شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
تعرّفوا على بدو قطاع غزّة من خلال عادات أعراسهم

تعرّفوا على بدو قطاع غزّة من خلال عادات أعراسهم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 9 سبتمبر 201608:13 م

تكشف المناسبات الاجتماعية لدى المجتمع البدوي في قطاع غزة عن أفكار البدو وعاداتهم الشعبية الموروثة وتقاليدهم الثقافية. نستعرض هنا بعض هذه العادات والتقاليد التي تميّز أفراح بدو غزة، ونتطرق إلى العادات التي ما زالوا يتمسكون بها، وتلك التي بدأت تتلاشى مع اندماجهم بالمجتمع الفلاحي والحضري.

بدو غزة .. تعرفوا على بدو قطاع غزة من خلال عادات أعراسهم - صورة 112087439_968412683226073_30603059_n

تفضيل مصاهرة البدو

ينقسم المجتمع الفلسطيني إلى ثلاث طبقات: طبقة البدو، وطبقة الفلاحين وطبقة الحضر. ولكل طبقة موروثاتها الثقافية. وبما أن الزواج يعتبر من أهم المناسبات الاجتماعية التي تُساعد على ديمومة المجتمعات، شرحت لنا أم رمضان أبو حمضل، من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة، طبيعة أفراح البدو: "العرس البدوي من أشد ما نفتخر به أمام الآخرين، فهو يكشف عن موروثنا الثقافي الذي نتناقله جيلاً بعد جيل. ورغم اختلاطنا بالمجتمع ما زلنا نُفضّل الزواج من أهل البادية، لأن عادات وتقاليد واحدة تجمعنا".

المجتمع البدوي محافظ ولا يسمح بالتعارف المنفتح بين الجنسين، برغم الاختلاط المباشر بينهما في كل المراحل العمرية. وقالت أم رمضان: "نختار الفتاة المناسبة لابننا، ويتم الاتفاق بين النساء عليها، وما على العريس إلا السمع والطاعة لأمه، ثم يبدأ الرجال بالحديث عن مراسم الزواج والقوانين التي تحكمه".

السيّاق والبرّة

ولأن البدو يُحبون الافتخار بعشيرتهم ورجالهم، لفتت أم رمضان إلى أنه حين يتم الاتفاق على المهر، ويُسمونه "السيّاق"، يأتي من أهل العريس إلى بيت العروس "جاهة" (وجهاء) على رأسهم مختار العشيرة وأعيانها ليتفقوا على المهر.

بدو غزة .. تعرفوا على بدو قطاع غزة من خلال عادات أعراسهم - صورة 2427714584_Path

عادات الزواج الغريبة في العالم العربي

وقديماً، كانوا يكتفون بالقول: "هذه قيصلتي وهذه قيصلتك"، والقيصلة هي عود القمح الرفيع يقتسمه العروسان في ما بينهما ويتّم الزواج، في دلالةٍ على بساطة التفكير. وفي ما بعد، تطوّر السيّاق ليكون من الماعز والإبل والأغنام. ومع اختلاطهم بالمجتمع الفلاحي والحضري صاروا يتقبّلون المال النقدي، لكن يكتفون بأقل مما يفرضه باقي سكان المجتمع الفلسطيني. ففي وقتنا الحاضر، إن كانت العروس من البدو فلا يتجاوز مهرها ألفي دينار أردني (2800$)، وإن كانت من خارج البدو فيكون ثلاثة آلاف (4200$)".

وتابعت: "قديماً كان لا يرى الخطيب خطيبته إلا ليلة زفافهما. أما الآن، فبات يُسمح للخاطب بأن يزور عروسه ويُقدم لها الهدايا على اختلافها من المال والملابس والذهب والعطور تحت مُسمّى "البرّة" وهي كلمة تعني المودة والرحمة والبّر بها".

التجهيز للعرس

التجهيز للعرس وحفلة العريس ما هو إلا إحدى الدلالات التي تُوضح مدى التكاتف والترابط بين أهل العريس وأقاربه من العشيرة والجيران. وأشارت أم رمضان إلى أن "الترابط الاجتماعي الذي يظهر جلياً في الأفراح والأحزان  يدل إلى افتخار بالجماعة والعشيرة، والتقصير عيب يُلاحق المقصّرين ولا يُغتفر لهم".

وأضافت: "بعد أن ننتهي من تجهيز العروسين بالملابس ومستلزمات الفرح، ترتدي أم العريس ثوباً أبيض وتمشي معها إمرأتان من قريباتها، وتمسك بيدها باقة ورد، ويُدعى الجيران والأقارب إلى ليالي أم العريس، بينما يدعوهم والد العريس إلى الغداء ويُعتبر عيباً أن تقوم المرأة بذلك".

وأكملت: "تذهب أم العريس ومعها نساء من عشيرتها إلى بيت العروس يوم حنّتها، وتأخذ هدية للعروس مكوّنة من ليمون وسكر وحناء. ومع مرور الوقت أضافوا المسليات من البزر والمكسرات"، مضيفةً أن العروس تبقى مستيقظة ليلة زفافها ونومها فيه نوع من التشاؤم، وذلك لكي تُشرق عليها الشمس في دلالة على إشراق حياة جديدة عليها.

ليالي أم العريس

تبدأ ليالي أم العريس قبل العرس بأسبوع، وتستمر على إيقاع الأغاني والأهازيج والدلعونة والرقص البدوي، ويحضرها الأقارب والجيران ومعارفهم من الفلاحين والحضر. وتُعتبر المشاركة واجباً عشائرياً وضرورةً اجتماعية لإثبات حبهم للعائلة وفرحتهم لفرحها.

ولباس أم العريس هو ثوب تراثي ذو ألوان مُفرحة كالأحمر والأبيض. وفي آخر ثلاث ليالٍ تسبق الفرح ينصب العريس بيت الشعر وهو خيمة تراثية، كل ما فيها يتصل بحياة البادية قديماً، وتكون مُجهزة بالفراش المُعدّ من صوف الماعز.

بدو غزة .. تعرفوا على بدو قطاع غزة من خلال عادات أعراسهم - صورة 312067868_968412643226077_1120935844_n

ويتم إحضار الجمال وتُشعل النيران وتبدأ بين الرجال الأهازيج والغناء البدوي والقصيد والمسابقات الفكاهية. وروى أبو رمضان الرواغ، 62 عاماً، بدوي من سكان مخيم الشاطئ: "في حفل العريس يحضر الكثير من المدعوّين الذين ينسجمون مع الناي والموسيقي واللحن البدوي. ففيه ترويح عن النفس وراحة للبال ونسيان لهموم وضغوط الحياة".

وتابع: "يتشارك رجال البادية في الرقصة البدوية بحركات بطيئة مع ترداد كلمة (ادحية). ومع التفاعل مع عازف الناي أو الشبابة يُسرعون بحركات منتظمة ومعروفة في ما بينهم لرقصة الدبكة".

بدو غزة .. تعرفوا على بدو قطاع غزة من خلال عادات أعراسهم - صورة 412067297_968412739892734_2125533264_n

وأشار إلى أن أبيات القصيد والغناء التي يُليقها المُغني في الحفل هي غالباً ارتجالية وتتناسب مع العريس وأهله، وكثيراً ما يكون عازف النايّ واقفاً بين الدابكين الذين يتناغمون في رقصهم مع عزفه. ورأى أن "الحفل البدوي بدأ ينتشر في أوساط الفلاحين أيضاً، وإقبالهم عليه دفع ابني رمضان إلى تأسيس فرقة غناءٍ بدوية لإحياء الحفلات في قطاع غزة".

طعام الغداء

ليلة العرس هي ليلة إعداد الغداء لليوم الموعود. وغالباً ما تكون ذبائح هذا اليوم من ممتلكات أهل العريس من الماعز والأغنام. وتعد النساء خبز الصاج وتقدمه مع اللحم إلى المدعوين. ويحضر هؤلاء إلى الغداء محمّلين بهدايا للعريس يُسمونها "النقوط"، وهي دين مؤجل على العريس. ويتم استقبالهم بحفاوة واحترام كبيرين وتُقدّم لهم القهوة العربية. ويشارك المدعوّون أهل الفرح في فرحهم بارتدائهم لباساً جديداً بألوانٍ زاهية.

عادت بدأت تتلاشى

أكّد المؤرخ الفلسطيني والمختص في شؤون البادية سليم المبيض لرصيف22 أن "القبيلة كانت بناءً اجتماعياً مترابطاً يحرص أبناؤها على الدفاع عنها والحفاظ على القوة التي تتمع بها. وكانوا يفخرون بأنفسهم ويرفضون التزاوج مع الفلاحين باعتبارهم مهجنين وليسوا من أصولٍ عربية خالصة".

وتابع: "مع بدايات القرن العشرين، بدأ النظام البدوي يتفكك، ملامحه التراثية وطبيعته البيئية تتغيّر بسبب اندماجه بالمجتمع واختلاطه بالفلاحين والحضر، فأخذت عادات الأفراح تتلاشى ليّحل محلها الموروث الفلاحي أو الحضري".

ورأى أنه برغم افتخار أهل البادية بماضيهم الذي يصفونه بالشهامة والنخوة والقوة، فإن الملامح الثقافية البدوية للأفراح لم يتبقَّ منها إلا الأهازيج والأغاني الشعبية، إضافة إلى بيت الشعر الذي يُقيمونه خلال حفلاتهم وليالي أم العريس. وما عدا ذلك لم يعد يتمسك به إلا أهل القرية البدوية في شمال القطاع لعدم اختلاطهم بالمجتمع الفلسطيني الخارجي وانطوائهم على أنفسهم.

وختم: "رغم ذلك كله لا يزال البدو يتمسكون بالاهتمام بالنواحي الشكلية للأفراح أكثر من الفلاحين، ونجد في أعراسهم بذخاً ملحوظاً للتباهي بشعور الفرح".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard