شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
فيسبوك وإسرائيل: التحالف مع الوحش!

فيسبوك وإسرائيل: التحالف مع الوحش!

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 13 سبتمبر 201606:36 م
قبل شهرين فقط، كان فيسبوك بنظر الإسرائيليين "وحشاً مخيفاً". حينها، واجه الموقع الأزرق ومؤسسه مارك زوكربرغ حملة إعلامية وسياسية قاسية، قادها جلعاد إردان، عضو الحكومة المصغرة المعنية بشؤون الأمن. اتهم الوزير اليميني زوكربرغ بـ"تخريب عمل الشرطة الإسرائيلية"، داعياً "مواطني إسرائيل" لملاحقته. بموازاة ذلك، نُشرت دراسات وتجارب تظهر "انحياز زوكربرغ للفلسطينيين". لاحقاً، أخذت الحملة منحى الضغط الجدي. لوّح الإسرائيليون بـ"العصا السحرية"، فخرجوا بمشروع قانون رسمي في إسرائيل، يطالب بإلزام فيسبوك إزالة محتويات تدرجها إسرائيل في خانة التحريض، في مقابل عدم اتخاذ إجراءات قانونية ضده أحادية الجانب. اليوم ما عاد فيسبوك وحشاً، ولا مخيفاً، بالنسبة لإسرائيل. ها هو قد جلس في تل أبيب ممثلاً بمسؤولين كبار إلى الطاولة ذاتها مع إردان ترافقه وزيرة العدل الإسرائيلية إيليت شاكيد. والاثنان يُعتبران من الوجوه اليمينية البارزة التي ترى الفلسطينيين إرهابيين، وترفض أي نقاش حول حقوقهم.
اتفق الإسرائيليون مع فيسبوك على تحديد كيفيّة التعامل مع التحريض على شبكات التواصل، مطالبين بإزالة كلمات مثل "الموت لليهود"، و"طعن"، و"دهس"
إذا كانت استجابة فيسبوك لإسرائيل بـ95 في المئة، فما هي النسبة المخصصة لفلسطين؟ ماذا عن المنشورات الفلسطينية بشأن لاشرعية الاحتلال وضرورة مقاومته؟

إسرائيل تنتصر على فيسبوك؟

اتفق الإسرائيليون مع فيسبوك على العمل معاً لتحديد كيفيّة التعامل مع التحريض على شبكات التواصل الاجتماعي. برروا تدخلهم المباشر بأن "فيسبوك لا يسرع، لمزيد من الأسف، في العمل على إزالة المحتويات التحريضية". ومن بين ما طالب به الوزيران إزالة كلمات مثل "الموت لليهود"، "نازيون"، "طعن"، "دهس"، وغيرها. كما طالبا بإزالة الدعوات لتشييع الشهداء، ومقاطع تسجيلية تتضمن إرشادات لتنفيذ عمليات طعن، ومقاطع لأئمة في المساجد يحثون على القتل… تسلح الوزيران بالمعطيات التي عُرضت في مؤتمر للأمم المتحدة حول "اللاسامية في المجال الرقمي"، وأشارت إلى أن كل ساعة يُرفع منشوران يدعوان إلى ممارسة العنف ضد اليهود. واستعادا ما قاله مدير شركة "فيغو" لمراقبة المحتوى الرقمي رافيف تال عن أن 75 في المئة من المنشورات المعادية للسامية يكتبها شباب على مواقع التواصل الاجتماعي. ثم خرجا منتصرين، بتصريحات تحتفي بـامتثال "فيسبوك" لـ95 في المئة من الطلبات الإسرائيلية لمسح محتويات تحرّض الفلسطينيين على العنف. نسيت شيكاد على ما يبدو تصريحها منذ مدة عن زوكربرغ عندما قالت "ثمة دماء على يديه". وبالنسبة لفيسبوك الذي حجب قبل أيام صورة "فتاة النابالم" ذات التسعة أعوام لأنها عارية، متجاهلاً السياق التاريخي والسياسي للصورة الأشهر التي غيرت مجرى حرب فييتنام، ليس غريباً أن يتجاهل ٥٠ عاماً من الاحتلال الإسرائيلي، لتُدرج كل محاولات الفلسطينيين لمواجهة المحتل حكماً في خانة الإرهاب. وبحسب شاكيد، مثلما تجري مراقبة مقاطع الفيديو الخاصة بتنظيم الدولة الإسلامية وإزالتها من على الشبكة، "نريد أن يتخذوا الإجراء نفسه ضد المحتوى الفلسطيني الذي يحرض على الإرهاب"، مضيفة "العالم يدرك الآن أن الشبكات الاجتماعية بمثابة حواضن للإرهابيين". وفيما امتنع فيسبوك عن تأكيد تعليقات شاكيد، قالت متحدثة باسم الشركة إنها تحذف دوماً المحتوى المسيء وتستجيب لطلبات من كثير من الدول والمنظمات والأفراد. وفي تصريح آخر أشار فيسبوك إلى أن "محاربة التطرف الإلكتروني لا تتم إلا عبر شراكة قوية بين صانعي السياسات والمجتمع المدني والمؤسسات المدنية والشركات، وهذا حقيقي في إسرائيل وحول العالم".

امتثال طوعي؟

ولأن إسرائيل تحرص على صورتها الديموقراطية أمام العالم المتحضّر، وصفت شاكيد ما حصل بـ"الامتثال الطوعي"، موضحة أنّه ارتفع 50 في المئة خلال عام. بحسب الوزيرة، فإن "فيسبوك" اقتنع إرادياً بالتعاون مع إسرائيل، وليم يكن ذلك بسبب تلويح الأخيرة باستصدار تشريع يتيح ملاحقة الشركات قانونياً إذا استضافت صوراً أو رسائل تشجع على "الإرهاب". شاكيد نفسها التي تدعو لوقف التحريض، كانت قد دعت مراراً إلى قتل جميع "الفلسطينيين الأعداء". جميعهم من "نساء وأطفال وممتلكات ومزروعات…"، واحتفت بمقال الكاتب الإسرائيلي يوري إليتزور الذي وصف الأطفال الفلسطينيين بـ"الثعابين الصغيرة". يشرح غلين غرينوالد في موقع "ذا انترسبت" الأمر بطريقة أخرى. يقول إن إسرائيل تلزم فيسبوك على التعاون، بينما يتفادى الأخير مواجهة هذه التهديدات بالتنسيق المباشر مع الحكومة الإسرائيلية. وفي النتيجة، لا يحتاج الأمر لكثير من الذكاء لمعرفة أن التحالف الإسرائيلي - الفيسبوكي موجه بشكل أساسي ضد العرب والمسلمين والفلسطينيين. مع العلم أن إسرائيل كانت قد بدأت منذ فترة طويلة بالتضييق الإلكتروني على الفلسطينيين، ونفذت العديد من الاعتقالات بسبب آراء كتبوها على فيسبوك. ويسأل غرينوالد بصراحته المعتادة "هل تثقون حقاً بفيسبوك أو الحكومة الإسرائيلية عندما يصل الأمر لتحديد ما إذا كان منشور فلسطيني يحمل بذور كراهية أو تحريض؟".

"الموت للعرب" ليس تحريضاً

لا تنتهي الأمثلة التي يسوقها غرينوالد عن التحريض الإسرائيلي على فيسبوك ضدّ العرب. وقد يكون من أبرزها ذاك التسجيل في باص عمومي ليهودي يهاجم فلسطينياً "قذراً". ولا ينسى متابعو الموقع الأزرق ما فعله الإسرائيليون خلال الحرب على غزة في العام 2014، عندما دعا كثر منهم على مواقع التواصل الاجتماعي إلى قتل الفلسطينيين شرّ قتلة. ويتوقع غرينوالد من الموقع الأزرق الذي يُعد شركة خاصة تبغي الربح، أن يحذف منشورات معادية لإسرائيل في أميركا وأوروبا على أن ينظر لإسرائيل بعين المسؤولة عن التحريض. "إنها قاعدة خضوع الشركات الخاصة للقوى المسيطرة"، يقول غرينوالد. ثم يطرح مجموعة من الأسئلة على فيسبوك منها:
  1. هل التقى مسؤولوه فلسطينياً واحداً للتنسيق بشأن التحريض الإسرائيلي؟ أو أقله هل يفكر أن يفعل؟
  2. ما هو الدور الحقيقي الذي تلعبه إسرائيل في مساعدة فيسبوك على مراقبة المنشورات الفلسطينية المحرضة؟
  3. إذا كانت استجابة فيسبوك لإسرائيل بـ95 في المئة، فما هي النسبة المخصصة لفلسطين؟
  4. ماذا عن المنشورات الفلسطينية بشأن لاشرعية الاحتلال وضرورة مقاومته؟
إسرائيل ليست الوحيدة في الضغط على فيسبوك الذي تحول إلى أكثر القوى الإعلامية تأثيراً. تتوالى الأخبار عن تدخل الاستخبارات الأميركية حيناً، وعن ضغط الحكومة البريطانية حيناً آخر. لكن بعيداً عن نظرية المؤامرة، لا ينفك فيسبوك يسقط يوماً بعد آخر في فخ تلك "اللعبة" الجميلة التي سوقها لنفسه، على قاعدة "طابخ السمّ آكله". فهل تساعدنا هذه الأخبار التي تخرج إلى العلن بين فينة وأخرى، نحن عشاق هذا الموقع، على رسم مسافة نقدية منه؟ هل تخرجنا من حالة الدهشة و"الامتثال الطوعي" المستمرة منذ سنوات إلى دائرة الرؤية الموضوعية لدور هذا الموقع؟

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard