شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
في الصومال تُحاكم المغتصَبات ويُطلق سراح الجاني

في الصومال تُحاكم المغتصَبات ويُطلق سراح الجاني

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 31 مايو 201705:07 م

تعرضت الصومالية فاطمة البالغة من العمر 14 عاماً للاغتصاب من قبل سائق "توك توك" إلا أن الرجل لم يُلاحق قانونياً. أما هي فقد اتهمت بممارسة الدعارة وأوقفت وسجنت لمدة شهر... وفي السجن، اغتصبها شرطي.

تنتشر أعمال العنف الجنسي على نطاق واسع في الصومال البلد المحافظ جداً والواقع في منطقة القرن الافريقي. ونادراً ما يتعرض المجرمون لملاحقات، كما أن الضحايا غالباً ما يجدون أنفسهم في قفص الاتهام، كما هو حال الشابة التي استعارت إسم فاطمة.

وقالت فارتون أدان، التي تدير مركزاً للسلام وحقوق الإنسان في مقديشو تلجأ إليه النساء اللواتي يتعرضن للعنف الجنسي: "نناضل لتغيير العادة السائدة بإلقاء اللوم على الضحية". وأضافت: "ينبغي أن يتحمّل مرتكبو جرائم الاغتصاب عواقب أفعالهم".

وتمكث المراهقة فاطمة مع قريبة لها في أحد مخيمات اللاجئين المنتشرة في العاصمة الصومالية. وعندما لا تكون في مدرسة لتحفيظ القرآن، تُحضّر السكاكر مع قريبتها لبيعها. وعندما أخذها سائق التوك توك إلى منطقة معزولة واغتصبها، كانت في طريقها إلى إحدى نقاط البيع. حينذاك، تنبه عناصر الشرطة إلى الضجة وأوقفوا المراهقة والسائق الذي سرعان ما أُطلق سراحه، في حين اتهمت فاطمة بممارسة الدعارة.

وقالت فاطمة: "أوقفتني الشرطة وقالت لي أن الذنب ذنبي". وسعت قريبتها لإطلاق سراحها، لكن فاطمة كانت بالكاد تتكلم معها، مكتفية بالطلب منها أن تعتبرها ميتة. فقد كانت فاطمة تتعرض بشكل متكرر للاغتصاب من قبل أحد الشرطيين خلال توقيفها. وحاولت قريبتها إبلاغ الشرطة لكن عناصرها "قالوا لي إنه لا يجدر بي أن أتكلم بهذه الطريقة وإنه ينبغي أن أغادر" على حد تعبيرها. ولا تزال فاطمة، بعد إطلاق سراحها بمساعدة ناشطين، تواجه خطر أن تُلاحق بتهمة ممارسة الدعارة. وأكّدت قريبتها: "لم تعد كما كانت، وهي كانت في السابق نشيطة جداً وفرحة".

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة، تتعرض الشابات والفتيات في مخيمات النازحين لأعمال عنف "بشكل منهجي"، من قبل قوى الأمن. وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد نددت العام الماضي بحالات اغتصاب واستغلال جنسي يرتكبها جنود بعثة الاتحاد الافريقي المنتشرة في الصومال منذ العام 2007.

وأقرت لجنة تحقيق تابعة للاتحاد الافريقي بأنها رصدت "حالات استغلال جنسي واغتصاب"، لكنها لفتت إلى أن هذه الظاهرة "لا تبدو منتشرة". وأشار محققوها إلى أنه كان بوسعهم كشف النقاب عن حالات أخرى، لولا تردد بعض الأشخاص في مساعدتهم خلال تحقيقاتهم.

وقالت فارتون أدان: "إلى أين تذهبون إذا كان الخوف ينتابكم في حال قصدتم الشرطة؟"، موضحة أن هذا هو السبب الذي دفعها إلى تأسيس المركز الذي تديره مع ابنتها إلواد علمان. ويضم هذا المركز 15 سريراً وهو يستقبل ضحايا الاغتصاب وأعمال العنف الجنسي على أنواعها، لا سيما منها ختان الإناث الذي يطال تقريباً كل الصوماليات، فضلاً عن الزيجات القسرية والمبكرة السائدة في البلاد.

ولجأت مريان (إسم مستعار)، البالغة من العمر 18 عاماً، إلى هذا المركز بعدما أجبرت قبل سنة على الزواج من رجل يكبرها سناً بقرار من والدها. وكان زوجها يضربها وهي كانت تهرب إلى بيت والدها الذي كان يعيدها إليه. ومن شدة يأسها، قررت إضرام النار في جسدها، ولكن مسارعة الجيران إلى نجدتها أنقذتها من الموت. تركت تلك الحادثة ندوباً عميقة في صدرها وذراعها. وتكثر أعمال العنف الجنسي في الصومال ويلاحق العار والنبذ الضحايا.

وأكدت فارتون أدان: "لا تتراجع حالات الاغتصاب. لا أحد يريد الحديث عن الأمر، لا الحكومة ولا العائلات ولا العشائر، لكن النساء بدأن يطرحن الموضوع". وأضافت: "عندما بدأنا بالحديث عن حالات الاغتصاب في العام 2010 كان الجميع يلتزم الصمت. أما الآن فثمة اعتراف بوجود مشكلة، لذا دخلنا في مرحلة جديدة، وينبغي الآن أن نعرف كيف نعالجها".

ويحظر الدستور الصومالي الموقّت العائد إلى العام 2012 والذي صيغ بتأثير من المجتمع الدولي "أي نوع من أنواع العنف ضد المرأة" ويحظر "ختان الاناث". لكن لم يتم إقرار أي قوانين ذي صلة في بلد غارق في الفوضى منذ عشرين عاماً وحيث تواجه الحكومة صعوبة في بسط سلطتها خارج حدود العاصمة التي تتعرض لهجمات متواصلة تشنها حركة الشباب الإسلامية. والصومال محرومة من سلطة مركزية فعلية منذ سقوط نظام الرئيس سياد بري ما أدى إلى غرقها في حرب أهلية وانتشار  ميليشيات وعصابات إجرامية وجماعات إسلامية. واعتبرت فارتون أدان أن "العنف الجنسي هو أحد مخلفات الحرب في الصومال".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard