شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
وثائق حرب يونيو 67: الإسرائيليون اقترحوا تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وكندا والبرازيل

وثائق حرب يونيو 67: الإسرائيليون اقترحوا تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وكندا والبرازيل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 26 مايو 201707:20 م

قبل أيام قليلة من اندلاع حرب يونيو 1967، وخلال ما عُرف بـ"فترة الانتظار" التي تلت دخول الجيش المصري سيناء، وإغلاق جمال عبد الناصر مضيق تيران أمام مرور السفن الإسرائيلية، سادت حالة من الرعب في إسرائيل إلى درجة دفعت رئيس الحكومة ليفي أشكول للتحذير من تعرض الإسرائيليين لـ"ذبح حقيقي" على يد الجيوش العربية، وأعرب وزير الدفاع موشيه ديان عن خشيته من "القدرة المحدودة لإسرائيل على هزيمة العرب".

أيام قليلة وكان كل شيء قد انتهى، وتحوّلت إسرائيل من حالة الرعب والخوف من وصول الجيوش العربية إلى تل أبيب إلى نشوة الانتصار بعد أن ضاعفت مساحتها ثلاث مرات باحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان.

وحينئذ بدأ الحديث عن مصير اللاجئين الفلسطينيين، وطُرحت مقترحات عدة للبحث عن وطن بديل للاجئين الذين وجدوا أنفسهم بلا أرض ولا وطن.

تمني اختفاء الفلسطينيين

تكشف وثائق أفرجت عنها إسرائيل مؤخراً ونشرها الأرشيف الإسرائيلي وحملت عبارة "سري للغاية"، بمناسبة مرور 50 عاماً على حرب الأيام الستة، محاضر جلسات الحكومة الإسرائيلية المصغرة (الكابينيت)، التي عقدت عدداً من الجلسات قبل وخلال وبعد الحرب.

في الجلسة التي انعقدت بتاريخ 6 يونيو 67، لخص ليفي أشكول الحالة الإسرائيلية بقوله: "علينا تعميق التفكير وتعميق البحث حيال توجهاتنا الأمنية. كان التوجه المباشر كسر قوة العدو، وبالأمس حددنا المسألة: سيناء وشرم الشيخ قبل كل شيء. نواجه مشاكل حول مستقبل العلاقات مع مصر، وضع سيناء وقطاع غزة، مسألة حرية الملاحة في خليج إيلات وكذلك في السويس، وضع الضفة الغربية، وضع البلدة القديمة في القدس، مسألة المناطق المنزوعة السلاح في الشمال، ومسألة المياه، وحل مشكلة اللاجئين ومشاكل السكان العرب التي ستتزايد ربما مع احتلال مناطق جديدة".

من النقاشات يتضح أن الوزراء الإسرائيليين تمنوا وقتها لو اختفى العرب الفلسطينيين الذين احتُلت أراضيهم من الوجود تماماً. فقد قال وزير الداخلية حاييم موشيه شابيرا مخاطباً رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اللواء أهارون ياريف: "لم يهرب العرب"، ويرد الأخير: "في غزة لم يكن لديهم مكان يهربون إليه، لا يمكنهم هناك سوى الاستسلام".

أشكول حذّر من وجود العرب في البلدة القديمة بالقدس، مطالباً بالبحث عن حل، فقاطعه وزير العمل يغال آلون بقوله: "كنت لأصبح في قمة سعادتي إذا ما فروا تحديداً من البلدة القديمة بالقدس"، فالتقط وزير التعليم والثقافة زلمان إران أطراف الحديث قائلاً: "في الضفة الغربية وقطاع غزة ما يزيد عن مليون عربي. في إسرائيل وفي ظل معدلات الهجرة الحالية، نتساءل من الناحية الإحصائية متى يصبح العرب أغلبية في الدولة؟".

"مَن سيتحمل مسؤولية السكان المحليين إذا ما احتلت إسرائيل الضفة الغربية؟"، سأل أشكول فأجابه ديان: "لديهم متاجر وطعام". مرة أخرى قال أشكول: "لكن مع ذلك، هم مئات الآلاف، من غير المعقول ألا نعرف كيف سيعيشون".

وهنا جاءت إجابة ديان لتكشف عن المخططات التي ستتضح تفاصيلها في ما بعد، بقوله: "يتعين علينا أن نختار أحد الخيارين: أن نطردهم من هنا عبر اتفاق مع (الملك الأردني) حسين، أو بدون اتفاق مع حسين، أو أن نتحمل المسؤولية".

في السابع من يونيو احتل الإسرائيليون البلدة القديمة في القدس، والمسجد الأقصى والضفة الغربية، والجولان السورية.

في جلسة 7 يونيو قال رئيس الأركان إسحق رابين: "بالنسبة للأردن والضفة الغربية. وكذلك في المدينة القديمة بالقدس، رغم توقف القتال، هناك طوال الوقت عمليات قنص، وهو ما يحدث أيضاً بالضفة الغربية، باستثناء الخليل، التي لم تشهد قتالاً تقريباً. هنا أحدثنا إمكانية للسماح بفرار مَن يريد، ولمنع اندلاع قتال ضار. في أريحا توقفنا هنا (يصف على الخريطة) ولم نرد مواصلة القصف وصولاً إلى جسر اللنبي (جسر الملك حسين)، لمنح فرصة الفرار لمَن يريد الهروب. أخبروني أن هناك فرار. بوجه عام تضم هذه المنطقة نحو مليون عربي. نفترض أن هناك 100 ألف سيفرون".

وثائق جديدة عن حرب الـ67 تظهر أن الإسرائيليين تمنوا وقتها لو اختفى العرب الفلسطينيين من الوجود تماماً
"لو كان الأمر متعلقاً بنا، فسنقوم بإرسال العرب كافة إلى البرازيل" من الأحاديث التي دارت بين الاسرائيليين في الـ67

تهجير أبناء القدس القديمة

في جلسة 14 يونيو، بدأ الحديث عن تهجير الفلسطينيين العرب سواء داخل فلسطين المحتلة أو خارجها يأخذ بعداً جديداً، وكانت مسألة طرد العرب من البلدة القديمة بالقدس تسيطر على الحديث.

قال أشكول مخاطباً وزراء الكاببنيت: "بالنسبة لمسألة الحي اليهودي بالمدينة القديمة. تعلمون أننا دمرنا ما دمرناه لتوسيع الساحة القريبة من حائط المبكى (البراق). كانت هناك فكرة ربما لتنظيف الحي اليهودي من المنازل ونقل السكان العرب إلى مكان آخر. في الحي اليهودي تقطن الآن نحو 2000 أسرة عربية. كانت هناك فكرة أنه ربما علينا أن نبدأ بإعادة ترميم المعابد، ثم نبدأ في هدم تلك المنازل بالجرافات. ربما عندما يرون أنه لا أمل لهم يبدأون في التحرك من تلقاء أنفسهم".

INSIDE_67FilesINSIDE_67Files

وذهب وزير العمل آلون إلى ضرورة تهجير العرب من البلدة القديمة بحكمة. وقتها سأله وزير الصحة يسرائيل برزيلي: "كيف يمكن القيام بذلك بحكمة؟"، وزاد أشكول متسائلاً "بحكمة مع الجرافات؟".

ليعود آلون ويعرض خطته التي تقضي بإشاعة خبر بدء إسرائيل في إعادة بناء المعابد القديمة المهدمة "كنوع من التغطية التي تعني تهجير العرب"، مقترحاً إقامة أحياء يهودية بجوار سور المدينة القديمة، وإعطاء الأولوية للبناء هناك، بهدف "تطويق المدينة القديمة بأحياء يهودية جميلة، حول الطريق إلى الجامعة وجبل المشارف والشيخ جراح وما إلى ذلك"، وتابع: "أعتقد أنه يمكن إقامة أحياء جميلة هناك تناسب المنظر المقدسي وبالأسلوب المقدسي الجميل، ولرسم واقع يهودي داخل المدينة القديمة وحولها".

المخطط نفسه تبناه وزير الداخلية شابيرا الذي أكد ضرورة طرد العرب من البلدة القديمة لإخلاء مكانهم لليهود، من خلال البدء في تشييد تلك المباني والمعابد، مضيفاً: "يجب أن نقول للعرب إن ذلك يمكن أن يؤذي المنازل التي يقيمون بها، إذا ما عملنا هناك بالجرافات وما شابه، ومن أجل سلامتهم نقترح عليهم الانتقال إلى مكان آخر".

ومضى يقول: "ربما يمكننا توطين اليهود في منازل العرب الذين قد يكون هرب بعضهم، ويمكن نقلهم من مكان إلى مكان. وعلينا أن نعطي مَن يسكنون داخل المدينة القديمة منازل أخرى، وأن نوضح لهم أننا على وشك إعادة بناء مواقعنا الدينية التي دُمّرت. أعتقد أنهم سيتفهمون ويوافقون على ذلك، لكن علينا ألا نفعل ذلك في صورة طرد. ننقلهم من بيت إلى آخر، وقد لا نفعل ذلك دفعة واحدة. يمكن البدء بـ500 أسرة ثم 500 آخرى، وإخبارهم أننا مضطرون لإعادة بناء الحي اليهودي".

موشيه ديان أعلن تأييده لمخطط تهجير عرب البلدة القديمة قائلاً: "لن نلقي بهم في الشارع، لا. سننقلهم إلى منازل من بيت لحم وصولاً لرام الله... ستأتي الجرافات لتمهيد المنطقة. وسيحدث ذلك في مناطق أخرى نريد إخلاء شوارعها".

المخطط إذن كما أوضحه أشكول لاحقاً هو تهجير العرب من البلدة القديمة إلى منازل خالية لعرب آخرين في الضفة الغربية "وإذا ما جاء أصحاب تلك المنازل، نقوم بإخلائهم من ذلك الحي إلى حي آخر. لكن ليس إلى البلدة القديمة بالقدس. يدور الحديث عن 2000 أو 3000 شخص، ندخلهم في الأثناء إلى المنازل الخالية، هناك بالتأكيد مَن سيرحلون ولن يرجعوا".

خطط لوطن بديل

شهدت جلسة اللجنة الوزارية الأمنية في 15 يونيو حديثاً مكثفاً عن تهجير الفلسطينيين إلى وطن بديل، وكان من بين مَن تشددوا لهذا الرأي وزير العمل آلون بقوله: "طرحت فكرة ضرورة بحث إمكانية توطين اللاجئين في العريش وأماكن أخرى بسيناء، وأن نطلب لتحقيق هذا الهدف مساعدات واسعة من يهود العالم والدول الكبرى".

وأكد مدير مكتب رئيس الوزراء ميخال هرتسوغ أن هناك اقتراحاً قد طُرح "لإتاحة طرق هجرة للاجئين إلى دول أخرى. هناك اقتراح لرئيس وزراء كندا لبحث إمكانية توطين لاجئين عرب في كندا، وكانت هناك فكرة أيضاً لوحدة عامة مع الأردن".

خلال الاجتماع أيضاً، طُرحت فكرة نقل الفلسطينيين إلى العراق، ورأى أشكول أنه "لو كان الأمر متعلقاً بنا، فسنقوم بإرسال العرب كافة إلى البرازيل". فاعترض وزير العدل يعكوف شمشون شابيرا، قائلاً: "هم سكان تلك الأرض، واليوم أنتم تسيطرون عليها. لا يوجد سبب لطرد العرب ونقلهم إلى العراق".

في جلسة 19 يونيو، اعتبر أشكول أن المشكلة الأخطر بالنسبة إلى إسرائيل هي لاجئو قطاع غزة، موضحاً: "ليس هناك مكان لتوطينهم، إلا إذا كانت هناك خطة لتوطينهم في العريش. أخشى كثيراً من توطينهم في الضفة الغربية، لأن عرب الضفة الغربية أنفسهم، حتى هؤلاء الذين هم ليسوا لاجئين في المخيمات، يعانون من ظروف اقتصادية سيئة للغاية وهو ما سمعناه أمس من وزير المالية الذي قلل من إمكانية التطوير الصناعي ومستقبل الزراعة هناك، إلى الدرجة التي تحول دون توطين اللاجئين من المخيمات الموجودة اليوم بالضفة الغربية، لذلك فإن نقل لاجئي غزة إلى الضفة كحل لمشكلة اللاجئين هناك، أعتقد أنه ليس أكثر من حلم".

وزير الشرطة إلياهو شاشون طرح فكرة تهجير لاجئي غزة إلى الضفة الشرقية (الأردنية)، لكن وزير المالية بنحاس سافير قلل من جدوى الفكرة قائلاً: "في الضفة الغربية يمكن إقامة حكومة عسكرية، أما بالنسبة للضفة الشرقية يجب أن نأخذهم من أعناقهم ونرميهم، ولا أدري مَن سيستقبلهم هناك، خاصة لاجئو غزة".

شابيرا أدلى بدلوه في هذه المسالة بقوله: "أذكر أنه في وقت ما اقترح موشيه شاريت (ثاني رئيس وزراء إسرائيلي) استيعاب عدد من اللاجئين، وكان الحديث يدور وقتها عن 100 ألف لاجئ عربي نستوعبهم في إسرائيل. المشكلة وقتها كانت في الأساس مشكلة قطاع غزة، وكيفية ترتيب مسألة اللاجئين في القطاع. وما إذا كان بالإمكان نقل 200 ألف من اللاجئين إلى العريش أو توطين جزء منهم في الضفة الغربية، اعتقد أنه من الأفضل لنا استقبال 200 ألف لاجئ عربي بما فيهم 100 ألف لاجئ فكرنا في توطينهم".

فقاطعه وزير الأديان زيراح فرهابتيغ قائلاً: "هناك أيضاً 100 ألف عربي في القدس ومحيطها"، ليكمل شابيرا: "سيكون لدينا 300 ألف عربي مع أولئك الذين في القدس، الذين يبلغ عددهم 250 ألف عربي، أي سيكون الإجمالي 550 ألف عربي".

هنا تدخل وزير الشرطة شاشون قائلاً: "سوف يشكلون 20% من إجمالي السكان، لذلك نأمل في وصول هجرة كبيرة للغاية، أتمنى أن نصل إلى نتيجة مفادها أنه يتعين علينا فعل شيء حيال معدلات الولادة، وضمان عدم سقوط عدد كبير من القتلى على طرق السير وقتها لن تكون نسبة الـ20% أمراً خطيراً للغاية".

بنحاس سافير عاد وحذّر من مشكلة ديموغرافية شبهها بالقنبلة الموقوتة، متوقعاً أن يصل عدد العرب في إسرائيل مع الزيادة الطبيعية إلى مليون نسمة خلال أربعة أعوام. وأيده في ذلك وزير العدل يعكوف شمشون شابيرا الذي حذر من دولة "ثنائية القومية" يتحول فيها اليهود إلى أقلية، معتبراً أن الحل هو ضم الضفة الغربية للأردن.

واقترح الوزير مناحيم بيغن إعطاء فلسطينيي الضفة وضع مقيم لـ7 سنوات، لا يمكنهم خلالها التصويت في انتخابات الكنيست، مشدداً على أنه يتعيّن خلال هذه الفترة تكثيف الهجرة لإسرائيل وزيادة معدلات الولادة بين اليهود.

وفي إطار المقترحات التي طرحت خلال الجلسة عرض أشكول فكرة تبادل السكان، بالضغط على الدول العربية لاستيعاب اللاجئين من الأراضي التي احتلتها إسرائيل بزعم أن الأخيرة استوعبت مئات الآلاف من اليهود بالدول العربية في السابق.

وتحدث وزير التجارة والصناعة زئيف شيرف قائلاً: "يمكننا الحديث من ناحية المرغوب فيه لنا ومن ناحية المتاح. المرغوب فيه بالنسبة إلينا هو وضع عام 1948، عندما هرب العرب وجاء مهاجرون يهود وشغلوا مكانهم، وقمنا من خلالهم بتعمير المدن والقرى. اليوم ليس هناك وضع كهذا. لم يهرب العرب ولم يأت مهاجرون".

وعندما سُئل شيرف عن الحل من وجهة نظره أجاب: "في رأيي علينا أن نبدأ في تفاوض هادئ ومباشر مع دول ما وراء البحر التي تستطيع استيعاب لاجئين. يمكن أن يبدو الأمر غريباً، لكن خلال الأسبوع الماضي، نُشر مرة باسم رئيس الوزراء الأسترالي، ومرة باسم رئيس وزراء كندا، أنهم مستعدون للمساهمة في حل مشكلة اللاجئين. الأمر في أيدينا. إذا ما وجدنا طريقة لتوطين 500 أو 1000 أسرة من اللاجئين كدفعة أولى، فسوف نفتح الطريق. لا أعرف ما إن كانت وزارة الخارجية جربت معرفة نوايا الأستراليين والكنديين. لكن البرازيل أيضاً استوعبت خلال العقد الماضي هجرة هائلة، أكثرها من اليابان. ورغم أن البرازيل دولة كاثوليكية، فقد استوعبت عشرات آلاف اليابانيين من أبناء ديانة الشنتو. فلماذا لا يستوعبون عرباً أيضاً؟ هناك أراض ومياه، ربما يمكن مساعدتهم بمقابل مادي، يتطلب الأمر دراسة، يمكننا إجراءها بصمت، ثم نتحدث عن ذلك بصوت مرتفع".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard