شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
قراءة نشاط الدماغ: اقتحام أو حل؟

قراءة نشاط الدماغ: اقتحام أو حل؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

تكنولوجيا

الأربعاء 19 أكتوبر 201611:01 م

في عصر تمكنت فيه التكنولوجيا من خرق حدود الواقع لدمجه مع الخيال، لا عجب إذا تمكن العلماء من قراءة نشاط أدمغتنا. ولا عجب إن تمكننا من استخدام إشارات دماغنا الكهربائية لتغيير محيطنا. فتكنولوجيا الـBrain computer interface BCI، أي واجهة الدماغ الحاسوبية، قد تسمح للأفراد البكم بالتواصل من جديد، وللمقعدين تشغيل أجهزة المساعدة الروبوتية، أو حتى التلفاز عن طريق أفكارهم

الـ BCIنظام قائم على الكمبيوتر يلتقط إشارت الدماغ، يحللها ويترجمها إلى أوامر يتم ترحيلها إلى جهاز خارجي لتنفيذ العمل المطلوب. ويطمح هذا النظام إلى ربط  العالم الرقمي بالجهاز العصبي المركزي لإصلاح الإدراك البشري. ويحصل هذا الربط من خلال طريقتين: إما ربط الأسلاك والخلايا العصابية جسدياً مع مسامير معدنية مجهرية تلتصق في الدماغ  لتحفيز و/أو قياس الجهد الكهربائي للخلية العصبية، أو استخدام الضوء للسيطرة على الخلايا العصابية، فيجري إدخال جزيء حساس للضوء إلى سطح خلية من الخلايا العصبية، يسمح لمستخدم خارجي بتحريك هذه الخلية عند تغيير نبض الضوء، أي لونه.

رغم أن الأبحاث لا تزال في مستهلها، فهي تطبق في العديد من المجالات، وتساعد في تأمين حلول لأمراض مزمنة. تسمح للناس بالتحكم بخوفهم وألمهم وجوعهم من دون اللجوء إلى طبيب نفسي واستشاري تغذية. وقام باحثون بقيادة  Martin Fusseneggerمن Zurich، بزرع خلايا تحمل جينات معينة في فأر، والتحكم بها عبر واجهة حاسوبية يرتديها إنسان. ونجح باحثون آخرون في هارفارد في بناء واجهة بين الإنسان والحاسوب والفأر، تمكن الإنسان من التحكم بذيل الفأر عبر إرسال الفكرة فقط. كذلك قاموا بتجارب على أدمغة تلاميذ وصلوها عبر الانترنت ووجب على التلاميذ إرسال إشارات دماغهم للمتلقي لإطلاق النار في الوقت المناسب.

يدل هذا إلى أننا في المستقبل القريب، إذا أدخلنا هذا النوع من الزرع (Brain Controlled Implant) في أدمغتنا فسنصبح قادرين على التحكم بإفرازات هورموناتنا كالأدرينالين والدوبامين من خلال إرسال فكرة من دماغنا، حتى أنه سيمكننا التواصل بعضنا مع بعض من دون الحاجة إلى النطق. وهذا سيكون عن طريق توارد الخواطر أي الـTelepathy. والأكثر إثارة هو إمكانية إعادة السمع للصم، والبصر للمكفوفين، والحركة للمقعدين.

عام 2013 تلقى ثمانية أشخاص يعانون من التهاب الشبكية الصياغي، زرعاً للشبكة أتاح لهم رؤية الضوء من جديد، كما أصدر باحثون في جامعة شيكاغو تفاصيل جديدة عن أطراف اصطناعية (ذراع أو رجل) حساسة عند اللمس تتواصل مباشرة مع الدماغ. وتم تطوير جلد اصطناعي موصول بواجهة حاسوب دماغية لمعالجة ضحايا الحروق أو تغطية الأطراف الاصطناعية. حتى أن هذه التكنولوجيا نجحت في تمكين مريض مصاب بجلطة دماغية وشلل تام من تهجئة بضع كلمات والتواصل مع العالم مجدداً. ورغم أن هذا يبدو كشكل من أشكال  قراءة العقل، فإن هذه التكنولوجيا تتطلب جهداً واعياً من المشاركين، إذ عليهم تدريب أدمغتهم لإنتاج نبضات صحيحة لإرسال الرسالة الصحيحة إلى الكمبيوتر، ما يعني أن إتقانها يتطلب وقتاً (نحو 30 ساعة أو أكثر، حسب الجهاز والإشارة التي يتم قياسها).

تكنولوجيا "واجهة الدماغ الحاسوبية" التي قد تتيح لنا التحكم بالأشياء عن بعد باستخدام دماغنا فقط

لعل تكنولوجيا واجهة الدماغ الحاسوبية لا تتيح قراءة أفكار الناس من دون موافقتهم، لكن العلماء حققوا اختراعات مذهلة في إعادة إنتاج أفكارنا على شاشة منها اختراع Mind Sense الذي يقيس موجات دماغ السائق، ثم يحذره إن كان واعياً بما يكفي ليقود. اختراعات أخرى نذكرها هي الـBBC iplayer الذي يمكن المشاهد من تغيير المحطة من خلال تفكيره. كما أن علماء من جامعة أكسفورد تمكنوا من معرفة أفكار الأشخاص من خلال  الرنين المغناطيسي fMRI وتعقب أنماط نشاط قشرة الجزء الأمامي من الدماغ.

تغييرات هائلة قد يحدثها تطور هذه التكنولوجيا في السنوات القادمة، ولكن أين نحن فعلاً من كل هذا التطور؟ وما مصير مفاهيم مثل "الإرادة الحرة" و"العقل الحر" إن كان باستطاعة الكثيرين تعقب ما نريد شراءه مثلاً من دون حاجتنا للكلام، وفق ما يتيحه اختراع Neurosense الذي يستخدم الـfMRI لتقييم مشاعرنا حيال المنتجات والإعلانات والروائح؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard