شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
لماذا يكره اللبنانيّون أحلام؟

لماذا يكره اللبنانيّون أحلام؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 18 يوليو 201607:32 م
تجدّدت الحرب بين أحلام وبعض المغّردين اللبنانين على تويتر اليوم، بعدما أعلنت في تغريدة أنّها تحلم بالغناء يوماً ما في "مهرجانات بيبلوس الدوليّة". قوبلت تغريدة أحلام بالترحيب بدايةً من بعض المغرّدين، إذ كتب الصحافي موسى عبد الله ردّاً على تغريدة المغنيّة الإماراتيّة: "مشاركتك في أيّ مهرجان في لبنان تعتبر إضافة ومكسب، خاصة وأنّك صاحبة أرشيف غنائي مميّز". وأضاف الصحافي سامر سركيس: "نتمنّى أن يتحقّق حلمكِ هذا عن قريب". ولكن، على المقلب الآخر، عادت دعوات منع أحلام من زيارة لبنان والغناء فيه لتكتسح مواقع التواصل، عبر وسم "ممنوع تغنّي أحلام بلبنان". وقادت الحملة الصحافيّة نضال الأحمديّة، فغرّدت: "الطقاقة منعوها من الغناء في الامارات، ويرفضونها في كلّ المهرجانات، كيف تستقدمونها إلى بلدنا بعدما جعلت منا زبالة وحشرة!". تصدّر وسم منع أحلام من الغناء في جبيل لائحة الكلمات الأكثر تداولاً على تويتر في لبنان، بالرغم من أنّ الأمر لا يزال في إطار التكهّنات. فأحلام لم تُدعَ أصلاً للمشاركة في المهرجان الذي يبرمج حفلاته قبل أشهر من إعلانها. كلّ ما حصل، أنّها عبّرت عن حلمها بالمشاركة في مهرجان يعدّ من الأشهر عربيّاً وعالميّاً.
عبّرت المغنيّة الإماراتيّة عن حلمها بالغناء في مهرجان جبيل، فشنّ مغرّدون لبنانيون حملة تطالب بمنعها من ذلك
هاجتمها برامج تلفزيونيّة لبنانيّة ساخرة، ويصفها بعض المغرّدين اللبنانيين بالبقرة والغوريلا

حرب ضروس

تعدّ الحملة الحالية على أحلام، امتداداً لحملة سابقة نشطت في آذار الماضي، للمطالبة بمنع دخول أحلام إلى لبنان، على خلفيّة سجالات بينها وبين بعض المغرّدين، تخلّلها وصف "الملكة" لبعض اللبنانيين بالمتسوّلين في تغريدة، وسخريتها من أزمة النفايات في مارس الماضي. في ذلك الحين، تراجعت أحلام عن تغريدتها، وقالت في مداخلة مع تلفزيون "الجديد" أنّها لم تقصد الإساءة إلى الشعب اللبناني بأكمله، وأنّها تكنّ كلّ الاحترام للبنان، لكنّها قصدت الصحافيّة نضال الأحمديّة ومقدّم البرامج عادل كرم، لهجومهما الدائم عليها. وقالت أحلام حينها إنّها يستحيل أن تهين لبنان، لأنّه يمثّل بالنسبة لها فيروز ووديع الصافي وسعيد عقل، وأضافت: "إذا كانت تغريدتي قد فُهمت خطأً، أنا أعتذر وأقول للشعب اللبناني أنا آسفة". اعتذار أحلام لم يكن كافياً، إذ سخر منها برنامجا الكوميديا الأكثر متابعةً على الشاشة اللبنانيّة "هيدا حكي" (تقديم عادل كرم على قناة mtv)، و"لهون بس" (تقديم هشام حداد على قناة lbci). ولم يتردّد حداد في استضافة بقرة داخل الاستوديو كبديلة عن أحلام، في حين نشر كرم صورة قديمة لها قائلاً إنّ اللبنانيين "نفضوها وحددوها وعملولها بويا"، في إشارة إلى أنّهم حسّنوا لها شكلها، كما يتمّ تصليح السيّارات. يومها بدا كأنّ البرنامجين فتحا الباب على حفلة كراهية علنيّة لا تنتهي، شارك فيها آلاف المغرّدين اللبنانيين على تويتر، فشتموا أحلام، وسخروا من شكلها، وشبّهوها بالبقر والقردة.

تعليقات فجّة أم عفويّة؟

منذ التسعينيات، تتمتّع أحلام بشهرة واسعة في لبنان، وكانت تحلّ ضيفة على معظم برامج الترفيه على القنوات اللبنانيّة، وتستعاد أغانيها في برامج الهواة تماماً كنجوى كرم ونوال الزغبي. وتعدّ المغنيّة صاحبة الفضل في نشر الأغنية الخليجيّة الحديثة على صعيد عربي، إلى جانب عدد من مجايليها مثل نوال الكويتيّة، وراشد الماجد، وعبد الله الرويشد. لكنّ الجدل حولها اتسع خلال السنوات الماضية على الساحة اللبنانيّة، خصوصاً بعد مشاركتها في برنامج "آراب أيدول"، ومناكفاتها الدائمة مع زميلها السابق في البرنامج راغب علامة. وكانت تعليقات أحلام العفويّة والفجّة أحياناً، خلال حلقات البرنامج، تحوّلها إلى مادّة للسخرية على مواقع التواصل. كما أنّ الحروب بين معجبي الفنانين على تويتر، زادت الطين بلّة، وجعلت تشبيه أحلام بالبقرة والغوريلا ينتقل من موسم إلى آخر، كنكتة قديمة وبشعة، لا تموت. وجاءت مشاركة أحلام في برنامج "الملكة" لتضع السخرية منها في خانة متقدّمة. تسبّب البرنامج بموجة سخط واسعة في مارس الماضي، لتعاطي أحلام مع المشتركين "كأنّهم عبيد"، بحسب منتقديها. قوبل البرنامج برفضٍ قاطع من الجمهور الاماراتي، لتضطر قناة "دبي" إلى وقفه. يومها أيضاً اعتذرت أحلام عن "الالتباس"، وأيّدت خيار القناة بوقف البرنامج. وقال المدافعون عن أحلام حينها أنّ الهدف من البرنامج المندرج في إطار تلفزيون الواقع، كان اختيار صديق/ صديقة لأحلام، في إطار كوميدي.

مشية عار افتراضيّة

فاقت موجات الشتائم العلنيّة لأحلام على مواقع التواصل أيّ حدّ، وباتت أشبه بمشية عار افتراضيّة تلاحق الفنانة بين الحين والآخر. تطاول الانتقادات بصورة أساسيّة شكل أحلام، وتبرّجها، وملابسها، واستعراضها لمجوهراتها وممتلكاتها، وصورها مع زوجها بطل الرالي القطري مبارك الهاجري، أو كما تلقبّه أبو فاهد. تأتي حفلات الكراهيّة التي تطال أحلام، معزّزة بأصوات مؤثّرة على تويتر، وأكثرهم مجاهرةً بكره أحلام، الصحافيّة نضال الأحمديّة. لكن بعيداً عن الخلافات الشخصيّة بين الصحافيّة والمغنيّة، يمكن النظر إلى أسلوب جحافل المغرّدين اللبنانيين في وصف المغنيّة على تويتر، كعيّنة واضحة عن ثقافة جماهيريّة لبنانيّة، تعزّر مفاهيم العنصريّة، والتنمّر، وكراهيّة النساء. لا تختلف أحلام في استعراضها لممتلكاتها ومجوهراتها عن الكثير من النجمات حول العالم، فذلك جزء من "أنا" الفنان التي تكون متضخّمةً في العادة، وتشكّل مدماكاً أساسيّاً من هويّته الفنيّة. لكنّ كثراً لا يتقبلون صدور ذلك عن أحلام تحديداً، في حين يقبلونه من أخريات، ربما، وببساطة، لأنّ شكلها لا يندرج في إطار "المرغوب" على مقياس نجمات الغناء العربي حالياً. يستظرف الجمهور العربي الفنانة كلّما كان شكلها يتوافق مع مقاييس الصدر والخصر والأرداف الشائعة. أبرز أسباب عدم "استظراف" أحلام، أنّها "بقرة" كما يصفها كارهوها. هنا، نحن أمام حالة تنمّر وتمييز موصوفة. فبعض الناس لا تتردّد في التعبير عن كراهيتها للمغنيّة الإماراتيّة، من دون أيّ إحساس بالذنب، لأنّها ببساطة ليست شبيهة نانسي عجرم ولا هيفاء وهبي (من دون الانتقاص من قيمة الفنانتين المذكورتين، لكنّ القياس عليهما يأتي من باب شبه الاجماع السائد على أنّهما تمثّلان خلاصة الجمال العربي المصنّف كـ"مثاليّ"، في الإعلام والثقافة السائدة اليوم). وفي هذا التعاطي المتنمّر مع أحلام، الكثير من الظلم، خصوصاً أنّها تتمتّع بطاقات صوتيّة مهمّة، وبأرشيف غنائي كبير، بغضّ النظر عن مواقفها الفجّة أحياناً.

فنانة عربيّة "ستاندرد"

كالعديد من الفنانين العرب، لا تتردّد أحلام في إعلان ولائها الكامل للسلطات في بلادها. وانجرفت في أحيان كثيرة إلى إطلاق تصنيفات طائفيّة عبر حسابها على تويتر، أزعجت اللبنانيين كما تزعج غيرهم. ذلك لا يلغي أنّها من أكثر الفنانات نشاطاً وظُرفاً على مواقع التواصل، وقد بنت على تويتر مجموعة متابعين أوفياء، يتولّون الترويج لكلّ حفلاتها وألبوماتها، كما الحال مع ألبومها الجديد الذي صدر قبل أيّام بعنوان "يلازمني خيالك". لا تختلف أحلام بشيء عن الكثير من الفنانات العربيّات المنشغلات بفساتينهنّ، وبتبرجّهنّ، ومجوهراتهنّ وثرواتهنّ... وليست الفنانة الوحيدة التي تتبنّى مواقف متسرّعة أحياناً، أو تنزلق إلى التحريض عبر حساباتها. كلّ ذلك لا يبرّر حفلات الهجوم على شكلها وتشبيهها بالحيوانات، أو تعييرها بأصولها الفقيرة، أو بلون بشرتها الغامقة. لا تستحقّ صاحبة "تشاور الساعة" كلّ هذه الكراهية غير المبرّرة، والتي تعكس أمراض الفوقيّة والذكوريّة السائدة عند شريحة كبيرة من شعوبنا. فالمشكلة في العقل الذي يصنّف امرأة بـ"الغوريلا"، أو يعيّرها لشكلها أو بأصولها، وليس بالمرأة ذاتها، سواء أكانت هذه المرأة فنانة مشهورة أو عاملة نظافة. من حقّ أحلام أن تحلم بالغناء في جبيل، من دون أن يتحوّل الأمر إلى مناسبة لشتمها على تويتر. فنانون كثر يحلمون بالغناء في "بيبلوس"، والمغنيّة الإماراتيّة ليست استثناءً، كما أنّ إنجازاتها الفنيّة تجعلها من دون شكّ بين نادي مستحقّي المشاركة في مهرجانات دوليّة، سواء في لبنان أو غيره من الدول العربيّة.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard