شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
عزيزي الرجل العربي... لماذا لا تزال مصّرا أن تبني على هذه الأساطير المنقرضة؟

عزيزي الرجل العربي... لماذا لا تزال مصّرا أن تبني على هذه الأساطير المنقرضة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 31 أكتوبر 201612:45 م

ليس صعباً رسم ملامح "الرجل العربي المثالي" الذي لطالما طبع مخيلة الشعوب العربية. ملامح ساهمت في تكريسها الأعمال الدرامية في السينما والتلفزيون، وأصبحت ضرورية، في المنطق الشعبي، ليكون الرجل "رجلاً".

قوي البنية، "عريض المنكبين"، صاحب نخوة واندفاع لا حدود لهما، عصبي لا يحتمل أن يبقى صامتاً حيال الخطأ لإدراكه أن "الساكت على الحق شيطان أخرس"، عصي الدمع، واثق الخطوة، ملك.

تنتمي صفات الرجل العربي المثالي لرجل كرتوني من نسيج الخيال، ولا تشكل سماته سوى خرافات تستفحل في الوعي العربي، لا سيما أن الكثير منها تغيّرت أو حتى انقرضت اليوم.

الرجال قوامون على أعراض النساء

تقول الأفكار السائدة إن على الرجل الحقيقي ألا يظهر عواطف "الضعفاء"، ليبقى الدور العاطفي حكراً على المرأة. فهي تلعب دور المرهفة الإحساس التي على الرجل أن يكون درعاً لها. لذلك هو العصبي الشجاع المندفع، الذي لا ينغمس في مشاعره بل يكبتها، ولا يبكي بالطبع. وفق المنطق هذا، فإن لكل من الجنسين دوره المحدد في الحياة الزوجية التقليدية المتخيلة. وإن اهتم الرجل بدلاً من المرأة بأمور ابنه الصغير، فذلك لن ينقص من رجولته وحسب، بل سيبدل الأدوار وينفي دور المرأة "الأم الحنون". وفق هذا المنطق أيضاً، الخوف كل الخوف من لعنة تشبّه الرجال بالنساء. دوره هو حمايتها وحماية شرفها وعرضها، بينما يقف هو كالجبل الذي "لا يهزه ريح".

عريض المنكبين

في زمن ترويض الأحصنة والقتال بالسيوف ومعارك الفتح، كان من الطبيعي على الرجل أن يكون قوي البنية أو تُنفى عنه أهمية وجوده في المعركة أو حتى في أي عمل يدوي آخر. لكن بعد أن ولى ذلك الزمن، تبقى هذه الصورة النمطية عن الرجل العربي تحتل الوعي العربي ويظهر ذلك بشكل واضح في الإنتاج الدرامي، حيث نرى في شخصية البطل قوة بدنية وقدرة على التحمل تفوق كل تصور. ذاك الرجل الذي لا يكسر ولا يهزم لأنه "رجل" لا أكثر. يرسم هذا التعريف صورة إنسان يعرّف عن رجولته من خلال عضلاته وشعر صدره وصوته الخشن المرتفع.

السلاح زينة الرجال

في أمة الفتوحات و"الرجال الرجال" كيف لا يتباهى الرجل بحمله السلاح؟ ولكن، فيما تكثر أمثال الأسلحة التي قد يحملها الرجل من علم وإدراك ووسع أفق وتفهم وذكاء وتنظيم وانفتاح وصبر وإصرار على العمل، لم تحد صورة الرجل في العالم العربي عن ارتباط الرجولة بالعنف. فلم يقل أحدهم أن زينة الرجال هي قلم يكتب به مذكرات أو أشعاراً، أو آلة موسيقية يعزف عليها، بل إلى جانب الصوت المرتفع والعصبية والمزاجية غير المبررة والغيرة الجنونية على الشريكة، يكمل السلاح صورة مخيفة عن رجل أشبه بالوحش، يفتخر بوحشيته مُطلقاً عليها صفة "الرجولة".

الرجل "يفتح بيتاً" أو بيوتاً

هو عماد البيت الأول، "يفتح البيت" لأنه الرجل المحقق لذاته، والقادر على أن يمول كل متطلبات الزواج بنفسه. هو الرجل الذي يستطيع أن يصرف على بيته ويلبي حاجات زوجته دون خذلان أو تعب. يتحمل أعباء الأسرة وإن اضطر إلى أن يتزوج مرة ثانية وثالثة ورابعة، يعيد الكرة بالأسلوب نفسه، وبالاهتمام عينه المتصل بالتفاصيل دون أن يرضى أن تكون الشريكة شريكةً فعلاً في مصاريف البيت. كيف له أن يرضى بذلك، ألا تكون في تلك الحالة تشاركه في رجولته فتنقصها؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard