شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
حكاية سيدتين من مصر: الأولى تزوجت زعيماً إفريقياً والثانية رفضت إمبراطوراً

حكاية سيدتين من مصر: الأولى تزوجت زعيماً إفريقياً والثانية رفضت إمبراطوراً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 17 أكتوبر 201612:07 ص
Read in English:

Egypt and the African Continent: Two Ladies, a National Hero, and an Emperor

العلاقات المصرية الإفريقية تضرب بجذورها في أعماق التاريخ ولها أوجه متعددة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ودينية. وفي العصر الحديث، تقدم اثنان من أبرز زعماء القارة السمراء للزواج بفتاتين من مصر، فتمت الزيجة الأولى بينما فشلت الأخرى. وإذا كانت وسائل الإعلام المصرية دأبت على تسليط الضوء على الزيجة الناجحة للدلالة على متانة العلاقة بإفريقيا، فإنها من النادر أن تشير إلى حالة أخرى فشل فيها مشروع الزواج، الذي كان من المحتمل أن يفيد القاهرة بشكل أو بآخر في ما يتعلق بملف سد النهضة لو تم.

فتحية زوجة نكروما


حول بطلة الزيجة الناجحة، تقول موسوعة أقباط مصر إن فتحية رزق ولدت في 22 فبراير 1932 في بيت مصري لأسرة مسيحية منفتحة، أبوها موظف في الخدمة المدنية في حي الزيتون في القاهرة، وكان ترتيبها الثالث بين إخوتها. وبعد وفاة الأب تفرغت الأم لتربية أبنائها. أما بطل قصة الزيجة الناجحة، فهو كوامي نكروما الذي تزعم عملية استقلال غانا عن بريطانيا عام 1957، ليتولى رئاسة الوزراء حتى انتخابات 1960، عندما انتخب أول رئيس للبلاد. وأعيد انتخابه عام 1965. في عام 1958 قام كوامي نكروما، رئيس وزراء غانا في ذلك الوقت، بزيارة مصر، وشاهد فتحية التي كانت تعمل في أحد المصارف ورغب في الزواج بها، إلا أن الأم رفضت لعدم رغبتها في أن تعيش ابنتها بعيداً عنها.

وإزاء ذلك اضطر نكروما أن يوسط صديقه جمال عبد الناصر، الذي قال للأم لماذا ترفضين يا سيدتي؟ أنا سوف أفتح سفارة لمصر هناك، وخط طيران مباشر بيننا وبين غانا، وسوف تتمكنين من زيارتها في أي وقت تشائين.

قصّة الفتاة المصرية التي رفضت الزواج من إمبراطور إثيوبيا...
رزقت فتحية من نكروما ثلاثة أبناء هم جمال وسامية وسيكو. وعام 1966 حدث انقلاب عسكري في غانا بقيادة الجنرال جوزيف أنكرا، وكان نكروما في الفيتنام، اتصلت فتحية بالرئيس عبد الناصر تستنجد به، فأرسل لها طائرة واستضافها في قصر الطاهرة لمدة ثلاثة أشهر حتى استقرت في بيتها بالمعادي، في حين لجأ نكروما إلى غينيا المجاورة. وحين وقعت نكسة 67 تبرعت بكل ذهبها للمجهود الحربي. مع مرور السنوات تغيّرت الأحوال في غانا. وأثناء زيارة رئيس غانا جون كافور الذي تم انتخابه عام 2000 للقاهرة، قام بزيارة فتحية نكروما بمستشفى النيل بدراوي أثناء مرضها. توفيت فتحية عام 2007. وترأس القداس الذي أقيم على روحها البابا شنودة الثالث، ودفنت في غانا إلى جوار زوجها بعد إصرار الرئيس الغاني وقتها على ذلك. وكتب على قبرها " الزوجة الحبيبة للرجل العظيم، التي واجهت الأزمات بشجاعة". وكان نكروما توفي عام 1972 في رومانيا بعد صراع طويل مع مرض السرطان.

جميلة رفضت هيلاسيلاسي

أما بطلة مشروع الزواج الفاشل، فهي جميلة توفيق أندراوس التي ولدت عام 1930، وهي الإبنة الكبرى للسياسي الوفدي القبطي الشهير توفيق باشا أندراوس، صديق الزعيم المصري سعد زغلول، الذي توفي عام 1935 وهو في ريعان شبابه. وبطل قصة مشروع الزواج الفاشل، هو الإمبراطور الأثيوبي هيلاسلاسي الذي نصب ملكاً عام 1928، ثم إمبراطوراً عام 1930، وأقصي عن ملكه عام 1974 إثر ثورة شيوعية قادها منغستو هيلا مريام. وأعلن الشيوعيون وفاته، لكن اتضح بعد ذلك كذب ذلك الادعاء، إذ توفي هيلاسلاكي عام 2008 بعد اختفائه لسنوات طويلة.

بعد وفاة توفيق تولى أندراوس عمادة العائلة، وأصبح مسؤولاً عن رعاية أولاد شقيقه الراحل وهم جميلة، وجميل، ولودي، وصوفي. ألحق العم ابنة شقيقه جميلة بمدرسة القلب المقدس الفرنسية في القاهرة، ثم بالجامعة الأمريكية، وكانت معروفة بجمالها وقوة شخصيتها. وفي مقال نشرته صحيفة الوفد المصرية هذه القصة، جاء أنه إنه بعد ثورة 1952 نجح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في إنهاء توتر كان سائداً بين الكنيستين المصرية والأثيوبية، فحضر الإمبراطور الأثيوبي هيلاسلاسي حفل افتتاح الكاتدرائية المرقصية في العباسية، وخلال الزيارة طلب الإمبراطور مصاهرة واحدة من أكبر العائلات القبطية في مصر. ونقل المقال عن مصادر من عائلة أندراوس، أن جميلة توفيق رفضت عرض الزواج من الإمبراطور هيلاسلاسى لرغبتها في البقاء مع أشقائها وأسرتها في الأقصر، وخوفها من الإقامة في إثيوبيا التي كانت موحشة حينئذ. وعاشت جميلة دون زواج مع شقيقتيها اللتين لم تتزوجا أيضاً في قصرهم بالأقصر بعيداً عن الأضواء، وفقاً لتقاليد العائلة المحافظة، واكتفت بإدارة أملاكها الواسعة. وهذا ما يفسر رفضها الظهور في مقابلات لوسائل إعلامية، وندرة صورها الشخصية. توفيت جميلة سنة 2011 بعد إصابتها بحمى نقلت على أثرها لمستشفى الأقصر الدولي، وأقيمت لها مراسم جنازة بسيطة. ودفنت في مقابر العائلة القريبة من معبد الكرنك شرق مدينة الأقصر، ليسدل الستار على حياة تلك الآنسة التي رفضت الزواج من إمبراطور أثيوبيا.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard