شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
في مصر، المدارس تتحول إلى ساحة للاغتصاب

في مصر، المدارس تتحول إلى ساحة للاغتصاب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 20 نوفمبر 201611:59 ص
في سياق تنامي معدلات العنف في المجتمع المصري، ارتفعت حوادث اغتصاب الأطفال. وتسبب انتشاره في المدارس في هلع أولياء الأمور، بعد أن أضحى عادياً أن يحدث في فناء المدرسة أو دورات المياه، أو حتى داخل الفصول الدراسية. وشهد العامان الماضيان وقائع اغتصاب كثيرة، كان الضحايا فيها أطفال عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم، غير مدركين لفجاعة ما يتعرضون له لأيام طويلة بعد الواقعة، يقبعون في حالة ذهول تام. أما الأهالي، فيتعاملون مع الواقعة بطرق مختلفة، بعضهم يقرر التكتم على الأمر خوفاً من الفضيحة، ويظنون أن الأطفال سينسون ما تعرضوا له. والبعض الآخر يحارب طواحين الهواء، ويمضي في رحلة طويلة شاقة، بين مصالح الطب الشرعي، وتحرير المحاضر، وانتظار حكم عادل في ساحات القضاء. وكان شهر أبريل من العام الجاري شهد حادثة مفجعة بعد أن اغتصب عامل أمن خمسة أطفال داخل مدرسة دولية بالقاهرة. ومع بداية العام الدراسي الجاري، أشار تقرير لغرفة عمليات التربية والتعليم في الجيزة، أن 7 طلاب اعتدوا جنسياً على أحد التلاميذ داخل حمام بمدرسة الصديق للتعليم الأساسي. وأشار التقرير إلى أن الطلاب المعتدين لم يكتفوا بما قاموا به، بل ضربوه بسلاح أبيض في منطقة حساسة لإجباره على عدم الإدلاء بأي معلومات عنهم. بينما شهدت مدرسة البشائر الدولية بالقاهرة واقعة، هي الأبرز خلال العام الجاري، بعد أن تعرض الطفل أحمد.أ، التلميذ في قسم ذوي الاحتياجات الخاصة بالمدرسة للاغتصاب من مجهولين، لم يتم تحديدهم حتى الآن، إلا أن وزارة التربية والتعليم المصرية نفت حدوث الواقعة وبرأت ذمة المدرسة. رصيف22 تواصلت مع والدة الطفل، التي اتهمت جميع العاملين بالمدرسة بارتكاب الجريمة، وأكدت أنها لم ولن تترك حق نجلها من منفذ الجريمة الذي يعرف جيداً ظروفه المرضية، وأنه يعاني من مرض التوحد، لذلك أقدم على جريمته النكراء. وقالت إيمان، والدة الطفل، إن ابنها كان يعود مؤخراً، وعلى جسده بعض آثار الضرب. لكن يوم الواقعة، عاد إلى البيت في حالة صدمة، ولم تتمكن من معرفة ما حدث له، لأنه مصاب بأقصى حالات التوحد، لذلك هو عاجز عن الكلام، ولكنه في ذلك اليوم امتنع عن الطعام أيضاً. تضيف إيمان: "فوجئت أن أحمد تبول على نفسه، وعند تغييري لملابسه أدركت تعرضه للاغتصاب، ومعي تقرير طب شرعي من أحد المستشفيات الحكومية، يفيد بتعرض ابني لهتك عرضه من شخص بالغ، وليس من طفل مراهق، أو زميل له في المدرسة. حررت محضراً بالواقعة". تحمّل إيمان المدرسة كامل المسؤولية عن تلك الواقعة. وتؤكد: "عاد ابني يومها واليوم الذي سبقه، بعد توقيت المدرسة بساعتين، وبأوتوبيس مدرسة أخرى، وراودتني الشكوك بحدوث مشكلة، ثم اكتشفت أنه تعرّض للاغتصاب من قبل شخص بالغ داخل المدرسة. وهو على دراية بحالة ابني المصاب بالتوحد لأنه يعرف أنه لن ينطق باسمه ولن يتمكن من الكلام بسبب توحّده".

المسؤولية رسمية

التحرش بالأطفال والتعدي الجنسي عليهم، لم يعدا حالات فردية، بل أصبحا ظاهرة تهدد الأطفال، على حد قول الدكتورة هدى بدران، رئيسة الاتحاد النوعي لنساء مصر. وأشارت إلى أنه إذا كانت إحصائيات المركز القومي للطفولة والأمومة تشير إلى 1000 حالة اغتصاب للأطفال، خلال عام 2014. فإن الحالات غير المسجلة تصل إلى أكثر من 3000 سنوياً. وعزت هذا الفرق إلى تكتّم الأهالي عن مثل هذه الأمور، خوفاً على سمعة أبنائهم، ورضوخاً لمساومات مسؤولي المدارس الذين يطالبونهم بعدم الإبلاغ عن هذا النوع من الوقائع، لحماية سمعة المدرسة. وأضافت أن أهم أسباب تفشي الظاهرة، هو ضعف الرقابة والإشراف من المسؤولين داخل المدرسة. بالإضافة إلى توظيف أصحاب الشخصيات غير السوية، من دون عقد اختبارات نفسية لهم، بالإضافة إلى ضعف رقابة وزارة التربية والتعليم على المدارس التابعة للوزارة، وأيضاً المدارس الخاصة والدولية. وكان المجلس القومي للطفولة والأمومة (منظمة حكومية)، أعلن أنه تلقى هذا العام بلاغات تتعلق بـ53 حالة عنف جنسي تجاه الأطفال، داخل المؤسسة التعليمية، تنوعت بين 8 حالات هتك عرض، و19 حالة تحرش جنسي، و26 حالة اغتصاب، وضمن هذه البلاغات، 9 عن الأطفال الذكور مقابل 44 حالة للإناث. كما صنّفت البلاغات طبقاً للمرحلة العمرية. ففي الفئة العمرية من 1 إلى 6 سنوات، وصلت إلى 11 حالة، مقابل 25 حالة للأطفال في الفئة العمرية من 7 إلى 12 عاماً، و17 حالة في الفئة العمرية من 13 إلى 18 عاماً.

غشاء البكارة هو الأهم...

وقال أحمد مصيلحي، رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال، أن أزمة تعرض أطفال لاعتداءات جنسية، تتلخص في عدم وجود مناخ آمن داخل المدارس، وحقوق الطفل المنتهك تضيع، بسبب ترهل جهاز الطب الشرعي الذي يأخذ وقتاً طويلاً لإصدار تقريره النهائي، ولا يتبع أي تقنيات حديثة في الكشف على الأطفال، وتحديد مدى الإصابة التي تعرضوا لها. وهذا ينتج عنه خروج الجاني من الحبس، ويصبح طليقاً في المجتمع، ليتعامل مع أطفال آخرين، ويكونوا عرضة للوقوع في الخطر نفسه. وأضاف أن الأزمة القانونية الأكبر، هي تصنيف اغتصاب الطفل الذكر في القانون بأنه هتك عرض، وتكون العقوبة القانونية لتلك الجريمة أقل من العقوبة القانونية لاغتصاب أنثى. وفي حالة هتك عرض طفل، لا تتجاوز العقوبة 5 سنوات سجن كحد أقصى. أما اغتصاب أنثى فقد تصل عقوبته للمؤبد أو الإعدام، وفقاً لملابسات الجريمة. وكأن القانون لا يهتم سوى بغشاء البكارة، ويعتبر كل ما هو دون ذلك أمراً هيناً. ومن هنا، أصبح الجناة يفرون بجريمتهم عند قيامهم بجرائم هتك عرض، بالرغم من أن تلك الجريمة تقع على نفسية الأطفال الذكور بشكل كارثي. إذ تقوم بتدميرهم، وتنشأ أجيال لديها رغبات انتقامية، وقد يمارسون الجريمة نفسها مع أطفال آخرين. أما عن آلية حماية الأطفال قانونياً، فيقول مصيلحى إنه يجب الاهتمام بمنظومة الطب الشرعي في مصر، لناحية الكفاءة أو العدد، لا سيما أن معظم التقارير يتم تأجيلها بسبب الضغط على هذا الجهاز. ومن الواجب أيضاً أن يتعاون مجلس الأمومة والطفولة مع وزارة التربية والتعليم، وأن يخلق آليات جديدة لحماية الأطفال في المدارس. ويجب وضع كاميرات مراقبة في كل مكان داخل المدارس، فقد أصبح أمراً تقوم به جميع المحال التجارية، فما بالكم بالأماكن الخاصة بالأطفال، الذيي أصبح من الواجب حمايتهم. من جانبها، تشير الدكتورة هبه عيسوي، أستاذة علم النفس في جامعة عين شمس، إلى أن الطفل يمر بثلاث حالات عقب تعرضه للاغتصاب، تبدأ بالإنكار، مروراً بالصدمة التي يتطلب معها الصبر والتحمل، من المحيطين به حتى يتقبلها، ونهاية بالازدواجية في التصرفات، بين العنف والهدوء، وهنا على الأسرة أدوار كبيرة لاستيعاب أطفالهم لتخطي تلك المرحلة. وأضافت أنه لا بد أن تكون الأسرة والمدرسة على وعي بخطورة الفترة الأولى بعد عملية الاغتصاب، وأن يكون هناك منع لاستخدام بعض الكلمات السامة التي فيها نقد وتوبيخ للطفل وتحميله مسؤولية الواقعة. فهذا الأسلوب في التعامل يساهم في نمو الاضطرابات النفسية بالنسبة للطفل. وأشارت إلى أن المشكلات والتعقيدات القانونية، يجب أن لا تكون عائقاً أمام اتخاذ أولياء الأمور خطوات جادة للحصول على حقوق أبنائهم، حتى لا يفقد الطفل ثقته في المجتمع. كما أن استمرار الطفل داخل المدرسة نفسها التي تعرض فيها للتحرش ضروري، لعدم ترسيخ فكرة الهروب من الضغوط، وعدم تكريس مفهوم "الفضيحة" لدى الطالب.  

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard