شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
رياض محرز، معجزة العرب الجديدة في أوروبا

رياض محرز، معجزة العرب الجديدة في أوروبا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 11 أغسطس 201604:23 م
"قبل 29 عاماً، مهد النجم الجزائري رابح مادجر الطريق أمام فريقه البرتغالي بورتو Porto للفوز بالبطولة الأوروبية الأغلى (دوري أبطال أوروبا)، على حساب العملاق بايرن ميونخ Bayern Munich، بهدف لا ينسى ضمن فيه للعرب لقبهم الكبير الأول في القارة العجوز. لقب إعجازي بقي وحيداً مدة 13 عاماً، إلى أن أتى النجم المغربي نور الدين نيبت، وحقق الإعجاز الثاني مع ديبورتيفو لاكورونيا Deportivo de La Coruña، وفاز بالدوري الإسباني على حساب العملاقين ريال مدريد Real Madrid وبرشلونة Barcelona، مانحاً العرب لقباً آخر. 16 عاماً مرت منذ أن حمل نيبت كأس الليغا، شهد العرب خلالها مشاركة عدد من نجومهم في البطولات الأوروبية، وتحقيق بعضهم لألقاب مع فرقهم، وإن كانت في ظل مساهمات ثانوية، لكنهم لا يزالون ينتظرون المعجزة الثالثة. وهي باتت قاب قوسين أو أدنى، في ظل تألق النجم الجزائري رياض محرز الذي اقترب مع ثعالب ليستر سيتي Leicester City من إحراز لقب الدوري الإنجليزي، الذي يصنفه معظم عشاق كرة القدم على أنه الأقوى في العالم، في واحدة من أكبر المفاجآت التي تشهدها إنجلترا.

بداية الحكاية

قبل بضعة أشهر، لم يكن متوسط الميدان الجزائري إلا لاعباً عربياً مغموراً، انضم إلى فريق إنجليزي في دوري الدرجة الأولى، وانتقل معه إلى الدرجة الممتازة للمرة الأولى منذ عشر سنوات. وقد نجا من الهبوط بأعجوبة، لتبتسم له الكرة من دون سابق إنذار، وتحوله إلى واحد من أبرز النجوم في أوروبا. ولد محرز في ضاحية سارسيل Sarcelles في العاصمة الفرنسية باريس عام 1991. توفي والده المنحدر من تلمسان حين لم يكن رياض قد تجاوز الـ15 من عمره. حينها كان لاعباً في نادي سارسيل الناشط في بطولات باريس المحلية. ومع بلوغه الـ18 من عمره، نجح بالانتقال إلى فريق كيمبيه Quimper، ووقع عقده الأول عام 2009. موسم واحد فقط مع الفريق القابع في الدرجات الفرنسية الدنيا، تلاه الانتقال إلى لو هافر Le Havre، الذي كان الانطلاقة الأولى لنجم المنتخب الفرنسي، وأحد أبرز نجوم أوروبا، بول بوجبا Paul Pogba. في لوهافر لعب محرز 4 مواسم تدرج فيها من الفريق الرديف إلى الأول، الذي شارك معه في 67 مباراة (10 أهداف)، توزعت بين دوري الدرجة الثانية الفرنسي، إلى جانب كأس فرنسا وكأس الرابطة الفرنسية. قبل أسابيع قليلة من بلوغه عامه الـ23 (2014)، انتقل محرز إلى نادي ليستر سيتي الإنجليزي، مقابل نحو 600 ألف دولار، قبل أن يلتحق بالمنتخب الجزائري ويخوض مباراته الأولى بقميص ثعالب الصحراء ضد أرمينيا، استعداداً لمونديال البرازيل، وشارك في المباراة الافتتاحية فقط، وخسرها منتخب بلاده أمام بلجيكا. نجح ليستر سيتي بالفوز بلقب الدوري، والتأهل إلى الدرجة الممتازة للمرة الأولى منذ 10 سنوات، وفي ذلك الموسم خاض محرز مع فريقه الجديد 19 مباراة، سجل فيها 3 أهداف وصنع 5. في موسمه الأولى في البريمييرليغ، لم يقدم هو أو فريقه سوى ما كان متوقعاً من فريق صاعد حديثاً، فحل ليستر سيتي في المركز 14، ناجياً من الهبوط بفارق 6 نقاط فقط. في ذلك الموسم لعب محرز 32 مباراة، سجل فيها 4 أهداف وصنع 3.

From zero to hero

في الموسم التالي، تعاقد ليستر مع المدرب الإيطالي المخضرم كلاوديو رانييري Claudio Ranieri، لتتفجر معه طاقات محرز الذي لعب 29 مباراة من أصل 30 في الدوري، سجل فيها 15 هدفاً وصنع 11. تفوق محرز بهذه الأرقام على النجم البلجيكي إيدين هازارد Hazard، الذي قاد تشلسي إلى الفوز بلقب الدوري الموسم الماضي، وبقي له صنع هدف واحد فقط ليعادل رقم سواريز مع ليفربول قبل موسمين. ونجح أيضاً في صنع 45 فرصة لزملائه، وأتم أكثر من 90 مراوغة ناجحة، وهي أرقام تؤهله للفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي. يحتل محرز المرتبة الثانية في قائمة صانعي الأهداف في الدوري الإنجليزي، خلف النجم الألماني مسعود أوزيل Ozil. لكن الأخير لم يسجل سوى 5 أهداف هذا الموسم، ويتقدم محرز على كل من ميسي Messi ورنالدو Ronaldo، اللذين صنع كل منهما 10 و9 أهداف في الدوري الإسباني هذا الموسم. مستوى محرز المبهر وأرقامه غير المسبوقة على مستوى اللاعبين العرب في أوروبا، قادته إلى الفوز بجائزة الكرة الذهبية الجزائرية التي تمنحها صحيفة الهداف، ثم أتبعها بانضمامه لقائمة أكثر 6 شخصيات رياضية تأثيراً في الجزائر، بحسب تصنيف مجلة "جون أفريك" Jeune Afrique الفرنسية. إنجازاته لم تتوقف هنا، إذ اختير في 12 مارس أفضل شخصية رياضية في بريطانيا، للأشهر الـ12 الأخيرة، في مقر مجلس العموم البريطاني.

المعجزة المنتظرة

تفرغ ليستر سيتي لمنافسات الدوري الإنجليزي، بعد أن خرج من كأس الرابطة الإنجليزية وكأس الاتحاد الإنجليزي، ويتصدر ثعالب رانييري جدول الترتيب الآن، برصيد 63 نقطة، متقدمين بفارق 5 نقاط على توتنهام أبرز المنافسين وثاني الترتيب. وتبقى للفريق 8 مباريات نصفها على أرضه، ضد كل من ساوثامبتون وويست هام وسوانزي وإيفرتون، والنصف الآخر خارجها ضد كل من كريستال بالاس وسندرلاند ومانشستر يونايتد وتشلسي. لم يخف محرز سعادته بالانضمام إلى ليستر سيتي، على الرغم من اعترافه بأنه كان يظنه نادياً لرياضة الركبي قبل أن ينضم إليه. مؤكداً أن فريقه ليس لديه ما يخسره، وأن لا ضغوط تثقل كاهله، ولافتاً إلى أن "هذا الموسم هو الأفضل في مسيرة هذا النادي على امتداد تاريخه، إذ نملك الإمكانات والثقة الضرورية لمواصلة السير على الطريق نفسه وتحقيق اللقب". لم يسبق لليستر سيتي أن حظي بأي تتويج على صعيد البطولات الكبرى في إنجلترا أو أوروبا، وإن تمكن محرز من قيادة الثعالب للفوز بالمباريات القليلة المتبقية، فسيكون نادي هذه المدينة على موعد مع لقبه الأول بعد مضي 132 عاماً على تأسيسه.

المستقبل

مع اقترابه من تحقيق المعجزة العربية الثالثة في أوروبا، ارتفع سعر محرز منذ انتقاله إلى ليستر 33 ضعفاً، ليصل إلى نحو 23 مليون دولار، بحسب تقديرات موقع ترانسفير ماركت Transfer Market الشهير، ويصبح محط أنظار أكبر أندية أوروبا. وسبق له أن كشف أن حلم طفولته هو اللعب في الكامب نو، معقل الفريق الأفضل في العالم حالياً، في الوقت الذي يعتبر فيه برشلونة واحداً من الفرق التي يرجح انتقال محرز إليها الموسم المقبل. وإلى جانب برشلونة تبرز أسماء فرق آرسنال وتشلسي ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وريال مدريد، وأخيراً بروسيا دورتموند، ضمن قائمة كبار أوروبا الراغبين بالظفر بخدمات النجم الجزائري. اهتمام فرق الصف الأول بضم محرز، ترافق مع تحذير من قبل مدربه رانييري، أكد فيه أن الذهاب إلى الأندية الكبرى يعني التعرض لضغط كبير، ويتعين على اللاعب حينها بذل جهود مضاعفة، فالخطأ قد يعني النهاية. وفي هذا السياق، رفض كامل بونجوجام وكيل أعمال محرز التعليق على شائعات انتقاله، مشدداً على أن هدفه الآن هو التركيز على الفوز بلقب الدوري، و"عند بدء سوق الانتقالات سنعرف ما إذا كانت الاهتمامات التي تتحدث عنها الصحافة صحيحة أم شائعات".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard