شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
رواية

رواية "نزف الطائر الصغير": قرر أن يترك حياته السابقة بحثاً عن ذاته

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 6 يوليو 201703:06 م
يتطرق الروائي الأردني قاسم توفيق في روايته الأخيرة "نزف الطائر الصغير" إلى مجموعة من القضايا التي تشغل الإنسان في العصر الحالي: البحث عن الذات، التطرف، العدالة الاجتماعية، كما يتطرق إلى التحركات الاحتجاجية التي ظهرت في الأردن. يختار الكاتب تفكك الانهيار السوفييتي في 25 كانون الأول من عام 1991 كمؤشر لبداية تاريخ جديد في العالم، فيجعل بطله "زياد" يولد في هذا اليوم تحديداً، لتصبح ذكرى ميلاده مرتبطة بهذا الحدث. "في الوقت الذي كان يُشهر فيه انهيار جزء كبير من العالم كنت التجربة الثالثة. أنا هذا الكائن غير المرحب به من أحد، والذي لم يحرك صخبه، وضيقه من المكان الذي طالت إقامته فيه، ولا معاناة أمه، الرجلَ الذي كان يجلس بلا اكتراث مدّعياً الانشغال بعمل شيء ما. لم يُستفز أبي لشعوري بالملل، ولا لرغبتي في تجربة عالم جديد غير هذا الذي أقبع فيه منذ زمن". تداعيات هذا الحدث الذي أفقدنا، بنظر الكاتب، القطب الثاني الذي كان يحفظ توازن الكرة الأرضية، سيلقي بظلاله على العالم كله، وحتى على "زياد" الذي سيفكر وهو في عمر الرابعة والعشرين عن معنى أن ينافسه هذا الحدث على تملّك تاريخ ميلاده. يحاول البحث عن معنى لحياته ولوجوده ولذاته، فلا يجد إلا الفراغ، وكي يهرب من إحساسه باللا جدوى يسافر لقضاء عطلة في مدينة العقبة، لكن بعد سرقة سيارته في الطريق يلجأ إلى قرية صغيرة تدعى "دير الماء"، وهناك سيتعرف على عالم مختلف كلياً عن الذي يعيش فيه. يقرر التخفي والبقاء في القرية، وتوديع حياته الماضية في محاولة منه لاكتشاف ذاته. "الأسئلة التي كانت تتوالى على رأسي لم تكن غير تفجير حالات من الوعي والتنبّه لما هو غائب عن تفكيري، أسئلة كثيرة كلها تدور حول أمر واحد، ماذا أفعل هنا؟ وما الذي أوصلني إلى هذه الحال؟ ها هي عمان قريبة، قاب قوسين، كلما اعتزمت المسير صوب الطريق العام، وانتظار حافلة تقلني إليها، كنت أشعر أن قدميّ ثقيلتان، ومغروستان مثل وتدين في الأرض، ولا رغبة عندي في الانعتاق. كيف مات في داخلي الشوق لكل عمري الماضي؟".
رحلة البحث عن ذات تائهة وعدالة اجتماعية مفقودة... رواية "نزف الطائر الصغير"
"في الوقت الذي كان يُشهر فيه انهيار جزء كبير من العالم كنت التجربة الثالثة. أنا هذا الكائن غير المرحب به من أحد"
تناقش الرواية مفهوم العدالة الاجتماعية من خلال عدة محاور وشخصيات، فالبطل الرئيس يقرر ترك حياته السابقة بعد أن يقرأ أن العدالة الاجتماعية تزداد تناقصاً، وأن ثروات العالم تتركز في أيدي فئة قليلة بينما تزداد نسبة الفقر وعدد الفقراء. وفي المكان الذي يلتجئ إليه يتعرف على نماذج لشخصيات تعاني من فقدان هذه العدالة فيلجؤون لتعويضها بطرق مختلفة: "وائل" يختار طريق اللصوصية، بعد أن يحب ابنة شيخ العشيرة ويقرر الزواج بها رغم رفض والدها، و"وديع" ينفى إلى هذه القرية بعد أن يشارك في المظاهرات التي تهتف ضد بيع الوطن والناس، فينقذه والده المتنفذ من مصير رفاقه وهو السجن، لكن بشرط أن يبتعد عن المدينة، ويكف عن المشاركة في الحراك المدني والعمالي. هكذا يقترب الكاتب من التحركات الاحتجاجية التي حصلت في الأردن، ويرصد أسبابها ومآلاتها. الحديث عن فقدان اللاعدالة ونتائجه سيقود بالتأكيد إلى الحديث عن انتشار التطرف الديني في العالم الحديث، إذ إن واحداً من أهم أسباب ظهوره وانتشاره هو فقدان الشعور بالعدالة. هذا ما يدفع "فهد" إلى الالتحاق بتنظيم داعش الإرهابي في سوريا، ليعيش شهوراً من ارتكاب الجرائم بحق الإنسان والإنسانية، لكنه في لحظة مصيرية يكتشف عبث ما يفعله ويقرر العودة إلى الأردن، فيعتزل الناس كلهم ويعيش في غرفة منعزلة في الصحراء متوحّداً نادماً على ما فعله، وموثقاً تجربته في دفتر خاص يعطيه لوالده. "في المعارك التي كنا نُهزم فيها، أصبح هؤلاء الانتحاريون الذين كنا نكفيهم عن المشاركة معنا هم من يزرعون الرعب في أي مكان يصلون إليه مهما كانت صفته. يا الله ماذا كنت أفعل؟ لقد عرف "أبو الدرداء" دوائي، ها هو يجيئني متسللاً ليطلب مني أن أقدم على ما دفعت الكثيرين لفعله. أي شرٍّ يسكن في داخل هذا الرجل؟ أي شرٍّ يسكن في داخلي؟". قاسم توفيق، روائي أردني من أصول فلسطينية، عمل في القطاع المصرفي ثم تفرغ للكتابة عام 2013. أصدر خمس مجموعات قصصية واثنتا عشرة رواية، من أبرزها: "ماري روز تعبر مدينة الشمس"، "أرض أكثر جمالاً"، "الشندغة"، "حكاية اسمها الحب"، "رائحة اللوز المر"، "صخب"، و"حانة فوق التراب". الناشر: منشورات ضفاف/ بيروت عدد الصفحات: 280 الطبعة الأولى: 2017
يمكن شراء الرواية من موقع النيل والفرات.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard