شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
مشاكل جنسية نسائية... حلولها فيسبوكية؟

مشاكل جنسية نسائية... حلولها فيسبوكية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 26 يونيو 201703:32 م
كادت ميار، وهو اسم مستعار لصبية من مدينة المنيا المصرية، أن ترتبط بزوج يكبرها عشرين عاماً. لم يدفعها إليه الحب أو التفاهم، بل الفراغ في حياتها الجنسية بعد انفصالها عن زوجها الأول، وشعرت بأن زواجها هذا قادر على ملء الفجوة. كان من الصعب البوح بالنقص الذي تعيشه في مجتمع يعتبر حاجات المرأة الجنسية عيباً وخطاً أحمر. "أصبحت أفكر في رغبتي الجنسية الزائدة على مدار اليوم"، تقول ميار ذات الـ23 عاماً لرصيف22. فنصحتها مجموعة من النساء بالرجوع عن قرارها لأن دوافعها ليست كافية للارتباط به، لا سيما أن الرجل الذي يكبرها بهذا القدر من السنين لن يتمكن من إشباعها مع مرور الوقت. فأعادت النظر في الموضوع ولم تتزوج منه. لم يكن هذا الحديث في غرفة مغلقة أو في جلسة عابرة، بين صديقات مقربات، بل في عالم افتراضي موازٍ. فقد طرحت ميار تساؤلاتها على صفحة على فيسبوك، تتطرق الى مشكلات المرأة، بعدما شعرت بالخجل من مصارحة أحد بما تشعر به. تضيق صدور بعض النساء في المجتمعات المحافظة بما يحملنه من مشاعر لا يستطعن البوح بها لأحد من المقربين إليهن، سواء بدافع الخوف أو الخجل أو وجود ثقافة العيب في الدوائر المتشددة. فلا تجد بعضهن سوى "الصفحات النسائية" على فيسبوك لطرح مشكلاتهن الجنسية. "كلام ستات" و"كلام نواعم"، "فضفضة قلب" هي أسماء بعض هذه الصفحات المغلقة على فيسبوك، والمخصصة للفضفضة ومناقشة المشاكل على اختلاف أنواعها. وقد باتت لبعض عضواتها المتنفس الوحيد للحصول على تطمينات أو إجابات عن تساؤلات حميمة يجدن صعوبة في طرحها على أقرب الناس، كالزوج أو حتى الطبيب.
"كلام ستات"، "كلام نواعم" وصفحات نسائية أخرى هي المتنفس الوحيد لبعض السيدات للتعبير عن مشاكلهن الجنسية
مواقع طبية كثيرة تعطي إجابات لتساؤلات جنسية، لكن يفضل الناس النصائح الشخصية التي تعطيهم الطمأنينة

لا قيود على الغروبات النسائية

وصل عدد عضوات صفحة كلام ستات التي تأسست قبل خمس سنوات إلى 65 ألفاً. تديرها ولاء الشويكي (32 عاماً)، بمساعدة عشر عضوات هن "أدمن الغروب" أو إداريات الصفحة. تقع على عاتقهن مسؤولية التدقيق في هوية كل من ترغب بالانضمام إلى المجموعة، وتنقيح قائمة العضوات بشكل مستمر للتأكد من عدم وجود رجال. لا توجد قيود على كلام المشاركات في المجموعة. يمكنهن التحدث في أي موضوع، ما دام طرحه "يراعي الآداب". فيتلقّى هذا المكان الافتراضي المشاكل الزوجية والصحية والعاطفية ومشاكل العمل والتحرش وغيرها. تقول الشويكي إنها حريصة جداً في التعامل مع الأسئلة الجنسية التي تردها من  السيدات، قبل أن تنشرها وتطرحها لكي تناقشها باقي العضوات. فتتأكد من هوية السائلة، محاولةً كشف أي رجل دخيل يستتر خلف حساب يحمل صورة امرأة. وفي حالة الشك، تطلب من السائلة رقم هاتفها للتأكد من هويتها. لكنها لاحظت أن الرجال المتطفلين على المجموعة يستخدمون ألفاظاً "نابية" غير مبررة في رسائلهم، مما يجعل كشفهم أكثر سهولة.

حينما يهدد الإفصاح الحياة

الإفصاح عن بعض المخاوف ليس محرجاً فقط، ففي بعض الحالات هو تهديد حقيقي للحياة. فماذا تفعل الفتاة التي دخلت في علاقة جنسية قبل الزواج، أفقدتها غشاء البكارة المقدس في مجتمعها المحافظ؟ أو ماذا تفعل امرأة تخون زوجها وبحاجة للبوح بما يدور في ذهنها؟ أو من تنجذب للفتيات وتخشى البوح بميولها المثلية؟ أحياناً تكون المشاكل أكثر حساسية، كالحالة التي تذكرها الشويكي، ومحورها فتاة تعدى والدها عليها وهي طفلة، وتخشى أن يكون قد أفقدها ذلك غشاء بكارتها. لم تفصح الفتاة عن تجربتها إلا لعضوات المجموعة، اللواتي دعمنها ونصحنها بمراجعة طبيبة ومصارحتها. لكن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم مواجهتها أباها والإفصاح عما قام به من انتهاكٍ لطفولتها. فتبقى هذه المجموعات كالضمادة التي تغطي الجرح دون أن تعالجه.

الشعور بالضعف يقود إلى العالم الافتراضي

يقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي لرصيف22 إن المشاكل الجنسية المحرجة تضع أصاحبها، ولا سيما الفتاة، في موضع ضعف يدفعها للتمسك بأي شيء أو شخص يعطيها بارقة أمل، ويشعرها أن هناك حلاً لمشكلتها. وفي هذه الحالة يبحث المرء عمن يشاركه في المشكلة ذاتها، فتخف إذ ذاك حدة المشكلة. وقد لا يواجه الشخص الأمور بعقلانية، فيثق بشخصيات افتراضية بدون أخد الحيطة اللازمة أو معرفة هوياتهم الحقيقية، فيتم ابتزازه أو كشف أسراره. ويؤكد فرويز أن الأصح هو طرح المشكلات العميقة على المختصين في علم النفس والصحة الجنسية، الأمر الذي تخشاه غالبية الفتيات بسبب ما وصفه "بالتخلف الفكري" في الكثير من المجتمعات العربية.

تتفاوت التساؤلات والسبب "التابو"

بين إدمان الأفلام الإباحية والعادة السرية، وبين فتور الزوج أو ضعفه الجنسي، وآلام العلاقة الحميمة، والتفاوت بين رغبة الشريكين، تبيّن أن التساؤلات التي تطرحها العضوات ليست جديدة على عالم المشاكل الجنسية، فهي ذاتها تُطرح على الدوام في صفحات الاستشارات على الانترنت والمجلات في العالم العربي وخارجه، في الحاضر والماضي. تروي فاتن، مثلاً، أنها مخطوبة وتعاني من كثرة مشاهدة الأفلام الإباحية وممارسة العادة السرية، وهو ما تراه مشيناً لدرجة جعلتها تخفي ذلك كله عن طبيبها النفسي لأنه "ذكر". لكنها لم تتردد في طرح مشكلتها على المجموعة النسائية، لتكتشف أن الأمر ليس عيباً، وأن الكثير من العضوات مررن بتجربة مماثلة لم تؤثر في حياتهن الجنسية بعد الزواج.

حلول هي جزء من المشكلة

المشكلة التي تثيرها هذه المجموعات هي بُعدها عن الجانب العلمي في الإجابات، وترسيخها معتقدات تنمّط المرأة وتطمس مشاكلها من خلال إجابات مرجعيتها "الخبرة الشخصية". إذ ذاك، تكون العودة إلى الله مثلاً، أو الاهتمام بالأولاد حلاً لزيادة الرغبة الجنسية Hypersexuality. أو يتم التخويف من ممارسة العادة السرية ووصفها بأنها سبب لعدم الاستمتاع بالعلاقة الجنسية المتكاملة. لكن على الرغم من توفر الكتب العلمية، والمواقع الطبية التي تعطي أجوبة شافية عن التساؤلات على تفاوتها، يجد الناس في النصائح الشخصية من أفراد يمرون بالتجربة ذاتها شيئاً من الألفة، التي تضفي على الإجابة جانباً من الطمأنينة، ولو كان وهمياً أو افتراضياً.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard