شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
غسيل وتهريب أموال الأجانب عبر تبرعات

غسيل وتهريب أموال الأجانب عبر تبرعات "وهمية" من السعودية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 6 مايو 201710:32 ص
“كيف أخرج أموالي من السعودية؟”، سؤال بات يسيطر على تفكير العديد من الأجانب في المملكة. هم في الغالب الموظفون الذين يعملون في القطاع الخاص، ويديرون في الوقت ذاته أعمالهم الخاصة، الأمر الذي لا يسمح به القانون. فنتيجة للصعوبة التي يعانيها القطاع الخاص في السعودية، جراء حالة الركود في السوق المحلي بشكل عام، اضطر العديد من الأجانب إلى التفكير ملياً في الخروج من البلاد، والعودة إلى أوطانهم، ومعهم أموالهم التي تمكنوا من ادخارها طوال فترة عملهم فيها. لكن الأنظمة والقوانين المحلية تلزم المقيم الأجنبي بالكشف عن مصدر أمواله، في حال رغبته تحويل مبالغ تتجاوز حدود راتب الوظيفة. فمن الصعب، مثلاً، أن تجد سكرتيراً أجنبياً في إحدى الشركات يحول ثلاثة ملايين ريال إلى الخارج، لأن ذلك يعني أنه إما حصل على المال بطريقة غير مشروعة، أو كان يدير عملاً تجارياً حراً، ما يتنافى مع الأنظمة السعودية التي تمنع المقيم الأجنبي من العمل خارج عباءة كفيله، وهو إما مواطن سعودي أو شركة سعودية. كما تُلزم الأنظمة الكفيل بأن يعمل الموظف ضمن إطار مؤسسته، وما عدا ذلك يُعدّ تستراً على نشاط العامل الأجنبي، ويعرض الكفيل لدفع غرامة تقدّر بنحو مئة ألف ريال. لكن تلك المعضلة وجدت طريقها إلى الحل، بعد لجوء بعض رجال الأعمال إلى الدفع بأموالهم على نحو تبرعات وهمية خارج السعودية، وهي في حقيقة الأمر ليست أموالهم، بل مدخرات الأجانب ممن كانوا يعملون في أعمال تجارية حرة، يحولونها مقابل مبلغ محدد. وفي السياق نفسه، يؤكد المحامي سعيد الشهراني لرصيف22 أن وسائل التواصل الاجتماعي تداولت أخباراً غير مؤكدة حول رجال أعمال بارزين في السعودية أعلنوا عن استثمارات وتبرعات خارج السعودية، في الوقت الذي يعلم فيه الجميع الظروف التي آل إليها العديد منهم بعد انخفاض أنشطتهم في السوق السعودية. وأضاف الشهراني: "من الصعب الكشف عن تلك الأسماء دون أدلة دامغة على أنهم متورطون في عمليات تهريب أموال، إلا أن تلك الظاهرة بدأت بفرض نفسها جراء خروج أعداد ليست بقليلة من السعودية". في الوقت عينه، أنهت دائرة الجرائم الاقتصادية تحقيقاتها حول عمليات غسيل أموال بلغت قيمتها 15 مليار ريال، أوقعت بالعديد من المتهمين بينهم سعوديون وعدد من المقيمين. فبحسب التحريات التي قامت بها الدائرة، اتضح أن تلك المبالغ تعود لأجانب مقيمين في السعودية أودعت في حسابات رجال أعمال تولّوا تحويلها إلى الخارج.
“كيف أخرج أموالي من السعودية؟”، سؤال يسيطر على تفكير العديد من الأجانب في المملكة

عمل جديد لأصحاب الشركات

بحسب فؤاد النصار، وهو صاحب مؤسسة التكامل للمقاولات بمدينة جدة، فإن العديد من أصحاب شركات المقاولات الذين اضطروا إلى إغلاقها لجأوا إلى الاتفاق مع عدد من الأجانب ممن كانوا تحت كفالة مؤسساتهم، بأن يتم تهريب أموالهم، شريطة الحصول على نسبة معيّنة. وقد وضح النصار أن لدى بعض الأجانب المنضوين تحت لواء تلك المؤسسات، أعمالاً تجارية حرة لكنها تحت موافقة الكفيل. علماً أن العديد منهم يحصل على مستحقات ضخمة لنهاية الخدمة، وهو أمر قانوني، وإخراج هذا المال عن طريق التحويلات البنكية لا غبار عليه، لكون تلك الأموال معروفة المصدر. ولكن الشبهات تدور حول المبالغ الضخمة والمحولة من موظف راتبه الأساسي لا يتجاوز ثلاثة ألف ريال، ففي هذه الحال، يصبح من الضروري الإفصاح عن مصدرها، الذي قد يكون نتاج مزاولة عمل إضافي حر يعلم به الكفيل أو من دون علمه. حامد عوض الله سوداني الجنسية عمل في السعودية، 30 عاماً مشرفاً تسويقياً لأحد متاجر الملابس، فاستطاع جمع المال اللازم ومشاركة كفيله صاحب تلك المتاجر التي كان يعمل فيها بعد بيع أرضه في مسقط رأسه بالسودان. إلا أن ركود سوق تجارة الملابس دفع بعوض الله للتفكير ملياً بالعودة إلى بلاده، لكنه اصطدم بصعوبات تحويل مبلغ ضخم إلى بلاده. يؤكد عوض الله عدم نيته اللجوء إلى التحايل وتهريب أمواله عن طريق تبرعات وهمية عبر كفيله أو أشخاص آخرين، إذ إنه سيقوم بالكشف عن مصدر أمواله، في حال سؤاله “من أين لك هذا؟”.

عقوبة المتورطين في غسيل الأموال

تدخل عمليات تحويل الأموال هذه في القوانين السعودية تحت جرائم غسيل الأموال التي تشمل بحسب القانون التحويلات التي يعلم مُحولها أنها من مصدر غير مشروع أو غير نظامي، أو إخفاء أو تمويه طبيعة الأموال أو المتحصلات أو مصدرها أو حركتها أو ملكيتها. وتنص المادة التاسعة عشرة في نظام مكافحة غسيل الأموال على أن عقوبة المرتكبين السجن 15 عاماً، والغرامة سبعة ملايين ريال، إذا تمت العملية من خلال عصابة منظمة أو إذا استخدم العنف أو الأسلحة، أو شغل المرتكب وظيفة عامة اتصلت الجريمة بها، أو ارتكب الجريمة من خلال مؤسسة إصلاحية أو خيرية أو تعليمية مثلاً.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard