شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
دار الأوبرا الإيطالية

دار الأوبرا الإيطالية "لا سكالا" تردّ المال السعودي وتُحبط خطة وزير الثقافة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 19 مارس 201907:25 م

في اجتماع استثنائي يوم أمس، اتخذ مجلس إدارة دار الأوبرا الإيطاليّة "لا سكالا" قراره بالإجماع: ردّ الأموال للسعودية، وإحباط  خطة وزير الثقافة السعودي بأن يُصبح عضواً في المجلس.

يأتي هذا القرار بعد جدل حقوقي وسياسي طويل بدأ، في ديسمبر الماضي، منذ إعلان إدارة المسرح عن عرض سعودي من وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدا لله بن فرحان آل سعود بقيمة 15 مليون يورو لمدة خمس سنوات، يسمح للوزير بدخول مجلس إدارته وللسعودية بالتعاون مع الدار في تنظيم نشاطات فنيّة ضمن خطتها المُعلنة للانفتاح.

ويُعدّ "تياترو غراندي آلا سكالا"، المعروف بـ"لا سكالا"، من المسارح الأكثر شهرة ووقاراً في إيطاليا والعالم، وكان رئيسه ألكسندر بيريرا من أشدّ المتحمسين للعرض، إذ وصفه بأنه "فرصة لن تتكرّر"، بينما كان يُقنع المسؤولين والرأي العام الإيطالي بأن هناك موافقة جماعيّة عليه في مجلس الإدارة (باستثناء واحد). 

وفي معرض دفاعه عن موقفه، أعلن بيريرا أن المفاوضات مع الرياض بدأت بعد اتصالات مع الحكومة السعودية وشركة "آرامكو" للنفط، إثر اقتراح قدمه أشخاص مقربون من آتيليو فونتانا، رئيس إقليم لومباردي وعضو في حزب "الرابطة" اليميني بقيادة وزير الداخلية ماتيو سالفيني.

"(لا سكالا) يُشكّل فخرنا الوطني في العالم، ولا بدّ من أخذ ذلك بالاعتبار عند قبول أموال من بلدان تسبّبت بالعديد من المشاكل"... كان هذا تعليق سالفيني، وسط دعوات بإقالة رئيس الدار
بعد ضغوط حقوقيّة وسياسيّة، دار الأوبرا الإيطاليّة "لا سكالا" تردّ للسعوديين 3 ملايين يورو وتُحبط خطة دخول وزير الثقافة السعودي إلى مجلس إدارتها 

وزعم رئيس المسرح أنه في ديسمبر الماضي، وتزامناً مع بدء الموسم الجديد في المسرح، جرى لقاء بين وزير الثقافة الإيطالي آلبرتو بونيسولي ونظيره السعودي، واستمرت الاتصالات لاحقاً بشكل منتظم.

لم تسر الأمور بالشكل الذي أراده بيريرا، إذ ووجهت حماسته بموجة انتقاد واسعة اتهمته بتشويه الثقافة الإيطاليّة وبالسعي وراء مصالحه الشخصيّة، ومنها التمديد لولاية ثانية بعد انتهاء الأولى عام 2020.

مع اقتراب موعد الحسم في 18 مارس زادت الأمور حدّة. انتشر الخبر عن إيداع مبلغ من 3 ملايين دولار في حساب خاص بطرف ثالث من دون موافقة من دار الأوبرا، وهذا المبلغ هو الذي أعلن، جوزيبي سالا، رئيس بلديّة ميلانو التي تحتضن الدار، أن مجلس الإدارة قد قرّر بالإجماع ردّه، معلّقاً أن" السير في الوقت الحالي في هذا الطريق غير ممكن".

وكان ماتيو سالفيني، وزير الداخلية وزعيم حزب الرابطة الحاكم، قد حثّ دار الأوبرا على رفض المال.

وقال سالفيني، وهو نائب رئيس الوزراء كذلك، إن "لا سكالا" يُشكّل "فخرنا الوطني في العالم"، ولا بدّ من أخذ ذلك بالاعتبار عند قبول أموال من "بلدان تسبّبت بالعديد من المشاكل في الماضي". وأضاف "يمكنك قبول الأموال ولكن ليس من أي أحد، الأعمال هي الأعمال ولكن هناك حدود، إذا ما كنا نتحدث مثالاً عن السعودية أو الصين".

وبينما دعا سالفيني إلى عزل بيريرا، أكد سالا بأن الأخير باقٍ في منصبه حتى انتهاء ولايته. ودافع رئيس البلدية عن صدق نوايا رئيس المسرح، مُشدّداً على أنه أراد إنقاذ "لا سكالا" من الأزمة الماليّة.

في المقابل، اعتبر سالا أن بيريرا كان "ساذجاً" في التعامل مع هذه القضيّة، وعزا ذلك إلى كونه أتى إلى إيطاليا من النمسا منذ سنوات قليلة، و"لا يُدرك تماماً حساسيّة الأمور هنا".

وكان وزير الثقافة الإيطالي قد أعرب عن مخاوفه من "دخول طرف أجنبي" إلى مجلس إدارة "لا سكالا"، وهو الأمر الذي سيُعدّ سابقة، مشيراً إلى إمكانيّة أن يخلق ذلك أزمات دبلوماسيّة في حال حصل أي خلاف داخلي.

مع ذلك، لم يُقفل المعنيون بدار الأوبرا الباب تماماً أمام السعودية، فقد قال رئيس البلديّة "صحيح أن لا نيّة لدينا بإدخال السعوديين إلى مجلس الإدارة، لكن ليس هناك فيتو عليهم أو أننا لسنا منفتحين على أشكال تعاون أخرى".

"آرتورو توسكانيني يتقلّب الآن في قبره"، كان هذا تعليق أحد سكان ميلانو على أخبار انضمام السعودية للدار، بموازاة انتقادات عديدة انهالت على الأخير بشأن تعامله مع "دولة تنتهك حقوق الإنسان" و"تقتل مواطنيها بأبشع الطرق".

الآن بات بإمكان توسكانيني، قائد الأوركسترا الإيطالي الشهير (1867 - 1957) أن يرتاح في قبره، بعدما طوى الدار الذي شهد صعود روسيني وبيليني ودونيزتي وفيردي وغيرهم صفحة الأموال السعوديّة… أقلّه في المدى المنظور.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard