شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
قادوا الجيوش وأخمدوا الثورات وتركوا بصماتهم في السينما والفكر... الأكراد في مصر

قادوا الجيوش وأخمدوا الثورات وتركوا بصماتهم في السينما والفكر... الأكراد في مصر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 10 أغسطس 201701:08 م

حين وصل صلاح الدين الأيوبي إلى مصر، ضمن جيوش الحملات الأيوبية على بلاد النيل، وصل معه أكراد كثيرون مُنحوا أراضي في الصعيد والدلتا، فاستقروا عليها وتصاهروا مع المصريين واندمجوا معهم.

هذا ما قاله الباحث الكردي طه خلو لرصيف22، لافتاً إلى أن صلاح الدين الأيوبي شارك في ثلاث حملات على مصر واجهت الصليبيين، الأولى مع عمه أسد الدين شيركوه سنة 1163، والثانية سنة 1166، والثالثة سنة 1168.

بدأ الاستقرار الكردي في مصر في أعقاب الحملة الصليبية الثالثة، حينما منح الخليفة الفاطمي العاضد أسد الدين شيركوه وزارة مصر ولقبه بالمنصور.

وبعد ذلك وفد أكراد آخرون إلى مصر، خاصة بعد استقرار ذويهم فيها، بغرض تلقي العلم في الأزهر أو التجارة أو ممارسة الحرف المختلفة.

كوّن الوافدون الأكراد عائلات كبيرة، وباتت قرى وأماكن كثيرة في مصر تعرف باسم "الكردي" ولا زالت حتى الآن، في المنصورة وكفر الزيات والجيزة وصعيد مصر.

ولكن العلاقات بين المصريين والأكراد سابقة على ذلك بكثير، كما يوضح أستاذ الآثار المصرية الدكتور لؤي محمد سعيد لرصيف22.

فالميتانيون، أجداد الشعب الكردي، ارتبطوا بعلاقات تجارية وسياسية وعسكرية مع المصريين القدماء. إذ شملت حدود الدولة المصرية القديمة في عهد تحتمس الثالث لبنان وسوريا وفلسطين وامتدت حتى نهر الفرات، ووصلت إلى المناطق التي يسكنها الأكراد الآن في كردستان العراق وسوريا.

عدد كبير من الشخصيات التي لعبت أدواراً في مصر عبر تاريخها منذ العصر الأيوبي حتى العصر الحديث من أصل كردي، من صلاح الدين الأيوبي ومحمد علي مؤسس مصر الحديثة، إلى سعاد حسني وأحمد شوقي وعبد الباسط عبد الصمد.

أسد الدين شيركوه... أنقذ مصر من الصليبيين

هو ابن شادي (أو شاذي) بن مروان وعم السلطان صلاح الدين الأيوبي، بحسب كتاب "الأكراد في مصر عبر العصور". قاد الحملات الثلاث التي أرسلها نور الدين محمود الزنكي إلى مصر لمواجهة الصليبيين بناء على طلب من الوزير شاور بن مجير السعدي في الحملة الأولى، والخليفة الفاطمي العاضد في الحملتين الثانية والثالثة.

بعد ذلك عيّنه الخليفة الفاطمي وزيراً له في مصر، ولكنه مات بعد ثلاثة أشهر من ذلك، في مارس 1169، ودفن في القاهرة، ثم نقل جثمانه إلى المدينة المنورة حسب وصيته.

صلاح الدين الأيوبي... مؤسس الدولة الأيوبية

ولد في تكريت بالعراق سنة 1138. أسند إليه الخليفة الفاطمي وزارة مصر بعد وفاة عمه شيركوه، وكان يعتقد أن صغر سنه يعني قلة خبرته، ما يسهّل التخلص منه عند الضرورة.

استطاع صلاح الدين إقامة الدولة الأيوبية في مصر، وواجه الحملة الصليبية ورفع حصارها عن مدينة دمياط، ثم تمكن من الانتصار على الصليبيين في معركة حطين عام 1187.

محمد علي... مؤسس مصر الحديثة

رغم إشارة مصادر عديدة إلى أصوله التركية أو الألبانية، إذ أتى من مدينة قولة إلى مصر، إلا أن أخرى ترجعها إلى أكراد ديار بكر بشمال كردستان (تقع ضمن الحدود السياسية لتركيا حالياً).

وممن قالوا بذلك الأمير محمد علي، أحد أحفاد محمد علي باشا وولي عهد الملك فاروق، في لقاء مطول مع الكاتب الراحل عباس محمود العقاد في مجلة "المصور" المصرية بتاريخ 25 فبراير 1949، تحت عنوان "ولي العهد حدثني عن ولي النعم"، بمناسبة مرور مئة عام على وفاة مؤسس مصر الحديثة.

أصل الأسرة من ديار بكر في كردستان تركيا، ومنها انتقل والد محمد علي وأخوه إلى قولة في ألبانيا، ثم انتقل أحد عميه إلى الآستانة، ورحل عمه الثاني في طلب التجارة وبقي أبو محمد علي في قولة، بحسب رواية الأمير.

سعاد حسني، أحمد شوقي، عبد الباسط عبد الصمد... مصريون من أصول كردية ولكن هناك أكراد مصريين أشهر منهم
الأكراد في مصر... أصل أسرة محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة من ديار بكر في كردستان تركيا

حجو بك... مقاومة غارات المماليك

عُرف بكونه قائداً فذّاً، والساعد الأيمن لمحمد علي في تأسيس دولته والقضاء على المماليك بمصر بعدما أنقذ القاهرة من غاراتهم، حتى لقبه والي مصر بـ"يلديرم حجو" أو "حجو الصاعقة".

أثناء الحملة الفرنسية (1798 – 1801) كان في الجيش العثماني وتصادف وجوده في مسقط رأسه بمدينة وان (إحدى مدن كردستان تركيا حالياً). وكُلّف بجمع مَن يمكن جمعه من الجنود الأكراد الأشداء وإلحاقهم بجيش الصدر الأعظم يوسف ضيا باشا المكلف بالزحف على مصر وطرد الفرنسيين منها.

أتم حجو ما كُلّف به، وجمع ألفاً من المجاهدين الأكراد، وتم تعيينه بكباشياً عليهم، ثم التحق بجيش نصوح باشا المتجه إلى مصر كقوة غير نظامية، واشترك بفرقته الكردية في جميع الأعمال العسكرية التي وقعت بين الجيشين العثماني والفرنسي في مصر.

تيمور كاشف... بصمات في الفكر والأدب

هو محمد بن إسماعيل بن علي الكردي المشهور بـ"تيمور كاشف". يعود أصله إلى سلالة كردية كانت تسكن بلدة قرة جولان في كردستان العراق، وهو جد الأسرة التيمورية المعروفة في مصر.

جاء إلى مصر على ظهر السفينة التي جاء عليها محمد علي باشا عام 1801، وأقام معه علاقات وثيقة.

وعندما أصبح محمد علي والياً على مصر، اعتمد على كاشف في كثير من شؤونه مثل القضاء على المماليك في القلعة عام 1811.

قرى وأماكن كثيرة في مصر تعرف باسم "الكردي" ولا زالت حتى الآن، في المنصورة وكفر الزيات والجيزة وصعيد مصر

وبعد قضاء محمد علي باشا على الوهابيين وفرض سيطرته على الحجاز عيّن كاشف والياً على المدينة المنورة لمدة خمس سنوات.

وكان آخر منصب إداري شغله تيمور، قبل وفاته سنة 1848 ودفنه بجوار مقام الإمام الشافعي بالقاهرة، هو كاشف الشرقية، ومن هنا اشتهر بلقب "تيمور كاشف".

كان مثقفاً يعرف الكردية والتركية والفارسية والعربية، وكان لثقافته تأثير كبير في نشأة ابنه إسماعيل باشا تيمور وحفيدته عائشة عصمت، المعروفة بـ"عائشة التيمورية"، نشأة أدبية.

الفريق إسماعيل حقي... أبو جبل

ينتمي إلى أسرة كردية الأصل من ولاية معمورة العزيز في الأناضول. ولد سنة 1818 وأرسله والده إلى مصر عام 1833، ليلتحق بمدرسة القلعة الحربية. وبعد تخرجه انتظم فى سلك الجيش وشارك في حملة إبراهيم باشا على الحجاز ضد الوهابيين، وأبدى شجاعة حتى لقب بـ"أبي جبل".

وفي عام 1852 أصبح حاكماً عاماً للسودان، وفي عام 1854 شارك في حرب القرم قائداً للواء المصري المتقدم إلى سباستوبول (تقع في روسيا)، ثم أسندت إليه القيادة العامة للحملة المصرية.

علي رضا... الكردي الذي أخمد ثورة المهدي

ذهب إلى السودان مع أبيه في الحملة المصرية بقيادة إسماعيل كمال، ثالث أبناء محمد علي باشا، سنة 1820. انتمى إلى الجيش وهو صغير، ولم يلبث أن أصبح بلوك باشي (ضابطاً في القوات غير النظامية)، وعُهد إليه بجباية الضرائب في المنطقة الشرقية للنيل الأزرق، وقام بتلك المهمة لسنوات عديدة.

عُيّن حاكماً لمقاطعة النيل الأبيض (1866 – 1871)، وحوكم بتهمة إساءة استعمال السلطة، قبل تبرئته وإعادته إلى منصبه مرة أخرى سنة 1875، ونجح في إخماد تمرد الشلّوك بالسودان.

عندما نشبت ثورة المهدي شارك في إخمادها، وفي أثناء ذلك حوصر في الخرطوم سنة 1884، لكنه استطاع النجاة.

أحمد شوقي... أمير الشعراء

نزح من مدينة السليمانية في كردستان العراق شخص يدعى أحمد شوقي، وهو جد الشاعر أحمد شوقي، حاملاً توصية من أحمد باشا الجزار إلى والي مصر محمد علي.

ضم الوالي شوقي الجد إلى حاشيته، وعيّنه ضمن العاملين في خدمته، إذ كان يجيد العربية والتركية والكردية.

ومن نسله أتى الشاعر أحمد شوقي الذي كان معتزاً بأصوله الكردية، وكان يصحب الخديوي عباس الثاني في رحلته السنوية إلى تركيا، ويلقي قصائده أمام السلطان عبد الحميد الذي منحه رتبة "بك" ولقب بـ"صاحب السعادة".

بعد عزل الخديوي عباس حلمي عام 1914، نُفي شوقي إلى إسبانيا مع عائلته لمدة خمس سنوات، وفي عام 1920 عاد إلى مصر شاعراً كبيراً واستقبل استقبال الأبطال.

قاسم أمين... "محرر المرأة المصرية"

أبوه كان أميراً من أمراء الكرد في السليمانية في كردستان. أُخذ رهينة إلى الآستانة لخلاف كان بين الأكراد والدولة العثمانية، ثم انتقل إلى مصر في عهد الخديوي إسماعيل، والتحق بالجيش المصري حتى ارتقى إلى رتبة ميرالاي.

وُلد قاسم أمين في الإسكندرية عام 1860، وعُرف بدفاعه عن المرأة العربية، ودعا إلى تعليمها بما يؤهلها للقيام بدور إيجابي في المجتمع.

حين أصدر كتابه "تحرير المرأة" سنة 1899، أنكر عليه كُتاب جيله وبعض علماء الدين آراءه، وهاجموه بشدة، فتولى الرد عليهم في كتابه "المرأة الجديدة" الذي أصدره سنة 1906 قبل عامين من وفاته بالسكتة القلبية عن عمر يناهز 45 عاماً.

عباس محمود العقاد... مؤلف العبقريات

ولد عام 1899 في مدينة أسوان، وهو من أصول كردية من جهة الأب والأم. جاء جده من ولاية ديار بكر الكردية في كردستان تركيا، وسكن أسوان التي كان يوجد فيها بعض الأكراد، وعمل بمهنة عقادة الحرير فعُرف بـ"العقاد".

كان أديباً ومفكراً وشاعراً ترك أكثر من تسعين كتاباً منها أحد عشر ديواناً للشعر، ومن أشهر مؤلفاته العبقريات.

سَهير القلماوي... أول أستاذة

ولدت عام 1911 في طنطا لأب كردي يعمل طبيباً، ولأم شركسية. وشكلت أحد أضلاع المثلث النسائي الرائد الذي التحق بالجامعة المصرية لأول مرة عام 1929 مع أمينة السعيد وعائشة راتب.

كانت أول سيدة تحصل على درجة الدكتوراه في الآداب، وكذلك درجة الأستاذية.

عبد الباسط عبد الصمد... شيخ المقرئين المصريين

ولد علم 1927 في مدينة أرمنت بمحافظة قنا، وتعود أصوله إلى أكراد كردستان العراق، التي جاء منها والده وتزوج بمصرية.

كان شيخ المقرئين المصريين، وأحد رواد قراءة القرآن في الإذاعة والتلفزيون، وحصل على العديد من الأوسمة والنياشين من ملوك ورؤساء العالم.

نجوم السينما

ترك الأكراد بصمتهم في السينما المصرية. فأخرج علي بدرخان العديد من الأفلام مثل "الكرنك" و"شفيقة ومتولي" و"أهل القمة" و"الحب الذي كان".

وتربعت الفنانة سعاد حسني على العرش لفترة طويلة. فالنجمة المولودة في بولاق بالقاهرة عام 1943، هي ابنة الخطاط محمد حسني أمين البابا الذي جاء من سوريا إلى مصر، وقام بتخطيط وزخرفة كسوة الكعبة، عندما كان يعمل بالقص الملكي في السعودية، ثم استقر في مصر حيث منح الرئيس جمال عبد الناصر ابنته سعاد الجنسية المصرية عام 1965.

وهناك فنانون آخرون أصولهم كردية مثل نجيب الريحاني ومحمود المليجي وأحمد مظهر وعادل أدهم وصلاح السعدني.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard