شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
الإلحاد في مصر

الإلحاد في مصر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 3 يونيو 201604:19 م

اعتراف الشابة المصرية ياسمين أنها ملحدة، في دار الإفتاء بساحة مشيخة الأزهر، يُقابَل بعاصفة من الضرب شارك فيه والدها وشقيقها. "أجلسني والدي الجهاديّ السابق في الجماعة الإسلامية وأخي مع ستة من شيوخ الأزهر ليثنوني عن معتقدي. بعد ساعة من تلقي كلامهم، أعطيتهم جوابي القاطع: أنا ملحدة". على الرغم من هول اعتراف ياسمين، إلا أنها نطقته بمنتهى الهدوء، وعلى الرغم من هدوئها آنذاك، إلا أنها قوبلت بعاصفة من الضرب شارك فيه الأخ والأب في دار الإفتاء بساحة مشيخة الأزهر، المكان الذي اختلفت فيه ياسمين مع بقية عائلتها على كونه شريفاً.

حالة ياسمين ما هي سوى نموذج معبّر عن قطاع ليس بقليل من الشباب المصري، قدّرتهم جريدة الأهرام المسائي الرسمية بـ 2 مليون ملحد، أغلبهم في العشرينيات ودونها.

بدأت ياسمين تشكّك في الدين منذ أكثر من عام لأسباب متعلقة بالسياسة جعلتها تتساءل عن مبادىء العدالة والرحمة التي من المفترض أن يقرّها الدّين، وفي ظرف أشهر قليلة كانت قد هجرت الأديان كلّها. "لم أجرؤ في البداية على مصارحة أهلي، ولكنهم لاحظوا تغيّري التدريجي. توقفت عن الصلاة والصوم ثم بلغهم أنني لم أعد أرتدي الحجاب خارج قريتنا، فقرروا أن يستنجدوا بالأزهر، وقررت أنا بدوري أن أعلمهم وليكن ما يكون. ردُّ الفعل الأول لوالد ياسمين، الجهادي السابق، كان أنْ لمّح لابنته أنّ زملاءه القدامى من الجهاديين قد يقتلونها، لأنها مرتدّة عقابها حسب الشريعة هو الموت.

لا تختلف قصة يحيى عن قصة ياسمين، رغم أنه من قاطني مدينة الإسكندرية التي تتمتع بسقف حرية أعلى بكثير من الريف، ورغم كونه "ذَكَراً" في مجتمع يعطي الذكور مجالاً أوسع للحركة والتعبير مقارنة بالإناث. اضطرت والدة يحيى أن توقظه ليهرب من البيت قبل أن يقتله أبوه الذي قضى عمره يخدم في أحد تيارات الإسلام السياسي.

بعد سنة تقريباً خارج منزل الأهل، لم يندم يحيى على اختياره. يقول يحيى: "الدين قالبٌ يُفرَض علينا. أنا رفضت هذا القالب ومعه جميع القوالب المتحجرة مثل الزواج والإنجاب. عدد الملحدين في ازدياد أكان من المسلمين أو الأقباط. أنا واثق من أنه خلال عشر سنوات يمكن أن يكون لمصر رئيس ملحد، وخلال عشرين سنة سيكون الدين ذاته قد أصبح  فولكلوراً".

مع ارتفاع عدد الملحدين بعد الثورة في مصر، تشجّعَ مصطفى على أن يعلن إلحاده الذي كتمه قرابة عشر سنوات. "كرهت الدين منذ نعومة أظافري لأنني كرهت الإرهاب النفسي الذي يتمّ بإسمه. كفكرة العذاب في جهنم إذا كذبتُ أو لم أقم بأداء فروض الصلاة في موعدها، وكأن الإله متربّص لأية هفوة منا ليعذبنا. تساءلت كثيراً أيضاً عن وضع المرأة الدونيّ، ليس في الإسلام فقط، لكن في جميع الأديان الابراهيمية. استغرق الأمر مني أعواماً، ولكني في النهاية وصلت لاستنتاج أن الحياة دون إله أكثر سلماً وجمالاً".

لا يريد مصطفى أن يخوض في تفاصيل تقبّل عائلته لإلحاده من عدمه، لكنه في المجمل متفائل لأنه أيقن منذ الثورة أن صنماً ما قد تحطّم. يقول مصطفى: "الصنم البطريركي تحطّم في الثورة، وبعد ذلك يستطيع كل شخص أن يحطم الصنم الذي بداخله، والصنم الأكثر شيوعاً في مجتمعنا هو الإله".

منذ أن بدأ الشباب يتناقشون الدين، ازدادت شهرة الداعين للفكر النقدي وأشهرهم حالياً الكاتب مؤمن المحمدي الذي ربط زيادة عدد الملحدين بتمكّن الإسلام السياسي من الوصول للحكم، كما كان يطالب منذ نشأته من ثمانين عاماً. 

ويفسر المحمدي ظاهرة الإلحاد قائلاً: "تربّى المصريون على الإيمان بأن الحلّ في الدين، وأنه بتمكّن الدين ستصلح الأحوال آلياً، لكن بعد أكثر من سنة من حكم الإخوان، وبغض النظر عن سلوكهم كسلطة، ساءت الظروف المعيشية لدرجة جعلت الناس تتساءل إن كان الدين المجرّد يقدم حلولاً ناجحة لمشاكلهم، أم أنه مكوِّن حياتي يجب أن يعمل بمعزل عن أمور الحياة الأخرى." من محاضرات المحمدي الإسبوعية في أرجاء مصر، تأكيده أن الناس أصبحوا في العموم أكثر تقبّلاً للتفكير النقدي في الدين، ويتساءلون عن المدى المعقول لتدخل الدين في الحياة.

بذلك يزداد عدد العلمانيين، ومنهم من يرى بوجوب فصل الدين عن الدولة لا أكثر، ومنهم من ينفصل كليّاً عن الدين، ويعلن إلحاده. غالباً ما يكوّن الشباب الجزء الأكبر من المجموعتين. الكثير من هؤلاء الشباب يحاولون أن يلغوا التمييز على أساس الدين كخطوة أولى للإعلان عن معتقدهم، ومن ضمن ما يسعون حثيثاً للوصول إليه إلغاء خانة الدين من بطاقة الهوية لأنها تستخدم للتمييز على أساس الدين.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard