شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
من الصحافة العبرية: الإسرائيليون يتصرّفون كبهائم مع إضراب الأسرى الفلسطينيين

من الصحافة العبرية: الإسرائيليون يتصرّفون كبهائم مع إضراب الأسرى الفلسطينيين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 11 مايو 201703:41 م

"أورلي نوي" صحافية وناشطة يسارية إسرائيلية خلصت إلى أن مجتمعاً يحتفل شامتاً بنصب فخ لأسير مضرب عن الطعام منذ ثلاثة أسابيع وهو يتناول أو لا يتناول بعض الفتات، هو مجتمع مريض مثير للاشمئزاز، فقد الأخلاق وبات أفراده أشبه بالبهائم.

رأت "نوي" وهي من أصول إيرانية، في مقال بموقع "سيحا مكوميت" العبري المناهض لسياسة الاحتلال الإسرائيلي، بعنوان "متى أصبحنا بهائم هكذا؟"، منشور بتاريخ 8 مايو 2017، رأت أن مجتمعاً يقيم حفلات شواء خارج أسوار السجون ويلوح بالدخان تجاه المضربين عن الطعام الذين لا حول لهم ولا قوة هو مجتمع أعمى وأبكم ومقزز، فقد أي حق أخلاقي للاستمرار بشكل حصري في إملاء قواعد اللعبة.

ونشرت سلطة السجون الإسرائيلية في 7 مايو مقطع فيديو يظهر فيه شخص ادعت أنه الأسير مروان البرغوثي، قائد حركة الإضراب عن الطعام، وهو يأكل في زنزانته. وقالت إن الجزء الأول منه يُظهره وهو يأكل كعكة بالسر في 27 أبريل، والجزء الثاني يُظهره وهو يتناول وجبة طعام خفيفة في الخامس من مايو. ولكن مصادر فلسطينية عدة اعتبرت أن الفيديو مفبرك ويهدف إلى كسر معنويات المضربين عن الطعام.

كما أقام ناشطون في حزب الاتحاد الوطني الإسرائيلي "المفدال" في 20 أبريل حفل شواء قرب سجن عوفر الذي يُعتقل فيه مئات الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام.

[caption id="attachment_101984" align="alignnone" width="700"]إسرائيليون في حفل شواء على باب سجن عوفر حيث يضرب فلسطينيون عن الطعام... لا تعليق إسرائيليون في حفل شواء على باب سجن عوفر حيث يضرب فلسطينيون عن الطعام[/caption]

وهنا نص المقال:

لا يعرف الجمهور الإسرائيلي ولا يريد أن يعرف شيئاً عن إضراب الأسرى الفلسطينيين، أو أوضاعهم داخل السجون، أو عن هويتهم، أو عن اليد القاسية التي تتعامل معهم منذ بدء الإضراب. كل ما يهمه؟ كعكة مروان البرغوثي.

قبل سنوات طويلة، استضاف برنامج "بوبوليتيكا" سيدة من الضواحي لم ترسل ابنها للمدرسة لعدم قدرتها على سداد تكاليف الدراسة. قالت بغضب: أهناك قانون تعليم إلزامي في هذه الدولة؟ فقاطعها تومي لابيد عضو لجنة الخبراء قائلاً: سيدتي، الأموال التي تنفقينها على تسريحة شعرك يمكنها أن تكفل تعليم هذا الطفل لعام.

تذكرتُ هذه القصة على خلفية احتفالات أردان (وزير الأمن الداخلي) ومَن هم على شاكلته، بتوثيق مصوّر (لمروان) البرغوثي وهو يأكل أو لا يأكل بضع كعكات خلال الإضراب. كم من الوضاعة يتطلبها الأمر لنصب مثل هذا الفخ له، ثم الاحتفال بذلك كانتصار؟

لكن هذا دائماً دأب الأوغاد والبلهاء والمتخمين: احتقار سيدة لم تستطع إرسال ابنها للمدرسة للون شعرها لتجنب نقاش جاد في منظومة تتخلى عن أبنائها، والاحتفال بصور فتات في فم أسير بدلاً من الحديث عن المطالب والظروف التي يسجن بها آلاف الأسرى الفلسطينيين.

ناشطة إسرائيلية من أصول إيرانية تكتب في موقع "سيحا مكوميت" العبري: "متى أصبحنا بهائم هكذا؟"

في الواقع، لم أرَ حتى هذه اللحظة في أيّة وسيلة إعلامية، عدا سيحا مكوميت، أحدهم وقد نشر قائمة المطالب الكاملة للأسرى المضربين. لماذا يضرب عن الطعام نحو 1600 أسير منذ ثلاثة أسابيع؟ ماذا يريدون؟ من هم هؤلاء الناس على أية حال؟

الجمهور الإسرائيلي لا يعرف. ولا يعرف أيضاً عن أوضاعهم في السجن، وإلى أي مدى غلظت اليد القاسية ضدهم منذ أن بدأوا الإضراب: عن إدخال الأسرى المضربين عن الطعام في الحبس الانفرادي، عن حملات التفتيش في زنازين الأسرى المضربين على مدار اليوم، بما في ذلك استخدام الكلاب، عن التفتيش الذاتي لأجسادهم، وهم عراة، عن مصادرة ملح الأسرى المضربين، الذي يمثل المصدر الوحيد لتغذيتهم خلال الإضراب، عن منع الزيارات واللقاءات مع محامييهم.

لا يعرف الجمهور الإسرائيلي عن ذلك ولا يريد أن يعرف.

مع نهاية ثلاثة أسابيع من الإضراب، لا يعرف الجمهور الإسرائيلي ولا يريد أن يعرف ما يحدث للجسم بعد هذا التجويع لفترة طويلة. كيف يجد المضرب عن الطعام صعوبة في الوقوف على قدميه في هذه المرحلة، ويعاني من دوخة شديدة، وانخفاض حاد في معدل نشاط القلب، وضعف شديد ورعشة، وانخفاض حاد في معدل فيتامين B1 قد يسبب مضاعفات عصبية، بما في ذلك إلحاق الضرر بالرؤية والمهارات الحركية، وغير ذلك.

في وقت لاحق سيتعذر على الأسرى ابتلاع الماء، ويتوقع أن يفقدوا حاستي السمع والبصر، ويصعب عليهم التنفس. بطبيعة الحال، كلما مر الوقت يتزايد الخطر على حياتهم. كل هذا دون أن نذكر الآثار النفسية للإضراب.

لكن الجمهور الإسرائيلي لا يعرف ولا يريد أن يعرف.

الجمهور الإسرائيلي لا يعرف أيضاً ولا يحفل بالدلالة العظيمة لهذا الإضراب بالنسبة للشعب الفلسطيني خارج أسوار السجن، وبالتظاهرات التضامنية وخيام الدعم في كل مدن الضفة الغربية تقريباً، وبالناس الذين التحقوا بالإضراب تضامناً مع الأسرى، وبالآمال الكبيرة التي يعلقونها على ذلك الإضراب لدفع الحوار الداخلي بين فتح وحماس. لا يعرف بـ"تحدي مي وملح" الذي يصور خلاله الأطفال أنفسهم وهم يشربون المياه المالحة تضامناً مع الأسرى. لا يعرف ولا يريد أن يعرف.

إذاً، ماذا يهم الجمهور الإسرائيلي؟ رقائق مروان البرغوثي. أم تراها كانت كعكة؟ أم بسكويت؟ ليستدعِ أحدهم إيهود يعاري (محلل إسرائيلي مخضرم) للتوضيح. ولا كلمة واحدة لا سمح الله عن الانتهاك الذي لا يُغتفر للخصوصية الفردية. نعم، لدى مروان البرغوثي أيضاً مثل هذه الحقوق، حق الخصوصية لأسير يتم تصويره داخل دورة المياه في السجن.

منذ متى أصبحنا بهائم هكذا؟ كيف تحولنا إلى شعب لا جدوى منه، مثير للاشمئزاز إلى الدرجة التي يحتفل فيها شامتاً برجل جسده على شفا الانهيار بعد تجويع متواصل، عندما أدخل بعض الفتات إلى فمه؟ لشعب يقيم حفلات الشواء خارج أسوار السجن كي تصل رائحة اللحم المحترق إلى أنوف المضربين عن الطعام وتزيد عذابهم؟

متى وصلنا إلى هذا الشيء الصادم والمقزز؟ متى قررنا أن نصبح جمعاً جاهلاً طواعية، أعمى وأصم طواعية، غبي طواعية هكذا؟ بماذا يخدمنا هذا الجهل؟ ولماذا يتعاون معه السواد الأعظم من وسائل الإعلام هنا؟

أيّ قصة سوف نرويها لأنفسنا بعد أن تُنسى ضجة الكعكة، ويبدأ أوائل المضربين عن الطعام في الانهيار، وربما يتم نقلهم إلى مستشفى ميداني ما، وهناك ينوي عقل أردان المريض إطعامهم قسرياً على يد أطباء يأتي بهم من خارج إسرائيل.

كلما أصبح الجمهور الإسرائيلي أكثر غباء طواعية ورفض أن يفتح عينيه وينظر بتعقل إلى الجانب الآخر، تلاعب به النظام وسلبه تلك الإمكانية، وهكذا يفقد أدوات التعامل مع الصراع ويزيد الحاجة الماسة إلى تدخل دولي.

عندما يستهلك مئات الأشخاص أنفسهم حتى الموت داخل السجون، عبر الخطوة الاحتجاجية الوحيدة التي ما زالت أمامهم، ويلوّح آخرون بدخان الشواء تجاههم من الجانب الآخر للجدار، يكون واضحاً كالشمس أن هؤلاء الآخرين قد فقدوا كل قدرة واقعية أو حق أخلاقي للاستمرار بشكل حصري في إملاء قواعد اللعبة.

أورلي نوي يهودية إسرائيلية هاجرت مع أسرتها من مدينة أصفهان الإيرانية خلال "الثورة الإسلامية"، عندما كان عمرها تسع سنوات. عملت في تل أبيب صحافية ومقدمة برنامج إذاعي في راديو "صوت السلام"، وهي الآن ناشطة سياسية، وعضو مجلس إدارة منظمة "بتسليم" لحقوق الإنسان. وهي كذلك المترجمة الوحيدة في إسرائيل التي تترجم الأدب الفارسي للعبرية، بحسب حوار أجرته معها صحيفة "إسرائيل اليوم".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard