شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
مغاربة

مغاربة "الدولة الإسلامية" يعيشون أيامهم الأخيرة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 24 مارس 201707:46 م

مع تضييق الخناق على تنظيم داعش في آخر معاقله، وتحديداً في مدينتي الموصل العراقية والرقة السورية اللتين سيطر عليهما لسنوات، يعود إلى الواجهة موضوع مصير المقاتلين الجهاديين المغاربة في صفوف التنظيم والذين لا يزالون على قيد الحياة.

تقدر مصادر سلفية خاصة مقربة من الجهاديين عدد المقاتلين المغاربة الذين لا يزالون يحاربون تحت راية التنظيم حالياً بحوالي 500 على الأكثر.

ويظهر من خلال الأخبار المتواترة أنهم متروكون لمواجهة مصيرهم، إذ يستخدمون في العمليات الانتحارية أو يقاتلون في الصفوف الأولى، في وقت بدأت الانشقاقات تنتشر في عدد من جبهات القتال في صفوف التنظيم خصوصاً لدى المقاتلين الأجانب.

وقد قتل ما يزيد عن نصف عدد الجهاديين المغاربة الملتحقين بجبهات القتال في سوريا والعراق منذ سنة 2011.

الجهاديون المغاربة يتساقطون تباعاً

وفق آخر الإحصاءات الرسمية التي قدمها المكتب المركزي للأبحاث القضائية، وهو الجهاز المكلف مكافحة الإرهاب في المغرب، فإن عدد العائدين إلى المغرب من الدولة الإسلامية يقدر بـ199 مقاتلاً. غير أن هذا الرقم يخالف المعطيات التي تملكها اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين التي تتابع الملف.

"الأرقام الرسمية لا تعكس العدد الحقيقي للعائدين. نقدر أعداد العائدين بحوالي 300"، صرح مصدر من اللجنة لرصيف22 مفضلاً عدم الكشف عن هويته ومؤكداً امتلاك اللجنة معلومات تفيد بوجود رغبة لدى عدد من الجهاديين المغاربة في العودة إلى الديار، وهي رغبة أفصحوا عنها لعائلاتهم أو المقربين منهم.

وتتقاطع هذه المعلومات مع شهادة أدلى بها شقيق أحد الجهاديين المغاربة في دير الزور في سوريا لرصيف22. قال: "لقد انقطع الاتصال به منذ حوالي الشهر، أخبرني أن هناك حالة عدم انضباط غير اعتيادية في صفوف التنظيم في المنطقة التي يوجد فيها وأن عناصره لم يعودوا يسيطرون سوى على جزء من المدينة فضلاً عن وجود خيانات وعدم احترام لأوامر القيادة المركزية، وهو ما يجعل بعضهم يفكر بالهروب إلى تركيا".

وأضاف أن المقاتلين الأجانب والمغاربة يشعرون بالخطر ولا يثقون بالعناصر القيادية خصوصاً مع التصفية الغامضة التي تعرض لها عدد من المقاتلين المغاربة والتونسيين على يد جهات مجهولة في المدينة. مشيراً إلى أن تواجد التنظيم الجهادي داخل المدينة يواجه مقاومة شديدة من السكان المحليين في سياق ضراوة المعارك التي يخوضها عناصر داعش في عدد من مناطق محافظة دير الزور ضد قوات النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية.

بين هارب وأسير وانتحاري

بحسب مصدر محلي من المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية، فإن مدينة دير الزور شهدت في 27 من شهر فبراير الماضي اغتيال جهادي مغربي في المدينة، شن على إثره التنظيم حملة اعتقالات واسعة في صفوف السكان المدنيين، كما رصدت حالة انشقاق جهادي مغربي لقبه "أبو عبد الله المغربي" في مدينة الميادين في شرق ريف دير الزور هذا الشهر.

وقال المصدر المحلي لرصيف22 إنه منذ حوالي أسبوعين أعلن عناصر التنظيم أنهم يبحثون عن هذا العنصر الهارب الذي كان ينتمي إلى فرقة الحسبة الإسلامية، وأعلنوا تخصيص مكافأة مالية مجزية لمن يدل على مكانه".

الجهاديون المغاربة يعيشون آخر أيامهم مع الدولة الإسلامية وبدأوا يفهمون الآن أن الخلافة وهم كبير لن يتحقق

وتكشف هذه الحالة جزءاً مما يمكن اعتباره حالة يأس تعتري عدداً من المقاتلين المغاربة في صفوف التنظيم الذين لم يعودوا راضين سواء عن طريقة إدارة المرحلة من قبل قيادة أبو بكر البغدادي أو عن التضحية بهم في الصفوف الأولى للمعارك، خصوصاً بعد مقتل العشرات منهم خلال الأشهر القليلة الماضية ونقلهم من جبهة قتال إلى أخرى بين سوريا والعراق بشكل مستمر بأوامر من قيادة التنظيم.

ونذكر في هذا الباب بحالة الجهادي "أبو مقاتل المغربي" الذي كان يعتبر أحد أبرز عناصر الحسبة في التنظيم في ريف دير الزور والذي أعلن عن مقتله بداية شهر مارس في معارك بالعراق، وحالة الانتحاري يونس من مدينة الدار البيضاء الذي روى للسلطات العراقية بعد أسره أنه وصل إلى الموصل بناء على أوامر قيادة التنظيم بهدف تنفيذ عمليات انتحارية.

"لقد تعرضت للإصابة واضطررت للفرار والاختباء في بيت مهجور في منطقة الملاحمة لكن سيطرة القوات العسكرية العراقية على المنطقة أجبرتني على الانتقال إلى دار أخرى مهجورة والمكوث فيها ستة أشهر بمفردي. خلال هذه الفترة كان غذائي مقتصراً على التمر والمياه أحصل عليهما عند خروجي ليلاً فقط للبحث عن الطعام قبل أن يتم اعتقالي"، قال يونس الذي كان آخر إخوته الثلاثة (قتلوا جميعاً) الذي يصل إلى المنطقة الخاضعة لسيطرة داعش وتحديداً إلى الرقة أحد أبرز معاقل داعش.

وبحسب المعطيات المتوفرة من المصادر المفتوحة لإعلام التنظيم يبدو أنه قد تم نقل عدد مهم من الجهاديين المغاربة إلى مدينة الموصل التي لا يزال تنظيم البغدادي يسيطر على بعض أجزائها، ويستخدم معظمهم كانتحاريين أو انغماسيين.

وقد نفذ 4 مغاربة على الأقل، أحدهم طفل، عمليتين انتحاريتين في حي البكر في الموصل منذ شهر ديسمبر الماضي.

وتعتبر الجنسية المغربية ثالث أكثر جنسية للمقاتلين الأجانب، ونفّذ المغاربة عمليات انتحارية خلال السنة الماضية وفق إحصائية حديثة.

وقد أعلنت السلطات العراقية مقتل عدد من القادة الميدانيين أو المسؤولين القطاعيين من جنسية مغربية، كما هو الحال بالنسبة لـ"أبو حمزة المغربي" مسؤول التفجير في ما يعرف بـ"ولاية نينوى" خلال غارة لقوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، استهدفت السيارة التي كانت تقله بتاريخ 4 مارس.

كما جرى رصد أكثر من ثلاث حالات أسر لجهاديين مغاربة من قبل القوات العراقية والميليشيات المساندة لها منذ إعلان الحكومة بداية معركة استعادة الموصل. وانتشر أخيراً على صفحات مؤيدة لميليشيا الحشد الشعبي تسجيل مصور يظهر أحد عناصر التنظيم من جنسية مغربية بعد مداهمة مكان اختبائه في منطقة الخالدية وآثار الضرب بادية على وجهه من فرط استعمال القوة بعيد أسره.

ويعتقد محمد مصباح، الباحث المغربي المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية في معهد "شاتام هاوس" البريطاني، أن الجهاديين المغاربة يعيشون آخر أيامهم مع الدولة الإسلامية.

"لقد بدأوا يفهمون الآن أن الخلافة وهم كبير وأن الحلم الذي بيع وسوّق لهم لم يكن سوى سراب. وسبق لمجموعة أن توصلت لهذه القناعة سنتين فقط بعد بداية الدولة الإسلامية وهم من عادوا إلى المغرب. لقد رأوا هناك مقتل أصدقائهم المغاربة وهو عامل قد يكون محفزاً لبعضهم على التمرد والهروب وربما العودة إلى المغرب، بينما سيستعمل البقية كانتحاريين نظراً لضعف تجربتهم العسكرية"، قال مصباح لرصيف22.

وأضاف: "عموماً لا يمكن الحديث عن المقاتلين الأجانب ككتلة متجانسة، وبالتالي لا يمكن أن نتوقع سلوكاً موحداً لهم في مواجهة هذه المحنة، لكن المؤكد أن أكثرهم راديكالية يفضلون الموت كانتحاريين أو الانتقال إلى ليبيا على العودة أو السجن في سجون الأنظمة القائمة أو التي ستقوم لاحقاً".

وشهدت سنة 2016 أعلى نسبة في عدد القتلى من المغاربة المقاتلين بسوريا والعراق، والتي وصلت إلى 38% منهم، في مقابل 25% سنتي 2015 و2014، وفق تقرير أعده المركز المغربي لمحاربة التطرف والإرهاب في أغسطس من السنة الماضي. ويقدّر مكتب المركزي للتحقيقات القضائية عدد الجهاديين المغاربة الذين قتلوا في جبهات القتال منذ سنة 2011 بأكثر من 600.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard