شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
MBS: هل يكون الرجل الأكثر تأثيراً على المنطقة اليوم؟

MBS: هل يكون الرجل الأكثر تأثيراً على المنطقة اليوم؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 2 يوليو 201708:45 م

ترجمة عن النص الأصلي الذي نشر باللغة الإنجليزية على موقع The Independent تحت عنوان: ?The Most Dangerous Man In The World لـBill Law.

حين كان وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان في الـ12 من عمره، كان يحضر الاجتماعات التي يترأسها والده سلمان، الذي شغل آنذاك منصب حاكم الرياض. بعد 17 عاماً، وعندما بلغ سن الـ29، أصبح أصغر وزير دفاع في العالم، وسرعان ما أدخل المملكة في حربٍ ضروس تبدو نهايتها طويلة الأمد في اليمن.

اليوم تدخل المملكة في نزاعٍ حاد مع إيران، خصمها الإقليمي اللدود، تحت قيادة محمد بن سلمان، الذي يبدو أنه على عجلةٍ من أمره ليصبح القائد الأقوى في الشرق الأوسط.

دخل الأمير محمد سوق البورصة والعقارات في سنٍ مبكرة، وحين أقحم نفسه في مأزقٍ استطاع والده الاعتناء بالأمور. لم يسافر إلى الخارج لمتابعة تحصيله العلمي كإخوته غير الأشقاء، بل اختار البقاء في الرياض ليلتحق بجامعة الملك سعود ويتخرج من كلية الحقوق والعلوم السياسية. يصفه زملاؤه بأنه شابٌ جاد لم يدخن السجائر، أو يشرب الكحول على الإطلاق. ولم يظهر اهتماماً بالسهر والحفلات.

في العام 2011 تسلّم والده منصب ولي ولي العهد، ووزارة الدفاع، وهي وزارة تتمتع بموازنة ضخمة وعقود تسليحٍ مثمرة. عيّن سلمان ابنه محمد كمستشارٍ خاص واستلم مهمة إدارة الديوان الملكي بكل حزم. لاحقًا في العام 2012 تم تعيين والده ولي عهد المملكة العربية السعودية.

في كل مرحلةٍ من حياته، كان الأمير محمد بن سلمان إلى جانب والده، الذي لم يتخلٓ عن إبنه المفضل مع ارتقائه في سلّم التسلسل الهرمي لعائلة آل سعود. كان معلوماً في الأوساط الدينية والاقتصادية النخبوية في المملكة، أن الوصول للوالد سلمان، يستلزم أولاً المرور عبر ابنه محمد.

ويقول بعض النقاد إنه جمع ثروةً كبيرة، لكن الأمير لم يكن معنياً بجمع الثروات بقدر ما كان يهتم ببسط نفوذه. حين وصل سلمان إلى عرش المملكة في يناير 2015 كانت حالته الصحية غير جيدة، لذلك اعتمد بشكلٍ كبير على ابنه. ففي سن الـ79 حامت الشكوك حول إصابته بالخرف، وعدم قدرته على التركيز إلّا لبضع ساعاتٍ في اليوم، لذلك فإن الأمير، الذي يعتبر حارس عرش والده، هو الرجل الأقوى في المملكة.

ازدادات قوته ونفوذه بشكلٍ دراماتيكي في الأشهر الأولى من عهد سلمان، فتم تعيينه وزيراً للدفاع، وترأس المجلس الأعلى لشركة آرامكو السعودية، الشركة الوطنية للطاقة، كما ترأس إدارة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي، الذي يؤدي دوراً رقابياً على جميع الوزارات في المملكة. وتولى منصباً في صندوق الاستثمارات العامة السعودي. بالإضافة إلى ذلك، جرى تعيينه ولياً لولي العهد، إلّا أنه ضمن تقدمه في التسلسل الهرمي للحكم على خصمه الأمير محمد بن نايف ولي العهد ووزير الداخلية عبر دمج ديوان ولي العهد بديوان الملك.

سئم محمد بن سلمان البيروقراطية، فأمر جميع الوزارات بوضع مؤشرات أداء رئيسية، وإطلاعه عليها شهرياً، وهي خطوة غير مسبوقة في نظام اقتصادي متصلب، يتسم بالمحسوبية والفساد. وكانت زياراته الصباحية المفاجئة للوزارات ضرباً حاسماً حوّل الرياض الخمولة إلى مدينة ذات حيوية، تثير إعجاب السعوديين الشباب.

يقول أحد رجال الأعمال عن الأمير محمد بن سلمان: "إنه يتمتع بشعبيةٍ واسعة بين الشباب، يعمل بجدٍ ولديه خطة للإصلاح الاقتصادي، وهو قريب منهم ويتفهمهم". وهذا أمرٌ في منتهى الأهمية، لأن 70% من الشعب السعودي دون سن الـ30، ومعدلات البطالة بين الشباب ترتفع بسرعة، إذ يقدر البعض أنها تراوح بين الـ20 والـ25%.

ولكن الحماسة التي يظهرها محمد بن سلمان في إصلاحاته الاقتصادية، أدّت أيضاً بالمملكة إلى الدخول في حربٍ واسعة مع اليمن. ففي مارس الماضي، شنّ حملةً جوية على المتمردين الحوثيين، الذين أجبروا عبد ربه منصور هادي الرئيس اليمني الموالي للسعودية، على الهروب من البلاد. وبذلك ذهبت سنوات الحذر السعودي من الدخول في المستنقع اليمني أدراج الريح، مع إطلاق محمد بن سلمان لعاصفة الحزم.

في تلك الفترة بدت فكرةً جيدة، فالابن الطموح لملكٍ عجوز يقود حرباً ضد التمرد في الجنوب المضطرب لليمن، ولكن التمرد المدعوم من إيران، جعل من تلك المغامرة أكثر جذباً وأهمية. فقد دُجَج الجيش السعودي بأسلحةٍ متطورة، تساوي مليارات الدولارات. أمّا على الصعيد المحلي، فكان لمحمد بن سلمان خصمٌ آخر يكبره سناً، هو وزير الداخلية محمد بن نايف، لذلك أراد بن سلمان إظهار قوته لخصمه كما لمؤيديه. وكانت خطته تقتضي الفوز السريع والكاسح في عملية عاصفة الحزم، ليؤكد مكانته كقائدٍ عسكري، وهذا ما يضعه في مرتبة جده ابن سعود المحارب العظيم ومؤسس المملكة العربية السعودية نفسها.

تجاهل الأمير حقيقة أن الحوثيين لا يشكلون الخطر الأكبر لعائلة آل سعود، فتغافل عن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وتناسى أن الحوثيين أحرجوا آل سعود في حرب الحدود منذ بضع سنين. كان ذلك في العام 2009 حين فرض الحوثيون سيطرتهم على ميناء جيزان في البحر الأحمر، ولم يغادروه قبل الحصول على مبلغ 70 مليون دولار.

حتى هذه اللحظة لم تثبت عاصفة الحزم فعاليتها، إذ امتدت هذه العملية العسكرية إلى نحو السنة، مسببةً البؤس للشعب اليمني. فتم تدمير معظم البنية التحتية لليمن جرّاء القصف الجوي العنيف، ومع ذلك ما زال الحوثيون يسيطرون على العاصمة صنعاء، وعلى معظم مناطق الشمال. أما في الجنوب، فلتنظيم القاعدة ساحة يسرح ويمرح فيها. ولكن محمد بن سلمان لم يظهر تردده، وتعهد المضي قدماً في حربه وجلب الحوثيين إلى طاولة المفاوضات خاسرين.

يقول الخبير في الشؤون الاقتصادية للشرق الأوسط في مركز "كابيتال إيكونوميكس" جيسون توفي عن الأمير محمد بن سلمان: "إنّه رجلٌ مولعٌ بالحروب"، ولكن جيسون كغيره من المحللين معجبٌ بطريقة تعامله مع المشاكل المجنونة والمعقدة التي تواجه اقتصاد المملكة. على الجبهة الاقتصادية كان عمله متقن، فقد نجح في تغيير السياسة الاقتصادية للمملكة، ويجب إبداء الإعجاب بما أنجزه".

الأمير محمد بن سلمان، الذي يعتبر حارس عرش والده، هو الرجل الأقوى في المملكة السعودية اليوم

لكن تهوره يبدو واضحاً في الصراع المحتدم بين المملكة وإيران للسيطرة الإقليمية، فعندما أعلن تشكيل حلف من 34 دولة مسلمة في منتصف ديسمبر لمحاربة الإرهاب، كان واضحاً أنه يضمر شراً لإيران، أما الأخيرة فأظهرت دعماً قوياً للرئيس السوري بشار الأسد، بطريقةٍ مباشرة أو عن طريق حزب الله اللبناني، وهو ميليشيا قامت إيران بتدريبها وتسليحها على مرّ السنين. لذلك فإن السعودية تصرّ على هزيمة الأسد قبل الدخول في محادثات سلام.

وفي رسالةٍ تم تداولها بشكلٍ كبير الصيف الماضي، أظهر أعداء محمد بن سلمان من آل سعود امتعاضهم من تعجرفه، داعين أيضاً للإطاحة به وبوالده وبمحمد بن نايف، إلا أن تلك المطالبات لم تأت بنتيجة، واستمر الأمير الشاب في توسيع قاعدته الشعبية ضمن المملكة. لكن يبقى السؤال، إلى أين ستؤدي به طبيعته المتهورة في نزاعه مع إيران؟

ليس من المستبعد أن يدرس الأمير محمد بن سلمان الخيارات المتاحة ومن ضمنها توجيه ضربةٍ عسكريةٍ إلى إيران الشيعية، لكنه خيار يُدب الرعب في النفوس في منطقة يتآكلها الاقتتال الطائفي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard