شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"أم عصام" تهزم عادلة بيهم ونازك العابد... درامياً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الأربعاء 7 يونيو 201703:00 م

لعل المخرج السوري بسام الملا خجل من تاريخ مسلسله "باب الحارة"، على الرغم مما يقدمه من قيم نبيلة، أمام التاريخ الحقيقي للمرأة السورية، والحافل بالتحديات والانجازات.

فبعدما قدم لنا المرأة، على مدار سنوات عدة، بصورة نمطية جامدة، باعتبارها "الحرماية" الجاهلة، المقموعة، المنصاعة للرجل وللموروث من العادات، حاول أن يحسن صورتها في الجزءين الأخيرين من خلال إظهار بعض الإطلالات المختلفة، لكنها بقيت سطحية وشكلية ولم تكن كافية لإعطاء الدمشقيات الفاعلات اللواتي شاركن في الحياة العامة والسياسية وتركن بصمة واضحة في زمن "باب الحارة"، حقهن. وسنعرض هنا نبذة عن حياة أبرزهن.

‎قدم لنا الملا:

أم بشير، أم خاطر، أم عصام وأم حاتم، المرميات في كواليس الطبخ والتنظيف و"تدبير الزيجات" وإعادة تدوير الشائعات.

أما نحن فسنقدم له:

عادلة بيهم، مريانا مراش، ماري عجمي ونازك العابد اللواتي لم تثنهن الصعوبات ورفضن الخنوع للمعايير الاجتماعية السائدة آنذاك، فتعلمن وناضلن بيد حديدية حتى حصلن على مكانة ثقافية وسياسية في التاريخ السوري المحافظ. وهنا نبذات عن حياتهن، لعلنا ننصفهن.

INSIDE_SyrianWomen_AdelaBeyhamINSIDE_SyrianWomen_AdelaBeyham

عادلة بيهم

ناشطة نسائية سورية، ولدت عام 1900 في دمشق. تلقت تعليمها في معهد "الدياكونيز" الألماني، ودرست علوم الدين على يد العلامة عبد الله البستاني صاحب معجم "البستان" الشهير، مما جعلها متضلعة من اللغة العربية. أثارت انجازاتها ضجة عندما تطوعت لخدمة الفقراء والمحتاجين وهي في السادسة عشرة من عمرها، مؤمنة بالعمل الخيري والنفعي الاجتماعي. قادت المتنورات، وسخرت نفسها لدعمهن في سبيل الحصول على حقوقهن، ونشرت مقالات موقعة باسم "الفتاة العربية" في جريدتي "المفيد" و"الفتى العربي". وفي عام 1916 ترأست لجنة تشرف على دار الصناعة. 

حتى في الصفوف النضالية، كان لعادلة بيهم حضور مهم، فخرجت في المظاهرات المناهضة للاستعمار الفرنسي عام 1925.

‎وأسست عام 1927 جمعية "يقظة المرأة الشامية" بهدف تحفيز المرأة على العمل لا سيما في الأرياف. ومن ثم شاركت عام 1928 في تأسيس جمعية "دوحة الأدب" بهدف انخراط المرأة في الوظائف والحياة العامة.

‎أطلق اسمها "عادلة بيهم الجزائري" على ثانوية للبنات في منطقة المرابط في حي المهاجرين، بعدما كللت جهودها بالنجاح وتم انتخابها لرئاسة الاتحاد وبقيت في هذا المنصب حتى عام 1967.

INSIDE_SyrianWomen_MariannaINSIDE_SyrianWomen_Marianna

مريانا مراش

شاعرة وكاتبة سورية ولدت عام 1848 في مدينة حلب، وكانت من أهم الرائدات في مجال الصحافة والنهضة العلمية.

‎بعدما درست مراش اللغتين العربية والفرنسية، بدأت تنشر في الصحف والمجلات وتركت بصمة في قضايا المرأة وترقيتها. من المطبوعات التي كتبت فيها جريدة "لسان الحال" ومجلة "الجنان"، وجمعت ما كتبته من قصائد في ديوان سمّته "بنت الفكر".

يذكر أنها لم تخرج عن قواعد العصر، فوصفها الناقد والأديب قسطاكي الحمصي بقوله: "ماريانا عذبة المنطق، وطيبة الشعر". وبذلك استطاعت أن تكون أول سيدة عربية تكتب في الصحف ولقبت بشاعرة حلب الأولى.

‎كما أنها شجعت فتيات ونساء عصرها على طلب العلم والسعي في سبيله، من خلال تنظيم جلسات ومحاضرات توجيهية تقدم مشاريعَ فكرية، وكانت هذه الجلسات تعقد في صالونها الأدبي الذي فتحته في منزلها آنذاك.

"باب الحارة" الموصود على نساء الشام
مناضلات سوريات لم يسجن أنفسهن في ما أراده "باب الحارة" لشاميات تلك المرحلة: منازل الخنوع للرجال!

INSIDE_SyrianWomen_MaryAjamiINSIDE_SyrianWomen_MaryAjami

ماري عجمي

شاعرة سورية، ولدت في دمشق عام 1888، والتحقت بالمدرسة الإيرلندية في دمشق ومن ثم الروسية، كما درست التمريض في الجامعة الأمريكية في بيروت. 

‎كانت عجمي صاحبة أول مجلة نسائية في سوريا، ففي عام 1910 انشأت مجلة "العروس"، و من ثم أسست عام 1922 "النادي الأدبي النسائي" الذي كان أول رابطة نسائية في سوريا، وأحد أعرق النوادي النسائية في العالم.

‎كما كانت لها مساهمة فاعلة في مواجهة الأتراك والاستعمار الفرنسي بروحها النضالية والكفاحية. 

‎"لا أعرف في الأقلام النسوية قلماً كالذي تحمله ماري عجمي، فهو شديد شدة أقلام الرجال، ولطيف لطف أقلام النساء، في آن معاً، ولعمرك هيهات أن يجتمع النساء والرجال على شمة واحدة، واجتماعهم في أدب ماري عجمي". ‎هذا ما قاله الشاعر أمين نخلة عندما سئل عن ماري عجمي.

INSIDE_SyrianWomen_NazekAlAbedINSIDE_SyrianWomen_NazekAlAbed

نازك العابد

ولدت عام 1887 في كنف أسرة دمشقية مثقفة وميسورة الحال، ووالدها مصطفى العابد كان من الشخصيات العريقة في دمشق.

‎أصرت عائلتها على تعليمها، فدرست المواد العلمية التقليدية، وإلى جانبها تعلمت الموسيقى وفن التصوير، كما دخلت في مجال التمريض.

‎بعد سنوات قليلة، تمردت العابد على المعايير في مجتمع يميل الى الذكور على حساب الإناث، فاتخذت مجلة "العروس" لزميلتها "ماري عجمي" منبراً لآرائها وأفكارها التي تشجع النساء على روح التحدي.

‎أسست عام 1914 أول جمعية نسائية ومدرسة خاصة للبنات وتولت منصب رئيسة جمعية "النجمة الحمراء"، مما مكنها لاحقاً من تأسيس مجلة "نور الفيحاء"، التي تنتمي إلى الإصدارات الأدبية الاجتماعية، وهدفت إلى مساعدة ضحايا الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف حسين عام 1916 ضد الأتراك.

انضمت إلى "حرائر سوريا الدمشقيات" ووقفت بوجه المستعمر الفرنسي، ونظمت المظاهرات وفجرت الشعور القومي بخطاباتها.

أثار ذكاؤها إعجاب المحقق الأميركي "مستر كراين" عندما كانت تخطب في إحدى المظاهرات، فكان اسمها من أبرز الأسماء التي وردت في تقاريره بعدما عاد الى بلاده. واستحقت لقب "سيف دمشق"، بعدما كان لها دور كبير في الحياة السياسية

‎بعدما حاربت بالقلم والبندقية معاً، قدرت حكومة الملك فيصل مجهودها، ومنحتها رتبة عسكرية مهمة.

هذه نماذج لمناضلات فتحنَ بجرأة وكفاءة أبواب الحارات نحو عالم المعرفة والإبداع، ولم يسجنّ أنفسهنّ في ما أراده "باب الحارة" لشاميات تلك المرحلة: منازل الخنوع للرجال!


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard