شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
Mbuki-mvuki ،Uitwaaien ،Gigil وغيرها: مشاعر لا نعرف أننا نمتلكها

Mbuki-mvuki ،Uitwaaien ،Gigil وغيرها: مشاعر لا نعرف أننا نمتلكها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 29 يونيو 201709:20 م
في تركيبة معقدة من المشاعر الإنسانية، ثمة مساحات لم تصل اللغة إليها بعد، ولم يحظ العالم بكلمات مناسبة للتعبير عنها. في المقابل، استطاعت شعوب معينة أن تجد توصيفاً لأنواع مختلفة من المشاعر في لغتها، بينما ظلت لغات أخرى تفتقد لهذه الدقة في توصيفها، لا سيما اللغة الإنجليزية المهيمنة في مجال المصطلحات العلمية والنفسية المتخصصة. ويرى الباحثون أن على اللغات الأخرى، وتحديداً الإنجليزية، أن تتبنى تلك المصطلحات، لأن معرفتها من خلال تعريفها، تتيح للشعوب الأخرى الإفادة من تحديد أنواع مشاعر تنتابهم من دون أن يدركوها، وتجعل بالتالي حياتهم أفضل وأكثر اتزاناً.

من الـMbuki-mvuki إلى الـUitwaaien

هل شعرتم سابقاً برغبة في أن تخلعوا ملابسكم وأنتم منسجمين في رقصة ما على أنغام موسيقاكم المفضلة؟ ليس ذلك أمراً مستغرباً، فهو شعور موصوف وله تسمية لدى جماعات البانتويون في جنوب قارة أفريقيا، وهي الـMbuki-mvuki. وربما شعرتم في مرحلة ما ببعض من الإثارة عند رؤيتكم لنظرة متبادلة بين اثنين معجبين ببعضهما البعض، أو مشاهدة أحدهم يعرض الزواج على أحد آخر، أو حتى شاهدتم فنانكم المفضل وجهاً لوجه. هذا النوع من الحماس وجدوا له تعريفاً محدداً في الفيليبين، وأسموه kilig. ولأهميته التوصيفية، وغيابه عن قواميس اللغات الأخرى، دخل مصطلح kilig في قاموس أوكسفورد في أبريل العام الماضي، وعرف بأنه شعور بالبهجة نتيجة تجربة مثيرة أو عاطفية، تختلط فيها السعادة الغامرة بالإغراء والإثارة. هل فكرتم يوماً نتيجة الضغوط الهائلة أنكم بحاجة لإجازة في الطبيعة كي تعيدوا تنشيط دماغكم بعد تفريغه من المشاعر السوداوية؟ إذاً أنتم بحاجة لتجربة شعور الـUitwaaien. هذا التوصيف في اللغة الألمانية له ترجمة حرفية وهو "المشي في الطبيعة بينما يلفح وجهك هواء عليل". ويُستخدم للتعبير عن شعور المرء بالحاجة إلى الطبيعة بهوائها النقي ووحدتها التي تساعد على الاسترخاء.

قاموس عالمي جديد فيه طرب و"يقبرني"

لفت هذا العالم من المشاعر، التي يتشاركها الجميع ولم يتح إلا للقليل توصيفها، اهتمام الباحث تيم لوماس في جامعة شرق لندن، فعمد إلى جمعها في قاموس واحد للمصطلحات الإيجابية، مقسم حسب اللغات أو الأحرف الأبجدية أو الموضوع. وبحسب لوماس، يهدف هذا المشروع إلى جمع النكهات المختلفة للمشاعر الطيبة الموجودة حول العالم، في سبيل أن نتمكن من دمجها معاً في الحياة اليومية. ويضيف "في الحقيقة، تستعير كل لغة بعض المصطلحات من لغة أخرى، كما حصل بالإنجليزية،لكن ثمة الكثير من المصطلحات لا تزال مجهولة"، موضحاً أنه وجد مئات "المشاعر" غير القابلة للترجمة إلى الإنجليزية، وهذه ليست سوى البداية. ويرى لوماس أن تبني المصطلحات الشعورية الجديدة سيتيح فهماً غنياً ودقيقاً لذواتنا، فـ"هي تمنحنا بعداً مختلفاً لرؤية العالم". وللغة العربية في التعبير مساحات واسعة، غير قابلة للترجمة إلى لغات أخرى. كما هو الحال مع عشرات التعريفات والمراتب المختلفة للحب.

هل شعرتم سابقاً برغبة في أن تخلعوا ملابسكم وأنتم منسجمين في رقصة ما؟ هذا الشعور يسمى Mbuki-mvuki

يضم قاموس لوماس العديد من المصطلحات العربية المستخدمة، التي يرى من الضروري تبنيها لصعوبة أن نجد لها، باستخداماتها ومدلولاتها الاجتماعية والنفسية، رديفاً في لغات أخرى. ومن هذه المصطلحات يذكر: العصبية (التي تربط الجماعات ببعضها)، البَرَكة، دنيا، فطرة، صدقة، فناء، حلال، خلاص، سهر، سمر، طرب، يقبرني، صمود، تراض، إن شاء الله. ولفت لوماس إلى مصطلح طرب مثالاً باعتباره حالة من النشوة والسحر تخلقهما الموسيقى.

الـSisu كنمط حياة

يقول لوماس إنه استلهم فكرة القاموس عندما سمع مصطلح للمرة الأولى، وهو تعبير فنلندي للدلالة على الإصرار الاستثنائي الذي يتملك الفرد في مواجهة عثرات كبيرة، وبعد فشل متكرر في تحقيق المآرب. حاول لوماس حينها أن يترجمه إلى الإنجليزية مستخدماً كلمات كـ"Grit" و"Perseverance" و"Resilience" وهي تدل على المثابرة، لكن محدثه الفنلندي أكد أن هذه المصطلحات الإنجليزية لا تفي Sisu حقه في التعبير عن المعنى العميق الذي يتركه عد استخدامه في فنلندا. هكذا بدأ لوماس البحث عن أمثلة أخرى عبر الدراسات الأكاديمية واستطلاع اقتراحات من مختصين من جنسيات مختلفة، وعمد إلى نشر نتائجه الأولية خلال العام الماضي. وعبرت معظم المصطلحات التي اختارها عن مشاعر إيجابية، تنتاب المرء في ظروف شديدة الخصوصية. ومن المصطلحات المعتمدة:

Desbundar

مصطلح برتغالي يعني التخلص من الكبت عبر الاستمتاع.

Shinrin-yoku

مصطلح ياباني يعبر عن حالة الاسترخاء التي يتركها أخذ حمام في الطبيعة، بشكل حقيقي أو متخيل.

Gigil

تعبير تاغالوغي (لغة محكية في الفيليبين) للدلالة على رغبة لا تقاوم بضرب أو قرص أحدهم لأنه محبوب أو جميل أو عزيز بشكل كبير.

Iktsuarpok

مصطلح لدى الإنويت في الإسكيمو، ويدل على حال الترقب التي يعيشها أحدهم بانتظار وصول شخص عزيز، والاستمرار في النظر إلى الخارج للتأكد من وصوله. وثمة مصطلحات أخرى أكثر تعقيداً، ممكن أن تكون مفيدة جداً في نمونا واتزاننا، مثل:

Wabi-sabi

مصطلح ياباني يرمز لفلسفة جمالية ترمي إلى رؤية الجمال برغم كل شيء، وتقبل الأشياء كما هي وعلى طبيعتها، بعيوبها وشوائبها وحتى بفنائها. يمكن تعريف هذا المصطلح بأنه "إيجاد الجمال في عدم الكمال" أو "الاكتفاء بعدم الاكتمال".

Saudade

مصطلح برتغالي يحضر كثيراً في الأغاني والكتب الأدبية، وهو يعبر عن الحنين والشوق والتوق والرغبة والوحشة واللهفة وأكثر. هو مرحلة شديدة العمق من الحنين والأسى في غياب شخص محبوب، يصحبها معرفة مسبقة بأنه لن يعود أبداً. ويقترن بهذا الشعور كل التجارب والأماكن والأحداث التي خلقت رغبة أو حماسة أو شعوراً طيباً في وقت مضى. كما يُستخدم أحياناً للتعبير عن شعوري الحزن والسعادة اللذين يصيبان أحدهم في آن واحد في غياب حبيب أو قريب. شعور بالحزن لفقدانه، وبالسعادة للحصول على فرصة اختبار هذا الشعور معه في وقت ما.

Dadirri

مصطلح أسترالي معناه الإنصات بانتباه شديد، ويدل كذلك على فعل الاستماع بعمق وروحانية، وكدلالة أيضاً على الاحترام لما يقال. يُضاف إلى ذلك العديد من المصطلحات التي يمكن الاطلاع عليها على موقع لوماس الإلكتروني، والذي عبّر، بحسب ما نقل موقع BBC Future، عن انفتاحه على اقتراحات جديدة، وعلى آراء المعنيين بهذه المصطلحات من أجل تنقيحها وتقديمها بأفضل معنى ممكن.

تحديد المشاعر كطريقة للنجاة

يأمل لوماس أن يبدأ علماء النفس بالتبحّر في هذا العالم واكتشاف أسباب ونتائج مثل تلك التجارب، لتوسيع فهمنا للمشاعر بعيداً عن اللغة الإنجليزية المهيمنة على عالم الأبحاث.

Wabi-sabi مصطلح ياباني يعني "إيجاد الجمال في عدم الكمال" أو "الاكتفاء بعدم الاكتمال"

كما يرى الباحث الإنجليزي أن دراسة هذه المصطلحات والتآلف معها ليس مفيداً على الصعيد العلمي وحسب، بل يساعدنا على التصالح مع أنفسنا وتغيير الطريقة التي نشعر بها، عبر تسليط الضوء على مشاعر تنتابنا لكننا نتجاهلها أو لا نمتلك وسيلة للتعبير عنها. وفي هذا الإطار، يستشهد لوماس بالبحث الذي قامت به ليزا فيلدمان باريت، حول الأثر الطيب الذي تتركه في دواخلنا تلك القدرة على تمييز عواطفنا، وبالتالي عنونتها ووضعها في الخانة الصحيحة. وانطلقت باريت من المشكلة التي يقع فيها معظم الناس الذين يسيئون التمييز بين ما إذا كانوا مصابين باكتئاب أو إحباط أو يأس، ورأت أن القابلية على التمييز الدقيق بين حالات من المشاعر التي يفصل بينها خيط رفيع، يتيح لنا القدرة على علاجها أو الاستفادة منها. تؤكد ذلك أيضاً الدراسة التي قام بها مارك باكيت، من جامعة يال، والتي نصح من خلالها تعليم الأطفال بين عمر 11 و12 سنة، أكبر عدد من المصطلحات التي تعبر عن العواطف والمشاعر، باعتبارها زوادة لفهم الحياة بشكل أفضل والتعامل معها لاحقاً.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard