شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
رواية من مصر:

رواية من مصر: "خنادق العذراوات"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأحد 29 مايو 201607:21 م

يعرض وجدي الكومي في روايته "خنادق العذراوات" جوانب مخفية من التاريخ المصري، في محاولة لترميم ثغرات هذا التاريخ وملء فجواته، معتمداً على حكايات أهملها المؤرخون لأسباب عديدة، لكنها ظلت مختزنة في ذاكرة بعض الأشخاص الذين كانوا شهوداً عليها.

هكذا يروي على لسان بطله "مراد" أستاذ التاريخ في كلية الآداب فصول روايته الـ131، والتي يبدأُها بفصل لا يحمل رقماً، هو الفصل الذي سيطرح فيه سؤال الإثارة والتشويق دافعاً القارئ إلى التهام الفصول القصيرة بنهم، بحثاً عن إجابة لمعرفة من هو "مروان أبو الحبال" مرسل بطاقات التهنئة إلى الأستاذ "مراد". "اللعنة! من هذا الملعون؟ سألت عنه الفرّاشين، زملائي، أساتذتي في القسم، لا أحد يعرفه. تستمر بطاقاته في ولوج مكتبي بمناسبة أو بدون، وكل مرة جملة مقتضبة: "ألف مبروك" (...) كانت البطاقات تأتي دائماً مع ترقياتي أو مع مناسبات خلال العام".

تتابع فصول السرد سريعة قصيرة دون زيادات أو استفاضات، دون روابط منطقية مع ما سبق أو ما سيتلو من أحداث، ودون تسلسل زمني واضح، خاصة مع استخدام الراوي لتقنية الاسترجاع (الفلاش باك)، فيشعر القارئ أنه إزاء عمل غير متلاحم. لكن الفصول الأخيرة ستعيد تشكيل النص من جديد لتكون "الصامولة" التي تربط بين أجزائه، تماماً كما ستكمل حكايات "نادية" نواقص كتب التاريخ، وهذه نقطة تحسب للكاتب، فقد استخدم شكلاً في بناء روايته يشبه إلى حد بعيد الفكرة الأساسية التي يريد طرحها، في أن هناك دوماً حكايات يهمّشها أو يهملها المؤرخون، تكون هي نقطة الربط بين الأحداث ومفتاحاً لحل ألغاز التاريخ. تقول نادية: "الحكاية دي عمرك ما هتقراها في أي كتاب، بس دي حكاية أكيدة، بص في كتب التاريخ بتاعتك وحاول تكمل الحكاوي، هتلاقيها مفكوكة، ناقصة "صامولة" تربط المفاصل، هي دي "الصامولة" اللي أنا بقولك عليها".

تصبح "نادية" وهي بائعة هوى، يغرم بها "مراد" أثناء دراسته الجامعية، المصدر الرئيس الذي يستقي منه معلوماته حول التاريخ الحقيقي، فتحكي له عن "انتفاضة الحرامية" 1977، وعن الأسباب الحقيقية لتظاهرات جنود الأمن المركزي 1986، وعن أحداث أخرى عاصرتها، وشاهدت كيف أن كتبة التاريخ يزوّرونه ويتعالون عن الحقيقة لإرضاء الساسة.

يصف الكومي في روايته طرق بيع الحشيش في الجامعات، وكيف يستغل تجار "الحشيش" والمخدرات الحاجة المادية لبعض الطلاب فيحوّلونهم إلى مساعدين لهم في ذلك، كما يحصل مع "مراد" الذي يهمل دراسته ويتوجه إلى العمل بائعاً للحشيش في أوساط الطلبة، ليُفاجأ بعد ذلك بأستاذه "رمضان" في أحد مجالس "الغرزة" السرية التي تديرها "نادية" وزوجها. تتطور العلاقة بين الاثنين، وتكون هذه العلاقة ضربة الحظ بالنسبة إلى "مراد"، إذ يعقد الاثنان اتفاقاً يحصل الطالب بموجبه على شهادته الجامعية عن طريق الغش، مقابل صمته وبعض التسهيلات والاتفاقات التي يعد بها أستاذه الذي يساعده في الزواج بفتاة ثرية، وبهذا يلقي الكاتب الضوء على الفساد المنتشر في السلك التعليمي.

يستفيد الروائي المصري من حادثة حقيقية هي خصخصة مصنع البيرة في "بين السرايات" وبيعه مرتين، فيُدخلها في حبكة روايته، مضمّناً إياها معلومات تاريخية عن هذا المصنع وبنائه، وعن الخنادق التي تميز بها، والتي يقال إن الإنجليز كانوا يستخدمونها لتخزين السلاح. يسرد كيف بيع المصنع أول مرة عام 1997 بثمن بخس إلى أحد المتنفذين، ثم كيف جرى تحويل خنادقه إلى أمكنة للبغاء تتمّ فيها عمليات بيع الفتيات العذراوات، "توسع إبراهيم ونادية في تجارتهما الرائجة (...) توسع الثنائي، ربما دون علم ملّاك المصنع الجدد، في تجارة الفتيات داخل أنفاق مصنع البيرة الذي يقف ببرجيه من الخارج موثقاً لعهد مضى من الشموخ والعظمة الاقتصادية والصناعية، لا يتصور العابرون بواجهته العملاقة أن داخله تجري أبشع أعمال النخاسة".

هذا المحور الأساس في الرواية والتي تستمد منه اسمها لا يظهر إلا في القسم الأخير منها، ليربط بين جميع المحاور، ويكشف الغوامض كلها، وهو المحور الذي سيتطرق الكاتب من خلاله إلى الثورة المصرية 2011، إذ يستخدم شباب الثورة خنادق المصنع ليعبروا من خلالها إلى ميدان التحرير.

وجدي الكومي، روائي وقاص مصري، من مواليد 1980. يعمل محرراً في جريدة "اليوم السابع" المصرية، له مجموعة قصصية "سبع محاولات للقفز فوق السور"، وثلاث روايات: "شديد البرودة ليلاً"، "الموت يشربها سادة"، "خنادق العذراوات".

مراجعة رواية خنادق العذراوات - معلومات عامة عن الرواية


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard