شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
كل ما تحتاجون معرفته عن ورق لف السجائر وحرفية حرق الحشيش ولحظة

كل ما تحتاجون معرفته عن ورق لف السجائر وحرفية حرق الحشيش ولحظة "5!!"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 30 مايو 201701:01 م

لا يحب الكثيرون ممن يدخنون التبغ الملفوف، أن توجه إليهم أسئلة عن سبب عزوفهم عن السجائر المصنّعة الجاهزة واللجوء إلى الطريقة التقليدية للف السجائر. كما لا يستحبون سؤالهم عن الفارق بين أنواع الورق. الأمر ليس عصياً على الشرح، ولكن لقلة مدخني التبغ مقارنة بمدخني الجاهز؛ كثيراً ما يواجه النوع الأول الأسئلة نفسها والفضول نفسه، فضلاً عن العبارة القاتلة "ممكن تلف لي سيجارة... أجرب"، إذا كنت من المبتدئين أو ممن يسألون بفضول. لنلقِ نظرة على تاريخ ورق السجائر وأنواعها. من المضغ إلى التدخين بواسطة الغليون أو الأنبوب، وحتى السيجارة المصنّعة الجاهزة، مروراً بالنرجيلة أو الشيشة، مراحل وتجارب خاضها الإنسان للتعامل مع التبغ. ورغم استحواذ شركات السجائر المصنّعة على سوق الدخان، هناك من لا يزال متعلقاً بالطريقة التقليدية للف السجائر بورق البفرة. وبينما لم يكن في المحال والأكشاك سوى نوعين أو ثلاثة من ورق السجائر، وارتباطها حتى وقت قريب في عدد من البلدان مثل مصر، بتدخين المخدرات فقط، تنتشر الآن المحال المتخصصة في بيع مستلزمات التبغ بمختلف الأنواع والماركات العالمية، ما يشير إلى عودة قطاع من المدخنين إلى الطريقة التقليدية للف السجائر، ولكن بمعايير وتفضيلات كثيرة ومتنوعة.

متى أشعل العالم سيجارته الأولى؟

فيما تدور معركة سيفاستوبول الفاصلة، بما يعرف بحرب القرم، بين الجيش القيصري الروسي من جهة، والدولة العثمانية وحلفائها من جهة، كان جندي فرنسي يعرف باسم "زواف"، مشغول بما سيغير ثقافة التدخين في العالم لاحقاً. فجلس يفكر في أنبوبه الطيني المكسور، في الحرب الدائرة، كيف سيدخن؟ وسرعان ما وجد الإجابة في اقتطاع ورقة صغيرة من كيس البارود الخاص به، ولف بها التبغ، ليشعل أول سيجارة ملفوفة في التاريخ. وفي حين لا نعرف شيئاً عن صورة قادة الحرب التي اختتمت القرن التاسع عشر، تبقى صورة زواف محفورة في عقولنا حتى لو لم نعرف عنه شيئاً. إنه بطل غلاف الورقة الأشهر عالمياً "زيج زاج"، والتي يفخر الأخوان براونشتاين اللذان صنعانها بصورة "المحارب الفرنسي المبدع"، بحسب توصيف الموقع الرسمي للشركة التي تتعدد منتجاتها المتعلقة بالدخان.

من كيس البارود حتى دفتر البفرة

ومن ورقة كيس البارود، حتى الشكل الحالي لمظروف أو دفتر البفرة، مرت صناعة ورق لف السجائر بالعديد من المراحل. فقام الأخوان براونشتاين عام 1894، بالتوصل إلى الورق المتداخل على شكل حرف Z، ليطورا من عملية التعبئة والتغليف التي سمحت بسحب ورقة واحدة من الدفتر في كل مرة، على العكس من طريقة التعبئة العادية. وبذلك نجح الأخوان في الحصول على براءة الاختراع الجديدة، وأطلقا على المنتج الجديد اسم زيج زاج الذي يحمل غلافه صورة مرسومة للمحارب الفرنسي "زواف".

وظلت شركة زيج زاج لفترة طويلة، هي المسيطرة على معايير صناعة ورق السجائرة، فبقيت أوراق اللف من دون شريط لاصق، حتى قامت الشركة بتطوير صناعة الورق، وإضافة الشريط المصنع من خليط من نسغ شجرة السنط الإفريقية والصمغ العربي، لضمان شريط لاصق لا يؤثر على طعم الدخان.

التبغ واحد والورق ألوان

ربما يفضل أحد المدخنين نوعاً واحداً من التبغ لفترة طويلة، لكنه كثيراً ما سيغير من نوع الورق "البفرة"، لأسباب كثيرة، كلها تمنح مدخني السجائر الملفوفة ميزات متعددة، لا يحظى بها مدخنو السجائر الجاهزة، المضطرون لنوع واحد من التبغ والورق. بينما تنتشر أنواع كثيرة من البفرة، التي تندرج تحت نوعين رئيسيين من الخامات مثل أوراق الأرز الخفيفة أو أوراق قش القمح، التي تتنوع بدرجات مختلفة من الإضافات الكميائية أيضاً. وعلى اختلاف ماركات ورق السجائر، تختلف أيضاً ألوان مظروفات الورق للماركة الواحدة، طبقاً لتنوع خصائص الحرق، أي درجة مقاومة الاحتراق وسرعة الاشتعال، وحتى لا يطير الدخان سريعاً. فغالبية مدخني الحشيش يميلون لاستعمال المظروفات السوداء، التي تحوي أوراقاً شفافة وطويلة، تشتهر بـ"الرزلة" في مصر، نظراً لأنها ثقيلة ولا تحترق بسرعة، بل تنطفىء وحدها في حال تركها، ما يتيح الفرصة لتدخين الحشيش بدون استعجال، بينما لا يفضلها الكثيرون في حال تدخين التبغ. لا ينتهي المطاف بالورقة الثقيلة الشفافة عند الظرف الأسود والاستعمال من أجل الحشيش وغيره من المخدرات، ولكنها تتنوع في درجات أقل سمكاً وأكثر تفاعلاً مع الاحتراق. وتعبر ألوان المظاريف عن ذلك ابتداءً من اللون البني وصولاً إلى الفضي الخفيف مروراً بالأزرق الفاتح. كما تتنوع درجات مقاومة الاحتراق بالنسبة للورق الأبيض الخفيف، فالأحمر هو الأسرع اشتعالاً، يليه البرتقالي والأخضر، وبالطبع تختلف الألوان والتصميمات من ماركة إلى أخرى.

"5!!" علامات نهاية العالم

الورق أولاً وأخيراً. يمكن لمدخني اللف الاستغناء عن الماكينة، وغالبهم يفعلون ذلك مفضلين اللف اليدوي. وإذا نفدت الفلاتر منهم، فلا ضير، يمكن معالجة الأمر بلفافة كرتونية أو حتى الاستغناء عن تلك الخطوة تماماً. لكن أن ينفد الورق من دون سابق إنذار، تلك هي اللحظة المرعبة في عمر دفتر البفرة. لذلك ابتكر المصنعون ورقة اعتراضية تحذيرية بخطوط ملونة أو سوداء عريضة مكتوبة على هيئة الصرخة "5!! oooh noooo!!" أو مرفقة برسمة لكائن متفاجئ أنه لم يتبق سوى 5 ورقات. وقد يحتاط البعض من تلك اللحظة، فهناك من يشتري أكثر من دفتر في المرة الواحدة، وهناك أيضاً من يخبىء بضع ورقات في حافظة النقود أو في صفحات إحدى الروايات والكتب، ورغم ذلك لا ينفع الحرص أحياناً. يصف البعض ظهور تلك الورقة المباغتة، خصوصاً مع نهاية اليوم والإرهاق واستحالة التفكير في الذهاب لأحد الأكشاك أو المحال لشراء دفتر جديد، بمثابة إعلان رقيق عن نهاية العالم بالنسبة للمدخن. حتى أن بعض فناني الأندرغراوند في بيروت قاموا بطبع العبارة السالفة الذكر على جدران المدينة تعبيراً عن الثقافة المختلفة حتى في التدخين.

ورق الشام: نجم من الماضي

وليس تنوع خصائص الحرق وحده هو العنصر الفاصل في المنافسة بين منتجي ورق السجائر "البفرة"، بل مدى التأثير على طعم الدخان. لذلك انتبه المنتجون إلى أهمية إبراز هذا العنصر في العبارات الدعائية حتى اليوم.

وكان للعرب تجربة خاصة في تلك الصناعة التنافسية حتى غزو العديد من الماركات الأجنبية الغربية المتنوعة وذات الجودة والسهولة في الاستخدام، إلى الأسواق العربية التي سيطرت عليها ماركات عربية مثل ورق الشام ومغربي وأوتو مان لفترة طويلة.

وبثلاث أبيات من الشعر، روج الأخوان شربجي منتجهما "ورق الشام" البيروتي، ذا العلامة المميزة التاج المرصع بـ"يحيا الوطن"، والذي ظل صامداً في حلبة المنافسة لفترة طويلة، خصوصاً مع اقترانه بالتبغ العربي "التُّتن"، والذي يطلق عليه أيضاً التبغ الشامي، فطُبع على غلافه الداخلي:

يا بني الأوطان جمعاً ... ورق الشام خذوه فهو صحي لذيذ ... جربوه تعرفوه ومن الغش خلي ... فاشتروه واشربوه وعلى الرغم من انتشار العديد من أنواع ورق السجائر، قبل ظهور "ورق الشام"، فإن الدعاية الملفتة كانت أحد أهم الأسباب في نحاجه وانتشاره، كعبارة التحدي الشهيرة "جائزة ألف ليرة لمن يثبت ورق سجاير أطيب من ورق الشام". أو الخطاب الذي تناسب مع حقبة الستينيات وشعاراتها، أيام التغني بالعروبة والوطنية. فكتب الأخوان صلاح وصبحي الشربجي على الغلاف الداخلي للمظروف: إليك أيها العربي الصميم، إليك أيها الحر النبيل ورق الشام الممتاز على سائر الماركات وهو صاحب التاج المرصع بالنسبة لنظافته ونقاوته من كلّ غش بعد مجهود خمس سنين توفقنا لأحسن ورق مخفف لأضرار التدخين لنخلّصكم من بقية الماركات وسميناه بالشام تيمناً بعروس بلاد العرب، فيجب على من يحب أن يخدم وطنه وصحته أن يستعمل ورق الشام. 

ورق أوتومان: للتبغ وتضميد الجروح

في مصر حازت الورقة الرقيقة العريضة والمذيلة بختم أحمر يحمل اسم "أوتومان" المصنع في الأردن، إعجاب المصريين لفترة طويلة من الزمن. حتى أن المغتربين منهم هناك، كانوا يجلبون معهم علب دفاتر الورق كهدية قيمة للأقارب والأصدقاء. كان ذلك قبل إنشاء مصنع آخر لـ"أوتومان" في مصر، والتي امتازت بجودة عالية وثمن زهيد، جعلها الاختيار الأول للمدخنين، وشاع استخدامها أيضاً بديلاً عن اللاصقة الطبية، إذا أصاب أحدهم جرح بسيط في إصبعه. 

"ورقة البفرة فيها 6 أشهر". إحدى العبارات التي ظلت وثيقة الصلة بذكر أوتومان. فتردد أن عقوبة حيازة أوراق البفرة تصل للحبس مدة 6 أشهر، ويرجع ذلك للارتباط بين ورقة البفرة ومخدرات الحشيش والبانجو، بعد سيطرة السجائر المصنعة على سوق الدخان وثقافة التدخين. حتى أنه مع عودة قسم كبير من المدخنين، والشباب منهم على وجه الخصوص، إلى السيجارة الملفوفة بدلاً من "السيجارة المكنة"، ظل الأمر مثيراً وملفتاً للانتباه والفضول والتساؤل، عن جرأة هذا الذي يلف الحشيش علناً وعلى مرأى من الجميع، ليجد صاحب السيجارة الملفوفة نفسه أمام سيل من التساؤلات المتكررة: لماذا وكيف وهل أستطيع أن أجرب؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard