تويتر، المنصة التي كثيراً ما نشر عليها تغريدات تتحدث عنه، فعرف متابعو "البك" مكانته لديه.

على مواقع التواصل الاجتماعي، شكّل موت "أوسكار" حدثاً شغل اللبنانيين، فاحتل هاشتاغ #اوسكار المرتبة الأولى على لائحة "التراند" في لبنان لساعات طويلة، مع أن البلد كان يشهد زيارة فائقة الأهمية لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.

قدّم كثيرون العزاء لجنبلاط الذي اشتهر بعلاقته مع كلبه، ومنهم أكثر من شخص على خلاف سياسي مع الزعيم الدرزي كالصحافي في جريدة الأخبار اللبنانية بيار أبي صعب، الذي غرّد قائلاً:

المفارقة تتمثل في الطريقة التي استقبل فيها اللبنانيون موت أوسكار. فقبل إعلان جنبلاط موته بأقل من ساعة، كان بومبيو قد انتهى من شنّ هجوم عنيف جداً على حزب الله، هجوم يُظهر أن الولايات المتحدة تعمل على إعادة رسم خطوط الاصطفافات القديمة التي شهدها لبنان عام 2005، ما يبشّر بمرحلة قادمة ساخنة.

رغم كل ذلك، بقي اللبنانيون مشغولين بموت "أوسكار" أكثر من تصريحات بومبيو وتبعاتها على بلد يوغل في الهشاشة.

بعيداً عن عبارات المواساة والتعاطف، فإن الموت "الحدث" شكّل كغيره مادة لسجال يستبطن ثقافة شعبية احتل فيها الزجل، القائم على مبارزة كلامية بين طرفين، مكانة كبرى.

هكذا، أصبحت خصلة الوفاء التي يجسدها "أوسكار"، والكلاب عموماً، موضوعاً لسجالات وتندّر بين أنصار الزعيم الدرزي وخصومه.

ركّز كثيرون من أنصار "البك" على أن "أوسكار" لم يخن صاحبه، بعكس كثيرين ممّن دعمهم جنبلاط فبادلوه بـ"الخيانة". ورغم أن فعل الخيانة فضفاض، ولا محددات نهائية له، لكنه في عرف الجنبلاطيين يطال بشكل أساسي مَن "خرجوا" من فيء عباءة الزعامة الدرزية الأولى مكوّنين لأنفسهم حيثية سياسية "منافسة" ما كانت لتكون لولا دعم الخصوم.

في لبنان، حيث يتزعّم السياسون الكبار طوائف، لا تشكل حالة وليد جنبلاط أي استثناء، ذلك أن عقول الأتباع والمناصرين غالباً ما تكوّن عن الزعيم (الكبير والحامي والأب والراعي) صورة مقدسة، فلا تعود لديها قابلية لهضم أي نشاط معارض ومختلف داخل جسم طائفي وسياسي وظيفته أن يبقى "مستقراً" على إرث الماضي.

وعليه، ليس مستغرباً أن يكون موت "أوسكار" فرصة للبعض ليبالغوا في طريقة تقديم العزاء للزعيم الدرزي، تماماً كما يفعل غيرهم من اللبنانيين مع "زعمائهم" في مناسبات أخرى.

شكّل موت "أوسكار"، كلب الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، حدثاً شغل اللبنانيين، فاحتل هاشتاغ #اوسكار المرتبة الأولى على لائحة "التراند" في لبنان لساعات طويلة، مع أن البلد كان يشهد زيارة فائقة الأهمية لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو
الكلب وفيّ. هذه واحدة من الصفات التي يعطيها الناس للكلاب. ووليد جنبلاط، الزعيم اللبناني الدرزي، من الأشخاص الذين اختبروا ذلك. علاقته بكلبه "أوسكار" بدأت منذ نحو 14 سنة...

خصوم جنبلاط، لم يوفّروا الفرصة بدورهم. ففكرة الوفاء نفسها شكّلت مادة لتندرهم ومدخلاً لانتقاد الزعيم الدرزي. استحضروا ماضي الحرب الأهلية ثم تحولات جنبلاط السياسية منذ عام 2005، وعطفوا كل ذلك على زيارة بومبيو للبنان وما يتوقعونه من مواقف جديدة قد يطلقها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، بعد محاولة وزير الخارجية الأمريكي "إحياء" الروح في قوى 14 آذار.

ولطالما استحضر بعض اللبنانيين اسم أوسكار للتلميح إلى زعامة الزعيم الدرزي المطلقة وسطوته على مناصريه ونواب حزبه ووزرائه.

كثيرة هي القضايا التي تستحق أن تكون ترنداً في بلد استقراره هش وأحوال أبنائه المعيشية تتدهور يوماً بعد يوم، ولكن يبدو أن أوسكار وصورة قبره الذي يعلوه تمثال له مصنوع من البرونز، أوصى عليه جنبلاط منذ ثلاث سنوات، ستبقى مادة أساسية للتداول في الأيام القادمة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard