شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
رواية

رواية "عودة ميرة": ثلاثية الحب والفقد

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 16 نوفمبر 201606:18 م
تطرح الكاتبة الإماراتية "عائشة العاجل" في روايتها الأولى "عودة ميرة" قضية موت إنسان عزيز، وكيف ينعكس هذا على الناس حوله، والمشاعر والانفعالات التي يثيرها هذا الفقد. الشابة "ميرة" الغائبة تموت بشكل فجائي، دون أن نعرف أسباب هذا الموت وطريقته. كل ما نعرفه هو شكل الجثة التي تفتح الباب لتفسيرات وتأويلات عدة، "مغطى وجهها، وبقايا دم نافر على الخرقة التي تغطيه. خاتم يلمع في اصبعها مرصع بألماس وحجر قرمزي. ساعتها ما زالت محتبسة في معصمها الأيمن. الرمل المختلط بالخصلات السمر، الجيد الممزق والمتعثر، القدم المكسورة، الشفة اللمياء المشقوقة، الدم المتجلط الذي يحكي قصة الوقت الفائت، والسؤال عديم الجدوى". من مشهد الجثة التي يلتف حولها الأهل والأصدقاء، تبدأ فصول الرواية، ومع كل فصل نتعرف إلى مشاعر الشخصيات القريبة منها، فتبوح الأم بأوجاعها وعذاباتها بعد فقدانها لابنتها، وتبدأ الصديقات بكشف ما في صدورهن من ألم وأسى، ويبدأ الأقارب بالتفجّع والتذكّر، ومن بين هؤلاء تحضر بمساحة أكبر شخصيتا الأم والأب وكيف يعبّران عن خسارتهما، خاصة أن هذه المحنة تعيد والدها إلى البيت وتفتح حديثاً بينه وبين زوجته، حديثاً تأخر كثيراً منذ أن تركهم واعتزل الناس وعاش في عزبة بعيدة، كانت "ميرة" تزوره فيها وتمضي الكثير من الأوقات معه، "فطيم، ما لا تعرفينه أنها كانت معي منذ سويعات، مرت عليّ في العزبة، حيث اشتريت أربع نعامات وظليماً، ودعوتها كعادتي كلما جئت بحيواناتٍ لعزلتي، لتشاركني تسميتها، وولوج الحياة إليّ من حيث لا أدري ولا أحتسب من جديد. فبعدك لا حياة تذكر، ورغم أنه خياري ولا أنكر، ولكنك لن تتفهمي أبداً رجلاً عاشقاً لخيالات تتعدى الفهم، شاعراً وتواقاً وشفيفاً، باحثاً في أبسط حالاتي عن خلاص، عن انعتاق من قيد حبك". تستخدم الكاتبة في الرواية تقنية تعدد الأصوات متيحة لكل شخصياتها التعبير عن نفسها بحرية، والكشف عن بعض الأشياء التي لا تعرفها باقي الشخصيات، وبخاصة علاقة كل شخصية بـ"ميرة"، ومع أن هذه التقنية تتيح للكاتبة أن تتوسع في تحليل الكثير من هذه العلاقات وأسبابها ودوافعها، فإنها لجأت إلى الاختصار والاختزال المشوِّه، والذي أفرغ بعض الأحداث من مضامينها، وجعل بعض ما تريد الرواية قوله مبتسراً وغير واضح. ترصد "العاجل" في روايتها العلاقات الإنسانية، وبخاصة العاطفية منها، فتنشئ عدة علاقات متشابكة، تشكّل كل واحدة منها ما يسمى بـ"ثلاثية الحب". فـ"ميرة" ترتبط من جهة بزوجها "عبد الناصر"، ومن جهة أخرى ترتبط بابن عمها وحبها القديم "عبد الرحمن" بعلاقة نظنّها طوال الوقت عكس ما هي عليه. أما زوجها، فيرتبط بها وبزوجة سرية ثانية تعود أصولها إلى المغرب ولها حكاية مؤلمة، وأما ابن عمها فيرتبط بها عاطفياً بعد أن يفشل في نسيانها عقب زواجه من صديقتها "نورة". بين هذه العلاقات الثلاثية تدور الأحداث وتتكشف الكثير من الخبايا، إذ تأخذنا الكاتبة للغوص في أعماق كل شخصية من هذه الشخصيات وكيف تشعر وتحسّ تجاه علاقتها بالآخرين في ثلاثيات الحب هذه. "كانت علاقته بميرة أكبر من وساوس نورة، فهي ليست علاقة حب وخيانة، وإنما حيوات لم تقنعه، وكان ذلك كافياً لتكبر ثقتها بنفسها، كونها امرأته التي يعود إليها كلما ثقلت حمولته، وعلت أمواج الخيبة في وجه أشرعته. التفت عبد الرحمن ليرى أن الوقت قد سرق منه دفتره الذي ملأه بالقصص والمحطات، وما استقر عند نقطة ولا فاصلة. هل كانت ميرة تعرف بزواج عبد العزيز من أخرى، وكتمت في نفسها غصتها، مؤثرة ألا تعيش ابنة خالتك وصديقتك نورة المأساة نفسها؟". في خضم هذه التصارعات التي تموج في هذه العلاقات جميعها يأتي موت "ميرة" الغامض، يفتح آلام الفقد، فتنهمر الذكريات وتبدأ الأسرار بالانكشاف، ويبقى السؤال عن طريقة "موت ميرة وعودتها" السؤال الذي تحوم الرواية حوله من أولها إلى أن ينسى آخر المتألمين نفسه وينام... عائشة العاجل كاتبة إماراتية، باحثة في مجال أدب الطفل، وفي مجال الإعلام الإلكتروني. حاصلة على دبلوم عالٍ في الإعلام الدولي، وهي رئيسة قسم الإعلام بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة. لديها العديد من المقالات والدراسات في مجال الطفل والأدب، ولديها قصة لليافعين بعنوان "فردة حذاء"، كما صدر لها كتاب عنوانه "التفاعلية في مواقع الصحف الإماراتية". "عودة ميرة" هي روايتها الأولى التي أنجزتها ضمن "برنامج دبي الدولي للكتابة" بإشراف الروائية اللبنانية نجوى بركات. الناشر: دار قنديل للطباعة والنشر/ دبي عدد الصفحات: 104 الطبعة الأولى: 2016 يمكن شراء الرواية من موقع نيل وفرات.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard