شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
طريق الهجرة: تجارة أعضاء وسرقة دماء واستغلال جسدي

طريق الهجرة: تجارة أعضاء وسرقة دماء واستغلال جسدي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 20 نوفمبر 201606:57 م
"الطريق إلى الهدف أجمل من الهدف نفسه"، هكذا يقولون وهم ينصحونك بضرورة الاستمتاع بالتجربة وأنت تسعى لتحقيق مبتغاك. من تغنوا بالطريق، لم يقصدوا إطلاقاً ذاك الذي يسلكه المهاجرون هرباً من حرب ومن مذابح. هؤلاء طريقهم تعب مثلهم، أرهقه أنين الخائفين وتآكلهم وهم يهرعون مذعورين إلى اللا قرار. طريق المهاجرين، من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى أوروبا، تكاد تُختصر بصورة واحدة أو اثنتين في الإعلام. مركب يعجّ بوجوه من مختلف الأعمار، فينوء تحت ثقل الأجساد والأرواح متجهاً إلى أقرب نقطة أوروبية، ومركب آخر غرق في البحر فطافت أجساد بعض ركابه على وجه الماء وتمّ إنقاذ البعض الآخر. لكن في رحلة الهروب تلك، وقبل الوصول إلى المركب المطاطي، ثمة طريق طويل موحش كذاك الذي يُعرض في أفلام الذعر الهوليوودية. وعليه تُمارس شتى صنوف القهر بدءاً من بيع المهربين "زبائنهم" للشرطة أو للجماعات المسلحة وصولاً إلى سرقة الدماء وتجارة الأعضاء. سمع الإعلام، ومثله صانعو القرار، الكثير من الروايات عن طرقات التهريب، لكن الأخيرة بقيت محاطة بأسرار كثيرة ولا يحظى ما يدور خلالها بالاهتمام اللازم أمام قضية بهذا الحجم.

%71 تعرضوا للاستغلال

هذه الخلاصة أكدتها منظمة الهجرة الدولية اليوم، في ذكرى يوم مكافحة العبودية، قائلة في تقرير صدر للمناسبة إن الاتجار بالبشر وما يُعرف بالعبودية الحديثة لا يعرفان حدوداً خلال عمليات الهجرة عبر المتوسط. وعليه فإن الضحايا والناجين في كل مكان من حقهم أن يكونوا معروفين ومحميين، وعلى الاتجار أن يتوقف. ثلاثة أرباع (71% تحديداً) من المهاجرين عبر المتوسط مروراً بشمال أفريقيا باتجاه أوروبا، كانوا عرضة للاستغلال ولممارسات يمكن تصنيفها في خانة الاتجار. هذه النتيجة التي خرجت بها المنظمة الدولية بعد عمل مكثف على استمارات وُزّعت على الواصلين إلى جنوب إيطاليا. استندت هذه المعطيات إلى أكثر من 9 آلاف استمارة وزعت على مهاجرين وصلوا خلال الأشهر العشرة الأخيرة عبر طرقات البحر المتوسط الوسطى والشرقية، وتقدّم دليلاً قوياً على السلوك المتوحش للمهربين، وعلى تلك البيئات التي تزدهر فيها أشكال سوء المعاملة والاتجار بالبشر.
"ليس هناك من هو أكثر بؤساً من المرء الذي أصبح اللاقرار هو عادته الوحيدة"...
رقم مرعب جديد: %71 من المهاجرين عبر المتوسط باتجاه أوروبا كانوا عرضة للاستغلال ولممارسات تصنف في خانة الاتجار بالبشر!
حوالي النصف ممن ملأوا الاستمارة، تبيّن أنهم تعرضوا للاحتجاز القسري من أجل الحصول على فدية، ومعظمهم كانوا في ليبيا، النصف المتبقي كذلك أقروا بأنهم ألزموا بالعمل من دون الحصول على أجر، تحت تهديد السلاح. وقال البعض إن العمل الإلزامي كان منفذاً لهم للهرب من الاحتجاز أو لحجز مقعد آمن على المركب باتجاه أوروبا. 

سرقة أعضاء ودماء

الخطير في الاستمارات كان إضاءتها على ظاهرة تنمو بشكل كبير في التعامل مع المهاجرين، وهي تجارة الأعضاء وسرقة الدم: 6% من المستطلعة تجاربهم أقروا بأن المهربين يسحبون دماً من المهاجرين بالقوة، وأن ثمة من دفعوا أعضاء من أجسامهم كبدل عن تأمين رحلة لهم أو لعائلاتهم إلى أوروبا. ولأن فترة الترانزيت قد تطول بين البلد الأم وأوروبا، يصبح خطر التعرّض في البلد الانتقالي للاتجار أو الانتهاك مرتفعاً. في الواقع، تشير المنظمة إلى أن من قضوا مدة سنة في الترانزيت خبروا بالتأكيد حالة من حالات الاستغلال أو الاتجار. مع العلم أن المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا قضوا فترات طويلة في البلد الوسيط أو على الطريق، إذ قضى 35% منهم 6 أشهر على الطريق، مقارنة بـ11% بين هؤلاء القادمين من الطريق الشرقي للمتوسط.

بين تركيا وصربيا وحشية واستغلال

ثمة استمارات موازية تمّ توزيعها على مهاجرين من الخط الشرقي للبحر المتوسط، أي أولئك الذين يأتون عبر تركيا واليونان، تظهر أن 14% من هؤلاء تعرضوا للاستغلال والاتجار. 6% منهم جرى احتجازهم قسراً، و7% عملوا من دون أجر، وقد وقعت معظم هذه الممارسات في تركيا. أما حوادث تجارة الدم والأعضاء فجرى توثيقها في تركيا واليونان وألبانيا ومقدونيا وصربيا. من أجل جمع هذه المعلومات، وضعت المنظمة ستة أسئلة تدل على وقوع اتجار أو استغلال، كما تضمنت الاستمارات أسئلة بخصوص الزيجات القسرية خلال الرحلة، وأقرّ أقل من 1.5% من المهاجرين بأنهم حصلوا على عروض زواج مقابل المال. ما تظهره هذه الاستطلاعات يفيد أن "شبكات الاتجار بالبشر أصبحت أكثر وحشية وكفاءة في استغلال ضعف المهاجرين وهشاشة أوضاعهم"، بحسب ما قالت خبيرة مكافحة الاتجار بالبشر في المنظمة سيمونا موسكاريللي. يتهم كثر ممن يمتلكون ترف مقاربة الهجرة من أماكنهم الآمنة أولئك الذين يأخذون قراراً بالرحيل بـ"التهور" و"الغباء"، ويستغربون كيف يحمل الكثير من هؤلاء أطفالهم في رحلة محفوفة بالمخاطر، لكن الموضوع أكثر تعقيداً من ذلك. ففي رأي أستاذ علم النفس الأميركي وليام جيمس: "ليس هناك من هو أكثر بؤساً من المرء الذي أصبح اللاقرار هو عادته الوحيدة". يقول مسؤول بعثة المنظمة في بريطانيا ديبتي بارديشي: "بغض النظر عن الظروف التي تدفع هؤلاء للهجرة، وبغض النظر عن الخلفيات التي يأتون منها، هم يحتاجون للحماية بشتى الطرق".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard